بقلم – تامر سامي

باحث متخصص في دراسات الدفاع الاستراتيجي

يظل مفهوم الأمن القومي المفهوم الأكثر إثارة للجدل في أدبيات العلاقات الدولية بشكل عام والدراسات الأمنية على وجه الخصوص؛ نظرًا لتعدد أوجهه وأبعاده وتعريفاته وتهديدات؛ فمتطلبات الأمن القومي لدولة ما قد تكون هي نفسها مهددات الأمن القومي لدولة أخرى.

وفي إطار سعي الدول في النسق الدولي للقوة وامتلاكها والمحافظة عليها، أصبح هذا السعي سعيًا مشروعًا طالما يتم وفق قواعد القانون الدولي والأعراف والمواثيق الدولية، وفي هذا السياق، كان سعي رواندا لتحقيق متطلبات أمنها القومي سعيًا مشروعًا، بل ومطلوبًا، في ظل ما عانته رواندا لسنوات نتيجة الشرخ العميق في عناصر أمنها القومي والمتمثل في أمنها المجتمعي وتماسك جبهتها الداخلية.

فرواندا على مر تاريخها الحديث لم يحدث أن لاقت تهديدًا كبيرًا من أحد جيرانها يمس سيادتها أو مفردات أمنها القومي، إلا أن التهديد الأخطر جاء من الداخل، من حيث لا تماسك ولا تناغم في جبهتها الداخلية التي زرع فيها الاستعمار بذور الفرقة والانشقاق والعصبية القبلية والعرقية، والتي نتج عنها في تسعينيات القرن العشرين مذابح إبادة جماعية تُعد من الأسوأ على مدار التاريخ الإنساني.

وبعد انتهاء حقبة الحرب الأهلية ومذابح الإبادة الجماعية، تقدم رواندا على مدار سبعة وعشرين عامًا نموذجًا مضيئًا لدولة صغيرة حددت مكامن الخطر في مفردات أمنها القومي وعالجتها بتؤدة وثبات، محققة نتائج إيجابية في مجالات متعددة لم تكن لتتحقق لولا تماسك الجبهة الداخلية ورغبة الروانديين أنفسهم في خلق واقع جديد يمحو سنوات من الدماء والفرقة.

ومن هذا المنطلق، تم تقسيم الدراسة إلى خمسة محاور، كالتالي:

  •  أولًا: خلفية تاريخية.
  • ثانيًا: التحول الديمقراطي.
  • ثالثًا: إعادة البناء.
  • رابعًا: انطلاقه نحو المستقبل.
  • خامسًا: رؤية تحليلية وخاتمة.

أولًا:خلفية تاريخية:

 استخدم الاحتلال البلجيكي الأقلية (التوتسي) لقمع واستعباد أغلبية الهوتو في بداية الأمر، لكن التذمر والاستياء من قبل الهوتو جعل سياسة الاحتلال البلجيكي تتغير بعكس ما سبق حيث أخذت تحرض ضد أقلية التوتسي، كما فرض الاحتلال نظامًا لبطاقات الهوية يتم إيضاح فيها المجموعة العرقية التي ينتمي إليها الفرد،  وكان يتعمد أن تكون أغلب المناصب السياسية والإدارية حكرًا على الأقلية (التوتسي)، وهو ما خلق حالة من الشعور بالظلم عند الأغلبية (الهوتو) ما عمَّق لديهم كراهية التوتسي والرغبة في الانتقام عند أقرب فرصة (1)،
وفي عام 1959م اندلعت ثورة “فلاحي الهوتو” واستمرت حتى 1961م، وهاجر نتيجة لها العديد من أبناء التوتسي للدول المجاورة مثل تنزانيا والكونغو، وفي 1962 م استقلت رواندا وتمكن الهوتو من السيطرة على الحكم في وقت كان أبناء التوتسي الذين هاجروا للدول المجاورة  يجهزون صفوفهم لاستعادة مواقعهم السابقة، وفي الفترة ما بين 1962 و1967 قام الهوتو بأعمال قتل بدافع الانتقام من التوتسي، ما تسبب في موجة كبيرة أخرى من اللاجئين وبحلول الثمانينيات كان هناك ما يقارب نصف مليون رواندي لجأوا للدول المجاورة (2)، وفي نهاية الثمانينيات تم تأسيس الجبهة الوطنية الرواندية داخل أوغندا بهدف إعادة الروانديين المنفيين إلى رواندا، وكذلك إعادة تشكيل الحكومة الرواندية، وكانت تلك الحركة مكونة من أبناء التوتسي المنفيين خارج رواندا، تحديدًا في دولة أوغندا، وقامت الحركة في مطلع التسعينيات بهجوم كبير على رواندا منطلقة من أوغندا (3) بهدف الإطاحة بنظام هابياريمانا الرئيس الرواندي في ذلك الوقت، وفي البداية حقق هجوم الجبهة الرواندية نجاحا كبيرا إلا أنه لاقى الفشل في 27 أكتوبر عام 1990م وذلك بسبب المساعدات الفرنسية والبلجيكية للنظام الحاكم، إلى أن تم الإعلان عن وقف إطلاق النار عام 1992م بالتوقيع على اتفاقية أروشا في 4 أغسطس 1993م بمدينة أروشا في تنزانيا، وفي 6 أبريل 1994م تم اغتيال كلٍّ من رئيس رواندا (هابياريمانا) ورئيس بوروندي بإسقاط طائرتهما بصاروخ أرض جو قرب مطار كيغالي، وتم إلقاء اللوم على التوتسي من قبل المتطرفين في رواندا وطالبوا الهوتو بالثأر من التوتسي، ومن ثم بدأت أعمال القتل والعنف؛ حيث قامت وحدات من النخبة العسكرية بما فيهم الحرس الرئاسي بعمليات القتل والعنف ضد التوتسي(4).

