كتب – محمود أحمد قاسم

باحث متخصص في شؤون الإرهاب والجريمة المنظمة بأفريقيا 

في نيجيريا، انتشرت عصابات الجريمة المنظمة في أرجاء البلاد كافة، واجتاحت الأخضر واليابس، تضررت البلاد جرّاء عمليات العنف والإجرام المنظم التي تقوم بها هذه الجماعات، الأهالي يعانون، والحكومة عاجزة عن التصدي لهذه العصابات. منذ العام 2015 حتى 2023، تراجعت عملية التنمية المستدامة على مختلف المستويات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية). في هذه الدراسة نتناول تأثير الجريمة المنظمة في نيجيريا على عملية التنمية المستدامة من خلال رصد واقع الجريمة المنظمة والعصابات المنتشرة في تلك المنطقة، وبيان القدرات المادية والتسليحية لهذه العصابات، كذلك رصد واقع التنمية المستدامة في البلاد، ومن ثمّ الانتقال للحديث عن تأثير العمليات الإجرامية التي تقوم بها هذه الجماعات على عملية التنمية المستدامة.

أولًا: العنف والجريمة المنظمة في نيجيريا خلال الفترة (2015-2023):

تُعد الجريمة المنظمة جريمة غير تقليدية لها تأثير خطير في أمن وسلامة واستقرار الأوطان، وحتى الآن لا يوجد تعريف جامع مانع للجريمة المنظمة، بل هناك العديد من التعريفات، وخلاصة هذه التعريفات أن الجريمة المنظمة هي عمل إجرامي مستمر، يسعى عن قصد إلى التربح من الأنشطة غير المشروعة التي غالبًا ما يشتد الطلب العام عليها، ويحافظ على استمرار وجودها من خلال إفساد الموظفين العموميين واستخدام الترهيب أو التهديدات أو القوة لحماية عملياتها([1]).

في نيجيريا، لا تزال عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية من أخطر التهديدات الأمنية التي تواجه الدولة، إذ تعاني البلاد من تضاعف أحداث العنف المرتبطة بهذه العصابات الإجرامية المنظمة، وقد ركزّت المجموعات عملياتها على المناطق الأكثر عزلة في ولاية بورنو، وتحديدًا جنوب غرب بحيرة تشاد، وغابة سامبيسا الوعرة المتاخمة للجبال الشمالية الغربية للكاميرون والأراضي الرطبة في فيركي جنوبًا، وشنت الجماعات سلسلة من الهجمات والغارات على الطرق السريعة من خلال مهاجمة المسافرين على هذه الطرق، وتخريب شبكة الكهرباء، وإنشاء نقاط تفتيش دائمة، وزرع الألغام الأرضية، بهدف عزل عاصمة الولاية مايدوجوري، وقد تمكنت الجماعات الإرهابية بالفعل من عزل ولاية بورنو عن بقية نيجيريا([2]).

يُذكر أن عدد أحداث العنف المرتبطة بهذه الجماعات على الطرق الرئيسة في ولاية بورنو كان يتضاعف كل عام عن العام السابق له، حتى بلغ ستة أضعاف تقريبًا في العام 2019، ما أدى لارتفاع عدد الوفيات، وقد بلغ عدد الوفيات اللذين تم الإبلاغ عنهم فقط بهجمات الطرق السريعة نحو 259 حالة وفاة، وذلك خلال المدة (2015 – 2020)، وخلال العام 2020، مثَّلت الهجمات على الطرق السريعة نحو 13% من الأحداث العنيفة المرتبطة بالجماعات الإرهابية في ولاية بورنو، وتحديدًا جماعتي بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، وتشمل الحوادث العنيفة، خلال هذه الهجمات على الطرق السريعة، السطو والاختطاف وحرق المركبات والإعدام بإجراءات موجزة. وتشير التقارير إلى أن ما يقرب من 90% من عمليات الاختطاف التي نفذها المسلحون في عام 2020 جاءت من أحداث الطرق السريعة([3]).

خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام 2020 وحدها، قُتل أكثر من 200 شخص وتم اختطاف أعداد كبيرة من على الطرق السريعة الرئيسة التي تؤدي إلى مسقط رأس تمرد جماعة بوكو حرام([4])، ومع مرور الوقت تزداد جرأة وقوة الإرهابيين وجماعات الجريمة المنظمة وتزداد خطورتهم، وتتضاعف العمليات الإجرامية وأحداث العنف التي يقومون بها، وتستهدف هذه الجماعات المدنيين وعمال الإغاثة والجنود وحتى السياسيين الفاعلين في الدولة([5]).

إلى جانب الجرائم وأحداث العنف التي تقوم بها عصابات الجريمة المنظمة على الطرق السريعة، يتم أيضًا استهداف المدن المحصَّنة نفسها، التي غالبًا ما تكون مخابئ الأسلحة والذخيرة والمركبات، كما يتم استهداف المنشآت العسكرية، ما أدى لزيادة حدّة المواجهات بين هذه الجماعات وقوات الأمن الحكومية، وفي عام 2019، أدى انسحاب الجيش النيجيري للمعسكرات الفائقة، إلى تزايد العمليات الإجرامية، وفي غالب الأحيان لا يتم تعقُّب العديد من خسائر هذه العمليات، ما يزيد من صعوبة تحديد قدرات الجماعات المسلحة([6]).

وفي شمال غرب نيجيريا؛ تزايدت أعداد عصابات الجريمة المنظمة، ما أدى لمقتل أكثر من 8000 شخص خلال المدة (2011 – 2020)، وتشريد أكثر من مائتي ألف فرّ بعضهم إلى النيجر المجاورة، ورغم العديد من العمليات الأمنية وجهود الحوار، إلا أن السلام الدائم لا يزال بعيد المنال، فالعنف متجذر في التنافس على الموارد بين الرعاة الذين يغلب عليهم الفولاني ومعظم مزارعي الهوسا([7]). وقد تصاعدت حدّة العمليات الإجرامية وانتشرت أشكال ومظاهر جديدة للجريمة المنظمة تمثلت في سرقة الماشية والخطف من أجل الحصول على فدية ومداهمات القرى، وضاعف من حدّة الأزمة الأمنية في تلك المنطقة تدخل الجماعات الإرهابية والعصابات المنظمة لتحقيق مكاسب خاصة بها في ظل تدهور الأوضاع الأمنية، وغالبًا ما تشير السلطات إلى هذه العصابات على أنها “قطاع طرق”([8]).

حاول برنامج تعقب الأمن النيجيري (nigerian security tracker)، وهو مشروع تابع لمجلس العلاقات الخارجية في برنامج أفريقيا، تتبع عمليات الإجرام المنظم في نيجيريا لمعرفة الحركيات المسببة لها، وقد لاحظ أن هناك العديد من أحداث العنف تحركها المظالم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية في البلاد؛ إذ تلجأ العديد من جماعات الجريمة المنظمة إلى العنف وممارسة الإجرام نتيجة لانتشار الفقر والاضطهاد وغياب العدالة في توزيع ثروات البلاد، إلى جانب انتشار الصراعات الإثنية والدينية، ومثالًا لذلك جماعة (بوكو حرام)، وهي جماعة إرهابية تنشط في شمال نيجيريا وتمارس عمليات إجرامية منظمة نتيجة للعنف بين الجماعات العرقية والمزارعين والرعاة، ذاك العنف الذي يحركه دوافع دينية، وهناك أيضًا مقاتلو دلتا النيجر، والذين يهددون دومًا بشن حرب على الدولة نتيجة لقيام القوات الأمنية في البلاد بقتل المدنيين بشكل عشوائي، وقد أكدت العديد من التقارير اعتياد الشرطة على القتل خارج نطاق القضاء([9]).

