كتب – حسام عيد

آفاق أرحب جديدة تترقبها العلاقات الكينية الصينية في المرحلة المقبلة في مختلف القطاعات لتعزيز التنمية المستدامة والشاملة، مع إشادة كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي خلال زيارة إلى كينيا في 22 يوليو 2023، بشراكة اقتصادية “مربحة للجانبين”.

وقالت السفارة الصينية في كينيا في بيان أنّ كينيا والصين “أصبحتا صديقتين مقرّبتين مع ثقة متبادلة في المجال السياسي، وشريكتين جيدتين من خلال تعاون اقتصادي مربح للجانبين.

وتأتي جولة وانغ يي الأفريقية بينما تعزز بكين استثماراتها في  القارة السمراء وتعاونها مع دولها.

وبعد زيارته كينيا، من المقرر أن يتوجه وانغ يي إلى جنوب أفريقيا يومي 24 و25 يوليو 2023 لحضور قمة مجموعة دول “بريكس” التي تضم جنوب أفريقيا والبرازيل والصين والهند وروسيا.

الاقتصاد الكيني.. الأكثر نشاطاً في شرق أفريقيا

ويعتبر المجتمع الدولي أن كينيا التي تتمتع بالاقتصاد الأكثر نشاطاً في شرق أفريقيا، دولة ديمقراطية مستقرة في منطقة مضطربة.

وتعد الصين حالياً ثاني أكبر دائني كينيا بعد البنك الدولي؛ حيث تشكل القروض الصينية نسبة 67% من ديون كينيا، ووصل إجمالي ديونها إلى رقم تاريخي يبلغ 82 مليار دولار، أي نحو ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ومع تزايد أقساط ديونها، تقل الأموال المتبقية لأغراض أخرى، كالرعاية الصحية والأمن.

وما إن أمسك وليام روتو بمقاليد الحكم حتى كشف عن ثلاثة أجزاء من القرض الصيني، وكانت أعلى محكمة في كينيا قد قضت ببطلان هذا القرض بسبب إبرامه بدون إجراء مناقصة تنافسية. وتنص وثائق القرض على الالتزام بسرية الشروط المتفق عليها.

وطلبت حكومة كينيا من مقرضيها الصينيين تمديد فترة السداد 30 سنة أخرى لتسوية القرض الذي بلغ 5 مليارات دولار مع إضافة 1.4 مليار دولار لإنشاء مستودع الحاويات الداخلي في نايفاشا.

الذكرى الـ60 للعلاقات الكينية الصينية

التقى وانغ يي، مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ألفريد موتوا، سكرتير مجلس الوزراء للشؤون الخارجية والشتات في كينيا.

وخلال الاجتماع، أشاد وانغ بالنتائج المثمرة التي حققتها الصين وكينيا في التعاون الثنائي، وهو تعاون بارز في إطار التعاون بين الصين والدول الأفريقية.

وأوضح أن الصين بصفتها شريكة تعاونية استراتيجية شاملة لكينيا، فقد حافظت على سياسة مستقرة ومتسقة تجاه كينيا، مضيفا أن الصين تتمسك دائما بمبادئ المساواة والثقة المتبادلة في هذا الصدد.

وتابع قائلا إن الصين تدعم بقوة كينيا في حماية سيادتها الوطنية واستقلالها، وكذا في السعي نحو مسار التنمية المناسب لظروفها الوطنية.

وفي فرصة الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع كينيا، قال وانغ إن الصين مستعدة لمواصلة تعميق الصداقة التقليدية، وتدعيم التضافر بين استراتيجياتهما على جميع الجبهات، وتكثيف التعاون متبادل المنفعة في مختلف المجالات، مشيرا إلى أنه يتعين على الجانبين العمل مع بعضهما البعض لمواجهة التحديات من أجل تحقيق التنمية المشتركة، كما أوردت وكالة أنباء “شينخوا” الصينية.

وأكد وانغ أن الصين تدعم كينيا في لعب دور أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية، كما أنها على استعداد لتعزيز التنسيق والتعاون مع كينيا لحماية المصالح المشتركة للدول النامية.

ومن جانبه، قال موتوا إن الصداقة الكينية-الصينية ليست اختيارًا نفعيًا، ولكنها اختيار استراتيجي طويل الأجل سيحقق نتائج متبادلة المنفعة ومربحة للجميع.

وأوضح أن بلاده لن تنسى الدعم والمساعدة من الصين عندما كانت تواجه صعوبات وتحديات، وتعتزم تعميق التعاون مع الصين في التجارة والاستثمار والزراعة والرعاية الصحية والبنية التحتية وتغير المناخ من بين مجالات أخرى، لتعزيز مواصلة تنمية الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة الكينية-الصينية.

وتابع موتوا قائلا إن كينيا مستعدة للتكاتف مع الصين للحفاظ على السلام والأمن الإقليميين، وتعزيز التنسيق والتعاون في الشؤون متعددة الأطراف، وكذا البناء المشترك لعالم أفضل.

البنية التحتية.. محرك الشراكة بين كينيا والصين

من جهته، أكد الرئيس الكيني وليام روتو المنتخب في أغسطس 2022، رغبته في “تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين كينيا والصين التي تتمحور حول تطوير البنى التحتية” أو “تغيّر المناخ”.

