أماني ربيع

سواء جئت للتسلق أو لمشاهدة هذا الجبل الاستوائي الرائع المغطى بالثلوج وسط الطبيعة الخلابة والمنطقة المحمية في منتزه كليمنجارو الوطني بتنزانيا الغنية بالحياة البرية، فالتواجد في محيط كلمينجارو من أمتع تجارب السفر في أفريقيا.

في قلب المنتزه يوجد جبل كليمنجارو، وهو أعلى جبل في أفريقيا وأحد أروع المعالم السياحية في القارة، يتكون من عدة أقماع مخروطية بركانية خاملة أعلاها قمة أوهورو وهي قمة مخروط كيبو التي يبلغ ارتفاعها 5896 مترًا فوق سطح البحر، وفي الغرب يوجد ثاني أعلى مخروط بالجبل وقمته ماونزي على ارتفاع 5149 مترًا.

ثلوج في أفريقيا!

في عام 1848، كان الألماني يوهانس ريبمان أول أوروبي يرى كليمنجارو، عندما أرسل تقارير عن وجود ثلوج تغطيه، ضحك الجميع وقال رئيس الجمعية الجغرافية الملكية: إن هذا شيء “لا يصدق أساسًا”. لكن ريبمان كان على حق، ولا يزال جبل كليمنجارو بالكاد، مغطى بالأنهار الجليدية، ويتوقع بعض العلماء اختفاء الغطاء الثلجي بأكمله بحلول عام 2030.

يتميز كليمنجارو بأنه جبل معتدل الطقس يمكن تسلقه في أي وقت تقريبًا من السنة، لكن تزداد صعوبة التسلق خلال فترة خلال الرياح الموسمية في تنزانيا، وكذلك في فترات هطول الأمطار، وعادة ما ترتفع نسبة الأمطار من مارس حتى يونيو، ومن أكتوبر حتى ديسمبر، وتكمن صعوبة التسلق خلال تلك الفترة في أن كميات الأمطار الكبيرة تحول مسارات التسلق إلى بحيرات من الطين، كما ستمنعك أيضًا من الاستمتاع بروعة المناظر لطبيعية، لذا فإن أفضل وقت للتسلق يكون خلال موسم الجفاف بين يونيو وأكتوبر وهي فترة مثالية للتسلق والاستمتاع بالسماء الصافية، ويحدث انقطاع آخر في المطر في الفترة من يناير إلى مارس، ويكون الطقس أكثر برودة، ما يوفر فرصة لمشاهدة الثلوج على قمة مخروط كيبو.

7 طرق لتسلق كليمنجارو

لا يوجد طريق واحد للوصول إلى قمة كليمنجارو مثل العديد من الجبال الشهيرة، بل هناك 7 طرق للتسلق، واختيار إحداها أحد أهم الأشياء التي يجب وضعها في الاعتبار قبل عملية تسلق كليمنجارو، ومعظم المتسلقين يسلكون أحد الطرق الرئيسية الـ3: طريق Machame، وطريق Marangu، وطريق Rongai.

أما المسار الأكثر شيوعًا فهو طريق Machame الذي يستغرق رحلة مدتها 7 أيام، وأصبح هذا المسار الأفضل لمنظمي الرحلات لأنه  يوفر توازنًا رائعًا بين المشاهدات والتأقلم مع الارتفاع، وخلال الرحلة تستطيع الالتفاف على حافة مخروط بركان كيبو والاستمتاع بالمناظر البانورامية الشاملة لسهول تنزانيا الشمالية تحته.

“إيفريمان إيفرست” ولكن..

لا يحتاج تسلق كليمنجارو إلى مهارات خاصة أو تدريب أو معدات مثل الحبال والفؤوس وغيرها، ويطلق على قمته لقب “إيفريمان إيفرست”، لأن أي شخص تقريبًا يمكنه مواجهة التحدي حتى المبتدئين، لكن لابد من ممارسة بعض التمارين الرياضية للتعود على النشاط البدني الذي تحتاجه عملية التسلق فالرحلة شاقة وطويلة، أما العقبة الأساسية فيها تكمن في الارتفاع.