توضح الأشكال التالية أبرز أحداث العنف التي تحركها المظالم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية في نيجيريا خلال المدة (2011 – 2020)، وذلك على النحو التالي:

شكل رقم (1)

عمليات القتل خارج إطار القانون خلال المدة (2011 – 2020)

Source: Michelle Gavin، Nigeria Security Tracker، Africa Program and Nigeria on the Brink، Council on foreign relations، 15 March، 2022، Look; https://www.cfr.org/nigeria/nigeria-security-tracker/p29483.

المتأمل في الشكل السابق يلحظ بوضوح ارتفاع المعدل التراكمي لضحايا عمليات القتل خارج إطار القانون خلال المدة (2011 – 2020)، وقد وصل عدد الضحايا ذروته خلال العام 2014، كما ارتفع المعدّل الشهري لضحايا عمليات القتل خارج إطار القانون وبلغ ذروته في 2020.

شكل رقم (2)

رصد عمليات جماعة بوكو حرام خلال المدة (2011 – 2020)

Source: Michelle Gavin، Nigeria Security Tracker، Africa Program and Nigeria on the Brink، Council on foreign relations، 15 March، 2022، Look; https://www.cfr.org/nigeria/nigeria-security-tracker/p29483.

في هذا الشكل نلحظ بوضوح التباين الكبير في معدلات العمليات التي تقوم بها جماعة بوكو حرام خلال المدة (2011 – 2020)، إذ بلغت هذه العمليات ذروتها منتصف العام 2015، بعدما كانت في أدنى مستوياتها خلال العام 2011.

شكل رقم (3)

إجمالي عدد الوفيات حسب الجهة الفاعلة خلال المدة (2011 – 2020)

Source: Michelle Gavin، Nigeria Security Tracker، Africa Program and Nigeria on the Brink، Council on foreign relations، 15 March، 2022، Look; https://www.cfr.org/nigeria/nigeria-security-tracker/p29483.

يرصد هذا الشكل إجمالي عدد وفيات وضحايا أعمال العنف والقتل في نيجيريا حسب الجهة الفاعلة خلال المدة (2011 – 2020)، وقد تصدرت الجهات الحكومية قمة الهرم باعتبارها الجهة الفاعلة الأولى لعمليات القتل في نيجيريا، تليها جماعة بوكو حرام، ثم أعمال القتل والعنف الناجمة عن صراعات طائفية، وأخيرًا أعمال العنف الصادرة عن جماعات مسلحة أخرى. وعليه؛ يمكننا التأكيد أن عدد القتلى الذين سقطوا على يد الجهات الحكومية يمثل أعلى نسبة، ولعل معظم هؤلاء القتلى ينتمون لجماعات إرهابية.

ثانيًا: واقع التنمية المستدامة في نيجيريا خلال الفترة (2015-2023):

عرّفت منظمة الأمم المتحدة التنمية المستدامة بأنها: “عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، سياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية الشعوب”([10])، وقد شملت الكثير من فقرات ومواد الدستور النيجيري الصادر عام 1999 الركائز الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة([11])، وإذا تحدثنا عن التنمية الاقتصادية، نجد أن الاقتصاد النيجيري، وفقًا للبيانات الصادرة عن البنك الدولي، احتل عام 2020 المرتبة رقم 26 على مستوى العالم من حيث حجم الاقتصاد، وذلك حسب الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما تم وضع الاقتصاد النيجيري في المرتبة 24 من حيث تعادل القوة الشرائية([12])، ومن المعلوم أن نيجيريا لديها أكبر اقتصاد في أفريقيا، إذ تضاعف الناتج الإجمالي المحلي النيجيري وفقًا لتعادل القوة الشرائية 3 مرات تقريبًا من 170 مليار دولار في عام 2000 إلى 451 مليار دولار في عام 2012م([13])، وفي ظل عدم إغفال تقديرات حجم القطاع غير الرسمي([14])، تقترب الأرقام الفعلية للاقتصاد النيجيري إلى 630 مليار دولار. في العام 2013م، أصبح قطاع التصنيع النيجيري هو الأكبر في القارة بعد اختفاء عن الساحات لسنوات عديدة، وبات هذا القطاع منتجًا لكميات كبيرة للغاية من السلع والخدمات التي تنتشر في شبه القارة الأفريقية الغربية([15])، علاوة على ذلك، تبلغ نسبة الدين العام إلى الناتج الإجمالي المحلي في نيجيريا 16.075٪ اعتبارًا من عام 2019م([16]). وفي العام 2020، عانى الاقتصاد النيجيري من الانكماش بنحو 6.1% مقارنة بالعام 2019 م، في ظل تفشي جائحة كورونا، وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات بلوغ معدل البطالة 27.1% في الربع الثاني من العام 2022، وتم نشر ذلك في تقرير للمكتب. في غضون ذلك، ارتفع التضخم للشهر الحادي عشر على التوالي في يوليو، مسجلًا 12.82%، ليسجل بذلك أعلى مستوى له في أكثر من عامين، ويُعزِي الخبراء ذلك إلى سلسلة من الصدمات، من بينها انخفاض أسعار النفط، والانخفاض الحاد في إنتاجه، وتعطل إمدادات الوقود، ونقص أسعار الصرف، ونقص في الطاقة، وقبل ذلك انعدام الأمن في كثير من مناطق البلاد، علاوة على انخفاض معدل تنفيذ الموازنة الرأسمالية (51٪) وفق تقرير البنك الأفريقي للتنمية([17]).