وفي مومباسا على الساحل الكيني، تموّل الصين بناء منفذ جديد في أكبر ميناء في شرق أفريقيا. كما أقرضت الصين كينيا 5 مليارات دولار لإنجاز مشروع البنية التحتية الأعلى تكلفة في البلاد منذ استقلالها في العام 1963 وهو خط القطار الرابط منذ العام 2017 بين مدينة مومباسا الساحلية ومدينة نيفاشا في وادي “ريفت”، عبر العاصمة نيروبي. وأشاد بيان السفارة بهذا المشروع، معتبراً أنه “غيّر وجه كينيا تماماً”.

كانت الصين قد افتتحت منذ 6 أعوام خط سكة حديد مومباسا-نيروبي الذى يربط العاصمة الكينية نيروبي بأكبر ميناء في شرق أفريقيا ميناء مومباسا في كينيا، ويبلغ طوله 480 كيلومترا تقريبا. وأنشئ تحت إشراف شركة الطرق والجسور الصينية وفقا للمعايير الصينية، ويعد هذا الخط الأول الذي تم بناؤه منذ استقلال كينيا.

لكن غالباً ما تُتهم الصين باستخدام وضعها كدائن لانتزاع امتيازات دبلوماسية وتجارية، ويثير ذلك مخاوف بشأن قدرة دول أفريقية عديدة على سداد الديون المتعاقد عليها.

لقد أصبح خط سكة حديد مومباسا – نيروبي “ممرًا ذهبيًا” في كينيا. وتشير البيانات إلى أن الخط نقل 7.945 مليون مسافر و1.817 مليون حاوية و20.293 مليون طن من البضائع حتى الـ30 من يونيو 2022، كما أوردت شبكة التلفزيون الصيني “CGTN”. في الوقت الحاضر، يعمل الخط بقدرة 6 قطارات للركاب يوميا بمعدل إشغال متوسط يزيد عن 90%.

بصفته أكبر ميناء في شرق أفريقيا، يحتوي ميناء مومباسا المزدحم على 17 خطا للشحن الدولي ولديه معاملات تجارية مع حوالي 80 ميناء حول العالم. إن نيروبي المعروفة باسم “باريس شرق أفريقيا” هي المركز الاقتصادي لشرق القارة السمراء. فأصبح الخط التي يربط بين المدينتين، شريان الحياة لاقتصاد العديد من البلدان في شرق أفريقيا، وساهم في عملية الترابط والتكامل الإقليميين.

وفي السنوات الأخيرة، سعت كينيا إلى اتباع النموذج الصيني للتحول الرقمي الذي تقوده الدولة ودخلت في شراكة مع الشركات الصينية لتمويل وتوريد البنى التحتية، مثل الكابلات البحرية والسحابات وشبكات الجيل الخامس.

تعميق تعاون الحزام والطريق

وضمن فعاليات الزيارة، التقى الرئيس الكيني وليام روتو، وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وتعهد الجانبان بتعميق تعاون الحزام والطريق.

وطلب روتو من وانغ، وهو أيضا مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب، نقل تحياته القلبية إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وفي معرض إشارته إلى أن العلاقات الكينية-الصينية تتطور بسلاسة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 60 عاما، قال روتو إن تعزيز التعاون الودي مع الصين أصبح توافقا بين جميع القطاعات في البلاد.

وأعرب روتو عن إشادته الكبيرة بجهود الصين في العلاقات المتنامية مع كينيا على أساس مبدأ الاحترام المتبادل، وقال إن كينيا ملتزمة بشدة بتعميق الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة مع الصين، ومستعدة لتعميق التعاون في مجالات مثل السكك الحديد والطرق السريعة والحفاظ على المياه والطيران والطاقة المتجددة في إطار تعاون الحزام والطريق وإطار منتدى التعاون الصيني-الأفريقي، من أجل تعزيز الارتباطية والتكامل الإقليمي في أفريقيا وتحقيق نتائج مربحة للجانبين.

وقال الرئيس الكيني إن بلاده تدعم مبادرة التنمية العالمية التي اقترحتها الصين، وستشارك بنشاط فيها.

فيما قال وانغ يي إن الصين تتناول العلاقات مع كينيا من منظور استراتيجي، ومستعدة للعمل مع كينيا لأخذ الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية كنقطة انطلاق جديدة لمواءمة استراتيجياتهما للنهوض مع التركيز على التنمية والتعاون، ودفع شراكتهما التعاونية الاستراتيجية الشاملة إلى مستوى جديد في العصر الجديد.

وقال وانغ إنه ينبغي على الجانبين تعزيز التوجيه الاستراتيجي لرئيسي البلدين وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة وزيادة التبادلات بين الحكومتين والأحزاب السياسية في مختلف المجالات.

وأضاف أن الصين تدعم كينيا بقوة في حماية سيادتها واستقلالها وكرامتها الوطنية، ومكافحة الإرهاب، واتخاذ مسار تنمية يتماشى مع ظروفها الوطنية.

وأعرب وانغ عن استعداد الصين لتعزيز التعاون مع كينيا بنشاط في مجالات السكك الحديد والطرق السريعة والطيران والمعلومات وغيرها من المجالات، مع الدفع المشترك لتعاون الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية و”البرامج التسعة” لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي، من أجل مساعدة كينيا في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لديها.

كما أعرب عن استعداد الصين للعمل مع كينيا لممارسة التعددية، والحفاظ على الدور المركزي للأمم المتحدة في الشؤون الدولية والمصالح المشتركة للدول النامية، وتعزيز تنفيذ “رؤية السلام والتنمية في القرن الأفريقي”، وحماية السلام والتنمية على الصعيد الإقليمي.