يمثل جبل كليمنجارو تحديًا فريدًا من حيث ارتفاعه بسرعة كبيرة جدًّا، ففي يوم ستكون على الأراضي العشبية المعتدلة في شمال تنزانيا على ارتفاع 609 أمتار، وفي اليوم التالي ستصعد التلال إلى معسكر شيرا الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 3810 أمتار، وهو فرق كبير في الارتفاعات يتسبب في آثار جانبية تصبح قاتلة في بعض الأحيان، لذا يوفر مسار Machame فرصة جيدة للمتسلقين للتأقلم مع الارتفاع لأنه يسمح بـ3 ليال من التخييم على نفس المستوى تقريبًا قبل الوصول إلى القمة، والمتسلقون المتمرسون يدركون أنه من الأفضل عدم التسرع في الصعود.

داء المرتفعات

يصاب نحو 77% من متسلقي كليمنجارو بداء المرتفعات، والمعروف أيضًا باسم مرض الجبال الحاد (AMS)، وهو التأثير المرضي لتسلق المرتفعات العالية وتتراوح أثاره بين ضيق التنفس والغثيان والصداع وفقدان الشهية وتصبح بعض الحالات أحيانًا قاتلة.

لا يمكن تسلق كليمنجارو في يوم واحد، ويوصي الاتحاد الدولي لتسلق الجبال (UIAA) بأن يخصص جميع المتنزهين مدة 7 أيام على الأقل لتسلق جبل كليمنجارو، يتضمن ذلك 5 أيام من المشي قبل الاتجاه إلى القمة، يُعتقد أن معدل نجاح تسلق جبل كليمنجارو يبلغ نحو 65٪.

من الصحراء إلى الأنهار الجليدية

خلال الرحلة ستواجه حرارة الطقس وستتعرض لبرودته أيضًا ويمكن أن تصبح مبتلًا بفعل الأمطار، لذا على حقيبتك أن تكون مجهزة بملابس صوفية وملابس صيفية وقبعة للوقاية من الشمس وأغطية رأس صوفية ومعطف واقي من المطر وجاكيت، بالإضافة إلى حقيبة نوك جيدة ومصباح وأقراص لتنقية المياه، وقبل الرحلة عليك استشارة طبيب لمساعدته في مواجهة آثار داء المرتفعات.

طبيعة الجبل متنوعة من الغابات المطيرة والصحاري المرتفعة وصولًا إلى الأنهار الجليدية، يتضمن اليوم الأول من الرحلة مسيرة طويلة في منطقة الغابات المطيرة والتي تتمتع بمناخ شبه استوائي رطب، ثم تصبح الأجواء باردة بسرعة كبيرة وفي منطقة مورلاند تنخفض الحرارة إلى  -17 درجة مئوية في الليل، ثم تأتي مناطق صحراوية حارة، أما أبرد جزء من الجبل فهو القمة، حيث ينتشر الجليد وتتراوح الحرارة بين  -5 إلى -10 درجات مئوية.

الوصول إلى القمة

بعد رحلة شاقة استمرت نحو 7 أيام على الأقل، سوف تبزغ بغتة أمامك أشعة الشمس عبر الغيوم التي ترتمي تحت أقدامك هذا يعني أنك وصلت إلى القمة الأعلى في أفريقيا، سيتغلب الشعور بالنشوى في هذه اللحظة على إحساسك بالتعب.

الرحلة إلى قمة كليمنجارو ليست مجرد رحلة تسلق بل هي مغامرة مثيرة سواء وصلت إلى قمة أهورو أم لا، وهي فرصة للتعرف على الحياة البرية في أجمل صورها ففي المراحل الأولى في الغابات المطيرة ستقابلك قرود كولوبوس الزرقاء والزرافات ووحيد القرن والفهود والجاموس، وكلما صعدت إلى الأعلى ستندهش من جمال وتنوع النباتات من زهور الزنبق إلى نباتات اللوبيليا الضخمة، وعند الوصول إلى الجزء الأكثر برودة ستشاهد نهر ريبمان الجليدي والأقماع المخروطية الرئيسية للبركان التي تجعل الطبيعة هناك أشبه بسطح القمر.