كتبت – د. جيهان عبد السلام

مدرس الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا-  جامعة القاهرة

 مقدمة :

لقد تحول انتشار وباء الكورونا عالمياً، إلى أزمة دولية دخلت فيها معظم دول العالم، حيث أخذ يحصد أرواح عشرات الالاف من الضحايا ، ويهدد حياة سكان الكرة الأرضية، ليطلق عليه ذلك الوباء الذى سيؤثر في مجمل الأحداث الدولية أو رسم معالم الخارطة السياسية والاقتصادية مجدداً . ولاشك أن وباء الكورونا كشف عن جوانب نقص أو عيوب النظام الاقتصادى الرأسمالى العالمى في قدرة الدول الكبرى على مجابهة الأخطار التي تحدق بالعالم صحياً واقتصادياً. ومن هذا المنطلق تتعرض تلك الدراسة الى النقاط التالية :-

أولاً – المبادىء الاقتصادية الحاكمة للنظام الاقتصادى الرأسمالى :-

 النظام الاقتصادى الرأسمالى هو ذلك النظام الذى يقوم على الملكية الفردية لعناصر الانتاج ، والحرية الاقتصادية فى ادارة وتيسير وممارسة النشاط الاقتصادى من خلال اليات السوق وقوى العرض والطلب . وهو النظام الاقتصادى المطبق من قبل معظم دول العالم وأهمها الاقتصادات الكبرى  فى الفترة الراهنة . ويقوم هذا النظام على أسس بعينها تتمثل أهما فيما يلى[i] :-

  • تحقيق الربح : يعتبر الربح في النظام الرأسمالي الدافع الأساسي لزيادة الإنتاجية وإحدى خصائص النظام الرأسمالي، وهو الأساس دائمًا في عملية اتخاذ القرار، حيث إن الجميع يتصرفون بما تمليه عليهم مصلحتهم الفردية بعيدًا عن المصلحة العامة.
  • عدم تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية : أى الحد من دور الدولة فى ممارسة النشاط الاقتصادى ، وترك الأنشطة الاقتصادية فى أيدى أرباب الأعمال والقطاع الخاص ، واقتصار دور الدولة على الجانب الأمنى والقضائى والاجتماعى .
  • الحرية الاقتصادية : تعني الانطلاق من القيود التي من شأنها أن تفوق الاقتصاد أو تحد من حرية التجارة والعمل.
    المنافسة : وتعد المنافسة من أهم خصائص النظام الرأسمالي، ومن أهم العوامل التي تعمل على زيادة الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية، حيث إن تنافس المنتجون على اجتذاب عدد أكبر من المستهلين سيدفع نحو تحسين جودة المنتج وعلى تخفيض سعر البيع.

ثانياً- الظروف الاقتصادية العالمية قبل انتشار وباء كورونا :-

 ساد الاقتصاد العالمى ظروف وأحداث كانت محط اهتمام دول العالم قبل انتشار وباء كورونا ، يتمثل أهما فى الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى . وفيما يلى تحليل موجز لتلك الظروف :-

  • الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية :  ان العقود الماضية من القرن الحادى والعشرين شهدت بروز الصين كقوة عالمية، أصبحت منافساً قوياً تنافس الولايات المتحدةعلى النفوذ، وعلى المجالات الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والتقدم العلمي، وباقي مناحي الحياة. وأدى هذا التنافس بين القوتين إلى خلافات تجارية، تحولت إلى حرب تجارية . وهناك أسباب عديدة أدت لتصاعد التوترات بين كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، فالفوائد الاقتصادية المتوقعة لانضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية عام 2001 لم تتحقق أبدا، بحسب رأى الخبراء الاقتصاديين فى الحكومة الأمريكية ، حيث إن الصين لم تعتزم أبدا الالتزام بالقواعد، وقد انضمت للمنظمة بهدف أن تغيرها لا أن تتغير هي، وأدى ذلك إلى مزيد من الخسائر في الوظائف وإغلاق المصانع في الولايات المتحدة في ما عرف بـ “الصدمة الصينية”.
  • وفيما يلى أهم سببين للصدام الصينى الأمريكى :-
  • قامت العديد من الشركات الأمريكية بنقل إنتاجها إلى الصين للتمتع بميزة انخفاض تكلفة العمالة ، ولكن كان على هذه الشركات دفع ثمن نظير الانتقال للصين ، فقد أجبرتهم الصين على نقل التكنولوجيا معهم، وحقوق ملكيتهم الفكرية أيضا .وحتى تلك الشركات التي لم تنتقل للصين وجدت أن الصينيين قد حاولوا التسلل لأسرارها التجارية. وأمام وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة قائمة طويلة من الاتهامات ضد أفراد صينين وشركات للتجسس والقرصنة الإلكترونية. وتقدر الحكومة الأمريكية أن الحجم الإجمالي للملكية الفكرية التي سرقتها الصين خلال السنوات الأربع بين 2013 و2017 تصل إلى 1.2 تريليون دولار. فإن هذا هو السبب الأول للتوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين [ii].
  • تخوض الولايات المتحدة والصين معركة تجارية شديدة ، ففى عام 2019، تبادل أكبر اقتصادين في العالم فرض رسوم جمركية على بضائع بعضهما البعض تصل قيمتها إلى ملياراتالدولارات. وظل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يتهم الصين منذ فترة طويلة بممارسات تجارية غير عادلة. وفي الصين، ثمة تصور بأن الولايات المتحدة تحاول كبح نهوضها وتظل المفاوضات بين الجانبين جارية لكنها لا تزال متقلبة. ويزداد الخلاف بينهما بشأن قضايا، من بينها كيفية التراجع عن التعريفات الجديدة والتوصل إلى اتفاق. وتهدف سياسة تعريفات ترامب الجمركية إلى تشجيع المستهلكين على شراء البضائع الأمريكية من خلال جعل السلع المستوردة أغلى ثمنا. وحتى الآن ، فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على نحو 250 مليار دولار من البضائع الصينية، وقد ردت الصين بفرض رسومٍ على 110 مليارات دولار من المنتجات الأمريكية. وقدمت واشنطن ثلاث جولات من التعريفات  فى عام 2018 ، إذ فرضت رسوما تصل إلى 25 %من قيمة السلع على عدد من المنتجات الصينية، من الحقائب اليدوية إلى معدات السكك الحديدية. وردت بكين بتعريفات جمركية تتراوح بين 5 و 25 % على السلع الأمريكية بما في ذلك المواد الكيميائية والفحم والمعدات الطبية.

