كتب – حسام عيد

تحت شعار “التكامل الاقتصادي من أجل كوميسا المُزدهرة المُرتكزة على الاستثمار الأخضر والقيمة المضافة والسياحة”، شهدت العاصمة الزامبية، لوساكا، أعمال القمة الثانية والعشرين لتجمع دول السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا”، بمشاركة زعماء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء (21 دولة)، وخلالها فعالياتها قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بتسليم الرئاسة الدورية لتجمع “الكوميسا” من مصر إلى زامبيا.

دفع التنمية والاستثمارات وتعزيز الاندماج.. أهداف دورة الكوميسا الجديد تحت قيادة زامبيا

الكوميسا هي اختصار Common Market for Eastern and Southern Africa والتي تعني (السوق المشتركة لشرقي وجنوبي أفريقيا) وهي منطقة تجارة تفضيلية تمتد من ليبيا إلى زيمبابوي، وتضم في عضويتها تسع عشرة دولة، من الدول المعنية بتطوير قطاعات اقتصادها المهمة والتبادل التجاري مع دول القارة السمراء.

وتركز القمة الثانية والعشرون لتجمع الكوميسا التي تُعقد في لوساكا خلال الفترة من 6 إلى 8 يونيو 2023، على سبل دفع عملية التنمية والاستثمارات وتعزيز الاندماج الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء بالتجمع، بالإضافة إلى تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص بدول (الكوميسا) ليصبح محركًا رئيسيًا للتصنيع والتنوع الاقتصادي والتجارة والاستثمار.

وهذا ما يتوافق مع أهداف الاتفاقية المنشئة للكوميسا لتعزيز وتكامل التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء، ومنها:

– دفع عجلة التنمية المشتركة في كل مجالات النشاط الاقتصادي، والتبني المشترك لسياسات الاقتصاد الكلى وبرامجه، وذلك لرفع مستويات المعيشة السكانية، وتشجيع العلاقات الحميمة بين الدول الأعضاء.

– التوصل إلى النمو المتواصل والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، وذلك عن طريق تشجيع هيكل إنتاج وتسويق متوازن ومتناسق.

– التعاون في إيجاد بيئة مشجعة للاستثمار المحلي والأجنبي، بما في ذلك التشجيع المشترك للبحث والتكييف مع العلم والتكنولوجيا من أجل التنمية.

– التعاون لتشجيع السلام، والأمن، والاستقرار بين الدول الأعضاء بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة.

– التعاون لتقوية العلاقات بين دول السوق المشتركة وبقية دول العالم، واتخاذ مواقف مشتركة في المجال الدولي.

– تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًا إلى أن يتم إلغاؤها بالكامل في إطار منطقة التجارة الحرة بين الدول الأعضاء.

– عدم فرض رسوم وضرائب جديدة، أو زيادة الرسوم المطبقة المتعلقة بالسلع، التي يتم تداولها داخل السوق المشتركة.

– الاتفاق على تعريفة خارجية موحدة، وإلغاء جميع العوائق غير الجمركية، يستثنى من ذلك حالة الصناعة الوليدة، حيث يسمح بحمايتها بعد إخطار المجلس الوزاري، والأمين العام، وبموافقة الأعضاء.

الرئاسة المصرية للكوميسا في دورتها الماضية.. عنوان لدفع التكامل الاقتصادي

وسعت مصر، خلال رئاستها للكوميسا عام 2021، إلى تحقيق العديد من الأهداف، تضمنت تعظيم التكامل الصناعي، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية فيما بين دول الكوميسا.

وذلك بالتناغم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وتقوية قدرة دول الكوميسا على الصمود أمام التحديات الدولية وخاصة جائحة كورونا، وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية فيما بين دول الكوميسا، والتركيز على التعاون في مجالات التحول الرقمي وربطها بالآليات التجارية، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية العابرة للحدود.

وتتضمن قائمة الأهداف التي تسعى “الكوميسا” إلى تنفيذها تحرير التجارة والتعاون الجمركي، وتحسين إدارة وسائل النقل والاتصالات، وخلق البيئة المواتية لتعزيز الاستثمارات والقطاع الخاص، وموائمة سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات النقدية في جميع الدول الأعضاء، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المشتركة، وتنفيذ برامج لتحسين مستويات المعيشة، كما تشمل مجالات أولوية عمل (الكوميسا) منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي وتعزيز التجارة.

ويتضمن الهيكل التنظيمي للكوميسا التالي: هيئة رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء، ومجلس الوزراء، ومحكمة العدل الخاصة، ولجنة محافظي البنوك المركزية، واللجنة الحكومية، واللجان الفنية، والسكرتارية.

وتضم الكوميسا 21 دولة هي (مصر، وبوروندي، وجزر القمر، والكونغو الديموقراطية، وجيبوتي، وإريتريا، وكينيا، وإثيوبيا، وإيسواتيني، ومالاوي، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيس، وتونس، والسودان، والصومال، وزامبيا، وزيمبابوي، وأوغندا).

وتعد (الكوميسا) سوقًا تجارية ضخمة حيث يبلغ إجمالي عدد سكانها أكثر من 583 مليون نسمة، وناتجها المحلي الإجمالي حوالي 805 مليارات دولار أمريكي، بينما يبلغ حجم تجارتها مع العالم الخارجي حوالي 324 مليار دولار.