أما مؤشرات التنمية الاجتماعية والثقافية في نيجيريا؛ فقد أطلقت الحكومة مؤخرًا برنامجها الاستثماري الاجتماعي بـ 500 مليار دولار، والذي يحوي صرف 5000 نايرا (عملة نيجيريا) كل شهر لمليون مستفيد في الأسر ذوات المستوى المعيشي المنخفض، وتقديم التغذية المدرسية لمـا يقرب من 5.5 مليون طفل في المدارس الابتدائية، وتدريب 500 ألف خريج كمعلمين و100 ألف من غير الخريجين كحرفيين، وتوسعت الدولة في مشروعات التدخل الخاصة الأخرى. إلا أن قطاع المشروعات الاجتماعية لا تزال في المستوى الأدنى، لكن من السهل في الوقت الحالي توجيه الأموال إلى مشروعات اجتماعية ذات تأثير مباشر تمكّن المستهدفين والشباب تمكينًا مستدامًا يحدّ من تحديات القضايا الاجتماعية؛ فهذا الأمر سيسهم – لا محالة – في استدامة التنمية الاجتماعية وانتعاش الاقتصاد، علاوة على ذلك فإن هناك فرصًا لاستغلال الفجوة الضخمة في المشروعات الاجتماعية لتشجيع استثمار رواد الأعمال وتحفيز الشباب لابتكار الحلول([18]).

ثالثًا: تأثير الجريمة المنظمة في التنمية المستدامة:

أدى انتشار جماعات الجريمة المنظمة والمتمردين وقطاع الطرق والبلطجية السياسيون والمهربون عبر الحدود إلى انعدام الأمن والإضرار بالسكان المدنيين، وهناك إجماع على أن الصراع وانعدام الأمن من الحواجز الرئيسة أمام التنمية. لقد أدى التصعيد المتزايد للعمليات الإجرامية المنظمة إلى هروب أكثر من حوالى 1.5 مليون شخص، أكثرهم من المزارعين من ديارهم عام 2015 م، كما تعطَّلت الطرق الزراعية بين الشمال الشرقي والجنوب ما أثر في نقل وتوزيع الأغذية([19])، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 50% عن مستوياتها السنوية في تلك المنطقة، وفي 2019، ازدادت الأوضاع سوءًا في ظل تفشي وباء كورونا، كما أدى التهديد المستمر لهجمات هذه الجماعات المسلحة إلى إعاقة إنتاج المحاصيل المحلية التي يمكن أن تساعد في تلبية الاحتياجات الغذائية في المنطقة، وتخلى نحو 78120 مزارعًا عن إنتاج الغذاء في بورنو وتارابا وغيرهما، وقد أدت هذه الأزمات إلى نزوح حوالي 56000 من الأسر من 28 مجتمعًا في ولاية بورنو، وحتى نهاية 2020.

