كتب – حسام عيد

يترقب العالم انعقاد الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” والتي ستستضيفها دولة الإمارات، وتحديدًا في مدينة إكسبو بدبي خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023.

وسيجمع مؤتمر الأطراف “كوب 28” ممثلي نحو 197 دولة حول العالم، في هذه المرحلة الحاسمة من العمل المناخي، للجلوس معًا على طاولة واحدة. ومن أجل تحقيق أجندته المناخية الطموحة، سيكون المؤتمر شاملاً وشفافًا وواقعيًا بشكل يركز على الحلول والوصول إلى نتائج، وفقًا لما أوردته المنصة الرسمية للحدث العالمي الأبرز على مسار العمل المناخي “cop28.com”.

ما هو مؤتمر الأطراف COP؟

على مدار العقود الثلاثة التي مضت على انعقاد “قمة الأرض”، والتي نظمتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل من أجل البيئة والتقدم خلال الفترة من 3 يونيو وحتى 14 يونيو 1992، وإطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، حرص مؤتمر الأطراف للتغيّر المناخي (COP) كل عام على دعوة الأطراف لتحديد التطلّعات الطموحة والمسؤوليات تجاه العمل المناخي، بالإضافة إلى وضع التدابير المناخية اللازمة وتقييمها.

وكانت الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر الأطراف (COP21) مهمة ومحورية حيث تمخّضت عن “اتفاق باريس”، الذي حشد بدوره الجهود والمساعي العالمية ووجّهها نحو الحفاظ على درجات الحرارة العالمية أقل إلى حدٍ كبير من 2 درجة مئوية فوق درجات الحرارة لما قبل العصر الصناعي مع متابعة وسائل الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية، والعمل على هدف التكيف مع آثار التغير المناخي.

COP28“.. قمة طموحة على مسار العمل المناخي

تحت شعار “عالم واحد”، تتطلع دولة الإمارات عبر مؤتمر الأطراف “COP28” إلى العمل مع كافة الأطراف المعنية لتحقيق نتائج ومخرجات متوازنة وطموحة وشاملة للجميع لتكون إرثًا يمنح الأمل للأجيال القادمة.

كما تأمل الإمارات في حشد جهود العمل المناخي لوضع أجندة طموحة خلال قمة «كوب 28» التي تستضيفها الدولة نهاية العام الحالي، تتبنى حلولاً فاعلة ومستدامة في مواجهة تداعيات تغير المناخ، وتؤكد على مساهمة التمويل المناخي في منع النزاعات وحلها وبناء السلام، فيما تقابل هذه الجهود بدعم دولي، والتأكيد على الثقة بقدرة الإمارات على تحقيق نتائج استثنائية تحدّ من التغيرات المناخية، وتمنع حدوث أزمات إنسانية وأمنية، وتلبي الطموح وتبني مجتمعات أكثر ازدهارًا.

ولأول مرة في تاريخ مؤتمر الأطراف، تخطط الإمارات لتخصيص يوم “الإغاثة والتعافي والسلام”؛ للتأكيد على ارتباط قضايا تغير المناخ والسلام والأمن، كما تعتزم تنظيم مؤتمر وزاري للصحة والمناخ، انطلاقًا من منظورها الإنساني لمختلف التحديات، وحرصًا على تكاملية عناصر التنمية المستدامة، وتطبيقاً لقناعاتها الراسخة بأهمية الشراكات الحقيقية والوثيقة، وتحقيقًا لنهجها الريادي في التعاطي مع التحديات المشتركة.

وتستهدف دولة الإمارات عبر مؤتمر الأطراف تحقيق نقلة نوعية في العمل المناخي، والوصول إلى مخرجات حاسمة عبر برنامج عمل التخفيف، والهدف العالمي للتكيف، ومضاعفة التمويل المناخي، وبرنامج العمل المتعلق بتحقيق الانتقال المنطقي والعملي والتدريجي والعادل في قطاع الطاقة، والهدف الجماعي الكمي الجديد لزيادة التمويل المتعلق بالمناخ، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار، وترتيبات التمويل.

