كتب – حسام عيد
عبر تدشين أول مزرعة للرياح في 10 سبتمبر 2023، تدخل جيبوتي عصر الانتقال الطاقوي المتجدد والنظيف، مما يعزز طموح الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.1 مليون نسمة كي تصبح أول دولة في أفريقيا تعتمد بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء بحلول عام 2035.
ستوفر مزرعة الرياح القائمة على البحر الأحمر، بالقرب من بحيرة جوبيت، 60 ميجاوات من الطاقة النظيفة، مما يعزز القدرة الإجمالية بنسبة 50% وتفادي 252.500 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
حتى الآن، يجري توليد الكهرباء محليا لسكان جيبوتي بالكامل من خلال حرق الوقود الأحفوري، مع استيراد ما بين 60 و80% من الكهرباء المستهلكة من إثيوبيا المجاورة. لذلك؛ تأمل الدولة الواقعة في شرق أفريقيا أن تحفز الطاقة النظيفة الجديدة التصنيع وتسهم في خلق فرص العمل والاستقرار الاقتصادي؛ حيث تسعى جيبوتي للاستفادة من موقعها الاستراتيجي كمركز عالمي للشحن العابر.


نقلة نوعية في إنتاج الطاقة المتجددة
إطلاق مزرعة الرياح في منطقة جوبيت، يعد إنجازًا تنمويًا طموحًا في تطوير والنهوض بواقع إنتاج الطاقة في جيبوتي؛ حيث من المتوقع أن تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول للطاقة الخضراء بنسبة 100% بحلول عام 2035.
كما أنها تعتبر إحدى البنى التحتية الرئيسية من حيث إنتاج الطاقة المتجددة، والتي تقع في صلب أهداف السياسة الوطنية للطاقة والمتمثلة في تلبية احتياجات السكان من الطاقة بشكل كامل من خلال توفير طاقة نظيفة وفيرة ومتاحة ويمكن الوصول إليها وغير مكلفة.
وتكمن أهمية هذا الانجاز في كونه سيعمل على زيادة قدرة توليد الطاقة في البلاد بنسبة 50%، عطفًا علي ما تشكله الطاقة لأي بلد من رافعة قوية، وناقلًا أساسيًا، ومحفزًا ومسرعًا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة والشاملة، إلي جانب كونه إنجازًا طموحًا يعد الأول من نوعه في تاريخ البلاد.
ويشكل بناء مزرعة الرياح هذه، والتي تعد جزءًا من التحول الوطني في مجال الطاقة، علامة فارقة حاسمة في قطاع الطاقة.
وتتكون مزرعة الرياح في جوبيت من 17 توربين، قادر على إنتاج 60 ميجاوات من الطاقة النظيفة وستزيد بشكل كبير حصة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة بدولة جيبوتي. ومن المخطط بالفعل دمج قدرة إضافية تبلغ 45 ميجاوات في مزيج الطاقة الوطنية بهدف ضمان أمن الطاقة لدى البلاد وصولًا إلي تحقيق استقلالها في مجال الطاقة. بالإضافة إلى محطة فرعية بقدرة 220 ميجا فولت أمبير وخط نقل علوي بطول 5 كيلومترات للاتصال بمحطة كهرباء جيبوتي الفرعية (“EDD”).
ومن المقرر أن توفر مزرعة الرياح، الكهرباء لنحو 38% من سكان جيبوتي الذين لا يستطيعون الوصول إليها حاليًا.


لعب دور محوري في مكافحة التغيرات المناخية
جيبوتي تمتلك ما يكفي من موارد الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، ومع تشغيل مزرعة الرياح (ريد سي باور) التي تبلغ تكلفتها 122 مليون دولار وتقع بالقرب من بحيرة قبة الخراب وتم الإعلان عنها في 2020، ستتجنب البلاد إصدار 252,500 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا، وذلك بحسب تحالف المستثمرين الذي يشمل (أفريكا فاينانس كوربوريشن) وبنك التنمية الريادية الهولندي (إف.إم.أو).
وقال سامايلا زوبايرو، رئيس أفريكا فاينانس كوربوريشن “ستؤدي المزرعة الجديدة دورا محوريا في المعركة ضد تغير المناخ”.
وأردف “لا تزيد فقط من إتاحة الطاقة المتجددة في جيبوتي، لكنها تحد أيضا بشكل ضخم من الانبعاثات المتولدة من المحطات والمصانع الحرارية بالمنطقة”.
وستبيع مزرعة الرياح الطاقة المتولدة منها بموجب اتفاق شراء كهرباء طويل الأجل إلى شركة الكهرباء الوطنية في جيبوتي.


التأسيس لـ”منطقة صناعية خضراء”
ووافق تحالف المستثمرين على تمويل عملية توسعة أخرى بقدرة 45 ميجاوات في مزرعة الرياح؛ حيث قال زوبايرو -بحسب “رويترز”- إنه يعتقد أن الموقع به إمكانية توليد 300 ميجاوات.
ولتقليل المخاطر، جرى تمويل المشروع باستخدام قرض تجسيري ظل ساريًا حتى اكتمال إنشاء مزرعة الرياح. وقدم البنك الدولي أيضًا غطاء مخاطر سياسية لتغطية التزامات حكومة جيبوتي.
وذكر زوبايرو أنه يأمل أن يسهم المشروع في هدف إنشاء “منطقة صناعية خضراء” في جيبوتي تتمركز حول قطاع الشحن، وذلك نظرًا لوقوع البلد الصغير وسط أحد أكثر المسارات البحرية ازدحاما على الصعيد العالمي. وأضاف “الآن، توجد طاقة هنا، طاقة خضراء، يمكن للناس رؤية كيفية دخولهم في شبكتها”.

وختامًا، تلعب جيبوتي دورًا مركزيًا في سوق الطاقة العالمية، بفضل سواحلها الواسعة ومرافق الموانئ المخصصة لها والتي تقع في موقع استراتيجي على طول البحر الأحمر وخليج عدن. لذلك؛ حان وقت اعتمادها الضخم على الكهرباء المستوردة، وبالتالي تحولها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة الخضراء.