كتبت – شيماء علي سلامة

باحثة في الشؤون الأفريقية

أصبح انعدام الأمن الغذائي قضية ملحة في العالم كله بشكل عام؛ حيث أدت عدة عوامل، منها

التغيُّرات المناخية، وظاهرة النينو، وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، والآثار المستمرة لجائحة فيروس كورونا، إلى تفاقم الحالة العالمية لانعدام الأمن الغذائي في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي، فتزعزعت الأنظمة الغذائية، وتركت أعدادًا كبيرة من السكان دون إمكانية الحصول على تغذية كافية.

وفي الوقت الذي تواجه فيه بلدان العالم أجمع التحديات المعقدة الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي، نجد أن هذه المسألة لافتة للنظر بشكل خاص في منطقة شرق أفريقيا، والتي تعج بالإمكانات، حيث يعاني الملايين من النضال اليومي للحصول على طعام كاف ومغذٍّ، مما يعرض صحتهم وسبل معيشتهم وتنميتهم للخطر، وتشمل منطقة شرق أفريقيا وفقًا لتصنيف الاتحاد الأفريقي (بوروندي، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، الصومال، السودان، جنوب السودان، تنزانيا، كينيا، أوغندا، رواندا، سيشل، جمهورية الكونغو الديموقراطية).

وسوف نعرض في هذه الدراسة الطبيعة متعددة الأوجه لانعدام الأمن الغذائي في شرق أفريقيا،

وأسبابه والآثار المترتبة عليه وحلوله المحتملة.

وفقًا للإحصائيات الأخيرة نجد أنه اعتبارًا من سبتمبر 2023 كان ما يقدر بنحو 62.6 مليون

شخص في منطقة شرق أفريقيا يعانون من انعدام الأمن الغذائي[1]، وهذا يُترجَم إلى ما يقرب من

واحد من كل أربعة أفراد يفتقرون إلى الوصول المستمر إلى الغذاء الكافي، وغالبًا ما يلجؤون إلى

تخطي وجبات من الطعام أو استهلاك كميات غير كافية، ويُعتبر الوضع سيئًا بشكل خاص في

دول مثل إثيوبيا والصومال وجنوب السودان والسودان؛ حيث يواجه عدد كبير من السكان مستويات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي سواء أزمة مستمرة أو طارئة[2].

وقد تعرضت الصومال مؤخرًا لموجة حادة من الجفاف والفيضانات أثرت سلبًا في الأمن الغذائي

في المنطقة.

تعريف الأمن الغذائي: هو وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية

الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية[3].

أولًا: أسباب انعدام الأمن الغذائي في شرق أفريقيا:

تتشابك عوامل متعددة لخلق أزمة الغذاء، منها: التغير المناخي، الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي، تأثير الحرب الروسية – الأوكرانية، وسوف نعرض فيما يلي لهذه الأسباب بالتفصيل.

  1. التغيُّر المناخي:

يبرز تغير المناخ باعتباره السبب الرئيسي في هذه الأزمة، حيث تؤدي أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة، والجفاف المطول إلى تدمير الإنتاج الزراعي، فضلًا عن محدودية الوصول إلى الري، وتقنيات الزراعة المقاومة للمناخ، والذي يجعل المجتمعات عرضة لفشل الحصاد ونقص الغذاء[4]. وأصبح العالم بشكل عام يشهد طقسًا أكثر تطرّفاً وارتفاعاً في درجات الحرارة، ونقصاً في هطول الأمطار وفترات من الجفاف، ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2023 فقد أصبحت هناك 13 دولة أفريقية تعاني من انعدام الأمن المائي بشكل خطير بسبب التغييرات المناخية، منها في شرق أفريقيا، وفقًا للتقرير خمسة دول هي (جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، الصومال، وجنوب السودان)[5].

ونجد أن منطقة القرن الأفريقي تعاني من ظروف الجفاف المستمرة، مما أثر على أكثر من 29

مليون شخص، وتعتمد المجتمعات في المنطقة على الزراعة المطيرة والرعي، لكن الجفاف المطوًّل، فضلًا عن موسم جفاف عام 2023 الذي يُقال إنه الأسوأ منذ حوالي 40 عامًا، حوَّل الأراضي الصالحة للزراعة إلى غبار، وتسبب في فشل المحاصيل، وندرة المياه، وهلاك قطعان الماشية. إن تأثير هذا التغير المناخي هائل يضر المجتمعات بأشكال مختلفة، حيث ارتفعت معدلات سوء التغذية، وخاصة بين الأطفال، وأصبح ما يصل إلى 4 ملايين شخص في المنطقة يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد[6].

