كتبت – أسماء حمدي
تحظى القارة السمراء بكنز بيئي غني بأندر أنواع الطيور، إذ تمتلك أكثر من 2000 نوع بعضهم مهدد بلإنقراض، بسبب تغير المناخ وأنماط الطقس، وسط وشرق القارة، والذي أدى إلى استنفاد أنظمة المياه الطبيعية وتسببت في جفاف مدمر.
وتمتلك أوغندا الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، وحدها أكثر من 1000 نوع من الطيور، وتحديدا في منطقة جينيجيا المجاورة لبحيرة فيكتوريا حيث يقطنها الطيور المتنوعة والأكثر ندرة على مستوى العالم، والتي وصفت من قبل خبراء البيئة بأنها فردوس حقيقي.
جنة هواة الطيور
تصف الشركات السياحية أوغندا بأنها جنة هواة الطيور، إذ يوجد بها حوالي 50% من أنواع الطيور في القارة، و11% من أنواع الطيور في العالم.
وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، أن مراقبي الطيور في البلاد لديهم هدف طموح يتمثل في تحقيق إيرادات سياحية سنوية بقيمة 700 مليون دولار بحلول عام 2030، وفي عام 2019، أنتجت السياحة في أوغندا حوالي 1.37 مليار دولار، أي حوالي 3.6٪ من إجمالي الناتج المحلي.
ولحماية الطيور، تخطت مجموعة مكونة من 80 أنثى الحدود، وخططن للعمل في نادي الطيور النسائي، في تحدي لقيود المجتمع حول عمل المرأة ليعانقن أحلامهن ويحلقن بها في اتجاه السماء.
تقول رئيسة نادي طيور الطيور الأوغندي، جوديث ميريمبي: “هناك عدد قليل جدًا من مراقبي الطيور في البلاد، وغالبا ما يسيطر عليها الرجال، ونحن هنا لكسر هيمنة الذكور في هذا مجال”، مشيرة إلى أن صناعة السياحة بشكل عام لم تقدر بعد المرأة بشكل كامل.


موطن مثالي
في صباح أحد الأيام على ضفاف بحيرة فيكتوريا، تقف عدد كبير من السيارات والدراجات النارية القادمة من عنتيبي والمحملة بمعدات الصيد، وبجوارها تقف الحافلات الصغيرة التي يطلق عليها (ماتاتوس) والمليئة بالنساء اللاتي يحملن أكياسهن البنية الكبيرة الممتلئة بالوجبات الخفيفة، ثم يترجلن للسير في شريط رفيع من العشب يفصل البحيرة عن الأسفلت.
وتنقل سيارات الأجرة والدراجات النارية والتي يطلق عليها (بودا بودا) مراقبات الطيور المتحمسات، إلى المنطقة حيث تشكل الأشجار والنباتات التي يبلغ عمرها قرنا من الزمان موطنا مثاليا لبعض أنواع الطيور الأوغندية البالغ عددها 1100 نوع.
تتبع أكثر من 20 امرأة ميريمبي في صمت، على أمل العثور على حياة (طائر في قائمة أمنياتهن)، تقول ليندا نكاليما، إحدى أعضاء النادي البالغ عددهم 80 عضوًا: “لكل شخص حياة مختلفة، إننا نرى طائر الوقواق أحمر الصدر طوال الوقت في أوغندا، لكن الناس في جنوب إفريقيا يشعرون بسعادة غامرة عندما يرونه لأنه يهاجر إلى هناك موسميًا فقط، إنها حياتهم، وهناك آخرين يحلمون برؤية طائر اللقلق الذي نراه وهو ينقب في قمامتنا كل يوم، ويبدو أنيقا للغاية عندما يطير.”
مصدر إلهام
تعتقد ميريمبي أن مراقبات الطيور يحق لهن الحصول على حصة من أرباح السياحة، وفي المؤتمر الدولي لنساء الطيور الذي استضافه النادي في أوغندا في وقت سابق من ديسمبر الماضي، التقت المتحمسات من جميع أنحاء العالم لمناقشة التحديات الفريدة التي يواجهنها ومناقشة كيف يمكنهم معا جلب المزيد من الأموال للنساء في هذا القطاع.
تقول رئيسة النادي: “حماية ومراقبة الطيور باهظة الثمن، والعديد من النساء الأوغنديات يكافحن من أجل تغطية التكاليف مثل شراء المناظير والتلسكوبات والكاميرات لتسجيل ومشاركة لقطات ومشاهد الطيور التي يرونها مع أشخاص آخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي”، مشيرة إلى أن العادات الثقافية في البلاد لا تشجع النساء للعمل في هذا المجال خاصة وهو عمل احتكره الرجال.
وتضيف: “اسمح لهم بالذهاب في جولات مراقبة الطيور لمدة أسبوع، هذا هو واقعنا، وحتى شركات السياحة لا تأخذ النساء على محمل الجد، ونحن نعلم أنه يتعين علينا أن نعمل بجهد مضاعف أكثر من الرجال للحصول على نفس الاحترام”.
تحكي ميريمبي: “كان الناس يرون النساء بمنظار، ويتهمونهن بمحاولة سرقة الأرض ويضربوهن، وقد يكون آخرون معاديين للنساء لأنهن يرتدين السراويل، وهو أمر من المحرمات في بعض الثقافات الأوغندية، ويعتبرون أن قيام منظمي الرحلات السياحية بإرسال النساء إلى الميدان مع السائقين أمر خاطئ خوفا من التحرش بهن”.
تقول مرشدة طيور وتعمل أيضا كمرشدة لرحلات السفاري، بريسيلا أبولوت: “إننا ننظر إلى الأشخاص مثل جوديث، الذين بدأوا قبلنا ونجحوا على الرغم من التحديات، كمصدر إلهام”.


مهنة بدوام كامل
بالنسبة لبعض النساء، مثل إديث ناميريمبي، التي تتمثل وظيفتها اليومية في إنقاذ الثعابين والزواحف الأخرى، تعتبر مراقبة الطيور هواية، وتخطط هي ونساء آخرون لتحويلها من هواية إلى مهنة بدوام كامل.
تضيف أبولوت: “يأتي الناس في الغالب إلى أوغندا لمشاهدة الحيوانات الكبيرة مثل الغوريلا الجبلية المهددة بالانقراض، والأسود المتسلقة للأشجار، والزرافات، والفيلة، لكن الطبيعة لا يمكن التنبؤ بها، وقد تفشل في رؤية هذه الأشياء في بعض الأيام، وقد لا تجد فيلا، ولكن الطيور دائما هناك، هم في كل مكان في أوغندا، وعندما تعرف طيورك، سيغادر عملاؤك دائما سعداء”.
تراقب ميريميبي المتحمسين الصغار بكل فخر وهي تخبرهم كيف كانت أوغندا أول دولة في إفريقيا تنشئ ناديا لمراقبي الطيور، وكيف توجد الآن جمعيات مماثلة في رواندا وكينيا.
“يجب ألا ندع الخوف يمنعنا من الفرص، نحن بحاجة إلى مواصلة العمل رغم كل الصعاب”، هكذا كانت كلمات ميريمبي، وهي تودع النساء العائدات إلى عنتيبي بعد نهار طويل من العمل.