كتب. محمد الدابولي

تشهد القارة الأفريقية منذ عقد الستينيات تسابقا دوليًّا محمومًا بين الدول الكبرى والإقليمية من أجل مد نفوذها في المناطق الحيوية الجيوسياسية فيها، وتحرص كل تلك الدول على تدعيم وجودها في أفريقيا بمختلف الأدوات والوسائل الممكنة سواء من خلال المساعدات المالية والتنموية وتدعيم بعض النظم الحاكم أو حتى بواسطة التواجد العسكري عبر إقامة قواعد عسكرية لها في أفريقيا.

مما يميز العلاقات الدولية الأفريقية خلال السنوات الأخيرة هي سعي الدول الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط للتواجد في الأقاليم الأفريقية الكبرى ومزاحمة الدور الذي تلعبه القوى الكبرى كأمريكا والصين وفرنسا، ومن أبرز الدول الإقليمية التي سعت مؤخرًا لتعزيز تواجدها في أفريقيا إسرائيل وتركيا وإيران.

فالدول الثلاث المذكورة عملوا على تجاوز امتدادهم الإقليمي في الشرق الأوسط وتحقيق نفوذ متنامٍ في أفريقيا، نفوذ يغلب عليه الغموض ويثير العديد من التساؤلات حول الأهداف والمآلات الحقيقية من وراء هذا النفوذ المتنامي خاصة النفوذ الإيراني المتنامي في أفريقيا.

لم تمتلك إيران رواسب تاريخية قوية في أفريقيا، فدائرة السياسة الخارجية الإيرانية أو بالأحرى الفارسية كانت تتجه إما شرقًا صوب الهند وجبال أفغانستان وصولًا للصين أو شمالًا صوب روسيا وبلاد القوقاز أو حتى غربًا باتجاه العراق والشام والأناضول وصولًا لمصر على أقصى تقدير.

أحدثت الثورة الإيرانية في عام 1979 تغييرات جذرية في بنية السياسة الخارجية الإيرانية، إذ عملت طهران على تمديد نفوذها الإقليمي والدولي، ليس فقط في دول الجوار بل أيضا في المناطق البعيدة عنها والتي تمثل أهمية استراتيجية مثل أفريقيا.

أصبح التواجد الإيراني في أفريقيا اليوم مسلمة غير قابلة للبحث، فخلال ثلاثة عقود فقط نجح نظام الملالي في خلق طائفة شيعية تؤمن بنظام الولي الفقيه تعدادها يتخطى 8 ملايين نسمة في نيجيريا غرب أفريقيا يلعبون حاليًا دورًا محوريًّا في خلق الأزمات السياسية في غرب أفريقيا([i]).

باتت كل التقارير البحثية والإخبارية تشير بوضوح إلى تواجد إيراني فعال تقريبًا في كافة الأقاليم الجغرافية والسياسية الأفريقية (الشمال والجنوب والشرق والوسط والغرب) الأمر الذي يدفعنا للتساؤل حول حدود الدور الإيراني في تلك الأقاليم خاصة الشرق والغرب وما تأثيره على محددات الأمن القومي العربي، وفي هذه الدراسة سنحاول التفاعل مع تلك التساؤلات خاصة في منطقة شرق أفريقيا.

أولا. شرق أفريقيا في ميزان الاستراتيجية الإيرانية

اقتصرت العلاقات الإيرانية مع دول شرق أفريقيا خلال فترة حكم الشاه على الاعتراف الدولي بالدول الأفريقية الوليدة وتبادل السفارات والبعثات الدبلوماسية معها، إلا أنه بعد الثورة الإيرانية أعادت السياسية الخارجية الإيرانية اكتشاف الأهمية الجيوسياسية لمنطقة شرق أفريقيا ودورها الحيوي في معادلة الأمن في منطقة الشرق الأوسط، ولعل حادثة تلغيم البحر الأحمر عام 1984 تدل على ذلك، حيث تشير الاتهامات إلى تورط النظام الإيراني (حكم الملالي) في تلك العملية، وذلك من أجل الضغط على الدول العربية المتعاونة مع العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988)([ii]).