وتعاني دول شرق أفريقيا من نسب مرتفعة من الإجهاد المائي، والذي يعرَّف بأنه “ندرة المياه” بحيث يتجاوز الطلب على المياه الصالحة للاستخدام في منطقة معينة ما هو متوفر، بمعني أنه يقيس إجمالي المسحوب السنوي من المياه كنسبة مئوية من إجمالي المياه الصالحة للشرب المتوفرة سنوياً. ووفقًا لأهداف التنمية المستدامة في أفريقيا يجب ألا تتجاوز نسبة الإجهاد المائي 25%[7].

والجدول التالي يوضح نسب الإجهاد المائي الذي تعاني منه دول شرق أفريقيا:

الدولةنسبة الإجهاد المائي
كينيا33.24 %
تنزانيا12.96 %
أوغندا5.83 %
رواندا20.2 %
بوروندي10.19 %
السودان118 %
جنوب السودان4.23 %
الصومال24.53 %
إريتريا85.2 %
إثيوبيا32 %
جيبوتي6.3 %

                     المصدر: الجدول من إعداد الباحثة بالرجوع إلي مصادر مختلفة[8]

وكما هو موضح في الجدول السابق نجد أن السودان تعد من أكبر الدول التي تواجه ضغوطا

مائية عالية للغاية، حيث تصل التقديرات إلى 118%، وهذا يعني أن البلاد تسحب جزءًا كبيرًا من موارد المياه العذبة المتاحة لديها، مما يضع ضغطًا هائلا على أنظمة المياه لديها، ويساهم في تحديات مثل ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي ويكون تأثيره على الأمن الغذائي بسبب كون النشاط الرئيسي لمعظم اقتصادات شرق أفريقيا، والمصدر الرئيسي للغذاء والدخل للملايين، وهو بالطبع نشاط كثيف الاستخدام للمياه، وعندما تكون المياه شحيحة فإن الإنتاج الزراعي سوف يتضرر بشكل كبير، وهو ما يتجلى بطرق مختلفة:

  • انخفاض غلة المحاصيل: حيث تؤدي أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة وانخفاض توافر المياه إلى توقف نمو المحاصيل وفشل الحصاد، وهو ما يُترجم مباشرة إلى انخفاض في إنتاج الغذاء، مما يؤثر في كل من الأمن الغذائي الوطني والوصول الفردي[9].

وتشير الإحصائيات إلى أن التغيرات المناخية لها آثار مدمرة على إنتاج المحاصيل والأمن الغذائي، وتأثرت محاصيل الحبوب الرئيسية المزروعة في شرق أفريقيا، ومن المتوقع حدوث انخفاض في متوسط ​​العائد الزراعي في شرق أفريقيا بنسبة 8%[10].

  • إمكانات الري المحدودة: تفتقر العديد من المناطق في شرق أفريقيا بالفعل إلى البنية التحتية المناسبة للري، مما يحد من قدرتها على التكيف مع ندرة المياه، وهذا ما يجعل العديد، إن لم يكن كل المزارعين، يلجؤون إلى الزراعة المطرية، مما يجعلهم معرضين بشدة للجفاف وأنماط هطول الأمطار التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي تغيرت بفعل التغيير المناخي بالفعل[11].
  • موارد الأراضي المتدهورة: يمكن أن يؤدي الجفاف والاستغلال المفرط لموارد المياه الشحيحة إلى تآكل التربة وتملحها، مما يؤدي إلى زيادة تقليل إنتاجية الأراضي، وخلق حلقة مفرغة من ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي[12].

وتتعرض منطقة شرق أفريقيا لظواهر جوية متطرفة ترتبط بشكل مباشر بالتغير المناخي، حيث

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى تغيير أنماط الطقس، مما يؤدي إلى مزيد من عدم انتظام هطول الأمطار، وزيادة معدلات التبخر، وتفاقم حالات الجفاف والفيضانات الشديدة[13]. ومن أكبر الأمثلة على هذه الحالة هو موجة الجفاف التي تعرضت لها الصومال، والتي تعد الأطول والأشد منذ أربعة عقود، وانتهت بهطول أمطار غزيرة، وفيضانات حدثت في أواخر عام 2023، وترتَّب عليها تدمير البنية التحتية وتعطيل الإنتاج الزراعي، مما كان له عظيم الأثر علي تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي[14]، وكان من المتوقع أن يواجه 4.3 مليون شخص أزمة الأمن الغذائي[15].

