كتبت – أسماء حمدي 

يختلف دور النساء في نيجيريا ذات المجتمع المحافظ، باختلاف العديد من العوامل كالدين والثقافة والمنطقة الجغرافية، وتتوافق أدوار النساء مع الاختلافات العرقية، ففي شمال نيجيريا تعزل الكثير من النساء في المنزل أكثر من النساء في الجنوب، واللائي يشاركن أكثر في الحياة العامة.تواجه النساء تحديات مختلفة للحصول على التعليم الذي يمنحهن القدرة على اكتساب المعرفة والكفاءة والمهارات، لضمان الحصول على العمل في بلد ذو معدل الـ90% أمية بين السيدات، مما دفع منظمة «نانا» غير الحكومية على العمل لتغيير هذه المعتقدات وتعزيز دور النساء في ولاية سوكوتو المحافظة لتساعدهن على الحصول على التعليم والعمل، حيث تنهي واحدة من كل 20 فتاة دراستها الثانوية.

نساء يقتحمن عالم ميكانيكا السيارات

على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدينة سوكوتو في نيجيريا، تقع منظمة «نانا» والذي تضم أول مركز افتتح في الولاية، لتعليم الميكانيكا للإناث والتي تظهر لافتتها باللونين الأخضر والأحمر، وخلف بوابتها الحديدية، تقف «زينب ديابو» بحذاء عمل ثقيل وبذلة زرقاء ويدها متسختان بالزيت.

تقول «زينب ديابو» الفتاة البالغة من العمر 23 عامًا، وهي تفتح غطاء محرك سيارة بيجو لاختبار بطاريتها، «أحب العمل الذي أقوم به، ولن أدع القيود المجتمعية تحطم طموحي».

يهدف مركز صيانة السيارات التابع لمنظمة «نانا»، والذي يضم 25 متدربة شابة، إلى توفير وظائف للنساء في صناعة يهيمن عليها الرجال، وتحدي الأدوار التقليدية للجنسين في هذه المنطقة المحافظة وغير الآمنة من البلاد.

تقول فاطمة أدامو، مؤسسة منظمة «نانا» غير الربحية، إنها أطلقت هذه المبادرة لتمكين الفتيات والنساء من العمل، وفي عام 2019، افتتحت مركز الصيانة، وتضيف: «إنه ليس مجرد ورشة ميكانيكا نسائية عادية، نريد أن يكون وفق المعايير الدولية، حيث يمكن للمرأة على وجه التحديد الحصول على أفضل الخدمات، ولكي يحدث ذلك، يجب أن ندرب الفتيات جيدا، نريد أن نكون علميين».

تم اختيار المتدربين من بين عدد كبير من المتقدمين، من الخريجين العاطلين عن العمل إلى النساء من الأسر الفقيرة مع فرص قليلة في ولاية فيها أقل من 2٪ من الفتيات يكملن المرحلة الثانوية، ومعدل معرفة القراءة والكتابة للنساء 10٪ فقط مقارنة بـ 40٪ للرجال، كما أن حوالي 35 ٪ من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عامًا في جميع أنحاء نيجيريا عاطلون عن العمل.

على مدار عامين من التدريب المهني، يتم تدريب النساء ومنحهن بدلًا أسبوعيًا قدره 2100 نايرا (3.75 جنيهًا استرلينيًا)، ولديهم أيضًا إمكانية الوصول إلى جهاز كمبيوتر مشترك لتصفح موارد التعلم عبر الإنترنت.

تقول «أدامو» في حديثها لصحيفة «الجارديان» البريطانية: «إن المجموعة الأولى تقترب من نهاية تدريبها المهني، وبعد التدريب كميكانيكيين، نأمل أن يبقى بعضهم في الورشة للعمل أو إنشاء ورش كمجموعة، بما في ذلك بيع قطع غيار المركبات».

الخروج عن المألوف

تأمل أدامو في أن توفر خطط إنشاء مركز للسيارات في سوكوتو والتي تنظر فيها السلطات النيجيرية وظائف أخرى لميكانيكي «نانا»، تقول: «أريد أن تخرج نسائنا من الأعراف المجتمعية التي تربطهن، هناك العديد من الأنشطة المتعلقة بالتكنولوجيا التي تُستبعد منها النساء في هذا الجزء من البلاد، لا يمكننا أن ننجح في شمال نيجيريا بدون التكنولوجيا، ويجب أن تكون النساء جزءًا من تلك الرحلة، يجب الخروج عن المألوف».

تضيف: «إن الخطة حظيت بدعم القادة التقليديين والإسلاميين في الولاية، الذين بدأوا يدركون أن النساء بحاجة إلى الاستقلال الاقتصادي»، وفي إشارة إلى اقتناع العملاء بقدرة النساء على العمل، قالت إن «أبا لاوال» وهو أحد العملاء يحضر سيارته بانتظام إلى المركز ويقول إنهم يقومون بعمل أفضل من الأماكن الأخرى.

يقول «أبا لاوال»: «أتيت إلى مركز الصيانة لتشجيع الفتيات وأحب أيضًا الطريقة التي يعملن بها في صيانة السيارات كما يقمن بعملهن بدقة وسرعة دون تأخير».

من جانبها، تأمل «هنداتو دييابو»، مشرفة في مركز «نانا» لصيانة السيارات، في بناء قاعدة عملاء من السائقات، وقالت «البرنامج ناجحًا للغاية لدرجة أنه توجد بالفعل قائمة انتظار لنظام المتدربين الجديد الذي يبدأ هذا الشهر».

وتضيف «هنداتو دييابو»: «لدينا الآن العديد من النساء اللواتي يمتلكن سيارات مقارنة بالسبعينيات والثمانينيات، ولقد أجرينا تقييمًا وأدركنا أن النساء يجدن صعوبة في نقل سياراتهن إلى مراكز لإصلاحها لأنه مكان يسيطر عليه الرجال، إنهم لا يشعرون بالراحة».

كان والدا «زينب» قلقين في البداية عندما أخبرتهما أنها تريد أن تصبح ميكانيكية: «قال لها والديها إن هذا العمل شاق بالنسبة للإناث، لكنها قررت التقدم».

 تقول «زينب» وهي تعمل تحت غطاء محرك بيجو: «لا ينبغي أن يكون جنسي عائقا أمام ما أريد أن أصبح في الحياة، والآن والداي أكبر المصفقين لي، وفي مرحلة ما، كنت أرغب في ترك الدراسة، لكن أمي استمرت في تشجيعي، وفي السنوات القليلة المقبلة، ربما عامين أو ثلاثة، أريد أن أكون مستقلة ولدي مرآب خاص بي».