وكانت أولويات القتل للقادة السياسيين والمدنيين ونشطاء حقوق الإنسان، وكانت هناك أوامر بتصفية وذبح أي فرد من التوتسي يبدي أي نوع من المقاومة، فتم مهاجمة منازل التوتسي وإشعالها ما أسفر عن قتل أكثر من 250 ألف من التوتسي، وعلى الجانب الآخر بدأت الجبهة الوطنية الرواندية بشن هجمات مضادة لهجمات الهوتو حتى ساد العنف والعنف المضاد، حتى 4 يوليو 1994م حين تمكنت الجبهة الوطنية الرواندية بزعامة بول كاغامي من السيطرة على كيغالي عاصمة رواندا.

ثانيًا: التحول الديمقراطي:

كانت رواندا في حاجة ماسة لقيادة وطنية مخلصة تقود عملية إعادة بناء الدولة من جديد، وتطلَّب وجود تلك القيادة عملية تحول ديمقراطي نزيهة تعمل على تدعيم الاستقرار السياسي ما يهيئ المناخ لعملية إعادة البناء الشاملة، فتم تشكيل حكومة جديدة في رواندا انصب تركيزها على المصالحة من خلال إعادة بناء الهوية الرواندية(5)، فتم إنشاء المفوضية الوطنية للوحدة والمصالحة عام 1999م، والتي كان يقع على عاتقها تعزيز عملية المصالحة وتهيئة كل السبل لنجاحها، وذلك لتعزيز الوحدة الوطنية، كما تم وضع دستور جديد لرواندا عام 2003م، والذي نص على أن “جميع الروانديين لهم حقوق متساوية”.

وتم إصدار قوانين تُجرم التمييز وأيديولوجية الإبادة الجماعية، وتم منع وتجريم استخدام ألفاظ الهوتو والتوتسي بموجب القانون الجديد، كما تم تجريم أي خطاب له طابع عرقي، كما نص على إنشاء هيئات السلطات التشريعية والتنفيذية عن طريق انتخابات بها تعددية حزبية(6)، وعلى مبدأ “حكم الشعب بواسطة الشعب ولصالح الشعب”، وأن السيادة الوطنية ملك للشعب الذي يمارسها إما عن طريق الانتخاب والاستفتاء أو عن طريق ممثليه.

وتبنت الحكومة الرواندية استراتيجية لتحقيق السلام تتمثل في إقامة الاتصال بين مختلف الأفراد في المجتمع، بين الأعضاء السابقين داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، وبين الجماعات العرقية المختلفة، وبين الجيش والمجتمع المدني، لحفظ السلام والتمكن من إعادة بناء العلاقات بين أفراد المجتمع(7)، كما تم إدخال برنامج جديد لإعادة تدريس تاريخ رواندا يعتمد على التسامح وليس النسيان فقط، وهذا البرنامج تم اعتماده في معسكرات التضامن (إنغاندو)، وهي معسكرات أقامتها الحكومة بعد عام 1994م وذلك لمحاربة أيديولوجية الإبادة العرقية وإحلال التسامح محل التمييز العرقي.

وفي هذه المعسكرات تم دمج مختلف أفراد المجتمع الرواندي للعمل معًا في مشروعات وأعمال صغيرة جنبًا إلى جنب لتكريس التسامح وثقافة تقبل الآخر بدلًا من الفرقة والانقسام والتمييز العرقي، كما تم إنشاء ما يُسمى محاكم المجتمع المحلي(غاتشاشاGacaca )؛ حيث تمكنت من جعل الروانديين يبتعدون عن الانقسام العرقي وعقد 11000 محكمة محلية للنظر في قضايا الإبادة الجماعية مع إلزام المجتمع المحلي بالحضور، هذا إلى جانب مبادرة أموغاندا umuganda  وهي مبادرة ذاتية قوامها تقديم المساعدة والعون بين أفراد المجتمع الرواندي بين العائلة والجيران والأصدقاء.