هذا فضلًا عن ظاهرة النينو- التذبذب الجنوبي، وما لها من تأثيرات على المناخ، ومن ثم المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي، وتُعرف ظاهرة النينو بأنها ظاهرة مناخية واسعة النطاق تحدث بشكل طبيعي، وتنطوي على تقلُّب درجات حرارة المحيطات في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي العلوي، في دورات غير منتظمة تتراوح من 2 إلى 7 سنوات وتنطوي على 3 مراحل: النينيو، والنينيا، ومرحلة محايدة.

ويتمثل تأثير هذه الظاهرة على شرق أفريقيا بالشكل الآتي: ظروف أكثر رطوبة خلال موسم

الأمطار القصير (أكتوبر – ديسمبر)، ظروف أكثر جفافاً من المعتاد خلال الفترة من (ديسمبر إلى فبراير)، وقد أدت هذه الظاهرة إلى حدوث جفاف على مدار 3 سنوات متتالية خلال الفترة من 2020-2023 في إثيوبيا وكينيا والصومال، تاركة ملايين الأشخاص يواجهون الجوع الشديد[16].

وتمتد آثار التغيير المناخي والإجهاد المائي إلى ما بعد إنتاج المحاصيل، وهي آثار تؤدي إلى

انعدام الأمن الغذائي بشكل مباشر أو غير مباشر، ونذكر من ذلك ما يلي:

نفوق الماشية: تؤثر ندرة المياه على تربية الماشية، وهي مصدر مهم للبروتين والدخل للعديد من المجتمعات، ويؤدي توافر المياه المحدودة للري وعدم كفاية العلف بسبب انخفاض إنتاجية أراضي المراعي إلى نفوق الماشية، مما يعرض الأمن الغذائي وسبل العيش للخطر، وهو ما ظهر جليًا وفقًا لأحدث إحصائيات لعام 2022، حيث كان موسم الأمطار لهذا العام (مارس – مايو) هو الأكثر جفافًا على الإطلاق، ودمر سبل العيش، ونفق ما يقدر بنحو 1,5 مليون رأس من الماشية في كينيا، وفى إثيوبيا 2.1 مليون، وفي بقية مناطق شرق أفريقيا قُدرت الإحصائيات بأنه 1 من أصل 3 من الماشية قد هلكت منذ منتصف عام 2021[17]، وفي نوفمبر 2023  تعرضت كينيا لأمطار غزيرة أعقبتها فيضانات أدت إلى نفوق حوالي 1000 من الماشية[18]. وعلى جانب آخر تكبَّدت كينيا وإثيوبيا والصومال وجنوب السودان 7.4 مليار دولار من خسائر الماشية وحدها نتيجة لتغير المناخ لعام 2023[19].

انعدام الأمن المائي للأسرة: غالبًا ما تتنافس الأسر التي تعمل بالزراعة على الموارد، وتواجه هذه الأسر ندرة المياه، ليس فقط في الزراعة وإنما أيضًا في تلبية الاحتياجات المنزلية الأساسية مثل الشرب والطبخ والصرف الصحي، وهو ما يؤثر بشكل غير متناسب النساء والفتيات اللواتي غالبًا ما يتحملن مسؤولية جمع المياه ويواجهن زيادة التعرض للمخاطر الصحية[20].

زيادة أسعار المواد الغذائية: حيث يؤدي انخفاض إنتاج الغذاء بسبب ندرة المياه إلى نقص المحاصيل في السوق وارتفاع الأسعار، مما يجعل العديد من الأسر تكافح من أجل تحمل حتى الضروريات الأساسية، وهو ما يزيد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي، ويؤثر بشكل خاص في الفئات الضعيفة من السكان.