وقبل نزوح هذه الأسر، كان غالبيتهم يعملون في الزراعة والصيد في موسم الأمطار والجفاف، وزرعوا ما لا يقل عن 56000 هكتار من الأراضي وحصلوا على 1.5 طن متري من الحبوب للهكتار في المتوسط. لكن منذ عام 2015، فقدوا باستمرار منتجاتهم لصالح عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية([20])، وفي ولاية بورنو وحدها، عاني حوالي 4.3 مليون شخص في 2020 من أزمة الغذاء، وغالبية هؤلاء الآن يعتمدون على المساعدات الغذائية التي تصل إليهم عن طريق البر([21]).

على المستوى الاجتماعي؛ أدت عمليات الإجرام المنظم لتدهور الأوضاع الصحية وتفشي الأمراض والأوبئة، فخلال النصف الأول من 2014 م، قُتل حوالي 2053 شخصًا، وفي أكتوبر 2015م، وقع انفجار مزدوج في منطقتي كوج (KUJE) ونيانيا (NYANYA)، أدى لوقوع عشرات القتلى والجرحى، ما أدى لاكتظاظ مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات بالمصابين، وهذا الأمر قد شكل ضغطًا كبيرًا على الدولة، إضافة إلى استهداف العصابات الإجرامية لمراكز الرعاية الصحية وتدميرها، ما أدى إلى فرار العاملين في هذه المراكز من أماكن عملهم خوفًا على حياتهم، وبالتالي تدنت الخدمات الصحية، وزادت معدلات انتشار الأمراض والأوبئة([22]).

وفي القطاع التعليمي، أدى استهداف عصابات الجريمة المنظمة للمدارس والكليات والجامعات، إلى إصابات في صفوف الطلبة والمدرسين بجروح، وكذا عمليات القتل والاختطاف وتدمير المرافق؛ فكان للنزاع وانعدام الأمن تأثير سلبي في حصول الأطفال على التعليم، وفي توفر أماكن التعليم والمواد التعليمية، وقدرة المدرسين على أداء وظيفتهم، فقد صرح (مايكل أولوكويا) (MICHAEL OLUKOYA)، رئيس الاتحاد الوطني النيجيري للمعلمين، عام 2015 م، بأن 600 مدرس قد قُتلوا جراء الهجمات التي تشنها بوكو حرام، كما أنه قد تم إغلاق الكثير من مدارس ولاية بورنو([23]). يُضاف إلى ذلك عمليات الاختطاف التي طالت طلاب المدارس، ففي 14 أبريل من العام 2014 م، تم اختطاف ما يقرب من 276 تلميذة من مدرسة ثانوية في مدينة شيبوك (CHIBOK)([24])، وما زالت عمليات الإجرام المنظم مستمرة حتى الآن([25]).

خلاصة الدراسة:

مما لا شك فيه أن الجريمة المنظمة تؤثر – لا محالة – في عملية التنمية المستدامة بكافة مستوياتها، وفي ظل تفشي الإجرام المنظم في غرب أفريقيا، خاصة بعد ظهور جماعتي (Yahoo Boys) و(NextــLevel Cybercriminals)، واللتان تخصصتا في ارتكاب جرائم إلكترونية منظمة، فالجماعة الأولى مختصة بعمليات الخداع التقليدية المتعلقة بالرسوم مسبقة الدفع، بينما الثانية مختصة بشن هجمات سيبرانية ضد الشركات، إلى جانب الاختراقات الأمنية والعمليات الخاصة بالضرائب؛ إضافة لجماعات الإرهاب التقليدية التي تنتشر في منطقة الساحل وغرب أفريقيا في مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” التي ترتبط بعلاقات قوية مع جماعة بوكوحرام بعد إعلان أبو بكر شكوي، الزعيم الراحل لبوكوحرام البيعة للتنظيم، وتبقى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة النيجيرية حتى الآن غير كافية لمجابهة التنامي المتصاعد وزيادة حدّة الأنشطة الإجرامية وتطور قدرات الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، ونشاط تلك الجماعات في غرب أفريقيا وتأثير ذلك في الأوضاع الأمنية في المنطقة بأكملها، واشتعال كافة الجبهات حول نيجيريا.