وكان لهذه المبادرة دور في إعادة تأهيل المدارس والعيادات والبنية التحتية في المجتمع المحلي، وأيضًا مبادرة إيميهيغو imihigo  كبرنامج لمراقبة ممارسات الحكومة من قبل المواطنين عن طريق قيام الأفراد من جميع المستويات بوضع أهداف علنية لعملهم في إطار جدول زمني محدد وبعد انتهاء مدته يكون المسؤول الحكومي خاضعًا للمراقبة، ويمكن للأفراد مسألته بكل شفافية، وذلك يضمن الاستجابة الجيدة لاحتياجات المواطنين وتحسين الخدمات المقدمة (8).

وأيضًا برامج الحوار الوطني ويتم فيها استعراض حالة الدولة في العام الماضي وتبادل الأفكار مثل برنامج أوميوشيكيرانو، وبرامج تمكين المرأة؛ حيث أصبحت حقوق المرأة تمثل حجر الزاوية في الخطط التنموية، فأصبحت رواندا تمتلك نتيجة لذلك أعلى نسبة عالمية لتمثيل المرأة في البرلمان (56%)، كما تم التأكيد على أن سلطات الدولة منفصلة عن بعضها وتتمتع بالاستقلالية ولكنها متكاملة، وتم تحديد السلطة التنفيذية في مؤسستي الرئاسة ويمثل قمتها رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويمثل الرئيس قمة السلطة التنفيذية في رواندا، ويكون هو القائم عليها بمعاونة مجلس الوزراء.

وتتمثل السلطة التشريعية في البرلمان الرواندي ويختص بالتشريع وسن القوانين ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية، وهو يتألف من مجلسين وهما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، أما السلطة القضائية فهي تتمتع بالاستقلالية وتكون منفصلة تمامًا عن السلطتين التنفيذية والتشريعية كما تتمتع السلطة القضائية بالاستقلال المالي والإداري وهي مسؤولة عن ضمان سير العدالة وسيادة القانون واحترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور وتتمثل قمة السلطة القضائية في المحكمة العليا.

وقامت الحكومة بإعادة بناء الجيش الرواندي وقوات الأمن الخاصة برواندا (9)، كجيش موحد يضم في صفوفه أعداء الأمس بعيدًا عن أفكار التمييز العرقي والإبادة الجماعية، وذلك عن طريق إعادة تأهيل مقاتلي الجيش ليكونوا جيشًا وطنيًّا تُصبح مهمته الأساسية الدفاع عن الوطن، فتم وضع معايير خاصة لمن يتم قبوله للانضمام لصفوف الجيش منها أن يكون لديه استعداد للخضوع لعملية تأهيل عسكري، والتي شملت التثقيف السياسي لأفراد الجيش والتأكيد على الدور التاريخي للجيش الرواندي لخدمة رواندا والتأكيد على وحدة الروانديين تاريخيًّا، ما ساعد على عملية الاندماج وتكوين الجيش الرواندي الموحد.

ورفض الكثير من أفراد الجيش عملية التأهيل العسكرية التي تتبناها الحكومة لكن قيادات الجبهة الوطنية الرواندية وعلى رأسهم الرئيس كاغامي لم يتنازلوا عن فكرة توحيد الجيش واستطاعوا احتواء هذه المشكلة، وقامت لجنة الوحدة الوطنية بمراقبة عملية تكوين الجيش الموحد الذي هدفه الدفاع عن الوطن الرواندي بعيدا عن أفكار الانقسام والتمييز العرقي، كما واجهت الحكومة الرواندية مشكلة قلة الموارد لتحقيق هذا الهدف واعتمدت الحكومة لحل تلك المشكلة على تعزيز مشاركة المؤسسات المحلية ورفضت الاعتماد على المساعدات الخارجية، مما رفع من معنويات الشعب الرواندي وكوَّن لديه الشعور بأنه صاحب مبادرة، ونجحت الحكومة في تحقيق هدفها عن طريق تحويل عقيدة للولاء للدولة وليس الولاء للعرق (10).