سوء التغذية والمرض: حيث يؤدي عدم كفاية الحصول على أغذية متنوعة ومغذية بسبب الإجهاد المائي إلى سوء التغذية، لا سيما بين الأطفال، وهو ما يضعف من مناعتهم، ويزيد من القابلية للإصابة بالأمراض ويخلق حلقة مفرغة من انعدام الأمن الصحي والغذائي[21]. وعلى سبيل المثال فإن أزمة الفيضانات الأخيرة في الصومال قد نتج عنها حالات من سوء التغذية الحاد حيث اشارت تقارير إلى أن ما يقرب من 1.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6- 59 شهرًا “دون سن الخامسة” يواجهون سوء التغذية الحاد[22].

2 . الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي:

تواجه منطقة شرق أفريقيا تحديًا مستمرًّا يتمثَّل في انعدام الأمن الغذائي، وتعمل النزاعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي كمحفزات للجوع، وقد شهدت منطقة شرق أفريقيا تاريخًا طويلا من الصراعات المتكررة وعدم الاستقرار السياسي، ولا تزال تعاني حتى الآن، مما أدى إلى أزمات إنسانية معقدة وبعيدة المدى. واحدة من العواقب الأكثر تدميرًا هو انتشار انعدام الأمن الغذائي الذي يجتاح المجتمعات في جميع أنحاء المنطقة، مما يخلق شبكة معقدة من الأسباب والعواقب، ويؤدي إلى صراعات تفضي إلى تآكل أركان الأمن الغذائي، وتترك الملايين عرضة للخطر.

كما يؤدي إلى تعطيل إنتاج الغذاء؛ حيث يضطر المزارعون إلى الفرار من أراضيهم، ويتم نهب

الإمدادات الزراعية، ويحدث تضرر أو تدمير للبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الطرق وأنظمة

الري، فضلًا عن تشريد ملايين الأشخاص وتحويلهم إلى نازحين داخليًا أو لاجئين يفتقرون إلى

الموارد اللازمة لشراء أو زراعة طعامهم، وغالبًا في حالات النزاعات المسلحة يتم إعاقة وصول

المساعدات الإنسانية، وسوف نفصِّل آثار العنف والنزاعات المسلحة على الأمن الغذائي على النحو التالي:

التدمير المباشر للزراعة: حيث تصبح الأراضي الزراعية ساحات قتال، ويتم تدمير المحاصيل، ويتم تهجير المزارعين بعنف من حقولهم. في ظل هذه الفوضى غالبًا ما تتعرض البنية التحتية الزراعية الحيوية، وسلاسل التوريد، والإمداد للتلف أو التدمير، مما يعيق إنتاج الغذاء لسنوات قادمة، فعلى سبيل المثال في جنوب السودان، تركت سنوات من الحرب الأهلية مساحات من الأراضي كانت خصبة في السابق غير مزروعة وحولت المجتمعات الزراعية إلى لاجئين[23].

النزوح وفقدان سبل العيش: يضطر الملايين إلى الفرار من منازلهم والتخلي عن ممارسات الزراعة أو تربية الماشية، وهو يجعلهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وغالبًا ما يكافحون للحصول على مصادر غذائية كافية أو مغذية، ويتجلى هذا التأثير في مخيمات اللاجئين في جميع أنحاء المنطقة، مثل مجمع داداب في كينيا، والمستوطنات في إثيوبيا التي تستضيف اللاجئين السودانيين والسودانيين الجنوبيين[24].

استغلال الموارد: غالبا ما تستغل الجماعات المسلحة، والجهات الفاعلة الانتهازية، الموارد الغذائية من أجل الربح أو كسلاح حرب، ويشمل ذلك نهب الإمدادات الغذائية، والتجنيد القسري للمزارعين، والسيطرة على الأسواق، مما يزيد من تفاقم الندرة والحرمان.

3 . تأثير الحرب الروسية – الأوكرانية على الأمن الغذائي

تسببت حرب أوكرانيا في صدمة بالنسبة لدول شرق أفريقيا، حيث تعتمد بشكل كبير على الشعير

والقمح والذرة المستوردين من روسيا وأوكرانيا، وأدت الحرب إلى انهيار البنية الزراعية في أوكرانيا

ومن ثم تعطُّل التصدير وارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، وهو ما وضع دول شرق أفريقيا في أزمة غذائية، فنجد أن الصومال على سبيل المثال تستورد ما يقرب من 100% من استهلاكها من القمح من روسيا وأوكرانيا[25]، وواردات شرق أفريقيا من الحبوب 45% منها تأتي من أوكرانيا، وتستورد السودان 40% من احتياجاتها من القمح من كلا البلدين “روسيا، وأوكرانيا”[26].

