أماني ربيع
يمثل عام 1885 بداية التدافع إلى أفريقيا، وبينما بدأ التوسع الاستعماري الأوروبي في أفريقيا قبل هذا التاريخ، تعد تلك الفترة هي التي سيطرت خلالها القوى الأوروبية بسرعة على أجزاء واسعة من القارة، وفي ذلك العام، اجتمعت القوى الكبرى في مؤتمر برلين واتفقت على قواعد معينة تحترم الطموحات الإمبريالية لبعضها البعض.
كان لدى القوى الأوروبية دوافع كثيرة لاستعمار أفريقيا، علنًا، برروا سيطرتهم على القارة السمراء بأنه من أجل الإنسانية والعمل الخيري ونشر المسيحية، لكن تلك المبررات الواهية لم تكن السبب الرئيسي وراء استعمار أوروبا لأفريقيا، وكانت الدوافع الحقيقية لهذا التدافع أنانية؛ حيث أرادت الحكومات الإمبراطورية الأوروبية استغلال موارد أفريقيا لتحقيق مكاسبها الخاصة، والسيطرة على أراضٍ جديدة للتنافس بشكل أفضل ضد منافسيها.
استعمار أنهته المقاومة
كان عصر الحكم الاستعماري الأوروبي في أفريقيا قصيرًا نسبيًا، فمعظم المستعمرات التي تم احتلالها أو ضمها بعد عام 1885 أصبحت مستقلة بعد أقل من ثمانين عامًا، وخلال تلك الفترة حدث اضطراب هائل في المجتمعات الأفريقية، بسبب اختلاف طبيعة الحكم الاستعماري بشكل كبير عن الأنظمة السياسية التقليدية التي طورها الأفارقة خلال تاريخهم الطويل قبل الاستعمار.
ونظر معظم الأفارقة لهذه الأنظمة على أنها فرض لوسائل حكم غير مألوفة وغير مرغوب فيها وبدأ استياء الأجيال اللاحقة يظهر في صورة تنظيمات وحركات لجأت للمقاومة السلمية والمسلحة مطالبة بالاستقلال في نهاية المطاف.
استقلت معظم الدول الأفريقية خلال عقد الستينيات في القرن العشرين، الذي سُمي بعقد التحرر؛ حيث سعت كل المستعمرات الأوروبية حول العالم للتخلص من قيد الاستعمار، لكن قبل الرحيل تركت أوروبا شوكة في خاصرة منطقة الشرق الأوسط، هي إسرائيل دولة الاحتلال التي لم يكن لها وجود على خارطة العالم قبل 1948، لتمزق عن طريقها دولة تاريخية هي فلسطين.
أوروبا وإسرائيل وجهان لنفس العملة
خلال الاستعمار الأوروبي لأفريقيا، ساد اعتقاد راسخ لدى الأوروبيين بأنهم متفوقون بطبيعتهم على الشعوب الأفريقية، وفي تلك الفترة، أيد العديد من القادة الأوروبيين العنصرية البيولوجية؛ ورأوا أن شعوب أفريقيا لا تستطيع ولا ينبغي لها أن تحكم نفسها، وهو أمر لا يختلف كثيرًا عن نظرة اليهود لأنفسهم باعتبارهم “شعب الله المختار” الذي له الحق في أرض فلسطين على حساب سكانها الأصليين أصحاب الأرض تاريخيا.
وهكذا، يتشابه ماضي الدول الأفريقية مع واقع ما يحدث في فلسطين منذ 75 عامًا، فأوروبا التي استعمرت أفريقيا لنهب خيراتها، كانت وراء نشأة كيان الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين أيضًا بوضع اليد، فقد أرادت التخلص من صداع اليهود في دولها وإرسالهم بعيدا حتى لو على حساب شعب أصيل ودولة تاريخية.