الأمن القومي في الدول الصغيرة.. رواندا نموذجًا
الأمن القومي في الدول الصغيرة.. رواندا نموذجًا

ثالثًا: إعادة البناء:

اهتمت الحكومة بالقطاع الزراعي وعملت على تطويره، وذلك للنهوض بالاقتصاد الرواندي، فاستعانت بخبراء أجانب لتحقيق هذا الهدف، وتم توفير الأسمدة والمعدات الزراعية بأسعار مخفضة تساعد المزارعين على زيادة الإنتاج، كما وفرت قروضًا ميسرة للمزارعين، وظهرت نتائج ذلك بعد 5 أعوام، فارتفعت إنتاجية محصول مثل القهوة من 30 ألف طن إلى 15 مليون طن (11)، كما أن تلك السياسات أسهمت في انخفاض معدلات الفقر بسبب ارتفاع معدلات إنتاج الأغذية، ففي الفترة من 2010 إلى 2014 ارتفعت قيمة إنتاج الغذاء من 1.2 مليون دولار إلى 2 مليون دولار، كما عملت الحكومة على جذب الاستثمارات الخارجية بتسهيل الإجراءات بوضع قانون جديد للاستثمار، وإنشاء نظام” الشباك الواحد ” ، إلى جانب إنشاء المجلس الاستشاري للاستثمار والتطوير(12)، وتم إلغاء التأشيرة للأجانب ما جعل من العاصمة الرواندية كيغالي واحدة من أكثر العواصم استقبالًا للسياح في أفريقيا، كل هذا ساعد على جذب المستثمرين  والسائحين لرواندا، فارتفع الناتج المحلي في رواندا بنسبة 10 أضعاف تقريبًا، في الفترة من عام  1994 إلى عام 2021 من 900 مليون دولار إلى 9.4 مليار دولار تقريبا، وتحولت رواندا لأحد أهم الاقتصاديات الناهضة بمعدل نمو 7.5% عام 2021، وتم تصنيف رواندا في تقرير منظمة الكوميسا عام 2020 كأول دولة أفريقية جذبًا للمستثمرين ورجال الأعمال(13)، كما اهتمت رواندا بمجال التكنولوجيا، فقامت بوضع رؤية لعام 2020 تركز على عدة جوانب منها التكنولوجيا والابتكار وتضمنت ضرورة تطوير المناهج التعليمية في التخصصات التكنولوجية في المرحلة الثانوية وفي الجامعات وذلك لتسهيل إنشاء شركات التكنولوجية واستغلال الفرص التي تساعد في تحقيق التنمية المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ومن جانب آخر، تم تنفيذ العديد من الإصلاحات في المجال الاجتماعي والتي يمكن إجمالها في التعليم والصحة؛ ففي التعليم، خصصت رواندا نسبة تقدر بـ20% من إجمالي ميزانيتها السنوية على التعليم من أجل تطوير مجال التعليم وزيادة فرص الوصول للتعليم وإتاحته لجميع المواطنين، إلى جانب توفير التعليم المجاني لـ 12 عامًا للجميع، بالإضافة إلى إطلاق عدد 2 قمر صناعي لتوفير الخدمات التعليمية في المناطق النائية (14).

   وفي مجال الصحة، تم بناء نظام رعاية صحية يغطي أكثر من 90% من المواطنين،
وتطعيم أكثر من 97% من الأطفال الرضع ضد العديد من الأمراض مثل: شلل الأطفال،
والحصبة الألمانية، والتهاب الكبد “ب”، والنزلة النزفية “ب”، ونتيجة لذلك انخفض معدل الوفيات للأطفال الرضع في رواندا عام 2015 إلى 31 وفاة لكل 1000 ولادة ونسبة الانخفاض هذه تمثل 75% مقارنة بعام 2000 (15).

رابعًا: انطلاقة نحو المستقبل:

في عام 2000، تم الكشف عن مخطط التنمية الاقتصادية لرواندا، رؤية 2020، وهدفت رؤية 2020 إلى تحويل رواندا إلى اقتصاد متوسط ​​الدخل، يقوده القطاع الخاص، قائم على المعرفة ومتنوع بحلول عام 2020. تطلب هذا التحول من رواندا رفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 1240 دولارًا بحلول عام 2020 من 220 دولارًا لعام 2000 (16).

    كان هدفًا طموحًا للغاية، تم اعتماد نظام عقود الأداء السنوية المستنيرة من خلال هذه الرؤية مع آلية المراقبة والتقييم المنسقة على مستوى مكتب رئيس الوزراء، وكانت رعاية ريادة الأعمال وخلق قطاع خاص ديناميكي وتنافسي خيارًا استراتيجيًّا. وأعطت الحكومة من خلال مجلس التنمية في رواندا (RDB) الأولوية لإنشاء البنية التحتية المرغوبة ومناخ الأعمال / الاستثمار الودي للقطاع الخاص من أجل الازدهار وتحفيز النمو الإجمالي للاقتصاد (17).