وهدد كلا الجانبين باتخاذ المزيد من الإجراءات من خلال فرض تعريفات جديدة ورفع الضرائب الحالية في الأشهر المقبلة من عام 2020 ، فى الوقت الذى تخطط إدارة ترامب لفرض رسوم جديدة بقيمة 300 مليار دولار على البضائع الصينية، بما في ذلك الهواتف الذكية والملابس ، أي فرض الضرائب بشكل فعّال على جميع الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة . وستقدم الحزمة الأولى من هذه الضرائب في الأول من سبتمبر2020 . وردت بكين بالمثل، إذ تعتزم استهداف ما قيمته 75 مليار دولار من السلع الأمريكية بضرائب جديدة ورفع التعريفة الجمركية المفروضة عليها الشهر المقبل[iii]. وتأتي الرسوم الجمركية الإضافية في وقت تتزايد به المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي، وركود اقتصادي يطارد العديد من اقتصادات العالم الرئيسية، بينما يبحث المستثمرون في جميع أنحاء العالم عن ما إذا ما كانت ستصل الحكومتان إلى هدنة قريباً.   يضاف الى ذلك أوضاع اقتصادية مقلقة بعد أن أعلنت بريطانيا الخروج النهائى من الاتحاد الاوروبى فى اخر يناير 2019 .[iv]

شكل رقم (1) التعريفات الجمركية المفروضة من قبل الصين والولايات المتحدة الأمريكية

  • خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى : خرجت بريطانيا من الإتحاد الأوروبي رسميًا فى نهاية يناير 2020 ، وكان يُنظر إلى الاتحاد الأوروبي، إلى حد كبير، باعتباره حجر الزاوية للاستقرار ولازدهار الاتحاد . وبدء بعدها الحديث عن قضية العلاقات التجارية المستقبلية مع دول الاتحاد ، والشكل الذي ستتخذه هذه العلاقة، حيث يوجد العديد من الخيارات التي يمكن تطبيقها مثل الأخذ بتعريفات منظمة التجارة العالمية، أو التعامل مع “الكومنولث”، النرويج، سويسرا، كوريا الجنوبية، أو هونج كونج. وفي حين أن كل خيار له فوائد إلا أن الاتحاد الأوروبي يظل هو الأهم بالنسبة لبريطانيا، والعكس صحيح حيث إن بريطانيا كانت مستوردًا مهمًا للسلع الأوروبية، حيث يبيع الاتحاد لها بما قيمته 60 مليار جنية استرليني وهو أكثر مما تبيعه بريطانيا له، كما أنها كانت خامس أكبر اقتصاد في العالم.

   ومثلما يضع خروج بريطانيا أمام حكومة بريطانيا عدة تحديات، يضع أمام الاتحاد الأوروبي ومنها: فقدان المقدرة على التأثير ، حيث أن خروج دولة عضو، يمثل صدمة هائلة لصورة الاتحاد الذاتية، ومكانته العالمية، وشعوره بمتانة المشروع الأوروبي. مثلما تمكنت إحدى الدول الأعضاء من المغادرة، فبإمكان الدول الأخرى أن تفعل المثل.  كما أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي الآن إلى إضعاف مصداقية الاتحاد وشرعيته وقدرته السياسية على التحرك. ختامًا لما سبق، يمكن القول إن كلا الطرفين – بريطانيا والاتحاد الأوروبي- يواجهان تحديات كبيرة إزاء تحقق البريكست، وهو ما يعني ضرورة الوصول إلى اتفاقات تقلل خسائر الطرفين قدر الإمكان، تفاديًا للتهديدات التي سيشهدانها[v].

