كتب – حسام عيد
تُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية، إحدى كنوز القارة السمراء الطبيعية، فهي مورد متجدد لمعدن الذهب النفيس؛ حيث تمتلك احتياطيات تتجاوز الـ2000 طن، وفق أرقام حديثة ظهرت عن الحكومة الكونغولية في أكتوبر 2023 خلال احتفالها بمناسبة يوم الذهب الوطني.
وتمثل احتياطيات البلاد من الذهب قيمة سوقية تزيد على 120.896 مليار دولار أمريكي. لذلك؛ يُعد الذهب ملاذًا آمنًا وخيارًا استثماريًا مفضلًا وسط التحديات والأزمات المتعاقبة، وتعتبره الدولة الواقعة في وسط أفريقيا؛ ركيزة للتنمية، وهو الأمر الذي يجعل المعدن النفيس مقصدًا تنافسيًا يسطع أمام المستثمرين من حول العالم.

استثمارات إماراتية لتعزيز تعدين الذهب
ويسعى مشروع رأس المال الجريء المشترك بين الإمارات والكونغو الديمقراطية إلى مضاعفة شحنات الذهب المستخرجة بوسائل تقليدية من الدولة الأفريقية إلى أربعة أضعاف خلال 2024.
وقد شكلت حكومة الكونغو المشروع بالتعاون مع مجموعة “بريميرا” الواقع مقرها في أبوظبي نهاية 2022 للاستحواذ على جزء من التجارة في قطاع التعدين غير الرسمي، المعروف باسم (الذهب الحرفي).
وشحنت “برميرا غولد دي أر سي” (Primera Gold DRC) خمسة أطنان من الذهب بقيمة تناهز 300 مليون دولار في 2023، وهو العام الأول من عملها، كما أوردت وكالة “بلومبيرج”.
وقال جوزيف كازيبازيبا، الرئيس التنفيذي لشركة “بريميرا غولد”، في 7 فبراير 2024، “هذا العام ندرس رفع الإنتاج ليتراوح بين طن إلى طنين شهريًا، أي 12 إلى 24 طنًا سنويًا”.
يعد تعاون “بريميرا” جزءاً من شراكة موسعة بين الكونغو والإمارات، والتي تشمل المساعدة العسكرية والاستثمارات المحتملة في القصدير والكولتان والنحاس والكوبالت.
ويهدف الاستثمار في الأساس إلى المساهمة في دفع جهود الحكومة الكونغولية بالحد من عمليات تهريب الذهب؛ حيث أشار كازيبازيبا إلى إنشاء سلسلة توريد خالية من الصراعات للسيطرة على حركة تداول الذهب الحر وعدم تهريبه إلى الدول المجاورة.
وقد حققت “بريميرا” أرباحاً في عام 2023، لكنها تنتظر النتائج المالية المدققة قبل الإعلان رسميًا عن المبلغ الذي تلقته الكونغو من وراء هذه الشراكة.
وكانت الرئاسة الكونغولية قد أعلنت في يناير 2023 إن الهدف من الشراكة مع دولة الإمارات عبر مجموعة “بريميرا” هو “وقف التهريب والتعدين غير القانوني، لا سيما في شرق البلاد”؛ حيث تجوب عشرات الجماعات المسلحة منذ سنوات.
وفي إطار الحوكمة البيئية والمسئولية المجتمعية، كانت “بريميرا” قد أعلنت العام الماضي إنها حددت 30 ألف عامل مناجم حرفي في شرق البلاد على استعداد لتوريد الذهب مقابل أرباح منتظمة والحصول على الرعاية الصحية والتعليم لعائلاتهم.

منجم كيبالي.. بين الأكبر أفريقيًا
وعلى مسار المعدن الأصفر النفيس، تستحوذ قارة أفريقيا على حصة بنحو 27.4% من إجمالي الإنتاج العالمي من الذهب، البالغ نحو3 آلاف طن سنويًا.
فيما بدأت عدد من البلدان الأفريقية في زيادة التنقيب عن الذهب وإنتاجه بشكل كبير خلال 2023 لتعزيز وضعها الاقتصادي الذي يرزح تحت وطأة التضخم وأزمة الديون المتراكمة.
ونما الإنتاج العالمي من الذهب خلال 2022 بنحو 2.2% إلى 3660 طن حسب بعض التقديرات، في الوقت الذي تضم فيه أفريقيا مناجم ذهب شهيرة عالمياً منها: منجم “لولو” (LOULO) في مالي و”ليهير” (Lihir) في غينيا الجديدة و”كيبالي” (Kibali) في الكونغو الديمقراطية.
ومع اتجاه العديد من دول العالم إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن خلال الأزمات الاقتصادية، ثمة تركيز كبير من الدول والشركات الأجنبية العالمية على تعزيز شركاتها مع الدول الأفريقية لمزيد من الاكتشافات الجديدة لمناجم الذهب.
ويعتبر منجم كيبالي أحد المناجم المملوكة لشركة “باريك للذهب” في الكونغو الديمقراطية.
وحسب وكالة إيكوفين الدولية للدراسات الاقتصادية، تشير توقعات تعود إلى أبريل 2023 إلى أن منجم ذهب كيبالي في جمهورية الكونغو الديمقراطية سيظل بإمكانه إنتاج 500 ألف أوقية على الأقل سنويًا على مدار 10 سنوات.
ومنذ بدء تشغيله قبل 10 سنوات، تم استخراج أكثر من 6.4 مليون أوقية من منجم كيبالي. لكن أعمال التنقيب التي أجريت منذ ذلك الحين سمحت باكتشاف موارد ذهب كبيرة تكفي لتحل محل الذهب المستخرج بالفعل، بحيث تقدر احتياطيات المنجم بـ10.2 مليون أوقية في عام 2022، مقارنة بـ10 مليون أوقية في عام 2010.
يُذكر أنه تم استخراج 750 ألف أوقية من الذهب من كيبالي في عام 2022، ليسجل، للمرة الأولى منذ عام 2017، إنتاجًا يقل عن 800 ألف أوقية.