   تم تقديم حوافز الجذابة للمستثمرين مثل إعفاء الاستيراد من الرسوم الجمركية للآلات والمعدات والمواد الخام، والحوافز المالية الإضافية مثل الاستيراد وإعفاءات ضريبة للقيمة المضافة في القطاعات الاستراتيجية بما في ذلك قطاعي الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وشطب 100٪ على جميع البحوث والتطوير بالنسبة للمستثمرين، وتم إدراك أن الاعتماد المستمر على صادرات البن والشاي لن يولد النمو الاقتصادي المرغوب فيه، فحددت الحكومة قطاع الخدمات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)وكذلك التعليم والتدريب التقني والمهني(TVET)، باعتبارها محركات رئيسية من شأنها دفع اقتصاد رواندا إلى الأمام. كما تم تبني استراتيجية “صنع في رواندا” في عام 2016 وخلال أربع سنوات خفضت العجز التجاري بنسبة 36٪ وزادت قيمة إجمالي الصادرات بنسبة 69٪.(18)

    كما تم تنويع الاقتصاد، فأعطى نمو قطاع الخدمات كخيار استراتيجي أرباحًا ممتازة مدفوعة بشكل خاص بصناعة الضيافة المزدهرة. أدت مبادرة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض (MICE) في رواندا إلى أن تصبح من أفضل الدول تجهيزًا للمؤتمرات في أفريقيا. وتم توسيع المؤسسات المالية والتجارة والهندسة المعمارية كجزء رئيسي للنمو بما في ذلك الصناعات الخفيفة. بقيادة مركز كيغالي المالي الدولي (KIFC)، جعلت رواندا نفسها مركزًا ماليًّا للقارة ووضعت البنية التحتية والأطر القانونية اللازمة (19).

    هذه المدخلات أدت إلى تحسن كبير في إدارة الاستثمار، وعززت الحوار مع القطاع الخاص، وجعلت من السهل على الشركات الحصول على الائتمان والتمتع بنظام ضريبي أكثر انسيابية. ما جعل رواندا جذابة للمستثمرين المحليين والأجانب (20).

وتشمل عوامل نجاح رواندا في هذا السياق (مبادئ الحكم الرشيد، عدم التسامح مطلقًا مع الفساد، القيادة الموجهة نحو النتائج، تمكُّن مجموعة واسعة من إيجاد الحلول محليًّا والتي تم الحصول على العديد منها من الثقافة الرواندية الخاصة، نموذج إنمائي شامل يتسم بسياسات مناصرة للفقراء، توحيد الهدف، المساواة بين الجنسين؛ نظام فعال لتقديم الخدمات مدعوم ببنية تحتية جيدة لتكنولوجيا المعلومات ورأس مال بشري، والتحسين المستمر لبيئتها الاستثمارية / التجارية) (21).

 عند تقييم النتائج النهائية لـ رؤية2020، نما اقتصاد رواندا لمدة 15 عامًا حتى عام 2018 بمعدل 7 ٪ إلى 8 ٪. كما نما بنسبة 8.6 ٪ في عام 2019 وكان من المتوقع أن نسبة النمو تزيد عن 10 ٪ في عام 2020 لولا جائحة COVID19. ارتفع دخل الفرد من 200 دولار عام 20002 إلى 830 دولارًا عام 2020. علاوة على ذلك، فإن هذا النمو الاقتصادي الشامل ساعد على انتشال الكثيرين من براثن الفقر؛ إذ تعد رواندا من بين البلدان القليلة التي حققت جميع أهداف الألفية الإنمائية للأمم المتحدة (MDGs) قبل الانتقال إلى أهداف التنمية المستدامة (SDGs).؛ ففي عام 2020، سجل مجلس التنمية في رواندا (RDB) ارتباطات استثمارية بقيمة 1.30 مليار دولار أمريكي، انخفاضًا من 2.46 مليار دولار أمريكي في عام 2019، وذلك بسبب جائحة COVID19. بينما  شهد تحسنًا تصاعديًّا بنسبة نمو 5.1٪ في عام 2021، وكذلك بنسبة 7٪ في عام 2022  (22).

بعد عام 2020، أطلقت رواندا رؤية2050؛ حيث طموحات رواندا فيها الوصول إلى حالة البلدان ذات الدخل المتوسط ​​(MIC) بحلول عام 2035 والوصول إلي حالة الدول ذات الدخل المرتفع (HIC) بحلول عام 2050. ويتم تنفيذ الرؤية من خلال سلسلة سبع  سنوات من الاستراتيجيات الوطنية للتحول (NST) مدعومة باستراتيجيات قطاعية مفصلة تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs). توضح رؤية2050 الاتجاه الاستراتيجي طويل الأجل لـ “رواندا التي نريدها”، بهدف تحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام والتنمية (44)، ولتحقيق رؤية 2050 بالكامل، سيتم استهداف ​​نمو متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 9٪ في استراتيجيتها الوطنية الحالية للتحول 12٪ من 2025-2035، و9٪ من 2036 إلى 2050. وفقًا لـNSTI (23).