ثالثاً – جوانب النقص فى النظام الرأسمالى العالمى بعد ظهور وباء كورونا :-

     ان انتشار وباء كورونا أصبح أبرز حدث عالمي يفصل مرحلتين ما قبله وما بعده، حيث سيكون ما بعد كورونا عالماً مملوءاً بالمتغيرات والتحولات المتوقعة على الأصعدة كافة، وخاصةً التغيرات التي ممكن أن تطال طبيعة النظام الاقتصادى الدولي فى اطار تطبيق الرأسمالية بجوانبها الاقتصادية المختلفة ، حيث ظهر عجز وعدم اتزان بعض جوانب هذا النظام أمام مراعاة قضايا الصحة والسلامة والوعي البيئي الى حد كبير . هناك مؤشرات عدة تأتي لتشير إلى حتمية مراجعة تركيبة النظام الاقتصادى الدولى القائم على مبادىء الرأسمالية ، حيث بدأ يظهر توجهات مختلفة مغايرة لما قامت عليه أسس الحرية الاقتصادية الرأسمالية وتشير الى مواطن الضعف الكامنة فى هذا النظام الاقتصادى العالمى ، والتى تتمثل فيما يلى :-

  • الصحة منفعة عامة  :  دفعت تلك الأزمة الصحية التى تحولت لوباء عالمى شعوب العالم للمطالبة بإعادة توجيه كل ميزانيات أسلحة الدمار الشامل إلى الأبحاث الطبية فى مجال الفيروسات والميكروبات والجراثيم ، و كل الأعداء الحقيقيين للبشرية ، وإعلاء المبادئ الإنسانية فوق المصالح السياسية والعسكرية ، وهو الجانب الذى أهملته النظم الرأسمالية التى قامت على مبدأ الحد من دور الدولة فى مجال الرعاية الصحية بشكل كبير .

 نقطة البداية الضرورية هنا هي تصور الصحة كحق أساسي للشعوب ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة : ” لكل شخص الحق في مستوى معيشي ملائم لصحة ورفاهية نفسه وأسرته ، بما في ذلك الطعام والملبس والسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية “. والصحة ، من منظور السياسة الاقتصادية والعامة ، مصلحة عامة عالمية ؛ لا يمكن إنتاجها كسلعة وبيعها في السوق للمستهلكين الأفراد. وقد أظهر وباء  كورونا التكاليف الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الافتقار إلى نظم الصحة والرعاية الملائمة في جميع الدول وغياب القواعد العالمية لحماية الصحة ، وينطبق الشيء نفسه على العديد من الكوارث البيئية – الحالية والمستقبلية – التي يسببها تغير المناخ[vi]. ففى الولايات المتحدة على سبيل المثال ، أعلنت شركات التأمين الصحي إنها ستغطي تكاليف اختبار وباء كورونا ، ولكن ليس العلاج – ويبقى هنا التساؤل لماذا يمر شخص مريض باختبار إذا علم أنه لا يستطيع تحمل تكاليف العلاج ؟ وهو وضع قائم فى احدى أكبر الدول الرأسمالية فى العالم وهى الولايات المتحدة . حيث لا يوجد الية شركات التأمين ومقدمي الرعاية الصحية على التخلي عن البحث عن الربح وتقديم العلاج لجميع من يحتاجون إليه بدون تكلفة باهظة[vii].

يضاف الى ذلك استمرار تخلى الدولة عن دورها فى مجال الرعاية الصحية ، ففي عهد ترامب أغلق مكتب جائحة البيت الأبيض ، وهي إدارة أنشأها أوباما بعد تفشي فيروس إيبولا 2014 لضمان استجابة وطنية سريعة ومنسقة بشكل جيد للأوبئة الجديدة. فوفقًا لجمعية المستشفيات الأمريكية ، انخفض عدد أسرة المستشفيات الداخلية بنسبة استثنائية بلغت 39٪ بين عامي 1981 و 1999. وكان الهدف من ذلك هو زيادة الأرباح عن طريق زيادة عدد الأسرة المشغولة فى المستشفيات الخاصة . وهذا يعني أن المستشفيات لم تعد لديها القدرة على استيعاب تدفق المرضى أثناء الأوبئة وحالات الطوارئ الطبية. كما استمر تقليص طب الطوارئ في القطاع الخاص وفي القطاع العام بسبب التقشف المالي وخفض ميزانيات التأهب على مستوى الولايات المتحدة . ونتيجة لذلك ، لا يتوفر سوى 45000 سرير لوحدة العناية المركزة للتعامل مع الحالات الحرجة المتوقعة لوباء كورونا ، وبالمقارنة ، فإن الكوريين الجنوبيين لديهم أكثر من ثلاثة أضعاف الأسِرّة المتاحة لكل ألف شخص من الأمريكيين للتعامل مع وباء كورونا [viii]. مثال اخر وهو المملكة المتحدة ، ففى عام 2015 ، خفضت المملكة ميزانيات الصحة العامة بمقدار مليار جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار) ، كما غادر العديد من الأطباء مجال الخدمة الصحية الوطنية واتجهوا نحو المستشفيات الخاصة الأعلى أجراً ، وهو ما يظهر الاهمال الحاد للقطاع الصحى الحكومى حتى فى الدول الرأسمالية الكبرى[ix].