وسيشهد مؤتمر “كوب 28” إجراء أول تقييم عالمي للجهود المستمرة على مدار عامين لتحديد مدى التقدم الذي أحرزته الحكومات المعنية في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى.

سيكون مؤتمر “كوب 28” فرصة وطنية لتضافر جهود جميع الأطراف من أجل التعاون وتوحيد الأصوات وتعزيز العمل المناخي لضمان مستقبل مستدام، وسيكون هذا المؤتمر وسيلة لتعزيز مكانة الإمارات على خارطة الدول الرائدة عالميًّا في قيادة جهود اقتراح الحلول المستدامة للتحديات المناخية.

وكانت دولة الإمارات قد قررت في يناير 2023 تكليف الدكتور سلطان بن أحمد الجابر المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي رئيساً معيَّنًا للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28.

كما جرى تكليف كل من شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب بصفتها “رائدة المناخ للشباب في المؤتمر” ورزان المبارك رئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بصفتها رائدة المناخ.

فيما أكد مسؤولو منتديات ومنظمات دولية معنية في قطاع الطاقة ثقتهم في قدرة الإمارات، على تحقيق نتائج مهمة وملموسة في مستقبل العمل المناخي، خلال استضافتها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28”.

ووصف المسؤولون الدوليون، الإمارات، بأنها رائدة في التص

دي للتحديات المناخية ودفع الجهود الدولية لتعزيز مسارات التنمية المستدامة والجمع بطريقة متوازنة بين التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.

سجل إماراتي حافل بمجال الاستدامة والتحول الطاقوي المتجدد والنظيف

يشكل استضافة دولة الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، في نوفمبر المقبل، منصة عالمية تفاعلية تستعرض خلالها دولة الإمارات جهودها للتحول نحو استخدام الطاقة المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية، حيث تخطط للاستفادة من الموارد المتجددة لتلبية نحو 50% من احتياجاتها من الطاقة في 2050.

وتحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بسجل حافل في مجال الاستدامة من خلال مبادرات ومشاريع رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة.

تنفذ حكومة الإمارات العديد من السياسات والممارسات لتعزيز التنمية المستدامة على المستوى المحلي والعالمي.

وبعد مسيرة من التقدم والتنمية على مدى عقود، تتخذ الدولة من العمل الجماعي نهجًا نحو تحقيق مستقبل مستدام من خلال العديد من المبادرات والإنجازات في العديد من المجالات والقطاعات، تشمل دعم مبادرات تحقيق الحياد المناخي وتعزيز جهود الحفاظ على الحياة البرية والبحرية.

وتكثف دولة الإمارات جهودها لتعزيز التعاون والعمل الشامل والتكاملي الذي يسعى إلى توحيد جهود الاقتصادات الناشئة والدول المتطورة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص إضافة إلى مستهلكي الطاقة ومنتجيها بهدف إيجاد الحلول المناسبة وتحقيق التغيير المطلوب.

وتتمتع الإمارات بدور رائد في العمل المناخي بصفتها شريكًا مسؤولًا وموثوقًا للمجتمع الدولي في دعم جهود التحول إلى الطاقة النظيفة إذ تحتضن ثلاثة من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها في تكلفة الإنتاج، كما استثمرت أكثر من 50 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة في 70 دولة في أنحاء العالم، وتعتزم إطلاق استثمارات إضافية بقيمة 50 مليار دولار بحلول 2030.

كما تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة دول المنطقة التي صدّقت على “اتفاق باريس” بدورة “COP21” في عام 2015، وتتصدر قائمة الدول الملتزمة بخفض الانبعاثات على مستوى منظومتها الاقتصادية، وكذلك فهي أول دولة تعلن عن إطلاق المبادرة الإستراتيجية للحياد المناخي 2050. ومن هنا جاء التزام الدولة برفع سقف طموحاتها خلال العقد الحاسم الحالي للعمل المناخي.