  وتسير رواندا بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية 2050؛ حيث حققت نموًّا خلال الربع الأول من عام 2023 بنسبة بلغت 9.2% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022، وسجل قطاع الزراعة نموًّا بنسبة 1%، فيما نما قطاع الصناعة بنسبة 9% والخدمات 13% خلال الربع الأول من عام 2023، وفيما يتعلق بالقطاع الصناعي، زادت أنشطة البناء بنسبة 1% والتعدين واستغلال المحاجر بنسبة 15%، وأنشطة التصنيع بنسبة 16%،  وفي قطاع الخدمات، نمت تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 17%، وأنشطة النقل بنسبة 19%، وخدمات الفنادق والمطاعم بنسبة 42%، والخدمات المالية بنسبة 12%، وخدمات الاتصالات بنسبة 43%، وخدمات الإدارة العامة بنسبة 7% وخدمات التعليم بنسبة 13%،  ومن حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، واصل قطاع الخدمات تصدر المساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 44% تلاه قطاع الزراعة بنسبة 27% ثم الصناعة بنسبة 22% إلى جانب الضرائب على السلع بنسبة 8%.، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي لرواندا (بالأسعار الحالية للعملة المحلية) خلال الربع الأول من عام 2023 ليبلغ 3901 مليار فرنك رواندي مقارنة بـ 3021 مليار فرنك رواندي للفترة ذاتها من عام 2022، وانخفضت معدلات التضخم منذ بداية العام ليصل إلى 19.3% في مارس 2023، مقارنة بـ 20.8% في فبراير السابق عليه، و20.7% في يناير 2023، ومن المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض ليصل إلى النطاق المستهدف (ما بين 2% إلى 8%) بحلول نهاية 2023 (24).

 إن التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن لم يعترف به الروانديون فقط، ولكن اعترف به أيضًا العديد من المنظمات الدولية ذات السمعة الطيبة. هذه المنظمات تشمل: تقرير التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) لعام 2015، والذي صنف حكومة رواندا في أفريقيا الأكثر كفاءة (والسابع عالميًا) تليها موريشيوس وجنوب أفريقيا، احتلت رواندا المرتبة الثانية أكثر الأماكن أمانًا في أفريقيا والمرتبة 11 عالميًا، حسب مؤشر تقرير غالوب للقانون والنظام العالمي، 2018؛ صنفت الرابطة الدولية للتجهيز المؤتمرات (ICCA) في عام 2018 كيجالي في المرتبة الثالثة كأكثر الوجهات لضيافة للمؤتمرات والفعاليات في القارة بعد كيب تاون في جنوب أفريقيا والدار البيضاء في المغرب، احتل تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2020) المرتبة السابعة عالميًّا في سد الفجوة بين الجنسين، احتلت المرتبة الثانية في أفريقيا والمرتبة 39 عالميًا، كون هي أسهل مكان لممارسة الأعمال التجارية (تقرير ممارسة الأعمال، Word Bank، 2020؛ حصلت على المرتبة الثالثة في أفريقيا والمرتبة 49 على مستوى العالم من بين الدول الأقل فسادًا (مؤشر مدركات الفساد، منظمة الشفافية الدولية، 2020) ؛ صنفها مشروع العدالة العالمية (WJP) في المرتبة الثانية في أفريقيا بعد ناميبيا والمرتبة 37 عالميًّا في مؤشر سيادة القانون، 2020 ؛ وفيما يتعلق بوباء COVID19، تم منحه في أغسطس 2020 ترخيص السفر والسياحة العالمي (WTTC) “ختم السفر الآمن”، ما يؤكد أنها وجهة آمنة للمسافرين بسبب امتثالها لبروتوكولات الصحة والنظافة العالمية الموحدة  (25).

خامسًا: رؤية تحليلية وخاتمة:

تمثل رواندا حالة واضحة للأمن القومي بمفهومه الأوسع، والذي يشمل مفردات متعددة للأمن القومي ولا ينحصر في المنظور الضيق للأمن القومي المرتبط بالقوة العسكرية، فرواندا لم تتعرض لتهديد خارجي يؤثر في أمنها القومي، بل إنها لم تتعرض لأي تهديد خارجي من أي نوع منذ استقلالها 1962، وعلى الرغم من ذلك، كان الأمن القومي لرواندا دومًا على المحك، وذلك لأن أحد أهم عوامل القوة الشاملة للدولة كان مفقودًا باستمرار، وهو العنصر الديموغرافي؛ حيث يلعب العنصر البشري دورًا أساسيًّا في الأمن القومي لأي دولة، وعانت رواندا من غياب العنصر الديموغرافي، ليس من منظور عدد السكان اللازم لتوفير القوة البشرية لتحقيق الأمن القومي بأبعاده المتعددة، ولكن من منظور غياب تجانس النسيج المجتمعي، وانقسام المجتمع انقسامًا عرقيًّا عنيفًا أدي لانزلاق الدولة في أتون الحرب الأهلية وانهيار الأمن القومي للدولة بالكامل (26).