تكمن أهمية إقليم شرق أفريقيا في كونه يضم ثلاث مناطق جغرافية تشكل معًا محورًا هامًّا في تحقيق الأمن الإقليمي والعالمي، وهي منطقة الساحل الأفريقي على المحيط الهندي ومنطقة القرن الأفريقي المشرفة على أبرز المضايق البحرية، وأخيرًا منطقة حوض النيل الغنية بالمياه والتي تلعب دورا مصيريا في تشكيل مصفوفة الأمن القومي المصري؛ فالقاهرة منذ اندلاع الثورة الإيرانية وتبني ساسة طهران فلسفة تصدير الثورة كانت الداعم الرئيسي لدول الجوار الإيراني في مواجهة عمليات تصدير الثورة([iii]).

بالإضافة إلى ما سبق يلعب إقليم شرق أفريقيا دورًا محوريًّا في تسيير التجارة العالمية، حيث تتحكم دول شرق أفريقيا في أهم ممرين ملاحيين يربطان بين دول شرق آسيا ودول غرب أوروبا، وهما قناة السويس في شمال البحر الأحمر وتشرف مصر على إدارتها، ومضيق باب المندب في أقصى جنوب البحر الأحمر، وتطل عليه دول جيبوتي وإيريتريا واليمن والصومال، وتقدر حجم التجارة المارة في الممرين بحوالي 12% من حجم التجارة العالمية، وذلك وفقًا لتصريحات الرئيس السابق لهيئة قناة السويس مهاب مميش([iv]).

 وبالإضافة إلى الدور التجاري لدول القرن الأفريقي، لعبت الموانئ الكينية والتنزانية دورًا كبيرًا في حركة التجارة العالمية خاصة في ظل التهديدات التي يواجهها باب المندب، فخلال فترة القرصنة الصومالية في خليج عدن لجأت الحاويات وناقلات النفط الكبرى إلى الرسو واستخدام ميناء مومباسا شرق كينيا كمحطة للتزود بالمؤن والوقود قبل سلك طريق “رأس الرجاء الصالح”.

تزايدت الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي في السياسية الخارجية الإيرانية بعد “حرب صعدة الأولى([v])” التي شنتها ميليشيات حركة “أنصار الله” المعروفة بجماعة الحوثي ضد الجيش اليمني، وتعد جماعة الحوثي الذراع الإيرانية الأولي في منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر، حيث عمدت طهران إلى استغلال السواحل الشرقية في القرن الأفريقي في تهريب الأسلحة والمعدات الحربية إلى جماعة الحوثي، كما تلعب جماعة الحوثي حاليًا دورًا مؤثرًا في زعزعة استقرار حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر من خلال استهداف الحاويات والناقلات النفطية المارة في مضيق باب المندب.

ثانيًا- أبعاد الدور الإيراني في شرق أفريقيا

مع انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 توسعت السياسة الخارجية الإيرانية صوب شرق أفريقيا، خاصة السودان، ففي البداية تلقى تحالف “البشير – الترابي” الذي وصل للحكم عبر انقلاب عسكري في يونيو 1989 دعمًا قويًّا من نظام الملالي في طهران، حيث عُد الانقلاب العسكري في السودان -أو ما كان يطلق عليه ثورة الإنقاذ- امتدادًا للثورة الإيرانية.

تميزت أبعاد السياسة الإيرانية تجاه منطقة شرق أفريقيا بالتنوع وعدم الاقتصار على بعد معين، فبالإضافة إلى بعد العلاقات الرسمية السياسية والاقتصادية لجأت طهران إلى التعاون مع العديد من الجماعات والتنظيمات الفاعلة في منطقة شرق أفريقيا، هذا بالإضافة إل محاولة خلق كيانات اجتماعية شاملة موالية لطهران، وهو ما سيتضح في النقاط التالية:

  • استغلال العزلة الدولية لدول شرق أفريقيا: خلال العقود الثلاثة الأخيرة تعرضت بعض دول شرق أفريقيا لحالة من العزلة الدولية على خلفية عقوبات أمريكية ودولية وقعت عليها بسبب بعض الاتهامات التي وُجهت إلى تلك الدول بدعم الجماعات الإرهابية والعنف الإثني وتأميم بعض الأراضي كما حدث في السودان وإيريتريا وكينيا وأخيرًا زيمبابوي([vi]).

