كتب – حسام عيد
في نظام عالمي جديد متعدد الأطراف تتشكل ملامحه وسط متغيرات وتحديات وأزمات متشعبة، من أجل تحقيق مستهدفات التجارة الحرة العادلة والمرنة المنشودة، تمضي الحكومة المصرية قدمًا في تنفيذ خطط ومشروعات استراتيجية تمكنها من التحول إلى مركز ووجهة عالمية مفضلة للتجارة واللوجستيات ليس في أفريقيا وحسب، ولكن في قلب العالم أيضًا.


إنشاء ممر لوجستي وميناءين برواندا وتنزانيا
وتعتزم وزارة النقل المصرية إنشاء ممر لوجستي وميناءين برواندا وتنزانيا لتسهيل وصول الصادرات المصرية إلى الدول الأفريقية، وفق بيان للوزارة صدر على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، الجمعة 23 فبراير 2024.
وتسعى مصر، التي تمر بأزمة سيولة، لزيادة صادراتها السلعية قصد دعم مصادرها من العملة الصعبة وتخفيف الضغط على الجنيه، وسط ترقب لخفض جديد للعملة سيكون الرابع منذ الحرب على أوكرانيا.
ولم يشر البيان إلى الأطراف التي ستتولى إنشاء هذه المشروعات أو تفاصيل عن حجم الاستثمارات المزمع ضخها فيها.
وستقوم الوزارة بإنشاء ممر لوجستي، من ميناء دار السلام التنزاني مرورًا بمنطقة لوجستية وميناء جاف بتنزانيا وميناء جاف ومنطقة لوجستية برواندا في إطار خطة شاملة للتوسع في ربط الموانئ المصرية بنظيرتها بدول العالم، وفق البيان.
ووفق البيان، تسعى الحكومة إلى إنشاء 27 من الموانئ الجافة والمناطق اللوجيستية داخل مصر لدعم حركة التجارة وتقليل تكدس البضائع والحاويات بالموانئ البحرية.
وفي يونيو الماضي، افتتح وزير النقل أول ميناء جاف في مصر بمدينة 6 أكتوبر “ميناء أكتوبر الجاف” في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
والميناء الجاف؛ هو ميناء لاستقبال الحاويات والبضائع التي تصل إلى الموانئ البحرية المكدسة ولا يكون مطل على البحر وإنما على اليابسة ويقام على طول خطوط السكك الحديدية إذا أمكن أو بالقرب منها.


مكتسبات اقتصادية.. وتعزيز التكامل الإقليمي
وقد جاءت زيارة وزير النقل المصري إلى رواندا في إطار قيام وزارة النقل المصرية في ضوء توجيهات القيادة السياسية بجعل مصر مركز للتجارة العالمية واللوجستيات بتنفيذ خطة شاملة للتوسع في ربط الموانئ المصرية بنظيرتها بدول العالم.
وتستهدف تلك الخطة؛ زيادة حركة تداول البضائع وتحسين مستوى الخدمات اللوجستية المقدمة والحد من ارتفاع تكلفة نقل البضائع وتسهيل حركة وربط أماكن التصنيع والاستهلاك بالإضافة الى الحد من الاثار البيئية السلبية وتخفيض زمن الإجراءات الفعالة لعمليات الفحص والتخليص الجمركي، وتحقيق وفورات الحجم في التوزيع للمستخدمين النهائيين والحد من الحوادث في الشبكات الوطنية للطرق والمدن، وخلق فرص العمل للشباب.
وخلال الزيارة، قام وزير النقل المصري برفقة وزير البنية التحتية الرواندى، بتفقد محطة معالجة وتنقية كيجالى بالك، والمقامة على نهر أكاجيرا الذى يصب فى بحيرة فيكتوريا بطاقة إنتاجية 40 مليون لتر مياه نظيفة يوميا تغطى احتياجات 500 ألف نسمة من سكان كيجالى بنسبة 30% من سكانها.
وذكرت وزارة النقل المصرية في بيانها، أن أهمية جولة الوزير تأتى لكون المشروع يقع على نهر أكاجيرا أحد أهم روافد منابع نهر النيل والذى ينبع من بحيرة كيفو ويصب فى بحيرة فيكتوريا ويعتبر أحد الروافد الهامة فى مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط والذى سيسهم عند تنفيذه فى تنشيط التجارة البينية بين الدول المشاركة فيه “دول حوض النيل” بداية من رواندا حتى مصر، كما سيسهم فى تنشيط السياحة ما ينتج عنه زيادة الدخل القومى لدول حوض النيل، ويفتح المجال للشراكة على نطاق أوسع مستقبلًا مع هذه الدول، ويعتبر هذا الممر أقصر الطرق لربط دول الحوض والدول الحبيسة داخل القارة، فى إطار تحقيق التكامل الإقليمى وتنفيذ أجندة أفريقيا 2063.
ويذكر أن المشروع بنظام الشراكة بين القطاع العام والخاص «PPP» لمدة 25 سنة بين الحكومة الرواندية وشركة متيتيو ويتم تنفيذه عن طريق تحالف بين ميتيو مصر وميتيو العالمية.