أوروبا تتخلص من اليهود
تزايد الاضطهاد الأوروبي لليهود خلال نهايات القرن 19، وخلال تلك الفترة بدأت أوروبا في إقناع اليهود بأنهم بحاجة إلى وطنهم الخاص، وبدا وطن أجدادهم، كما يتوهمون وكأنه المكان المناسب لتأسيسه، وفي الثاني من نوفمبر عام 2017، بدأت بريطانيا الخطوة الفعلية الأولى للغرب من أجل إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ حيث صدر وعد بلفور، وزير الخارجية البريطاني وقتها، الذي أعطى اليهود الحق في تأسيس وطن قومي لهم ليكون مقدمة للنكبة الفلسطينية.
وبين عامي 1896 و1948، أعيد توطين مئات الآلاف من اليهود من أوروبا في فلسطين التي كانت تحت السيطرة البريطانية، وفي عام 1947 صوتت الأمم المتحدة على تقسيم البلاد إلى دولتين، وذهب جميع اليهود البالغ عددهم 650 ألفًا تقريبًا إلى ليستوطنوا فلسطين بعدما قبلوا الصفقة التي قد قاومها الفلسطينيون، ورأت الدول العربية أن تدفق اليهود هو حركة استعمارية أوروبية، وفي وقت لاحق، أعلنت مصر، والأردن، والعراق، وسوريا، الحرب على إسرائيل أيضًا.
هزمت قوات الاحتلال القوات الفلسطينية والجيوش العربية في حرب شرسة، أدت لتحويل 700 ألف مدني فلسطيني إلى لاجئين، وبينما أعطت الأمم المتحدة 56% من فلسطين البريطانية للدولة اليهودية عند التقسيم، بحلول نهاية الحرب، كانت إسرائيل تمتلك 77% من الأراضي.
وهكذا تعيش فلسطين لعقود، تحت نير استعمار يشابه في دوافعه نفس دوافع الاستعمار الأوروبي لأفريقيا، وخلال عقود لم يتوانَ الفلسطينيون في النضال من أجل التحرر واستعادة بلادهم في ظل صمت المجتمع الدولي وتغطية مضللة من الإعلام العالمي.
سياسات الاستعمار الوحشية
لا تختلف طبيعة سياسات الاحتلال الإسرائيلي بأي حال عن سياسات أوروبا الاستعمارية في أفريقيا والتي دأبت على ردع أي محاولة للمقاومة بالمذابح الدامية، فإذا ارتكبت جماعتا أرجون وشتيرن عام 1948 مجزرة راح ضحيتها 250 شهيدًا معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن في قرية دير ياسين غرب القدس، فقد قامت فرنسا بقتل ما يقرب من 45 ألف شخص بالجزائر في مايو عام 1945، خلال قمع لتظاهرات خرجت للمطالبة استقلال الجزائر.
رفع المتظاهرون علم بلادهم وهتفوا “تحيا الجزائر المستقلة”، تمامًا كما كان يفعل الفلسطينيون في التظاهرات والانتفاضات الرافضة للاستعمار، ومثل إسرائيل فتحت الجزائر النار على المتظاهرين مع توسع الاحتجاجات إلى باقي مدن البلاد، وتم تنفيذ أحكام الإعدام بلا رحمة لمجرد الاشتباه.
وحتى موجات القصف الإسرائيلي على قطاع غزة التي ينتفض العالم احتجاجًا عليها اليوم، لا تختلف عن قصف القوات الفرنسية لقرى بأكملها تضم من 5 إلى عشرة آلاف نسمة، وتدميرها للاشتباه في اختباء أفراد من المقاومة داخلها، وفي غضون 15 يومًا وصل عدد موجات القصف إلى 20 دُمرت على إثرها 44 قرية، بينما أزيلت قرى أخرى من على الخارطة بالكامل.
