كتبت – أسماء حمدي 

ما بين عام 2001 إلى عام 2021، خسرت نيجيريا 1.14 مليون هكتار من الغابات، ما يعادل انخفاضًا بنسبة 11٪ في الغطاء الشجري ويعادل 587 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وفقًا لـجلوبال فورست ووتش وهي منصة توفر بيانات الغابات والمراقبين. 

يؤدي قطع الأشجار من أجل الحصول على الأخشاب وبيعها أو لتغذية الطلب على الطاقة لعدد متزايد من السكان أو قطع الأشجار لزراعة الأراضي إلى الضغط على الغابات الطبيعية في نيجيريا، ما يهدد باختفائها.

تدمير الغطاء الشجري

في أعماق غابة في قرية أبوت إيباري بولاية أوندو نيجيريا، قام إجبونتولوا ماريجي، بقطع شجرة طويلة من خشب الماهوجني، باستخدام فأسه ومنجله، وعندما سقطت، قام بالبحث عن الشجرة التالية.

من حوله، كانت جذوع الأشجار المنتشرة في الغابة المستنقعية بمثابة تذكير بالأشجار التي كانت ذات يوم طويةل القامة ولكنها تختفي سريعًا بسبب قطع الأشجار غير القانوني في ولاية أوندو، جنوب غرب نيجيريا.

قال الرئيس محمد بخاري -في اجتماع Cop15 في أبيدجان بساحل العاج في مايو  الماضي- إن نيجيريا أنشأت صندوقًا استئمانيًّا وطنيًّا للغابات للمساعدة في تجديد غابات البلاد، مشيرًا إلى أن ذلك قد لا يكون كافيًا لأن البلاد تفقد الغابات بوتيرة أسرع.

ويرى مدير إدارة الغابات في وزارة الزراعة بولاية أوندو فيمي أوبادون، أن حماية الغابة تعني حماية أنفسنا، وعندما ندمر الغابة، فإننا ندمر البشرية.

كل ما سبق يعرفه ماريجي جيدًا وهو أحد قاطعي الأشجار، لكن أولويته هي كسب لقمة العيش، قائلا: «يمكننا قطع أكثر من 15 شجرة في مكان واحد، ولكن الآن إذا تمكنا من رؤية شجرتين، فسيبدو ذلك بمثابة نعمة لنا».

رحلة تدمير الغابة

بعد قطع الأشجار، يضع ماريجي علامات عليها، في رسالة إلى قاطعي الأشجار الآخرين بأنه المالك، بعد ذلك يقوم بنقل الأخشاب عبر الجداول والأنهار على طول الطريق إلى لاجوس، وهي العاصمة التجارية لنيجيريا.

وفي حديثه لصحيفة الإندبندنت البريطانية، يقول ماريجي: «في الفترة التي عاشها أجدادنا، كانت لدينا أشجار كبيرة وكثيرة، لكن للأسف ما لدينا الآن مجرد أشجار صغيرة ولا نسمح لها حتى بالنضوج قبل قطعها».

بعد شهور من قطع الأشجار عاد ماريجي إلى الغابة مجددًا لجمع جذوع أشجار أخرى وتثبيتها في طوافات، مع الحطابين الآخرين، وقاموا بتجميع الأموال لاستئجار زورق سحب لسحب الطوافات من ولاية أوندو إلى لاجوس.

وفوق الطوافات يصنع ماريجي وأصدقائه ملاجئ مؤقتة على من الخشب، تساعد على حمايتهم من الطقس، وخلال رحلتهم يتشاركون الطعام أثناء عزف الأغاني الشعبية المحلية لرفع الروح المعنوية.

يقول ماريجي: «لا ننام في الليل أثناء الرحلة، نحن نراقب القوارب ونتأكد من أنها لا تنفصل عن القاطرة»، مشيرًا إلى أن القارب يتوقف في عدة مواقع لالتقاط المزيد من الحطابين وطوافاتهم، يمكن أن يحمل القارب الواحد ما يصل إلى 1000 طوف، يحتوي كل منها على ما يصل إلى 30 جذعًا.

تنتهي رحلة ماريجي في بحيرة في لاجوس، حيث تتلاقى طوافات من ولاية أوندو وأجزاء أخرى من البلاد وتتم معالجة الأخشاب في المناشر وبيعها.

قلق من نضوب الغابات

بعد استنفاد الغابات على نطاق واسع في نيجيريا، دق الخبراء ناقوس الخطر بشأن هذه الظاهرة، وأصروا على أن الاستخدام المستدام للخشب والفوائد الاقتصادية قد يظل بعيدًا إذا لم يتم القيام بشيء ما بشكل عاجل.

