كتبت – أسماء حمدي

يتمتع الممثل البريطاني، إدريس إلبا بطموحات تتجاوز الشاشات، إذ يرغب بتحقيق حلمه بتحويل جزيرة قبالة سواحل سيراليون الواقعة في غرب إفريقيا، البلد الذي ولد فيه والده، إلى مدينة ذكية صديقة للبيئة تعمل بطاقة الرياح.
ويعمل الممثل مع صديق طفولته لتطوير جزيرة شيربرو، التي تبلغ مساحتها تقريبًا مساحة جزيرة آيل أوف مان، وتشتهر بشواطئها البكر التي تعتبر منطقة لتعشيش السلاحف البحرية الخضراء، بعد أن حصلت الجزيرة على ما يكفي من الحكم الذاتي من قبل الحكومة.
حلم
يقول إلبا لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”: “وفي الأصل، ذهبنا إلى هناك ونفكر في كيفية جلب السياحة إلى الواجهة البحرية الرائعة الممتدة على مسافة 19 ميلا”، مضيفت: “هذا حلمي”.
لكن صديقه سياكا ستيفنز، وهو حفيد الرئيس السابق (الذي يحمل الاسم نفسه، والذي خدم بين عامي 1971 و1985) قال إنه أصبح من الواضح أن سيراليون لم تكن مستعدة بعد لمثل هذا التدفق من السياح.
وبدلاً من ذلك، قرر الصديقان اللذان نشأ معًا في شرق لندن الشروع في مشروع أكثر طموحًا، إذ توصلت شركتهم، شيربرو ألاينس بارتنرز (SAP)، الذي شارك إلبا في تأسيسها في عام 2019، إلى اتفاقيات مع حكومة سيراليون، بالإضافة إلى العديد من الشركات الكبرى، لبناء مدينة صديقة للبيئة في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، لجذب الأشخاص من جميع أنحاء العالم للعيش، والعمل، والاستثمار، والترفيه.
وقد اتفقوا مع شركة الطاقة أوكتوبس لبناء أول مزرعة للرياح في سيراليون على الجزيرة، التي تفتقر إلى شبكة الكهرباء الرئيسية وتبعد مسافة ساعتين بالعبارة من البر الرئيسي، وقال إلبا إن اتباع نهج مستدام لتطوير المشروع سيكون أمرًا أساسيًا في جميع مراحل التطوير.
مدينة عالمية
أعرب إلبا عن أمله في إنشاء مدينة عالمية متنوعة ثقافيًا تمزج بين التقاليد والديناميكية والتراث الإفريقي مع البنية التحتية والخدمات الحديثة، مشددا على ضرورة احترام الثقافة والعادات المحلية للجزيرة.
وأضاف: “نأمل أن يظل طابع الجزيرة سليما، إنه جزء جميل وأخضر من العالم ولا نريد تغيير ذلك”، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالاعتماد على الذات، وبإقامة اقتصاد يغذي نفسه ويتمتع بإمكانات النمو”.
وأردف: “أنا حريص جدًا على إعادة صياغة الطريقة التي يُنظر بها إلى إفريقيا كنموذج للمعونة، هذه الفرصة مختلفة تماما.”
وحدد النجم إلبا وصديقه ستيفنز 3 مبادئ رئيسية للمشروع، ومن بينها التنمية على أساس القيم والمبادئ الثقافية الإفريقية، التي تعطي الأولوية للمجتمع والتعاون واحترام الطبيعة.
وقالوا أيضًا إنهم خططوا لتصميم البنية التحتية بطريقة قابلة للتكيف مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتغيرة واتباع مبادئ المدينة البيئية، مثل البناء بطريقة صديقة للبيئة وموفرة للطاقة، والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ.


الطاقة النظيفة
قال ستيفنز إن التطوير في الجزيرة سيدعمه مصادر الطاقة النظيفة، ولفت الصديقان إلى أنهما سعوا أيضًا إلى استشارة سكان الجزيرة، قائلين إنهم زاروا كل منهم عدة مرات للقاء القادة المحليين والسكان.
في الشهر الماضي، أعلنت لويدز لندن أنها ستتولى دورًا في المشروع، لكنها قالت في ذلك الوقت إن شركة ستيفنز وإلبا كانت لا تزال في طور إعداد دراسات الجدوى مع حكومة سيراليون.
قال إلبا وستيفينز إنهما يأملان في البدء في المشروع في غضون عام تقريبًا من بدء تلك الدراسات، لكنهما أكدا على أن هذه عملية من المرجح أن تستمر لعقود، وتعد دراسة الجدوى سؤالًا رئيسيًا للمشروع، الذي يقال إن شركة SAP تأمل في جمع مليارات الدولارات من مصادر مختلفة له.
جزيرة “شيربرو”
تقع جزيرة شيربرو قبالة ساحل سيراليون وهي جزيرة صغيرة جميلة، يعادل حجمها مدينة شيكاغو تقريبًا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 40 ألف نسمة في مناطق مختلفة عبر الجزيرة.
وتاريخيا كانت جزيرة شيربرو نقطة اللاعودة في مجال تجارة الرقيق، وكان هذا المكان الذي وضعت فيه إنجلترا عاصمتها لسيراليون (عندما كانت مستعمرة)، في مدينة تسمى بونتي، وهي لا تزال موجودة هناك.
ولا تزال آثار المدينة موجودة، منها نظام الشبكة، ونظام الطرق، والمنازل القديمة، والكنائس، وهي جزء غني تاريخيا بشكل لا يصدق من سيراليون، وتتمتع بـ 19 ميلا (50 كيلومترا) من الساحل البحري.
مدينة مستقبلية
لم تكن فكرة إلبا هي الأولى من نوعها، ففي أواخر العام الماضي، أعلن فنان آخر وهو المغني الأمريكي السنغالي أكون هو، عن خطة لبناء مدينة مستقبلية في موطن أجداده، وكان من المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروعه.
ولكن كما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، في ديسمبر الماضي، فقد تعرض المشروع للتأخير والجدل، حيث لم يتم حتى الآن سوى بناء مركز للشباب وهيكل ما من المخطط أن يكون مركز الترحيب.
في حين تلقى أكون الثناء على الجمالية الإفريقية المستقبلية للمدينة المخطط لها، كانت هناك شكوك حول ما إذا كان سيتم تحقيق ذلك على الإطلاق، إذ كان يغذيها الافتقار إلى التفاصيل حول الخطط.
على العكس، كان إلبا واضحا بشأن نقاط القوة في مشروعه، قائلا: “لم أكن أعتقد قط في حياتي أن بإمكاني بناء الأساس لمدينة ذكية جديدة، ولست مؤهلا لذلك، لكني مؤهل لتحقيق حلم كبير”، مضيفا: “جزء مني يريد بناء دار للتقاعد جميلة لأمي”.
وذكر الممثل البريطاني، أن والده الراحل ربما يعتقد أن الحلم أكبر من اللازم، لكنه قال إنه سيكون فخورًا، وأضاف إلبا: “قال لي إذا كنت ستفعل ذلك، فتأكد من القيام بذلك بشكل صحيح، أنت تفعل ذلك بشكل جيد، تفعل ذلك من كل قلبك وبإتقان، والإتقان أفضل ما تقوم به”.