عملت طهران على استغلال حالة العزلة الدولية المفروضة على الدول الأربعة، ففي حالة السودان عملت على استغلال حالة العزلة التي مُني بها السودان بعد تولي الرئيس السابق عمر البشير الحكم جراء الانتهاكات المتواصلة في جنوب السودان واستضافة تنظيم القاعدة خلال فترة التسعينيات، ومن أبرز صور التقارب السوداني الإيراني الزيارات المتتالية التي قام بها الرؤساء الإيرانيون للخرطوم؛ فالرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني زار الخرطوم مرتين؛ الأولى عام 1991، والثانية في عام 1996، أما الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد فزار هو الآخر البلاد مرتين؛ الأولى في عام 2007، والثانية في عام 2011، وفي المقابل زار الرئيس السوداني المعزول عمر البشير إيران عدة مرات ([vii]).

أما في حالة إيريتريا فقد استغلت طهران فرصة فرض عقوبات أمريكية على إيريتريا في تحقيق التواصل مع أسمرة مستفيدة من موقعها الجغرافي في جنوب البحر الأحمر، حيث تناولت العديد من التقارير الإخبارية أمر وجود عسكري إيراني في أرخبيل دهلك وميناء مصوع قبل عام 2016، ومما يدل على سعي إيران الحثيث للتعاون مع إيريتريا هو تبادل البعثات الدبلوماسية بين الطرفين عامي 2007 و2008. وفي عام 2008 قام الرئيس الإيريتري أسياس أفورقي بزيارة طهران مُوقعًا العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الطرفين ([viii]).

أدى فرض العقوبات الأمريكية وفرض حالة من العزلة الدولية على زيمبابوي في عام 2000 إلى تعضيد العلاقات الإيرانية الزيمبابوية، ففي نوفمبر 2006 قام الرئيس الراحل لزيمبابوي روبرت موجابي بزيارة العاصمة الإيرانية طهران، وفي تلك الزيارة أثنى المرشد الإيراني خامئني بالموقف الزيمبابوي تجاه الدول الغربية([ix])، وفي نوفمبر 2009 أعلن الرئيس موجابي دعم بلاده للبرنامج النووي الإيراني([x]).

ونتيجة لأحداث العنف التي شابت الانتخابات الكينية عام 2007 فرضت عزلة دولية على النظام السياسي الكيني، الأمر الذي استغلته نظام الملالي لتوسيع قاعدتها السياسية والدبلوماسية في شرق أفريقيا، حيث قام رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا بزيارة طهران في عام 2008، وفي عام 2009 زار نجاد نيروبي مقدمًا العديد من التسهيلات والاتفاقيات التجارية والاقتصادية بين نيروبي وطهران، هو ما تجلى في عام 2012 حين وقّعت إيران اتفاقًا مع شركة النفط الوطنية الإيرانية بموجبه تورد طهران 4 ملايين طن من النفط الخام إلى كينيا إلا أن نيروبي وبسبب الضغط الأوروبي الأمريكي قررت التخلي عن تلك الصفقة.

