كتب – حسام عيد

يعد توافر البيانات أمرًا حيويًّا للاقتصاد الرقمي الحديث لتسهيل الوصول إلى الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم والتجارة الإلكترونية والمعاملات المالية. وإدراكًا لأهمية تدفق البيانات عبر الحدود، فقد دعم مركز المنتدى الاقتصادي العالمي للصورة الصناعية الرابعة (C4IR) حكومة رواندا في تطوير قانون البيانات الخاص بها لوضع البلد في طليعة معايير تشريعات البيانات الدولية.

وقد عمل المركز في رواندا مع وزارة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات والابتكار لتعزيز تبني التقنيات الجديدة وتقليل مخاطرها في البلاد. وعلى أرض الواقع، أسهم هذا التعاون في دفع الابتكار بالمقام الأول في سياسة البيانات والذكاء الاصطناعي.

وفي أكتوبر 2021، أصدر مجلس النواب الرواندي رسميًّا تشريعات بشأن حماية البيانات الشخصية والخصوصية والتي بدورها ستعمل على تمكين تدفقات موثوقة وآمنة للبيانات، محليًا ودوليًا، وتعظيم الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للتقنيات المعتمدة على البيانات مثل الذكاء الاصطناعي في البلد.

وبناءً على هذا الأساس الجديد لليقين التنظيمي للبيانات، تعمل رواندا على تطوير جدول أعمال وطني لسياسة الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرة الابتكار في أفريقيا ومواصلة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتسم بالأخلاق والشمول بالتصميم. في هذا السياق، قامت الدولة بتسخير أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية لمواطنيها من خلال مشروع جديد يدمج إطار عمل “إعادة تشغيل روبوتات الدردشة” الذي طوره المنتدى الاقتصادي العالمي. عالج هذا البرنامج التجريبي، بقيادة شركة الرعاية الصحية العالمية “بابيلون Babylon”، أكثر من 4000 استشارة يومية بفضل نظام الفرز بالذكاء الاصطناعي الذي استخدم إطار العمل.

ما التحدي؟

يعد تدفق البيانات عبر الحدود أمرًا أساسيًّا للبلدان والمناطق التي ترغب في تسخير البيانات اللازمة للمنافسة في الثورة الصناعية الرابعة. على الرغم من هذا الواقع، كان هناك انتشار للسياسات حول العالم التي تقيد حركة البيانات عبر الحدود، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد الرقمي العالمي والطريقة التي يمكن بها للدول تعظيم الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للتقنيات المعتمدة على البيانات مثل الذكاء الاصطناعي.

لتحقيق إمكانات مثل هذه التقنيات كثيفة البيانات، يجب مشاركة البيانات الحساسة بسلاسة وأمان عبر الحدود.

ومثل العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، كانت رواندا تكافح من أجل الحصول على الرعاية الصحية والقدرة على تحمل تكاليفها بينما تواجه مستويات متزايدة من الأمراض المزمنة والنقص الحاد في القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية. وقد أدى عدم وجود تشريع بشأن حماية البيانات إلى إعاقة البلاد من الاستفادة القصوى من التقنيات الجديدة لمعالجة ندرة موارد الرعاية الصحية.

اعتماد نهج الرقمنة

لقد دخل قانون حماية البيانات الشخصية والخصوصية الجديد في رواندا حيز التنفيذ بعد عملية شاملة لأصحاب المصلحة المتعددين بدأتها هيئة مجتمع المعلومات في رواندا ومركز المنتدى الاقتصادي العالمي للثورة الصناعية الرابعة.

من خلال شبكة المركز، كان من الممكن دعوة مجموعة من الخبراء الدوليين ذوي الخبرة لدعم رواندا لاستكشاف أفضل تشريعات البيانات في فئتها. كانت حكومة البحرين شريكًا رئيسيًّا في هذه العملية وشاركت تجربتها الخاصة في تطوير تشريعات ذات تفكير استشرافي مماثل. وسيسمح قانون البيانات الجديد بدمج أفضل للتقنيات المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي، في نظام الرعاية الصحية الحالي في رواندا.