  • انحسار دور دولة الرفاهية كبديل فعال للسوق الحر : لقد فتح وباء كورونا الجدل حول مفهوم دولة الرفاهية الاقتصادية ، وهو مفهوم سياسى للحكم في الاقتصاد الرأسمالي تكون الدولة فيه مسؤولة أن تضمن لكل أفراد المجتمع الحد الأدنى من مستويات المعيشة من خلال إعادة توزيع الموارد والضرائب المتدرجة والبرامج الاجتماعية التي تشمل الجميع، ومنها الرعاية الصحية والتعليم

وبعد انتشار الوباء وتفاقم اثاره السلبية خاصة فى الدول الرأسمالية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، بدأ الحديث مرة أخرى عن دور دولة الرفاهية وماهى طبيعة تلك الرفاهية التى لم تظهر بشكل واضح فى اطار تلك الأزمة  . ففى الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من 30 مليون أمريكي يعيشون بدون أي نوع من التأمين الصحي، كما أن أسعار الرعاية الطبية والدواء في الولايات المتحدة أضعاف مثيلاتها في الدول الأوروبية وكندا ما يضطر في كثير من الأحيان مواطنين أمريكيين للسفر إلى كندا من أجل الحصول على أدوية رخيصة[x]. وفي فنلندا، أكثر دول العالم رفاهية وسعادة، لا يستطيع نظامها الخاص تعويض العاطلين عن العمل، التعامل مع الزيادة المفاجئة في الطلبات على الإعانة، وفقا لما أعلنه الصندوق العام لاعانات البطالة وهو أحد أكبر صناديق إعانة البطالة في الدولة ،  ووجد أكثر من 300 ألف فنلدي أنفسهم بدون عمل دون سابق إنذار، سواء من خلال تسريح مؤقت للعمالة، أو الاستغناء الدائم عنهم.[xi]

 وفى هذا الاطار ، تبقى دولة الرفاهية في صميم “النموذج الاجتماعي والاقتصادى ” ؛ حيث يتم توفير وتمويل الصحة والتعليم والجامعات والمعاشات التقاعدية والمساعدة الاجتماعية والأنشطة الرئيسية الأخرى وتمويلها بشكل رئيسي من خلال الإجراءات العامة للدولة . وأدت عقود من السياسات النيوليبرالية إلى تقليص دولة الرفاهية بشكل خطير. حيث أجبرت عمليات الخصخصة وخفض الميزانيات العامة ، وتقليص دور الوكالات والمؤسسات الانتاجية العامة ، الى دخول القطاع الخاص هذه الأنشطة ساعياً نحو الربح فقط . كما أظهر الوباء إن دولة الرفاهية ليست “تكلفة” للنظام الاقتصادي الخاص ، إنه نظام موازٍ ينتج السلع والخدمات العامة ويضمن إعادة توزيع إنتاج المجتمع بناءً على حقوق واحتياجات المواطنين ، بدلاً من القدرة على إنفاق العملاء. كما تنتج دولة الرفاهية الاجتماعية – الأبعاد التي لا يمكن قياسها بالناتج المحلي الإجمالي ، على أساس القيمة السوقية للسلع ، بل تأخذ فى اعتبارها جوانب اجتماعية عديدة يصعب قياسها ، وقد تصبح دولة الرفاهية المحرك لنموذج جديد للتنمية ، بجودة اجتماعية عالية واستدامة بيئية[xii].

–  تفاوت  قدرة الدول الكبرى على احتواء الأزمات وادارتها :  أظهر هذا الوباء عملياً عن قوة وضعف القوى الكبرى من خلال سلوكها تجاهه، فسجّلت الصين مثلاً تفوقاً واضحاً في تعاملها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً معه، فيما دولاً أخرى كالولايات المتحدة الأميركية أظهرت تخبطاً واضحاً في تعاملها بالداخل والخارج ، فيما ظهرت أوروبا كقوة دولية مُتراخية وضعيفة وغير مُتعاونة في مُواجهة المرض منذ بداية ظهوره . كما أظهرت الأزمة صعوبة ادارتها فى العديد من دول العالم، ففى ايطاليا مثلا كان هناك تأخر فى رد الفعل، وضعف تنسيق واضح بين أجهزة الدولة وعدم جاهزية المنظومة الصحية لمواجهة حالة طوارئ شاملة وتناقض واضح فى التعليمات والقرارات بين المسئولين وشح كبير فى المعلومات أو الحصول عليها بشكل متأخر . وكل هذا يحدث فى دول أوروبية على درجة كبيرة من التقدم والمعرفة وهو ما يؤثر على كفاءة عملية صنع واتخاذ القرار فى النظام العالمى . ووفق ما تقدم جاءت سلوكيات الدول فى التعامل مع وباء كورونا عكس ما توقعته الدول النامية والفقيرة ، التى كانت ترى من الدول الرأسمالية الكبرى الجهة الامنة للتخلص من المرض[xiii].