  • خلق تكوينات اجتماعية ومذهبية في شرق أفريقيا موالية لإيران: تعمل سياسة مدّ النفوذ الإيراني على خلق تكوينات اجتماعية ومذهبية موالية لها، ينتج عنها تشكيل جماعات سياسية وميليشيات عسكرية موالية لنموذج ولاية الفقيه في قم، ويتضح ذلك في تجربة التشيع في نيجيريا التي نتج عنها تشكيل الحركة الإسلامية بقيادة الداعية الشيعي إبراهيم الزكزاكي، لكن في شرق أفريقيا كان الوضع معقدًا نوعًا ما رغم وجود أقلية شيعية في الساحل الشرقي الأفريقي([xi]) -يطلق عليهم اسم الشيراز[xii]– إلا أنها لم تنجح بشكل ما في خلق كيانات موالية لإيران وميليشيات مسلحة مؤمنة بنظام ولاية الفقيه، وذلك لعدد من الأسباب منها قرب دول شرق أفريقيا من الدول العربية خاصة السعودية والخليج العربي، حيث عملت النشاطات الدينية السنية في تلك المنطقة على وقف أي تأثيرات متعاقبة للمد الشيعي في شرق أفريقيا، ويتضح هذا في العديد من مواقف دول شرق أفريقيا تجاه السياسات الإيرانية، فعلى سبيل المثال اتخذت جيبوتي وجزر القمر مواقف مؤيدة للسعودية في العديد من المواقف مثل عاصفة الحزم والتضامن مع السعودية في أحداث الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد في عام 2016، كما أن إيريتريا والسودان غيرتا من سياستهما تجاه إيران؛ فالسودان في عام 2014 عملت على تصفير علاقاتها مع إيران وإغلاق المكاتب الثقافية بها، كما أن إيريتريا منذ عام 2016 أبدت رغبتها في مساعدة دول التحالف العربي في مواجهة جماعة الحوثي الموالية لإيران، والمساهمة في منع تهريب السلاح الإيراني للحوثي، أي أنه تم إبقاء الطائفة الشيعية في شرق أفريقيا في الإطار الآمن والبعيد نوعًا ما عن إطار التحركات الإيرانية([xiii]).

 إلا أن طهران وجدت ضالتها المذهبية في إحدى الطرق الصوفية التي يتم نعتها بالمغالاة والتشدد وهي طائفة الأحباش التي نشأت في مدينة هرر الإثيوبية على يد محمد بن عبدالله الهرري، وانتقلت تلك الحركة إلى لبنان حيث تنشط حاليًا تحت مسمى جمعية المشاريع الإسلامية، وتعد تلك الطائفة موالية لإيران وحزب الله حيث سبق أن استغلتها المخابرات السورية وحزب الله من أجل السيطرة الدينية على الوسط السني في لبنان، كما كان اثنان من أعضاء الطائفة على لائحة التوقيف الخاصة بالتحقيقات الخاصة بمقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري([xiv])، أما في إثيوبيا فقد اعتمد النظام الإثيوبي على طائفة الأحباش في السيطرة على المساجد الإثيوبية.

أما في جيبوتي فقد حاولت طهران نشر الفكر الشيعي بها، مستغلة العديد من الجماعات الصوفية بها، فعلى سبيل المثال قام العديد من الشخصيات الدينية الشيعية بالتوافد على جيبوتي منذ عام 2012؛ مثل الشيخ فيصل العدوي الذي افتتح مركز أهل البيت في جيبوتي عام 2014، كما تحاول جماعة الأحباش الصوفية الموالية لإيران إعادة تواجدها داخل المجتمع الديني الجيبوتي بعدما تم تعليقه في عام1997([xv]).

  • دعم الجماعات الإرهابية: مع انطلاق عمليات عاصفة الحزم في مارس 2015 أشارت العديد من الأقاويل إلى استغلال طهران وجودها في أرخبيل دهلك وميناء عصب في تدريب جماعة أنصار الحوثي وتهريب السلاح إلى الحوثيين، إلا أنه سرعان ما حدث تحول في الموقف الإيريتري من داعم للموقف الإيراني إلى داعم للدول العربية خاصة السعودية والإمارات منذ عام 2016([xvi]).
  • مسرحا للتهريب والإرهاب: نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية في العديد من أقطار شرق أفريقيا خاصة الصومال، لجأت إيران إلى استغلال الفراغ الأمني في عمليات التهريب، ففي أكتوبر 2018 نشرت الأمم المتحدة تقريرًا يفيد بانتهاك إيران للعقوبات المفروضة على حركة شباب المجاهدين الصومالية عام 2012، مؤكدة أن طهران عمدت إلى التعاون مع حركة الشباب فيما يخص تجارة الفحم؛ حيث كانت السلطات الإيرانية تستجلب الفحم الخام منها ليعاد تغليفه في عبوات تحمل صنع في إيران وإعادة تصديره مرة أخرى، وذلك من أجل تضليل المجتمع الدولي وتمويل العمليات الإرهابية للحركة([xvii])، كما أن الحركة في سبتمبر 2017 عملت على تزويد إيران باليورانيوم المستخرج من المناجم الصومالية.