مما تجدر الإشارة إليه هنا وجود العديد من التقارير الدولية التي أشارت لاستخدام هذه الجماعات للتطورات التكنولوجية والأسلحة المتقدمة في عملياتها الإجرامية، مثل استخدام بوكو حرام للدرونز في الاستطلاع وتنفيذ عمليات ضد الجيش وقوات الأمن النيجيرية، وربما نتناول موضوع استخدام الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة للتكنولوجيا المتقدمة في عملياتها الإجرامية في دراسة أخرى، لكن ما نود قوله الآن: إنه في ظل هذه التحديات يجب على الجهات المختصة في نيجيريا وضع برامج للحدّ من الإجرام المنظم، مع مراعاة عدم الاعتماد على الحلول الأمنية وحدها للقضاء على جماعات الجريمة المنظمة، بل يجب أيضًا وضع برامج للحماية الاجتماعية بهدف تحقيق التنمية والقضاء على الفقر وتجفيف البيئة الحاضنة لهذه العصابات والجماعات الإجرامية.


هوامش الدراسة:

[1] Calder, James D. (1995). Mafia Women in Non-Fiction. In J. Albanese, ed., Contemporary Issues in Organized Crime. Willow Tree Press, P. 19 – 27, Finckenauer, James O. (2005). Problems of Definition: What is Organized Crime? Trends in Organized Crime, vol. 8, P. 63 – 83, Maltz, Michael. (1985). On Defining Organized Crime. In Alexander, H. and Caiden, G., eds. The Politics and Economics of Organized Crime. Lexington Books, P. 7 – 19, Hagan, Frank E. (1983). The Organized Crime Continuum: A Further Specification of a New Conceptual Model. Criminal Justice Review, vol. 8, P. 52 – 57.

[2] Mark Duerksen، Nigeria’s Diverse Security Threats، 30 March، 2021، Date of visit: 23 may، 2022، look; https://africacenter.org/spotlight/nigeria-diverse-security-threats/.

[3] Ahmad Salkida، #BokoHaram Roadblocks، Ambushes In Borno Claiming Prime Targets، 22 emailSeptember، 2020، Date of visit: 23 may، 2022، look; https://humanglemedia.com/bokoharam-roadblocks-ambushes-in-borno-claiming-prime-targets/.

[4] Joe Parkinson، Drew Hinshaw، Islamic State، Seeking Next Chapter، Makes Inroads Through West Africa، In Nigeria، an affiliate of the terrorist group has seized hundreds of square miles of territory and could disrupt a presidential election this month، The Wall Street Journal، 3 Feb، 2019، Look; https://www.wsj.com/articles/islamic-state-seeking-next-chapter-makes-inroads-through-west-africa-11549220824?mod=article_inline.

[5] Joe Parkinson، Outside Nigeria’s ‘Green Zone، ’ Jihadists Rule the Road As the country’s insurgency mutates، civilians brave highways through dangerous territory، The Wall Street Journal، 19 November، 2020، look; https://www.wsj.com/articles/outside-nigerias-green-zone-jihadists-rule-the-road-11605787200.

[6]  John Campbell، Boko Haram Arms Stockpiling Indicates Long-Term Threat، Council on foreign relations، 18 September، 2020، Look; https://www.cfr.org/blog/boko-haram-arms-stockpiling-indicates-long-term-threat.

[7] CRISIS GROUP، Violence in Nigeria’s North West: Rolling Back the Mayhem، 18 MAY، 2020، Look; https://www.crisisgroup.org/africa/west-africa/nigeria/288-violence-nigerias-north-west-rolling-back-mayhem.

[8] For an earlier study that traces the evolution of herder-farmer conflict and resulting spread of criminality in northern Nigeria، see Mohammed J. Kuna and Jibrin Ibrahim (eds.)، Rural Banditry and Conflicts in Northern Nigeria (Abuja، 2015).