الفجوة بين الفقراء والأغنياء : أفرزت الرأسمالية تكدس للثروة لدى أصحاب الأموال بمعدلات تفوق معدلات النمو الاقتصادي، فإن الخلل قائم بين فئات المجتمع على عكس ما نادت به الرأسمالية من تحقيق مستوى معيشى مرتفع لمعظم الفئات المجتمعية[xiv]. فعلي سبيل المثال نجد أن أغنى 10% من السكان يجنون 47 % من إجمالي الدخل القومي، بينما تبلغ النسبة في أوروبا 37 % ، وفي الصين 46 % ، وهذا يؤكد حقيقة اتساع الفجوة  بين الأغنياء والفقراء في ظل نظام يساعد الأغنياء علي مزيد من الثراء والفقراء علي مزيد من الفقر . وقد جاء وباء كورونا ليضع أزمة التفاوت فى مستوى الدخل محل للنقاش مرة أخرى ، حيث كشف وباء كورونا عن الانقسام الطبقي في الرعاية الصحية وامكانية الاستغناء عن  العمل من عدمه ، فهناك فئات من المجتمع تستطيع العمل من المنزل بشكل مريح ، بينما هناك الموظفين العموميين والمجموعات الأخرى من العمال النقابيين الذين لا يتمتعون بتغطية لائقة تمكنهم من حماية أرواحهم دون الاستغناء عن مصدر دخلهم . إن 45٪ من القوى العاملة عالمياً محرومة حاليًا من هذا الحق ويضطرون فعليًا للنزول الى العمل وامكانية تعرضهم للعدوى والا ستفقد مصدر دخلها الوحيد دون ظهور دور واضح لحماية الدولة لهم ، ونقابات عمالية قوية تضمن لهم استقرار اوضاعهم المعيشية[xv].

– اخفاق ألية السوق وسلاسل التوريد العالمية  : أن الصدمة الأساسية التي أحدثها وباء كورونا للنظام الاقتصادي العالمي تتمثل في إدراك أن سلاسل التوريد وشبكات التوزيع العالمية مُعرضة للاختلال بشدة . ويعرف (SCM)  Supply Chain Management على أنه هو مجموعة من حلول البرامج التي تدير تدفق السلع والبيانات والشؤون المالية وتراقبها عندما ينتقل المنتج أو الخدمة من نقطة المنشأ إلى وجهتها النهائية. وتشمل أنشطة سلسلة التوريد المشتريات، وإدارة دورة حياة المنتج ، وتخطيط سلسلة التوريد ،  واللوجستيات وإدارة الطلبات. وضمن نظام إدارة سلسلة التوريد الكامل والشامل حزم البرامج ومعالجة المواد لجميع الأطراف التي تعمل معًا لإنشاء المنتج، وتنفيذ الطلبات، وتتبُّع المعلومات، بما في ذلك المورّدين، والشركات المصنّعة، وتجار الجملة، وشركات النقل، ومقدمي الخدمات اللوجستية، وبائعي التجزئة.[xvi]

وقد كشف تقرير حديث من “بيكر مكنزي” و”أكسفورد إيكونوميكس”، عن أن جائحة كورونا  تسببت فى أزمة هائلة وغير مسبوقة في سلاسل التوريد على مستوى العالم، وقد نشأت هذه الأزمة بسبب قلة التخطيط ونقص المرونة لدى العديد من طبقات سلاسل التوريد العالمية وعدم كفاية التنويع في استراتيجيات المصادر. وعزا التقرير الذي جاء بعنوان ” ما بعد كوفيد-19.. مرونة سلاسل التوريد هي أساس التعافي”، الأزمة الحالية في سلاسل التوريد العالمية بشكل أساسي إلى نشوء بؤر “تصحر صناعي” مؤقتة يجف فيها إنتاج المدينة أو المنطقة أو الدولة ككل بشكل كبير للغاية بسبب ظروف الإغلاق، إذ تتقيد الحركة في تلك المناطق ولا تستطيع الحصول فيها إلا على البنود الأساسية كالمواد الغذائية والدوائية. وأوضح التقرير أن الآثار الفورية لتدهور حالة سلاسل التوريد العالمية يمكن الشعور بها في الوقت الحالي بالفعل، فمصانع السيارات في كوريا تغلق أبوابها بسبب نقص القطع التي ترد إليها من الصين كما يتداعى مخزون مصانع الهواتف الذكية من المكونات بشكل خطير. ونتيجة لذلك، يُتوقع تراجع التجارة العالمية بنسبة تزيد عن 4% خلال الربع الأول من عام 2020 وتكون مرشحة لمزيد من التراجع أيضًا خلال الربع الثاني من العام نفسه[xvii].

 كما تتوقع مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” أن يشهد قطاع السيارات أكبر تراجع في الإنتاج عالمياً خلال النصف الأول 2020 بنسبة 13 %، ويأتي من بعده قطاع النسيج متراجعاً 8% ثم الإلكترونيات 7%. ورغم ذلك فإنه بحسب هذا التوقع أيضاً من المرجح أن يحظى قطاع السيارات ومعدات النقل الأخرى موجة التعافي الأسرع، بجانب قطاع النسيج. ويُتوقع لجميع القطاعات الصناعية الأساسية الأربعة، التي تناولها هذا التقرير بالتحليل، أن تبدأ في التعافي خلال النصف الثاني 2020، بحيث يكون التعافي الأقوى في قطاعي السيارات والنسيج اللذان سيشهدان نمواً 10 % و8 % على التوالي، ثم ستشهد جميع القطاعات بعد ذلك على الأقل بعض النمو في ناتجها بالنسبة لمستويات عام 2019 وذلك بحلول 2021[xviii].