وفي عام 2006 صدر تقرير من الاستخبارات الأمريكية يفيد بأن 720 مقاتل من اتحاد المحاكم الاسلامية في الصومال قبل تفككه وتحوله إلى حركة شباب المجاهدين تدربوا في لبنان وانخرطوا في حرب يوليو/ تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل، كما أن حزب الله أرسل بعض مستشاريه في ذلك الوقت للصومال، وتأتي تلك المشاركة في مقابل قيام اتحاد المحاكم الإسلامية بتزويد إيران باليورانيوم المستخرج من المناجم الصومالية)[xviii](.

  • استغلال الخلافات الأفريقية: استغلت إيران مسألة تأزم العلاقات البينية الأفريقية من أجل التغلغل في دول القارة، حيث أدى التقارب الإيراني الإيريتري إلى تزايد التخوفات لدى جيبوتي من احتمال تلقي أسمرة دعمًا عسكريًّا من طهران، واستغلت طهران هذه التخوفات لتعزيز علاقتها مع جيبوتي عبر بث تطمينات إلى الرئيس الجيبوتي عمر جيلة الذي زار إيران في عام 2006 وفي عام 2009 زار نجاد جيبوتي، وأسفرت الزيارات المتبادلة عن قيام إيران بإنشاء مبنى الجمعية الوطنية الجيبوتية (البرلمان).

وأخيرًا.. تهدف التحركات الإيرانية في شرق أفريقيا إلى تحقيق العديد من المآلات السياسية والاستراتيجية، أبرزها معادلة الضغط العربي عبر النفاذ في مناطق شرق أفريقيا وتهديد الأمن القومي العربي عبر العديد من الوسائل مثل دعم الجماعات الإرهابية كحركتي الشباب في الصومال والحوثي في اليمن، فضلا عن تهديد الملاحة في منطقة باب المندب واستغلال انعدام الأمن والمراقبة الحدودية في تلك الدول من أجل تمرير صفقات الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية في العديد من الدول العربية كمصر على سبيل المثال.

لم تقف الدول العربية مكتوفة الأيدي أمام تلك التهديدات الإيرانية المتنامية في منطقة شرق أفريقيا، إذ نهجت الدول العربية (مصر، السعودية، الإمارات) منهج تجفيف منابع الوجود الإيراني في منطقة شرق أفريقيا، فمؤخرًا دعمت الدول الثلاث عملية الانتقال السياسي الثوري في السودان والتخلص من حكم الجماعات الموالية للإخوان وإيران في السودان، وفي عام 2016 نجحت الدول العربية في استقطاب إيريتريا خارج معسكر إيران والحوثي، وفي عام 2018 نجحت السعودية في استضافة القمة الاثيوبية الإيريترية التي أنهت عقود الصراع والحرب بين الدولتين.

وفي سياق متوازٍ تسعى القاهرة والرياض في إنشاء تجمع إقليمي يضم دول البحر الأحمر من أجل ضبط الأمن فيه ومنع التهديدات المتزايدة به؛ حيث احتضنت القاهرة الاجتماع الأول (ديسمبر 2017) للدول المتشاطئة على خليج عدن، فيما احتضنت الرياض الاجتماع الثاني في ديسمبر 2018، فيما شهدت القاهرة الاجتماع الثالث بين تلك الدول في مارس 2019، إلا أنه لم تخرج الاجتماعات الثلاثة حتى الآن بكيان اقليمي يسعى لإقامة الأمن والتنمية في الإقليم.