انتفاضة ماو ماو
قصة أخرى تفضح وحشية الاستعمار الأوروبي في أفريقيا المشابهة لما يحدث في فلسطين، هي انتفاضة ماو ماو التي كانت خطوة نحو تحرر كينيا من الاحتلال البريطاني، وبدأت في عام 1952 عندما لجأ مقاتلو ماو ماو للاحتجاج على التهميش ونهب الاحتلال لأراضيهم بمهاجمة مزارع المستوطنين البيض، لتعلن بريطانيا حالة الطوارئ في البلاد ويستمر القتال حتى عام 1960.
رسميًّا كان عدد القتلى من الماو ماو والمحتجين الآخرين 11 ألف قتيل، مقابل قتل 32 مستوطنًا أبيض خلال سنوات الطوارئ الثمانية، بينما ذكرت لجنة حقوق الإنسان الكينية أنه تم تنفيذ أحكام بالإعدام والتعذيب والتشويه في حق ما يقرب من 90 ألف كيني، بينما كان السجن مصير 160 ألف آخرين اعتُقلوا في ظروف غير آدمية.
أبارتايد فلسطين
صورة أخرى من أوجه التشابه بين سياسات الاستعمار في أفريقيا ونظيرتها في فلسطين، أنه ومنذ 21 عامًا، تعيش فلسطين أجواء مشابهة لما عانته جنوب أفريقيا لعقود من وحشية نظام الأبارتايد الذي بدأ في نفس عام النكبة الفلسطينية سنة 1948، وانتهى رسميًّا عام 1991، لكن هذه المرة بنت دولة الاحتلال الإسرائيلي جدارًا كبيرًا وحقيقيًا في عام 2002، وزعمت أنها شيدته لدوافع أمنية لكن هذا الجدار العنصري العازل يحيط بالضفة الغربية ويتغلغل في أراضيها، بحيث يضمّ معظم المستوطنات الإسرائيلية والمستوطنين المقيمين فيها على الجانب الإسرائيلي منه.
ليس هذا فحسب، بل ويسهم في الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية بما يضمن لدولة الاحتلال توسيع تلك المستوطنات في المستقبل، وهكذا يعمل الجدار على عزل الفلسطينيين عن أراضيهم ومصدر أرزاقهم ويمنعهم من الوصول إلى المؤسسات التعليمية ومراكز الرعاية الاجتماعية ويعيق مسار حياتهم اليومية بفضل التعسف والروتين على بوابات الجدار.
“أبارتايد” تعني في اللغة الأفريقية “النبذ” أي التهميش والإقصاء والاحتقار، وبموجبها يتم تقسيم شعب واحد إلى أقسام وفقا للون والأصل، يعيشون بشكل منفصل غير متساوين في الحقوق والواجبات، قسم يحظى بالوفرة في كل شيء، وقسم مُهمشٌ تمامًا، يندر أن يتقابلا في شارع واحد.
عبر هذا النظام عن نظرة البيض للسود، وكذلك نظرة الإسرائيليين للفلسطنيين ليس فقط باعتبارهم في مرتبة الأجنبي، بل وكأنهم أوبئة يجب أن تلزم الحجر الصحي، وليس من المقبول أن توجد في مكان به الشخص الأعلى مرتبة “الرجل الأبيض” أو “اليهودي ابن شعب الله المختار” كما يرى الإسرائيليون أنفسهم.
عنصرية بالقانون
كانت سياسة الأبارتايد، سياسة عنصرية ذات طابع مؤسسي، تتم بموجب قوانين موضوعة وعلنية تتحدث دون حرج عن شعبين منفصلين يعيشان في دولة واحدة، لكن حقوقهم وواجباتهم مختلفة تمامًا، خلال تلك السنوات حكمت الأقلية البيضاء التي كانت تمثل قرابة 20% من السكان البلاد عبر إقصاء تام لأغلبية السود في كافة مناحي الحياة.
