كتب – حسام عيد

قد يعكس تباطؤ التضخم في زيمبابوي في فبراير الماضي؛ تأثير قيود جائحة “كوفيد-19” المفروضة في يناير بدلًا من الاتجاه النزولي الحقيقي. لكن احتمالات الحصاد الجيد وتحسين الثقة من قادة الأعمال تشير إلى التخفيف في المستقبل.

وقد بلغ الرقم السنوي الإجمالي لشهر فبراير 322%، متراجعًا بمقدار 41 نقطة من 363% في يناير. فيما انخفض تضخم أسعار الغذاء الشهري إلى 4% في فبراير مقابل 8% في يناير، بعد أن وصل إلى ذروته عند 38% في عام 2020.

ودخلت زيمبابوي إغلاقًا من المستوى الرابع في 6 يناير الماضي، واستمر حتى منتصف فبراير قبل تخفيف القيود. ويتوقع البنك المركزي أن ينخفض ​​معدل التضخم السنوي الإجمالي إلى أقل من 10% في نهاية عام 2021.

خامس أعلى معدل تضخم في العالم

لكن معدل التضخم السنوي في زيمبابوي لا يزال خامس أعلى معدل في العالم، كما يقول ستيف هانكي، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة والخبير في التضخم المفرط. وفقًا لمقياسه، لا يزال التضخم مستشريًا عند 202% سنويًا، مع خسارة الدولار RTGS -العملة الرسمية- 80% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ يناير 2020.

وكان البنك الاحتياطي “المركزي” في زيمبابوي ألغى في 24 يونيو 2019 نظام العملات المُتعدِّدة واستبدله بدولار زيمبابوي جديد على أساس الدولار RTGS، واستمر العمل بذلك النظام إلى مارس 2020، وبعد ذلك تم السماح بالعملات الأجنبية مرة أخرى.

ويُظهر بحث البروفيسور الاقتصادي “هانكي” أنه اعتبارًا من عام 2017، كانت هناك 58 حالة تضخم مفرط في التاريخ. ستة منهم فقط جاءوا من أفريقيا: أنجولا في عام 1994، وجمهورية الكونغو الديمقراطية ثلاث مرات في 1991 و 1993 و 1998، وزيمبابوي مرتين في عامي 2008 و2017.

ويقول ستيف هانكي؛ إن التضخم المفرط “نادر جدًا، ومن المستحيل فعليًا التنبؤ بالتوقيت الدقيق لحدوث أمر شبيه بذلك”.

ويضيف مؤكدًا: “ومع ذلك، تظل زيمبابوي عرضة لاحتمال حدوث حلقة أخرى من التضخم المفرط”.

ويُعرّف هانكي التضخم المفرط بأنه معدل شهري يتجاوز 50% لمدة 30 يومًا متتاليًا على الأقل.

ويوضح أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية؛ أن معدل النمو الاقتصادي المتوقع في زيمبابوي لعام 2021 والبالغ 7.4% والذي قدمه وزير المالية “مثولي نكوبي” غير واقعي. فالحكومة تلعب بـ”الدخان والمرايا” أو ما يعرف “الأوهام السحربة” عندما يتعلق الأمر بآفاق الاقتصاد، فهي سياسات تظل قاتمة وسلبية؛ بحسب ستيف هانكي.

آفاق المحاصيل

أبدى قادة الأعمال، مثل رئيس “أولد ماتيوال Old Mutual” في زيمبابوي، مؤخرًا؛ ملاحظة أكثر تفاؤلًا، وقد توفر احتمالية حصاد محصول جيد من الحبوب ابتداءً من أبريل بعض الراحة.

وتعد “أولد ماتيوال”؛ مجموعة استثمارات ومدخرات وتأمين ومصارف أفريقية، مدرجة في بورصات جوهانسبرج وزيمبابوي وناميبيا وبوتسوانا للأوراق المالية.

ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، من المتوقع حدوث انتعاش في الإنتاج.

وتقول “فارو”؛ من المرجح أن تساعد الإمدادات المحلية المحسنة في تخفيف الضغط على أسعار المواد الغذائية في الأشهر اللاحقة.

لكن يتمثل أحد المخاطر في أن المساومة على الأجور وسط انعدام الأمن الاقتصادي ستُخرج التضخم عن السيطرة. الإضرابات في الخدمة المدنية، وخاصة من قبل المعلمين، دفعت بالفعل الحكومة إلى رفع الأجور بنسبة 41%.

ويقول جي فان دير ليند، المحلل في “إن كي سي أفريكان إيكونوميكس” لتحليل المخاطر ومقرها جنوب أفريقيا؛ لا تزال إحصاءات التضخم لشهر فبراير تعكس النقص الواسع في السلع الأساسية.

ويتوقع “ليند” أن يحدث “ارتفاعًا في ضغوط أسعار المستهلكين في مارس، بما يتوافق مع ارتفاع الطلب بفضل التخفيف من القيود المفروضة على الحركة”.

ويضيف؛ “لا يزال المعروض من الذرة عند مستويات منخفضة للغاية، بينما من المرجح أيضًا أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط الدولية إلى تسارع زيادة أسعار الوقود”.

وتوقعت وزارة المالية أن يبلغ معدل التضخم الإجمالي في زيمبابوي 134% هذا العام، لكن مؤسسة تحليل المخاطر “إن كي سي NKC” تتوقع تضخمًا بمعدل 170%.

بالنسبة لأستاذ الاقتصاد التطبيقي ستيف هانك، الحل الوحيد هو أن تتبنى زيمبابوي الدولار. وقد تم القيام بذلك في عام 2009 وأدى إلى فترة من التضخم المنخفض. على زيمبابوي أن تُنحي سياسات بنك الاحتياطي “المتخبطة” جانبًا، وأن تدولر الاقتصاد رسميًا.

وختامًا، يمكن القول؛ إن زيمبابوي تحتاج إلى إرسال إشارات موثوقة تفيد بقدرتها على تجنب مخاطر جولة أخرى من التضخم المفرط.