[i]. للمزيد حول الشيعة في نيجيريا يمكن مراجعة الرابط التالي:

https://www.alhurra.com/a/who-are-the-shias-of-nigeria/292783.html

[ii]. التحديات الأمنية على ضفاف البحر الأحمر: تشكل دوله عمقًا استراتيجيًّا مهمًّا يحتاجه الأمن الإقليمي، الشرق الأوسط، 16 يناير 2014، متاح على الرابط التالي:

https://aawsat.com/home/article/17706

[iii]. لعبت مصر دورًا بارزًا في وقف تصدير الثورة الإيرانية تجاه الدول العربية، حيث قدمت العديد من التسهيلات والاستشارات العسكرية إلى العراق أثناء حربه مع إيران، وتجلى ذلك في معركة الفاو؛ حيث أرسلت مصر بطاريات صواريخ سكود إلى الجيش العراقي كما شارك وزير الدفاع المصري المشير عبدالحليم أبوغزالة في تقديم الدعم الاستشاري التكتيكي للقيادة العسكرية العراقية، وللمزيد يمكن مراجعة: محمد الدابولي، من انتصارات أكتوبر إلى الفاو.. كيف نجح العرب في كسر الغطرسة الإقليمية، الجوار برس، 5 أكتوبر 2019، متاح على الرابط التالي:

http://algiwarpress.com/news/news.aspx?id=9703

[iv]. قطاع النقل البحري، مميش: 12% من حجم التجارة العالمية يمر بقناة السويس، وزارة النقل المصرية، متاح على الرابط التالي:

http://www.emdb.gov.eg/ar/content/1372-%D9%85%D9%85%D9%8A%D8%B4%3A-12%25-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%85%D8%B1-%D8%A8%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3

[v]. حروب صعدة -أو نزاع صعدة- هي سلسلة من الحروب المتواصلة في اليمن منذ 2004 وحتى 2009 كانت بين الجيش اليمني وتنظيم أنصار الله الحوثي الموالي لإيران، وساهمت تلك المعارك في تزايد الخبرات القتالية لمقاتلي التنظيم؛ الأمر الذي مكنهم في سبتمبر 2014 من الانقلاب على الشرعية اليمنية واحتلال العاصمة صنعاء وتهديد الملاحة في منطقة باب المندب.

[vi]. أسباب العقوبات الدولية على زيمبابوي.. وآثارها السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، المركز العراقي الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، 7 سبتمبر 2018، متاح على الرابط التالي:

http://ciaes.net/%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%88%D9%8A-%D9%88/

[vii]. شوقي مهدي مصطفى، السودان وإيران… تحالف أنهته عواصف الخليج، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 17 يناير 2016، متاح على الرابط التالي:

[viii]. أسامة الصياد، كعبة أسمرة.. كيف جمعت إيريتريا إيران وإسرائيل على أراضيها؟ موقع ميدان، متاح على الرابط التالي:

https://midan.aljazeera.net/reality/politics/2018/3/20/%D9%83%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AC%D9%85%D8%B9%D8%AA-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D9%87%D8%A7

[ix]. واس، عام / إيران وزيمبابوي/ لقاء، وكالة الأنباء السعودية، 22 نوفمبر 2019، متاح الرابط على التالي:

https://www.spa.gov.sa/405233?lang=ar&newsid=405233

[x]. Ariel Farrar-Wellman, Zimbabwe-Iran Foreign Relations, critical threats, 9 May, 2010, AT: https://www.criticalthreats.org/analysis/zimbabwe-iran-foreign-relations