أهمية وجود الدولة : إن أهم  ما نتج عن وباء كورونا هو أنه لا غنى عن الدولة، والنظم السياسية المستقلة عن سلطة رأس المال الخاص والهيمنة الاقتصادية لهم الذى لا يسعى سوى نحو الربح فقط بصرف النظر عن المصلحة العامة وذلك فى اطار تبنى النظم الرأسمالية . ففى كل المناطق التى انتشر فيها الوباء كانت الدولة وأجهزتها هى الفاعل الأهم والأكبر فى مواجهة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والصحية للوباء، وهو ما يعنى أن كل النظريات الرأسمالية التى تطالب الدولة بالانسحاب من إدارة الأنشطة الصحية والاقتصادية وغيرها والتحول إلى الوظائف الأمنية والدفاعية والقضائية فقط هى نظريات غير واقعية ولا تستطيع أبدا الصمود أمام كارثة بهذا الحجم[xix]. فقد أثبت الوباء عجز قوى السوق الحرة عن مواجهة أزمة وباء الكورونا، واضطرار الدولة للتدخل بشكل كبير لحماية السوق والمجتمع من خلال تخصيص حزم مساعدات ، فدور الدولة السياسى والاقتصادى والاجتماعى والصحى مطلوب، من أجل حماية الفقراء والارتقاء بمستوى الصحة العامة، والتشغيل والتوظيف تظل واحدة من مسئوليات الدولة حتى لو تم ذلك بمساعدة القطاع الخاص[xx].

رابعاً- نحو اعادة صياعة النظريات الاقتصادية الرأسمالية :

  يعد وباء كورونا حدثًا كبيرًا يكشف عن الافتقار إلى الاستعداد والمرونة للاقتصاد الرأسمالى لمواجهة الأزمات والتى سبق وأن ظهرت اضحة فى اطار عقبات الأزمة المالية العالمية عام 2008 ، وظهرت مرة أخرى بعد جائحة كورونا متمثلة فى النقاط التى تم عرضها سابقاً[xxi] . وهنا يبقى التساؤل هل أظهر وباء كورونا نقاط ضعف النظام الرأسمالى العالمى ؟

  أن الوباء استطاع بالفعل اظهار جوانب مختلفة فى النظام الرأسمالى العالمى لم تكن محل اهتمام ، ولم تكن ضمن أسس النظام كما سبق ذكره ، ولن يُخلّف الوباء آثارًا اقتصادية طويلة الأمد فحسب، بل سيُحدث تغييرًا كبيرا في أسس الرأسمالية العالمية ، فالدولة أصبح لها دور قوى أبرزته الأزمة بشكل واضح سواء على جانب اجراءات الانقاذ الاقتصادى من تداعيات وباء كورونا ، أو فى جوانب الرعاية الصحية ، أو حماية فئات المجتمع المختلفة من المرض والفقر الناتج عن ضياع الوظائف مع انتشار الوباء ، وهنا سقط أساس مهم من أسس الرأسمالية وهو تحييد دور الدولة وعدم أهميته الاقتصادية. كما أن دافع الربح كشف جانب كبير من انتهازية القطاع الخاص وعدم مراعاته للأزمة وتداعياتها ، فى وقت لم يخلق النظام الرأسمالى سوى فجوة كبرى بين الأغنياء والفقراء ، فأصبحت المجموعة الأولى هى التى تنعم بالأموال الكافية وامكانية الانعزال فى المنازل لحماية أرواحهم ، والمجموعة الثانية ليس لديها خيار سوى استمرار العمل على حساب أرواحهم .

  كما تجدر الاشارة أيضا الى أن الحرية الاقتصادية التى نادت بها الدول الكبرى والمنظمات الاقتصادية الدولية ومنها منظمة التجارة العالمية  ، أظهر الواقع العملى عدم تحقيقها وخير مثال على ذلك تلك الحروب التجارية القائمة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أن فرض التعريفات الجمركية على التجارة المتبادلة بينهما مغاير تماماً لفكرة الحرية الاقتصادية والغاء القيود الجمركية وغير الجمركية على التجارة الدولية . كذلك الحال شهد الاتحاد الأوروبى عدة أزمات اقتصادية أصبحت تهدد النموذج الاقتصادي نفسه، الذي بني عليه الاتحاد الأوروبي.

 ان جوانب النقص التى تكمن بالنظام الرأسمالى العالمى أصبحت الان محل جدال ونقاش داخل أكبر الدول الرأسمالية نفسها  فعلى سبيل المثال ،أكدت صحيفة “التايمز” البريطانية إن وباء فيروس كورونا المستجد بات يقود العالم نحو الركود، ويسلط الضوء على اخفاق الية السوق وسلاسل التوريد العالمية ويهدد النظام الرأسمالى ، حيث أن  هناك أهدافاً حيوية لصناع السياسة يمكنهم وبواقعية التركيز عليها، أولها : عليهم منع التدهور الاقتصادي الناجم من انتشار وباء كورونا من التحول إلى حالة كساد اقتصادي كما حدث في ظل الأزمة المالية العالمية 2007- 2009، ، وثانيها، عليهم إثبات أن الأسواق الحرة والتجارة المفتوحة هما النموذج الاقتصادي الأفضل القادر على توليد الثروة وتحسين حياة البشرية، وإن فشلوا في هذين الهدفين فإنهم سيسمحون للأفكار أخرى فى الظهور مثل الحمائية التجارية ومفهوم الدولة الاشتراكية[xxii].