إن أحد أخطر مهددات الأمن القومي هي اتجاه الحياة السياسية إلى علاقات العنف بين مكونات المجتمع، ورسوخ شعور عدم الانتماء للوطن، بالإضافة إلى تفسخ التركيبة الاجتماعية للجيش، وهي كلها عوامل اجتمعت في رواندا ما قبل الحرب الأهلية، ما قاد إلى أن تكون الحرب الأهلية نتيجة طبيعية بل وحتمية لوجود هذه العوامل مجتمعه (27).

فانقسام المجتمع الرواندي إلى عرقي الهوتو والتوتسي وعلاقات العنف المتوارثة بينهما منذ حقبة الاستعمار مزقت النسيج المجتمعي في رواندا، وجعلت الانتماء للعرق والقبيلة له أهمية وأولوية أكبر بكثير من الانتماء للوطن، كما أن السياسات العنصرية سمحت بل وكرست ذلك الانقسام وانعدام الولاء للوطن في بنية الجيش، فنتج عن ذلك عدم وجود جيش وطني يحمي الأمن القومي للدولة، بل جيش يؤمن بالانتماءات العرقية ويضعها قبل الانتماء للوطن، وهو ما جعل الجيش أداة لتكريس السياسات العنصرية بالإضافة إلى تشرذم المؤسسة العسكرية نفسها بدلًا من أن تكون الكتلة الصلبة التي تحمي كيان الدولة (28).

وجاء أداء قادة رواندا ما بعد الحرب الأهلية ليعبر عن فهم عميق لمكونات الأمن القومي لدولة صغيرة مثل رواندا؛ حيث ينبع الأمن القومي للدولة أساسًا من معرفتها لمصادر قوتها ونقاط ضعفها والعمل على تنمية مصادر القوة والتغلب على عوامل الضعف، وهو ما فعله قادة رواندا بالفعل لبناء دولة جديدة؛ حيث تم تحديد عوامل الضعف في مكونات الأمن القومي لدولة صغيرة مثل رواندا، والتي تلخصت في السياسات العنصرية والانقسام العنيف بين مكونات المجتمع، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المنهار كليًّا، كما تم تحديد عوامل القوة والتخطيط لتحقيقه من خلال رؤية 2020 ورؤية 2050 كما سبق وأوضحنا (29).

إن رأب الصدع بين مكونات المجتمع الرواندي كان من أهم متطلبات تحقيق متطلبات الأمن القومي لدولة صغيرة بلا أعداء خارجيين تقريبًا، وهو ما نجحت رواندا في تحقيقه بامتياز وخلق تجانس كبير بين مكونات المجتمع التي قضت سنوات من الصراع والفرقة والدم، ويأتي البرهان الأبرز على ذلك في الإشادات المتكررة بالجيش الرواندي ومدى الاحترافية العالية التي يتمتع بها حتى أصبح الجيش الرواندي مكون أساسي في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، وهو نفسه ذلك الجيش الذي كان بلا انتماءات وطنية تقريبًا منذ ربع قرن من الزمان فقط لا غير (30).

إن استمرار رواندا في الحفاظ على أمنها القومي وتحقيق نجاحات على الصعيد الاقتصادي والسياسي مرهون باستمرارية المحافظة على التجانس المجتمعي، وإعلاء المصلحة الوطنية فوق أي انتماءات عرقية أو قبلية، وتكريس ثقافة قبول الآخر وطي صفحة الماضي، وكذلك عدم التورط في أي نزاعات مسلحة أو التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول الجوار، وذلك في إطار أصابع الاتهام التي تشير لرواندا على خلفية اتهامات بدعمها لجماعة M23 المتمردة في شرق الكونغو (31).