كما أدت الحرب لارتفاع تكاليف الأسمدة فعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار الأسمدة في كينيا هذا العام بنسبة 70% مقارنة بعام 2021، حيث إن روسيا تصدر لها حوالي 17% من احتياجاتها من الأسمدة، حذرت منظمة “أوكسفام” من انخفاض إنتاج المحاصيل في كينيا بنسبة 70%، مشيرة إلى كارثة تلوح في الأفق مع معاناة نحو 3.1 ملايين شخص من الجوع الحاد، فضلًا عن أن ما يقرب من نصف الأُسَر في كينيا يقترضون الطعام أو يشترونه عن طريق الاقتراض[27].

كما تؤثر في وصول المساعدات الإنسانية، حيث يعتمد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم

المتحدة بشكل كبير على منطقة البحر الأسود للحصول على الإمدادات الحيوية من الحبوب

والقمح، وانخفاض توافر هذه السلع وزيادة تكلفتها بسبب الحرب، يحد بشدة من قدرة وكالات المعونة على تلبية الاحتياجات المتزايدة باستمرار[28].

ثالثًا: الخاتمة والحلول المقترحة:

يمثل انعدام الأمن الغذائي في شرق أفريقيا تحديًا معقدًا ومتعدد الأوجه، حيث يؤدي التقاء العوامل من التغير المناخي، والفقر والصراعات الداخلية، إلى خلق حلقة مفرغة تؤدي إلى مزيد من الجوع.

وبشكل عام ستظل مسألة انعدام الأمن الغذائي قضية أساسية ذات جذور هيكلية عميقة، والكثيرمن البلدان الأفريقية تحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجياتها المتعلقة بإمدادات المواد الغذائية وإمكانية الحصول عليها، حيث يجب أن تأخذ السياسات الزراعية بعين الاعتبار الموارد المتاحة واستدامتها والسبل الفضلى للاستفادة منها، ما قد يعني التركيز على الإنتاج الزراعي لأغراض الاستهلاك المحلي، والاكتفاء الذاتي عوضًا عن المحاصيل النقدية، والاعتماد المفرط على مجموعة ضيقة من الواردات.

وسوف نعرض فيما يلي بعض الحلول المقترحة لتخطي هذه الأزمة:

  • الاستثمار في ممارسات الإدارة المستدامة للمياه: يشمل ذلك تجميع مياه الأمطار، وتقنيات الحفاظ على المياه، وتحسين البنية التحتية للري لتحقيق استخدام أكثر كفاءة لموارد المياه المتاحة.

  • تعزيز الزراعة الذكية مناخيًا: يمكن أن يساعد تبني محاصيل مقاومة للجفاف وتنويع الزراعة وتحسين ممارسات صحة التربة وإدارتها المجتمعات على التكيف مع أنماط الطقس المتغيرة وتقليل اعتمادها على الممارسات كثيفة الاستخدام للمياه.

  • تعزيز التعاون الإقليمي: تعد الجهود التعاونية وتبادل المعرفة بين بلدان شرق أفريقيا أمرًا بالغ الأهمية لمواجهة تحديات الموارد المائية المشتركة، ووضع استراتيجيات إقليمية لتعزيز الأمن الغذائي.

  • تطوير البنية التحتية: حيث يمكن للاستثمار في الطرق الريفية ومرافق التخزين وأنظمة الري أن يعزز الوصول إلى الأسواق، ويقلل من خسائر ما بعد الحصاد، ويضمن التوزيع الفعال للأغذية في جميع أنحاء المنطقة، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يقلل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويقلل من الاضطرابات في أنشطة إنتاج الأغذية وتوزيعها الحيوية.

ولتحقيق الأمن الغذائي في شرق أفريقيا يجب بذل جهود متضافرة تشمل كلًا من الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمعات المحلية والمزارعين، من خلال معالجة الأسباب الكامنة وراء الجوع، والاستثمار في الحلول المستدامة، وتعزيز التعاون الإقليمي.