كذلك وضعت الإمارات إسهامات وطنية خلال 2015 في طليعة دول المنطقة الملتزمة بخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصاد بحلول عام 2030، كما أطلق المسار الوطني للحياد المناخي 2050 في نوفمبر 2022، الذي يضع الإطار الزمني للمبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 وآليات تنفيذها.

وتعتبر دولة الإمارات واحدة من 29 دولة فقط قدمت إسهامات وطنية منقّحة للمرة الثانية قبل انطلاق مؤتمر الأطراف “COP27”. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الهدف المعزز إلى خفض مستوى الانبعاثات الكربونية بصورة هائلة تصل إلى نحو 93.2 مليون طن متري، بحسب منصة “cop28.com”.

وبحسب شبكة “سكاي نيوز عربية” باشرت الإمارات تنفيذ ما يقارب 14 مشروعًا، بغرض الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، تحت مظلة آلية المشاريع النظيفة، إذ يقدر إجمالي الخفض السنوي بحوالي مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

كما تقوم حاليًا بتطوير مشروع ضخم لالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون في مدينة أبوظبي، وتشجيع دعم التوجه نحو التحول للاقتصاد الأخضر منخفض الكربون، من خلال تطوير استراتيجية، وخارطة طريق للهيدروجين الأخضر في دبي، كما أطلقت الإمارات مؤخرًا استراتيجية طويلة الأمد لتحويل وسائل المواصلات العامة، إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وتقليل البصمة الكربونية في جميع أنشطتها، لتواكب مساعيها لتحقيق الحياد المناخي والانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة الإنجازات، لتتوافق مع رؤيتها الاستراتيجية للتنمية المستدامة.

دعم أفريقي كامل لـ”COP28

من جانبها، أعلنت المجموعة الأفريقية للمفاوضين (AGN)، مؤخرًا، خلال مشاركتها في اجتماعات “مؤتمر بون للمناخ” الذي عُقد في ألمانيا خلال الفترة 5-15 يونيو 2023، دعمها الكامل لرئاسة مؤتمر المناخ المقبل COP28.

فيما قال الأمين التنفيذي بالإنابة للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة أنطونيو بيدرو، إن مؤتمر الأطراف “COP28” الذي تستضيفه الإمارات خلال العام الجاري يُشكل منبرًا مهمًا لمواصلة العمل المناخي العالمي والأفريقي وتنفيذ التعهدات واستكمال المبادرات والمشاريع التي تم إطلاقها في “COP27”.

وأضاف على هامش منتدى الأعمال الأفريقي 2023 الذي عقد تحت شعار “جعل أسواق الكربون تعمل من أجل أفريقيا” في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في فبراير الماضي، أن الدول الأفريقية حددت حزمة من الفرص لتسريع وتيرة العمل المناخي، مشيرًا إلى أن مشاركة أفريقيا في “COP28″سيمكن دولها من إنهاء الأعمال المناخية غير المكتملة، وحشد فرص التمويل للعمل المناخي في أفريقيا، إضافة إلى التعلم والاستفادة من تجربة الإمارات على وجه الخصوص في ما يتعلق بكيفية تعميم العمل المناخي في جهودها لتنويع الاقتصاد.

وأشار إلى أن الإمارات تقدم نموذجًا استثنائيًا في التنويع الاقتصادي المستدام الأكثر قدرة على الصمود، في حين لا تزال أفريقيا تعتمد بشكل أساسي على اقتصادات التصدير المعتمدة على الموارد، وهو ما يؤكد أهمية التعاون بين الإمارات وأفريقيا للاستفادة من تجربتها الرائدة في تنويع الاقتصادات بمسار أخضر صديق للبيئة ويدعم مسارات التنمية المستدامة، وهو ما يوفره “COP28” من فرص للدول الأفريقية والانتقال من التعهدات المناخية إلى مرحلة التنفيذ.