وكل تلك المشكلات التى ظهرت أثناء تطبيق النظام الاقتصادى الرأسمالى لم تكن جديدة ، فقد تنبأ بها كارل ماركس قبل 170 عاما متوقعاً انهيار الرأسمالية، واليوم وبعد التراجع والركود الاقتصادى العالمي المرتقب بعد كارثة وباء كورونا، فإن العديد من الخبراء باتوا يعتقدون أن النظام الرأسمالي الحالي لم يعد قادراً على الاستمرار مثلما كان ، وأن عليه مراجعة أسسه بما يخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والصحية أيضاً . فالعالم سيكون بحاجة الى إرساء أسس نظام اقتصادى جديد أكثر عدالة وكفاءة فى مواجهة الأزمات .

ومن هنا أصبح على النظام الرأسمالى العالمى استخدام هذه الأزمة كوسيلة لفهم وتصحيح أسس الرأسمالية ، ويتطلب ذلك إعادة التفكير في الغرض من وجود الحكومات ودورها بدلاُ من إصلاح إخفاقات السوق فحسب ، ومن هنا يجب على حكومات الدول الاتى :-

  • أن تتحرك الحكومات نحو تشكيل وخلق الأسواق التي تحقق نموًا مستدامًا وشاملًا. كما يجب التأكد من أن الشراكات مع الأعمال التجارية الخاصة لابد وأن تشمل اعتبارات اجتماعية أخرى غير الربح.
  • –   ضرورة أن تستثمر الدول جزء من ميزانيتها في المؤسسات التي تساعد على منع الأزمات والتصدى لها ، فلابد من وجود ميزانية مخصصة للطوارئ ، لمواجهة مثل تلك الأزمات دون التأثير بشكل أكبر على موازنات الدول .
  • –   كما تحتاج الحكومات إلى تنسيق أنشطة البحث والتطوير بشكل أفضل ، وتوجيهها نحو أهداف الصحة العامة ، فضلاً عن توجهات مكثفة نحو الاستثمار في المجالات الابتكارية  مثل الذكاء الاصطناعي ، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، ومصادر الطاقة المتجددة ، وغيرها من المجالات التى تدعم التطورات الاقتصادية الحديثة وتحمى البيئة ومن يعيش فيها[xxiii] .

وفى الختام ، لا نستطيع الجزم بطبيعة النظام الاقتصادى الدولى الجديد بعد انتهاء جائحة كورونا ، حيث لا يزال مصير الحرب مع الوباء ومصير العالم نتيجته غير واضحة وتتوقف على المدى الزمني الخاص بانتشار الوباء والتعامل معه،  فاذا استمر الوباء لعام أو أكثر ، هنا يمكن الحديث عن نظام اقتصادى عالمى مغاير فى أسسه لما قامت عليه الرأسمالية ، بينما إن انتهى خلال شهور الصيف فسوف يتم اللجوء إلى التفكير أساساً في معالجة الآثار الاقتصادية دون إيلاء الاهتمام الكافي بالقضايا التي طرحتها كورونا فيما يتعلق بمستقبل الرأسمالية .

قائمة مراجع الدراسة

[i] ) KRISTINA ZUCCHI  , Main Characteristics of Capitalist Economies ,  Investopedia , May 7, 2019 , at :

https://www.investopedia.com/articles/investing/102914/main-characteristics-capitalist-economies.asp

Sarwat Jahan and Ahmed Saber Mahmud , ” What Is Capitalism? ” , Finance and Development Magazine , June 2015, Vol. 52, No. 2 , PP.44-45 , at :-

https://www.imf.org/external/pubs/ft/fandd/2015/06/pdf/basics.pdf

[ii]  ) ديفيد غروسمان ،  ” الحرب التجارية الأمريكية الصينية : ماذا تريد الولايات المتحدة من الصين ؟ ” ، وكالة أنباء بى بى سى العربية ، 9 نوفمبر 2019 ، متاح على الرابط التالى :-

https://www.bbc.com/arabic/world-50349312

[iii] ) ” الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين فى 300 كلمة ” ، وكالة أنباء بى بى سى العربية ، 26 أغسطس 2019 ، متاح على الرابط التالى :-

https://www.bbc.com/arabic/world-49472116

[iv] ) ” بعد الرسوم الجمركية الجديدة …هل تنتهى الحرب التجارية بين أمريكا والصين ؟ ” ،  وكالة أنباء CNN العربية ، سبتمبر 2019 ، متاح على الرابط التالى :-

https://arabic.cnn.com/business/article/2019/09/01/us-china-trade-tariffs

[v] ) Alan Riley, “Brexit: Causes and Consequences,” Barcelona center for international affairs, 2016, available at :

https://www.cidob.org/publicaciones/serie_de_publicacion/notes_internacionals/n1_159/brexit_causes_and_consequences

– Cameron Gibson, BREXIT: The Challenges Facing Both Britain and European Union ,  Research Paper , , 2017, pp.16-17.