[1] Food security and nutrition situation in eastern Africa Q3 2023. Available at: https://reliefweb.int/report/somalia/food-security-and-nutrition-situation-eastern-africa-q3-2023-november-2023

[2] East Africa. Available at: https://fews.net/east-africa

[3] https://www.albankaldawli.org/ar/topic/agriculture/brief/food-security-update/what-is-food-security

[4] María del Mar Hidalgo García, The Impact of Climate change on Food Secrity, Pp. 64,65 at https://dialnet.unirioja.es/descarga/articulo/4229903.pdf

[5] Water-insecure Africa gets some wins at the UN Water Conference Accessed 25/2/2024 at https://www.un.org/africarenewal/magazine/april-2023/water-insecure-africa-gets-some-wins-un-water-conference#:~:text=In%20fact%2C%2013%20African%20countries,Somalia%2C%20South%20Sudan%20and%20Sudan.

[6]Rising climate death toll in Africa underscores urgency for COP28 action,  Accessed 26/2/2024, at

https://reliefweb.int/report/world/rising-climate-death-toll-africa-underscores-urgency-cop28-action

[7] https://www.undp.org/sites/g/files/zskgke326/files/migration/eg/SDGs-Report-Egypt-2030-AR.pdf

[8] https://donnees.banquemondiale.org/country/DJ ,  and

https://www.worldfoodprize.org/documents/filelibrary/youth_programs/2022_gyi_student_papers/Senthilkumar_Harini_FC0C522441194.pdf , and

https://data.albankaldawli.org/indicator/ER.H2O.FWST.ZS?end=2020&most_recent_year_desc=true&start=2020&view=bar

[9] https://www.ipcc.ch/srccl/chapter/chapter-5/

[10] https://www.youm7.com/story/2023/5/21/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%AA%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9/6186420

[11] Relevance of Kenyan Irrigation Experience to Eastern and Southern Africa at https://publications.iwmi.org/pdf/H030845.pdf

[12] Kirui, Oliver Kiptoo; Mirzabaev, Alisher, “Economics of land degradation in Eastern Africa” in ZEF Working Paper Series (Bonn: University of Bonn, Center for Development Research (ZEF), No. 128, 2014) P.3.

[13] https://openknowledge.worldbank.org/entities/publication/8f51dc1a-e342-40a3-8fbe-08e9aa4a2058

[14] https://www.aljazeera.com/features/2023/11/22/first-the-drought-then-flood-climate-crisis-compounds-woes-for-somalis

[15] https://reliefweb.int/report/somalia/somalia-ipc-acute-food-insecurity-and-acute-malnutrition-analysis-august-december-2023-published-18-september-2023

[16]https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/el-nino-southern-oscillation-(enso)#:~:text=%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A9%20%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9,%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D8%A3%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%81%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%8A.  

[17] The threat of starvation looms in East Africa after four failed rainy seasons, Accessed 26/2/2024, at https://reliefweb.int/report/somalia/threat-starvation-looms-east-africa-after-four-failed-rainy-seasons#:~:text=An%20estimated%203.6%20million%20livestock,in%20Somalia%20and%20southern%20Ethiopia.

[18] https://reliefweb.int/report/world/rising-climate-death-toll-africa-underscores-urgency-cop28-action , Op.Cit. .

[19] Rich nations paid less than 5 percent of the $53.3 billion East Africa needs to confront the climate crisis, Accessed 26/2/2024, https://www.oxfam.org/en/press-releases/rich-nations-paid-less-5-percent-533-billion-east-africa-needs-confront-climate

[20] https://www.who.int/news/item/06-07-2023-women-and-girls-bear-brunt-of-water-and-sanitation-crisis—new-unicef-who-report

[21] https://www.fao.org/3/ca9692en/ca9692en.pdf

[22] https://reliefweb.int/report/somalia/somalia-ipc-acute-food-insecurity-and-acute-malnutrition-analysis-august-december-2023-published-18-september-2023, Op.Cit. .

[23] https://www.unrefugees.org/news/south-sudan-refugee-crisis-explained/

[24] https://www.unrefugees.org/news/inside-the-worlds-five-largest-refugee-camps/

[25] Impacts of The Suspension of the Black Sea Grain Initiative in Eastern Africa, Accessed 26/2/2024 At

https://reliefweb.int/report/ethiopia/impacts-suspension-black-sea-grain-initiative-eastern-africa

[26] https://ec.europa.eu/info/sites/default/files/food-farming-fisheries/key_policies/documents/safeguarding-food-security-reinforcing-resilience-food-systems-annex.pdf

[27] https://www.hrw.org/news/2022/04/28/ukraine/russia-war-continues-africa-food-crisis-looms

[28] Idem. .