وتم نبذ السود الأغلبية في منطقة فقيرة لا تتجاوز 13% من جنوب أفريقيا، فعاشوا في أحياء مزدحمة دون إمكانيات أو خدمات تذكر، وحتى فيما يتعلق بالتعليم كان من نصيبهم مدارس فقيرة الإمكانيات وليس بها مدرسون مؤهلون، بينما يدرس البيض في مدارس راقية في المدن، وهو وضع مشابه تماما لما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة الآن.
بمرور الوقت أثبت هذا النظام فشله؛ حيث كانت التغيرات المحيطة إيذانًا بقرب انتهائه، في ظل موجات التحرر وانتهاء الحرب الباردة، وسقوط جدار برلين، ولم يعد من اللائق تواجده في العصر الحديث، خاصة مع تنامي التعاطف الدولي تجاه قضية شعب جنوب أفريقيا، ومن هنا بدأت مفاوضات الرئيس الجنوب أفريقي دوكليرك مع مانديلا، ليصبح مانديلا أول رئيس من ذوي البشرة السوداء للبلاد عام 1994.
أوروبا الراعي الرسمي لجرائم إسرائيل
وإذا كانت أوروبا السبب الرئيسي في نكبة فلسطين، فهي لا تزال أيضًا الراعي الرسمي لفظاعات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، واليوم وبعد أحداث السابع من أكتوبر عام 2023 التي استطاعت خلالها المقاومة الفلسطينية في غزة فضح ضعف وهشاشة جنود الاحتلال خلال هجوم خاطف كسر أنف الاحتلال وقضى على كرامته، بدأت قوات الاحتلال حربها ضد أهل قطاع غزة من المدنيين.
تدعي دولة الاحتلال أنها تمارس حقها في الدفاع عن النفس وهو ما تدعمها فيه أمريكا وأوروبا، في الوقت الذي ترتكب فيه جرائم حرب ضد المدنيين العزل في قصف مستمر، دخل شهره الثاني، على المناطق السكنية المكتظة والمخابز وحتى المستشفيات والكنائس مدعية أنها مخابئ للمقاومة، أكثر من 10 آلاف ونصف شهيد نصفهم من الأطفال في ظل أوضاع معيشية قاسية بعدما قطع الاحتلال الماء والغذاء والوقود عن أهل القطاع، ويمنع أيضا دخول المساعدات.
عدالة مزيفة
كشفت جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة حقيقة الدول الأوروبية وعدالتها المزيفة، فهذه الدول التي تنادي بالحريات، تحظر حرية التعبير وتعتقل المتظاهرين المتعاطفين مع فلسطين، وبعضها يطرد من العمل أي شخص يعلن رفضه لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وهي نفسها الممارسات التي طالما امتعضوا منها وعارضوها في الدول التي يوجهون إليها المساعدات والدعم الاقتصادي .
كذلك، كانت تغطية وسائل الإعلام الغربي للمجازر في غزة مضللة؛ حيث أمعنت في دعم وحشية الاحتلال بدعوى حق الدفاع عن النفس، في الوقت الذي تقوم خلاله بشيطنة المقاومة في غزة، واتهمت إحدى المحطات الإعلامية الشهيرة بأنها كانت سببًا رئيسيًّا في مجزرة مستشفى المعمداني التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد.
وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي تمكنت الحقائق من الوصول إلى العالم، وفضحت نفاق الحكومات الأوروبية وأمريكا، ما أدى لتراجع هذه المحطات عن تغطيتها المتحيزة وترويجها للأكاذيب وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وبدأت الاحتجاجات تغزو شوارع تلك البلاد بينما تحولت القضية الفلسطينية إلى رمز للكفاح ضد الاستعمار.
القانون الدولي يدعم الكفاح ضد الاحتلال
يقف الغرب في صف الاحتلال الإسرائيلي باعتبار أن إسرائيل تواجه إرهابًا يجب حمايتها منه ويجب دعمها في الدفاع عن نفسها بالسلاح والتمويل، وهي ممارسات تتناقض مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها العديدة، التي نصت على حق كل شعب يخضع للاحتلال أو الاستعمار أو الفصل العنصري في المقاومة بكافة الوسائل بما فيها الكفاح المسلح، كما لها الحق في تلقي الدعم والمساندة من أجل الاستقلال.