[vi]) Matteo Lucche,  Mario Piantas ,  Coronavirus crisis: major economic and financial consequences  , 16 March 2020 , at :-

https://www.opendemocracy.net/en/can-europe-make-it/economic-consequences-coronavirus-major-economic-and-financial-crisis/

[vii]) Anastasya Eliseeva , ” Corona and The Crisis of Capitalism ” , New Frame Site , 13 March 2020 , at :-

Coronavirus epidemic responses reveal differences in capitalist and socialist values

[viii]) People’s World , Coronavirus epidemic responses reveal differences in capitalist and socialist values  , March 13, 2020 , at:

Coronavirus epidemic responses reveal differences in capitalist and socialist values

[ix]) Willy Kurniawan ,  ” Coronavirus and capitalism: How will the virus change the way the world works? ” , World Economic Forum  , 02 Apr 2020 , at :

https://www.weforum.org/agenda/2020/04/coronavirus-covid19-business-economics-society-economics-change

[x] ) محمد رمضان ، عالم ما بعد كورونا : الرفاه الاجتماعى صار أمرا ضروريا ، موقع اضاءت ، 30 مارس 2020 ، متاح على الرابط التالى :-

https://www.ida2at.com/post-corona-world-social-well-being-is-necessary/

[xi] ) شريف اليمانى ، ”  كورونا يطيح برفاهية أكثر الشعوب سعادة ” ، موقع الاسواق العربية ، دبى ، 2 ابريل 2020، متاح على الرابط التالى :-

https://www.alarabiya.net/ar/aswaq/economy/2020/04/02/%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D9%8A%D8%B7%D9%8A%D8%AD-%D8%A8%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%A8-%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9

[xii] ) Matteo Lucchese , & Mario Pianta ,  ” Coronavirus crisis: major economic and financial consequences” ,  Open Democracy Organisation , 16 Mar 2020 , at :-

https://www.opendemocracy.net/en/can-europe-make-it/economic-consequences-coronavirus-major-economic-and-financial-crisis/

[xiii] (People’s World , Coronavirus epidemic responses reveal differences in capitalist and socialist values  , March 13, 2020 , at :

Coronavirus epidemic responses reveal differences in capitalist and socialist values

-Brendan Montague ,  A virus is haunting Europe – the vector is capitalism , The Ecologist Journal ,18th March  2020, at :-

https://theecologist.org/2020/mar/18/virus-haunting-europe-vector-capitalism

[xiii]) Mike Davis  , The Coronavirus Crisis Is a Monster Fueled by Mike Davis Capitalism March 20, 2020 ,at :-

https://inthesetimes.com/article/22394/coronavirus-crisis-capitalism-covid-19-monster-mike-davis

[xiv]) Matteo Lucchese , & Mario Pianta , Op.cit.

[xv]) Anastasya Eliseeva ,Op.cit .

[xvi] ) ما المقصود بنظام ادارة سلسلة  التوريد ؟ ، متاح على الرابط التالى :-

https://www.oracle.com/middleeast-ar/applications/supply-chain-management/what-is-supply-chain-management-system.html

[xvii] )  ” أزمة غير مسبوقة فى سلالسل التوريد العالمية بسبب كورونا ” ، جريدة البيان الاماراتية ، جريدة الاخبار الان ، 12 ابريل 2020، متاح على الرابط التالى :-

https://www.albayan.ae/economy/the-world-today/2020-04-12-1.3828424

[xviii] ) محمد الجنون ، سلاسل التوريد العالمية فى ظل كورونا أزمة كبيرة تفرض تغييرات ضرورية ، 14 ابريل 2020 ،

[xix] ) أحمد عبد ربه ، “هل يغير فيروس كورونا من السياسة العالمية” ، جريدة أخبار الشروق ، 14 مارس020 ، متاح على الرابط التالى :-

https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14032020&id=30ca750d-de32-4583-aafb-840a155f5adc

  ( [xx] هل أسقطت كورونا الرأسمالية ؟ وكالة شهاب للأنباء ، 29 مارس 2020 ، متاح على الرابط التالى :-

https://shehabnews.com/post/61785/%D9%87%D9%84-%D8%A3%D8%B3%D9%82%D8%B7%D8%AA-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9%D8%9F

[xxi]) Mariana Mazzucato, ” The Covid-19 crisis is a chance to do capitalism differently” ,  Guardian News  , 18 Mar 2020 , at :-https://www.theguardian.com/commentisfree/2020/mar/18/the-covid-19-crisis-is-a-chance-to-do-capitalism-differently

[xxii]) ” The Times view on crisis and capitalism “, Times Newspapers  , March 19 2020 at :-

https://www.thetimes.co.uk/article/the-times-view-on-crisis-and-capitalism-50768mmrc

Nastasya Eliseeva , Coronavirus and the crisis of capitalism , 13 March. 2020 ,  at :-

Coronavirus and the crisis of capitalism

[xxiii] ) Mariana Mazzucato, The Covid-19 crisis is a chance to do capitalism differently 18 Mar 2020 , Guardian News , at :-

https://www.theguardian.com/commentisfree/2020/mar/18/the-covid-19-crisis-is-a-chance-to-do-capitalism-differently