[xi]. ترجع المصادر الشيعية الوجود الشيعي في شرق أفريقيا إلى القرن الأول الهجري، حيث هاجر بعض المنتمين إلى المذهب الشيعي إلى شرق أفريقيا هربًا من ملاحقة سلطات الدولة الأموية لأتباع الحسين بن علي رضي الله عنه، خاصة الحملات التي كان يشنها الحجاج بن يوسف الثقفي ضد أتباع أهل البيت، كما تشير المصادر التاريخية الشيعية إلى هجرة بعض من أبناء مدينة شيراز الفارسية إلى شرق أفريقيا حاملين معهم المذهب الشيعي بقيادة الحسن بن علي بن الحسن الشيرازي، حيث استقرت الهجرة الشيرازية في جزيرة زنجبار وبمبا في تنزانيا حاليا ومومباسا في كينيا وجوهانا في جزر القمر، ونجحت تلك الهجرة في تأسيس مملكة كلوة التاريخية التي عملت على نشر المذهب الشيعي في شرق أفريقيا. وللمزيد حول تاريخ التشيع في شرق أفريقيا يمكن مراجعة المصدر التالي: محمد طاهر الصفار، الحضارة الشيرازية في أفريقيا، شبكة النبأ المعلوماتية، متاح على الرابط التالي:

https://annabaa.org/arabic/historic/4057

[xii]. يخلط البعض بين الطائفة الشيرازية الموجودة في شرق أفريقيا، وبين المذهب الشيرازي المتواجد حاليًا في إيران وبعض الدول الخليجية، فالطائفة الشيرازية في شرق أفريقيا يعود نسبها إلى الجماعات الشيعية التي هاجرت منذ قرون، أما المذهب الشيرازي في إيران الذي أسسه “آية الله محمد حسن الشيرازي” في القرن العشرين، ودعمت الشيرازية في بادئ الأمر الثورة الإيرانية والخميني إلا أنه سرعان ما انقلبت على الخميني، ويعد التيار الشيرازي في إيران من أكثر الطوائف الشيعية تشددا تجاه السنة وغيرهم، وللمزيد راجع الرابط التالي: صالح حميد، من هم الشيرازيون وما هي خلافاتهم مع ولاية الفقيه؟ العربية نت، 11 مارس 2018، متاح على الرابط التالي:

https://www.alarabiya.net/ar/iran/2018/03/10/%D9%85%D9%86-%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%88%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%87%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%8A%D9%87%D8%9F

[xiii]. ويعزو أيضًا ضعف التحرك الإيراني في استغلال الطائفة الشيعية في شرق أفريقيا إلي الحذر والتخوف الشديد الذي تبديه دول شرق أفريقيا تجاه التحركات الإيرانية، فعلى سبيل المثال عدت إيريتريا من أقرب الحلفاء الأفريقيين لإيران خلال السنوات الماضية، إلا أنه في الواقع كانت العلاقات بين الطرفين يحكمها الطابع البراجماتي، لإيريتريا كما أنها دولة علمانية، وترفض تمامًا بزوغ أي جماعة دينية بها تعمل في الإطار السياسي.

[xiv]. علي رجب، «أحباش لبنان».. حليف «حزب الله» والخصم اللدود للإخوان والسلفيين، المرجع، 22 مايو 2018، متاح على الرابط التالي:

https://www.almarjie-paris.com/1088

[xv]. عبدالله الفاتح، النفوذ الإيراني في جيبوتي… الأهـداف والدوافـع (الأخيرة)، مركز مقديشو للبحوث والدراسات، 17 سبتمبر 2015، متاح على الرابط التالي:

http://mogadishucenter.com/2015/09/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B0-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D9%8A%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%80%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D9%88/

[xvi]. يحيى خالد، كيف قفزت «إيريتريا» من سفينة إيران لتلحق بركب الخليج، إضاءات، 5/ 12/ 2016، متاح على الرابط التالي:

https://www.ida2at.com/learn-about-eritrea-the-relationship-with-iran-and-its-role-in-determination-storm/

[xvii]. محمد الدابولي، حركة الشباب الصومالية.. إرهاب إيراني دمر القارة الأفريقية، المرجع، 23 نوفمبر 2018، متاح على الرابط التالي:

https://www.almarjie-paris.com/5250

[xviii]. Jeffrey A. Lefebvre, Iran in the Horn of Africa: Outflanking U.S. Allies, The Middle East Policy Council, AT:

https://mepc.org/iran-horn-africa-outflanking-us-allies