مصر مركز مستقبلي للتجارة العالمية واللوجستيات
تسعى مصر للتحول إلى مركزعالمي للتجارة واللوجستيات، وذلك فى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، بأهمية الاستفادة من موقع مصر الجغرافي الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط ووجود أهم ممر ملاحي عالمي فيها وهو قناة السويس.
وذلك بهدف أن تكون مصر بالموقع الطبيعي لها كمحرك للتجارة العالمية وأن تكون كافة تلك الاستثمارات بقطاع الموانئ وتنمية ظهيره بأموال مصرية خالصة على أن يتم طرح تلك المشروعات للإدارة و التشغيل مع القطاع الخاص المصري والعالمي للوصول للهدف الرئيسي وهو جعل مصر مركزا للتجارة العالمية واللوجستيات.
تتمثل عوامل نجاح تجارة اللوجيستيات في ضمان أفضل مستوي خدمة وأداء للموانئ البحرية عبر تطويرها وزيادة طاقتها الاستيعابية، من حيث أطوال وأعماق المحطات والأرصفة واستخدام أفضل أنظمة التشغيل الخاصة بإدارة المحطات، وإنشاء موانئ جافة ومناطق لوجيسيتية فى ظهير الموانئ ومراكز توزيع لتشكيل ممرات لوجيسيتية تستند على الموانئ البحرية وربطها بالسكك الحديدية سواء العادية أو السريعة .
وقد وضعت الحكومة المصرية خطة قصيرة ومتوسطة المدى (حتى 2024 – 2024 حتى 2030) وذلك فى إطار الإمكانيات المتاحة والميزات النسبية للموانئ المصرية على البحرين المتوسط والأحمر وإعادة هيكلتها وتطويرها لتحويلها من مجرد منافذ بحرية فقط تستقبل تجارة الدولة (صادر / وارد) ومتكدسة بالاحتياجات الأساسية فقط للدولة وبكفاءة لا تسمح بقيام قطاع تجارى صناعى تصديرى قوى يلبي تطلعات الدولة والجمهورية الجديدة.
ويرتكز المخطط متوسط المدى (2024 وحتى 2030) على التوسع فى تدويل قطاع الخدمات اللوجستية المصرى للاندماج فى سلاسل الإمداد العالمية بالاعتماد على تجارة الترانزيت المباشر وغير المباشر وإعادة التصدير.
وأيضًا، يرتكز على تنفيذ البنية التحتية المتطورة على مستوى عالمى والتى يتم تصميمها وهندستها بالكامل وتشغيلها وإدارتها ضمن شراكات استراتيجية طويلة المدى مع الشركات والمشغلين العالميين والتي تقوم بضخ مليارات الدولارات داخل النظام اللوجيستي، لإنشاء المحطات العالمية التى ستسمح بتدويل النظام اللوجيستي المصري والاندماج المستدام فى سلسلة الإمداد العالمية وذلك عن طريق توجيه تلك الاستثمارات المصرية والأجنبية لخلـق ممرات لوجستية دولية تنموية متكاملة لربط مناطق الإنتاج (الصناعي – الزراعي – التعديني – الخدمي) بالموانئ البحرية بوسائل نقل سريعة وأمنه مرورًا بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية المتكاملة.
وقد تبنت الدولة المصرية رؤية من أجل تطوير قطاع النقل البحري حتى عام 2030، وذلك بتحقيق التوازن بين وسائل النقل المختلفة ووضع اللوائح المنظمة لذلك، مع الاهتمام بالنقل متعدد الوسائط بخاصة الموانئ البحرية والسكة الحديد والنقل النهري، مع تدعيم الدور الحيوي للنقل البحري؛ حيث إن الموانئ البحرية المصرية هي طوق النجاة للدولة من الناحية الاقتصادية.
ويعد النقل البحري من أهم وسائل النقل عالميا؛ حيث يستحوذ على أكثر من 70% من قيمة التجارة العالمية، ويقوم بنقل ما يقرب من 90% من تجارة مصر إلى العالم، وبالتالي فإن أي مجهود مبذول لتطوير ورفع كفاءة الموانئ المصرية لوجستيًا هي جهود ضرورية ومطلوبة حتى يمكن تحويل الموانئ المصرية لتصبح أحد المراكز الرئيسية للنقل البحري في العالم، بالإضافة إلى تأثيرها الإيجابي على زيادة تنافسية الصادرات المصرية، وخفض تكلفة الواردات، وخفض ميزان المدفوعات وتحسين مستوى المعيشة.
وكان تطوير النقل البحري والنقل النهري على رأس أولويات سياسة الحكومة المصرية منذ 2014، لما لها من آثار إيجابية عديدة على إحداث طفرة في تجارة مصر مع دول العالم الخارجي، فتطوير الموانئ المصرية يُعد المدخل الرئيسي لتحقيق الانتعاش الكبير في الاقتصاد المصري؛ حيث تمتلك مصر العديد من الموانئ التجارية ولديها 3000 كيلومتر شواطئ وموقع استراتيجي، تعمل على استغلالها الاستغلال الأمثل بشكل يجذب الاستثمارات، حيث يتم التطوير وفقًا لأحدث النظم العالمية، حتى تكون مصر مركزًا عالميًا للتجارة واللوجستيات.