قائمة المراجع

  1. علي الدين هلال، الانتقال إلى الديمقراطية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ط 1 2019 .
  2. 2-         إيمان حسن، المجتمع المدني والدولة والتحول الديمقراطي، معهد البحرين للتنمية السياسية، ط2 2017.
  3. علي مصباح محمد الوحيشي، دراسة نظرية في التحول الديمقراطي، مجلة كلية الاقتصاد للبحوث العلمية، العدد 2 سنة 2015 .
  4. 4-     طارق عبد الحافظ الزبيدي، دولة رواندا من الإبادة الجماعية للريادة المثالية.
    http://mcsr.net/news508
  5. بلال النجار، التجربة الرواندية والاستفادة منها فلسطينيًّا، بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، 2020.
  6. 6-     جميل مازن شقورة، رواندا ما بين التنمية الاقتصادية والاستبداد مقاربة على النموذجين السوري واليمني، مركز الحوكمة وبناء السلام، 2020 .
  7. 7-         مباركة رحلي، الحرب الأهلية في رواندا ( 1994) والمواقف الدولية منها، 2014.
  8. مؤمن يوسف عالم، التعايش الاجتماعي في المجتمعات الأفريقية في مرحلة ما بعد الصراع : رواندا والصومال نموذجًا .
    https://www.qiraatafrican.com/home/new/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%86%D9%85%D9%88%D8%B0%D8%AC-%D8%A7#sthash.7U7DdoYQ.nyN4GQxF.d
  9. 9-     أية حسين محمود، النظام السياسي في رواندا منذ عام 1994.
    http://www.acrseg.org/41743
  10. 10-   طارق ناصيف، رواندا من الحرب الأهلية للتنمية الشاملة .
    https://www.harmoon.org/reports/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84/
  11. سمية عبد القادر شيخ محمود، إشكالية بناء جيش وطني موحد في مجتمع منقسم مناطقيًّا، عمران، العدد 20، 2017 .
  12. حكيم نجم الدين، قراءة في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية برواندا في ظل إطلاق سراح سجناء سياسيين .
    https://www.qiraatafrican.com/home/new/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A1#sthash.8p1QFlwn.c0hQHMQn.dpbs
  13. Brooks, Elizabeth ’From the frying pan into the fire’: A case study of Rwandan refugees” Journal of international social work, Issue No. 49, London, October 2005.
  14. IMF(2000) “Rwanda : Recent Economic Developments” Available from: https://www.elibrary.imf.org/view/IMF002/06059-9781451833232/06059-9781451833232/06059-9781451833232_A001.xml?redirect=true
  15. IMF(2020) “IMF Staff Concludes Visit to Rwanda” Available from: https://www.imf.org/en/News/Articles/2019/03/22/pr1986-rwanda-imf-staff-concludes-visit
  16. Jones and Murray, Will and Sally(2017) “Consolidating peace and legitimacy in Rwanda” Research paper:1-67.Availabel from: https://www.theigc.org/wp-content/uploads/2018/04/Rwanda-report.pdf
  17. Karabacak, Emre (2018) “Colonial Regime in Rwanda and Its Effects on the Tutsi-Hutu Relations” Research paper in African studies.
  18. Center for Security Studies: Germany (2020) “ Rwanda: Kagame’s New Seven-Year Challenge” Available from: https://css.ethz.ch/en/services/digital-library/articles/article.html/119764/pdf
  19. Clark,Phil(2010) “The gacaca courts, post-genocide justice and reconciliation in Rwanda: Justice without lawyers” Available from: https://www.researchgate.net/publication/287239175_The_gacaca_courts_post-genocide_justice_and_reconciliation_in_Rwanda_Justice_without_lawyers
  20. Mann, Laura and Berry, Marie (2017) “Understanding the political motivations that shape Rwanda’s emergent developmental state” Journal of Political economy.
  21. Zorbas, Eugenia (2011), “Aid Dependence and Policy Independence: Explaining the Rwandan.
  22. Mwambari, David (2017) “Leadership Emergence in Post-Genocide Rwanda: The role of Women in Peace building” Journal in Leadership and Developing Societies.
  23. Oyamada,Eiji (2017) “Combating corruption in Rwanda: lessons for policy makers” journal of political economy. available from: https://www.researchgate.net/publication/317132377_Combating_corruption_in_Rwanda_lessons_for_policy_makers
  24. Politico(2020) “ Rwanda: The Darling Tyrant” Available from: https://www.politico.com/magazine/story/2014/02/rwanda-paul-kagame-americas-darling-tyrant-103963
  25. Rafti, Marina(2008) “A Perilous Path to Democracy Political Transition and Authoritarian Consolidation in Rwanda” Available from: https://core.ac.uk/download/pdf/6698801.pdf
  26. Reyntjens, Filip (2018) “ Understanding Rwandan politics through the longue durée: from the precolonial to the post-genocide era” Journal of Eastern African Studies: 514-524
  27. RGB (2015) “Governance for Development. The case of Rwanda” Available from: https://opendocs.ids.ac.uk/opendocs/bitstream/handle/20.500.12413/10117/Governance%20for%20Development.pdf?sequence=1&isAllowed=y;
  28. RwandaToday (2020) “Second satellite launch to boost Rwanda space programme” The main website of Rawandatoday news. Available from: http://rwandatoday.africa/business/Second-satellite-launch-to-boost-Rwanda-space-programme/4383192-5134940-7qvqn9z/index.html
  29. Samset, Ingrid (2011) “ Building a Repressive Peace: The Case of Post-Genocide Rwanda” Journal of Intervention and Statebuilding: 266-269.
  30. The Economist (2019) “How well has Rwanda healed 25 years after the genocide?” Available from: https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2019/03/28/how-well-has-rwanda-healed-25-years-after-the-genocide
  31. The Telegraph(2019) “From horror to health: How Rwanda rebuilt itself to become one of Africa’s brightest stars” Available from: https://www.telegraph.co.uk/global-health/climate-and-people/horror-health-rwanda-rebuilt-become-one-africas-brightest-stars/