ومن جانبه، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إنه كان شرفًا كبيرا، أن تتولى مصر قيادة تجمع «الكوميسا»، على مدار العامين الماضيين في فترة شديدة الدقة، شهدت تطورات مهمة، على المستويين الدولي والإقليمي ولقد وضعت مصر أمام أعينها، أهدافا محددة، خلال رئاستها للتجمع، ترتكز على دفع معدلات التكامل الاقتصادي، من أجل تعزيز مستوى رفاهية شعوبنا، بالإضافة إلى تعزيز مقدرات السلم والأمن بدولنا، غير أنه وبالرغم من النجاحات التي تم تحقيقها، فلا يزال أمامنا الكثير، لتوظيف تكاملنا الإقليمي لمواجهة التحديات الراهنة.

وقام الرئيس المصري باستعراض أبرز الإنجازات على مدار العامين الماضيين، وهي:

فيما يتعلق بمجال التنمية الاقتصادية؛ أولت مصر اهتمامًا كبيرًا، لتفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، وتحقيق التناغم بينها وبين اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية، بين تجمعات «الكوميسا» و«السادك» و«شرق أفريقيا» عبر إجراءات محددة، لحث الدول الأعضاء على تنفيذ الإعفاءات الجمركية، وتيسير حركة التبادل التجارى فيما بينها، حيث أسفرت تلك الجهود، عن زيادة الصادرات البينية لدول «الكوميسا»لتصل إلى «13» مليار دولار عام 2022، وهى القيمة الأعلى، منذ إنشاء منطقة التجارة الحرة، في إطار التجمع عام 2000 بجانب ارتفاع حجم التبادل التجارى بين مصر ودول «الكوميسا» في ذات العام، إلى أعلى قيمة لها منذ انضمام مصر للكوميسا، ليصل إلى «4.3» مليار دولار.

وفى ذات السياق، قدمت مصر مبادرة التكامل الصناعي الإقليمى، في إطار استراتيجية التصنيع بالكوميسا 2017 – 2026 والتي تهدف إلى تعميق الإنتاج الصناعي، من خلال ربط سلاسل القيمة الإقليمية، وفقا للميزة التنافسية للدول وأود في هذا الصدد، تثمين دور وكالة الاستثمار الإقليمية بالكوميسا، التي تستضيفها مصر، لجذب الاستثمارات إلى دول التجمع، مع ضرورة الاستمرار في الجهود الجارية، لتوجيه تلك الاستثمارات إلى القطاع الصناعي.

اتصالا بما تقدم، ركزت مصر على قطاع البنية التحتية، من خلال تشجيع مشروعات الربط بين الدول الأعضاء، ومن أبرزها، مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، حيث أدعو الأمانة العامة، لتكثيف الجهود لحشد الموارد المالية اللازمة، لتنفيذ تلك المشروعات.

كما ألقى الرئيس المصري الضوء على أحد المشروعات، التي تمثل فخرا للقارة، والذي أثبت وجود ثمار حقيقية للتعاون بين دولها، حال توفر الإرادة السياسية، وهو مشروع سد «جوليوس نيريرى» العملاق في دولة تنزانيا الشقيقة الذي يتم تنفيذه بأياد مصرية وتنزانية، وسيولد طاقة كهربائية تقدر بـ«2.5» جيجاوات حيث أثبتت الشركات المصرية المنفذة للمشروع، امتلاكها خبرات وقدرات، تمكنها من تنفيذ مشروعات بمقاييس عالمية وهى الخبرات التي تتطلع مصر، لمشاركتها مع دولنا الأفريقية الشقيقة.

أما في مجال التصنيع الدوائي، فقد كان من الضروري، تسليط الضوء على القطاع الطبي والصحي بالكوميسا، لاسيما في ظل التحديات، التي فرضتها جائحة «كورونا».

وبناء عليه، قدمت مصر مقترحا، لإنشاء لجنة الصحة بسكرتارية الكوميسا، كما استضافت الدورة الأولى، للمؤتمر الطبي الأفريقي، الذي تنعقد نسخته الثانية حاليًا، لبحث سبل الاستثمار في هــذا المجــال الحيــوي، فضلا عن تزايد الاهتمام، الذي وجهته مصر، للاستثمار في توطين صناعة الدواء واللقاحات وصولا للإعلان عن تقديم مصر لـ«٣٠» مليون جرعة، من لقاحات فيروس «كورونا» إلى الدول الأفريقية، وبما يؤكد دور مصر، كمركز إقليمي لتصنيع.

وكان تقرير صادر عن الكوميسا قد أفاد بأن مصر تتمتع بأعلى الإمكانات تجارية، مما سيزيد التجارة البينية لها في منطقة الكوميسا بمقدار 26.3 مليار دولار أمريكي خلال الفترة المقبلة

ولفت تقرير الكوميسا إلى أن دولة ليبيا ستأتي بعد مصر فيما يخص التجارة البينية في الكوميسا بإجمالي 16.6 مليار دولار أمريكي، تليها دولة تونس بقيمة 15.7 مليار دولار أمريكي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية 12.2 مليار دولار أمريكي.

وأشار تقرير الكوميسا إلى أن مصر هي المصدر الرئيسي خارج منطقة التجارة الحرة لدول الكوميسا ولديها أعلى نسبة تمثل 35% تليها تونس (16%) وإثيوبيا (8%) وكينيا (8%) وليبيا (5%) والسودان (5%) والكونغو الديمقراطية (4%)، و(أوغندا4%).

وانضمت مصر إلى السوق المشركة لشرق وجنوب أفريقيا المعروف بـ(الكوميسا) في يونيو 1998.

وبعد إنضمام مصر لـ(الكوميسا) بفترة وجيزة قامت بتخفيض الرسوم الجمركية مع دول الكوميسا الأخرى بنسبة 90%، ثم أصبحت فيما بعد أحد الأعضاء المؤسسين في منطقة التجارة الحرة للكوميسا (FTA) بأكتوبر 2000، وفق بنود اتفاقية الكوميسا.