في عام 2020، قادت منصة سياسات البيانات التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي مجتمعًا عالميًا من الخبراء بالتعاون الوثيق مع مجلس التنمية الاقتصادية البحريني، لتطوير خارطة طريق لتدفقات البيانات عبر الحدود. وتكشف خارطة الطريق عن أذرع الرقمنة ذات المستوى العالمي وأفضل الممارسات للحكومات من جميع الأحجام وتسعى إلى تقليل الحواجز أمام تدفقات البيانات الدولية، والتي تعد أساسية لتطوير تقنيات جديدة.

من بين التوصيات، حاجة البلدان إلى تطوير قوانين حماية البيانات الأساسية لتوفير إطار قانوني للمشاركة القانونية للبيانات الشخصية.

الذكاء الاصطناعي للرعاية الصحية

مع وجود أساس قوي في قانون حماية البيانات الشخصية والخصوصية الجديد في رواندا، يمكن أن تصبح إمكانيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية حقيقة واقعة.

في عام 2020، أنشأ المنتدى الاقتصادي العالمي، من خلال العمل مع مجتمع عالمي بقيادة ” ميتسوبيشي كيميكال”، إطار عمل حوكمة لتسهيل الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية. يقدم إطار العمل، الذكاء الاصطناعي للتحكم في الاستخدام المسؤول لروبوتات المحادثة في الرعاية الصحية. كما أنه يحتوي على الإجراءات التي يمكن أن يتخذها مطورو التكنولوجيا ومقدمو الخدمات الطبية والجهات التنظيمية الحكومية لتنفيذ المبادئ.

بدعم من منصة المنتدى للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، مركز الثورة الصناعية الرابعة في رواندا وشركة بابيلون للرعاية الصحية عن كثب لتحديد مبادئ إطار العمل وتنفيذها.

تسمح شركة بابيلون للروانديين بالتشاور مع طبيب أو ممرضة عبر أي جهاز محمول من أي مكان في البلاد، مما يتيح حوالي 4 آلاف استشارة مع المرضى يوميًا. كان دمج أداة الفرز التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في هذه الخدمة هو الخطوة التالية في رقمنة نظام الرعاية الصحية الوطني. ويتم استخدام الأداة من قبل ممرضات “بابيلون” للعمل بكفاءة أكبر واتخاذ قرارات أفضل وأسرع لمرضاهم. ويساعدهن الذكاء الاصطناعي في طرح الأسئلة الصحيحة على المرضى، وجمع المعلومات الضرورية حول أعراضهم، وتوفر التكنولوجيا رؤى للمساعدة في اختيار مسار الفرز الصحيح.

في حالة الحاجة إلى موعد للمتابعة، يتم إرسال معلومات المريض التي تم جمعها في مكالمة الفرز إلى الطبيب، مما يوفر الوقت لكل من الطبيب والمريض. وتم توطين الأداة بالكامل لرواندا وتراعي اللغة المحلية وعلم الأوبئة والثقافة ومسارات النظام الصحي.

كيفية الدمج والتضمين

تعمل العديد من البلدان بالفعل مع شبكة مركز المنتدى الاقتصادي العالمي للثورة الصناعية الرابعة “C4IR” لتحسين بياناتها وأطرها القانونية والسياساتية للذكاء الاصطناعي.

اليوم، يبحث المنتدى الاقتصادي العالمي عن قادة ومبتكرين أصحاب رؤية يرغبون في الانضمام إلى مركز الثورة الصناعية الرابعة في مهمته لتوجيه التطور التكنولوجي لصالح البشرية.

من خلال الانضمام إلى شبكة مركز المنتدى الاقتصادي العالمي للثورة الصناعية الرابعة، يمكن للشركات والحكومات:

– المشاركة في تصميم السياسات وبروتوكولات الحوكمة التي تعمل على تسريع الفوائد المجتمعية لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتخفيف العواقب السلبية.

– زيادة فهم التقنيات الجديدة وتنفيذها بشكل أسرع.

– الظهور كقادة عالميين ملتزمين باستخدام التقنيات الجديدة لإفادة المجتمع.

– التواصل الدائم مع مبتكري التكنولوجيا المتطورة.