وبحث الخبراء، عن الإجراءات التي من شأنها أن تمكن البلاد من تحقيق الهدف المتمثل في زراعة 26 مليون شجرة لتلبية الالتزامات السابقة التي تعهد بها، الرئيس محمد بخاري، في الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة (UNGA).

وأشاروا إلى أن معدل نضوب الغابات، الذي يبلغ حاليًا أكثر من 8%، غير مقبول عند مقارنته بالمعدل العالمي الذي يقل عن 1% وفقًا لصحيفة ذا جارديان النيجيرية.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو): إن نيجيريا لديها أعلى معدل لإزالة الغابات في العالم، حيث يبلغ نحو 55.7%.

وحذر رئيس WEN Synergies Limited، داني سوكاري جورج، من أن الدولة السمراء الأكثر اكتظاظًا بالسكان تخاطر بكارثة بيئية، ومشاكل صحية خطيرة، وأشار إلى أن البلاد تواجه تهديدات بيئية متزايدة بسبب نضوب الغابات، مضيفًا: «هناك حاجة لرسم استراتيجيات فعالة للتخفيف من قطع الأشجار وتغير المناخ».

وقال سوكاري جورج، إنه يجب إشراك الدول وملاك الأراضي من القطاع الخاص في جميع أنحاء البلاد لضمان تخصيص الأرض لزراعة الأشجار، لافتًا إلى أنه من المتوقع أن ينمو حجم سوق المنتجات الخشبية العالمية من 631.11 مليار دولار في عام 2021 إلى 684.26 مليار دولار في عام 2022.

«المانجروف».. طوق نجاة

في الآونة الأخيرة، تضررت نيجيريا من الفيضانات التي تضرب البلاد لأشهر في الفترة ما بين من مارس إلى نوفمبر، وفي عام 2020 جرفت الفيضانات ما لا يقل عن مليوني طن من الأرز، ودمرت 1.2 مليون فدان في ولاية كيبي، كما تأثرت محاصيل أخرى مثل الذرة الرفيعة والدخن والذرة.

وتنبأ المدير العام لمؤسسة نيجيريا للحفظ (NCF)، الدكتور مهتاري أمينو كانو، بأن حالة ارتفاع الفيضانات ومستوى مياه البحر ستزداد سوءًا إذا لم يتم فعل أي شيء للحفاظ على الطبيعة، قائلًا: «ستزداد الأمور سوءًا، ليس فقط في لاغوس ولكن في لندن وفلوريدا».

وأشار كانو إلى أن النيجيريين لا يقدرون غابات المانجروف، مشيرًا إلى أن غابات المانجروف المزدهرة ذات قيمة كبيرة للناس ولديها القدرة على وقف الفيضانات، وشدد على ضرورة زيادة أشجار المانجروف التي تعتبر طوق نجاة بسبب الاعتماد عليها للدفاع عن المدن الساحلية.

وأشار إلى أن برامج الأمم المتحدة لاستعادة النظام البيئي تعالج أزمة فقدان الطبيعة، قائلًا: إن البشر يعتمدون حقًّا على الطبيعة للتنفس والغذاء وأشياء أخرى، وإذا لم ننظر إليها بأهمية كبيرة، فإننا ندمر أنفسنا.

وأثار المدير العام لمؤسسة نيجيريا للحفظ، مخاوف بشأن النمو السكاني المثير للقلق، قائلًا: «إحدى المشاكل الآن هي أن نصف الأرض قد انفصلت عن الطبيعة، العالم يتغير، وهناك أكثر من 3 مرات من الناس يعيشون في المدن، إنهم لا يفهمون الطبيعة، وإذا انفصلنا عنها جميعًا فسوف نعاني».

وحذر من أن النمو السكاني، ينذر بتغيرات في عالم الطبيعة من شأنها إحداث اضطرابات كبيرة، لافتًا إلى أن الحفظ أمر أساسي لمعالجة القضية، داعيًا الجميع وخاصة الشباب لفعل شيء حيال ذلك.

«نحن بحاجة للتعامل مع هذه القضية بجدية، هناك حاجة لاتخاذ إجراءات من قبل الحكومة والقطاع الخاص، وعليهم توحيد الجهود مع مؤسسة نيجيريا للحفظ للتوصل إلى حلول مناسبة»، بحسب كانو.