وتضمن قرار الجمعية العامة للأم المتحدة رقم 1514 في 14 ديسمبر 1960، إعلان منح الاستقبال للبلدان والشعوب المستعمرة، وذكر أن إخضاع الشعوب للسيطرة الأجنبية يعد إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية، بينما أدان البند السابع من قرار الجمعية العامة رقم 3246 في نوفمبر 1974 ، الحكومات التي لا تعترف بحق الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية، وعلى الأخص شعوب أفريقيا والشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال.
ونص قرار الجمعية العامة رقم 3236 في 22 نوفمبر 1974، على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره دون تدخل خارجي والحق في الاستقلال والسيادة الوطنية، وكذلك حق الفلسطينيين في العودة لديارهم، واستعادة حقوقهم بكافة الوسائل وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بل وناشدت جميع الدول والمنظمات الدولية في دعم كفاح الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه.
مقاومة شرعية
وهكذا وفقًا لقرارات الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية، يعد إخضاع الشعوب للاستعمار أو الاحتلال إنكارًا لحقوق الإنسان، كما أن نضال الشعوب الواقعة تحت سيطرة الاحتلال ونضالها في سبيل تحقيق استقلالها وتقرير مصيرها مقاومة شرعية تتفق تماما مع مبادئ القانون الدولي، وأكد ميثاق الأمم المتحدة وميثاق الاتحاد الأفريقي لعام 2000، والميثاق العربي لحقوق الإنسان عام 2004 حق تقرير المصير ودعم حركات المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة.
وتُعتبر أي محاولة لقمع المقاومة أو الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وتشكل خطرًا على السلم والمن الدولي ويجب إدانتها ووضع حد لها، كما أن نضال الشعوب المسلح ضد السيطرة الاستعمارية يجب اعتبارها نزاعات دولية مسلحة وفقا لاتفاقية جنيف 1949، وأكدت الاتفاقيات الدولية أيضا على ضرورة التفرقة بين الإرهاب والمقاومة المسلحة، وأن الكفاح المسلح ضد الاستعمار – حسب ميثاق الأمم المتحدة – ليس إرهابا.
أنشودة الحرية
ونصت العديد من الاتفاقيات على أن حركات التحرر أُجبرت على اللجوء للكفاح المسلح نظرا لعناد ووحشية أنظمة الاحتلال العنصرية التي تتحدى قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والرأي العالمي، بسبب موقف بعض الحكومات المتحالفة معها؛ نظرًا لاتفاق مصالحهم الاقتصادية، ما يحول ضد اتخاذ إجراءات دولية فعالة ضد هذه الأنظمة المحتلة المستبدة.
كما كانت انتفاضة ماو ماو في كينيا ومجازر فرنسا في الجزائر ووحشية إيطاليا في ليبيا وغيرها من ممارسات الاستعمار الأوروبي، يمكن النظر لما يحدث في فلسطين رغم فظاعته على أنه خطوة هامة في طريق التحرر، فالقضية الفلسطينية خرجت لأول من النطاق العربي إلى النطاق العالمي ومن أروقة المؤتمرات إلى الشوارع.
فقد اكتشف المواطنون العاديون في الغرب حقيقة إسرائيل ككيان محتل، كما تم فضح دعم حكوماتهم لوحشية هذا الاحتلال وخرجت مظاهرات مليونية في بريطانيا منادية بحرية فلسطين، وكذلك في أستراليا وفرنسا والسويد وإسبانيا، وأصبحت أغنية “تحيا فلسطين” السويدية أنشودة للحرية في كل بقاع العلم، بينما خطفت الكوفية الفلسطينية برمزيتها كرمز للنضال من أجل التحرر.