[9] Michelle Gavin، Nigeria Security Tracker، Africa Program and Nigeria on the Brink، Council on foreign relations، 15 March، 2022، Look; https://www.cfr.org/nigeria/nigeria-security-tracker/p29483.

[10]  شاكر إبراهيم، الإعلام والتنمية، المنشأة الشعبية، طرابلس، الطبعة الثانية، 1980، ص 174.

[11] محمد جبار كريدي، دور السلطة التشريعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مجلة الدراسات المستدامة، العراق، السنة الخامسة، المجلد 5، العدد 1، الملحق الأول، 2023، ص 317، قاسم بدر عبد الحسن، أساليب التنمية المستدامة: مدينة العمارة أنموذجًا، المجلة الدولية أبحاث في العلوم التربوية والإنسانية والآداب واللغات، جامعة البصرة ومركز البحث وتطوير الموارد البشرية رماح، العراق، العدد 24، 2022، ص 149.

[12] “Nigeria Data”، data.worldbank.org، 25 may 2020، look; https://data.worldbank.org/country/nigeria.

[13] Nigeria Market Access INVESTOR ’S FILE & Competitive Advantage، Page 13 – one_africa18، look; http://www.sunmediaonline.com/magazine/one_africa/one_africa18_flip/files/basic-html/page13.html.

[14] “2020 Appropriation Act – Budget Office of the Federation – Federal Republic of Nigeria”، 19 feb، 2020، look; https://budgetoffice.gov.ng/index.php/2020-appropriation-act.

[15] Manufacturing Sector Report، 2015: Manufacturing in Africa، 27 sep. 2016، look; http://www.kpmg.com/Africa/en/IssuesAndInsights/Articles-Publications/General-Industries.

[16] Nigeria Government Debt: % of GDP (2010 – 2020)، Quarterly %، CEIC Data، look; https://www.ceicdata.com/en/indicator/nigeria/government-debt–of-nominal-gdp.

[17] African Economic Outlook (2017)، ENTREPRENEURSHIP AND INDUSTRIALISATION، African Development Bank. https://www.afdb.org/fileadmin/uploads/afdb/Documents/Publications/AEO_2017_Report_Full_English.pdf.

[18] Allafrica – Nigeria: N500 Billion Social Investment Scheme – FG، World Bank Fine-Tune Recipients’ List، retrieved on: 5/22/2017. Url: http://allafrica.com/stories/201605310081.html.

[19] Nnka Sophie Amola، ” Impact of Boko Haram Insurgency on Human Security in Nigeria”، Global Journal of Social Sciences، Vol. 14، 2015، p. 38 – 39.

[20] By Femi Ibirogba، Njadvara Musa، Charles Akpeji، Danjuma Michael، Isa Abdulsalami Ahovi، 78، 120 farmers abandon food production in Borno، Taraba، others، The Guardian، 24 August 2020، look; https://guardian.ng/news/78120-farmers-abandon-food-production-in-borno-taraba-others/.

[21] the Africa Center for Strategic Studies، Boko Haram and the Islamic State in West Africa Target Nigeria’s Highways، 15 December، 2020، look; https://africacenter.org/spotlight/boko-haram-تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا -target-nigeria-highways/.

[22] Nnka Sophie Amola، ” Impact of Boko Haram Insurgency on Human Security in Nigeria”، 2015، p. 39.

[23] Nnka Sophie Amola، ” Impact of Boko Haram Insurgency on Human Security in Nigeria”، 2015، p. 39.

[24] Jacob Zenn.” Boko Haram Recrutment، Financing and Arms Traffiking in the lake Chade region”، Combating terrorisme center. October 2014. Date of visit: 3 march، 2022، At: https://ctc.usma.edu/boko-haram-recruitment-financing-and-arms-trafficking-in-the-lake-chad-region.

[25] Jibrin Ibrahim and Saleh Bala. “Civilian led governance and Security in nigeria after Boko Haram”، 2018، p. 5.