كتب – حسام عيد

أثبت عام 2020؛ أنه عام وضع العلاقة بين الصين وبلدان أفريقيا في دائرة الضوء مع وصول وباء كورونا “كوفيد-19” إلى القارة السمراء وتصاعد تداعياته. وبينما نستقر اليوم في عام 2021، فهناك 10 قضايا ستستمر في تشكيل العلاقات الصينية الأفريقية؛ وفق ما أفادت مجلة “ذا أفريكا ريبورت The Africa Report” في تقرير حديث لها.

اللقاحات

في ظل وجود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الهامش، يمكن أن ينتج عن توزيع اللقاحات الصيني في أفريقيا مكاسب جيوسياسية ضخمة.

في الوقت الراهن، تعمل الصين على بناء خط أنابيب لتوزيع لقاح “كوفيد-19” فى إأريقيا بما فى ذلك جسر جوى لسلسلة التبريد من مدينة شنتشن، ليصبح مركز التوزيع فى أديس أبابا وقدرات التصنيع فى القاهرة. ومع قيام الدول الغنية بتخزين اللقاحات، يمكن أن تحقق إمدادات الصين للقاح فى أفريقيا مكاسب جيوسياسية لها بالنظر إلى أن كلًا من واشنطن وبروكسل غير مشاركين فى هذه القضية حتى الآن.

القروض

ستواصل الصين تقليص الإقراض لإفريقيا استجابة للضغوط من أجل تحسين إدارة المخاطر فى بكين. سيستمر الانخفاض فى الإقراض الرسمى للدول الأفريقية من قبل بنكى السياسة الرئيسيين فى الصين، وهما بنك التنمية الصينى وبنك التصدير والاستيراد (إكسيم)، فى عام 2021.

هذا لا يعنى أن الإقراض سيتوقف، بل سيكون أكثر انتقائية، وقد يأتى من مصادر بديلة مثل الشركات الصينية المملوكة للدولة والبنوك التجارية. فلم يعد هناك سهولة نسبية للحكومات الأفريقية فى الوصول إلى التمويلات الصينية للبنية التحتية.

الديون

أزمة الديون فى عدد من البلدان الإفريقية ستتفاقم هذا العام ولكن ليس بسبب الصين. من المرجح أن يكثف الدائنون الصينيون جهودهم لإعادة هيكلة القروض غير المسددة فى الدول الأفريقية الست أو العشر التى تواجه تحديات كبيرة فى سداد الديون، مثلما قامت البنوك الصينية وغيرها من المقرضين بإعادة هيكلة القروض فى أنجولا وزامبيا فى عام 2020.

ويُتوقع أن تمتد هذه العملية إلى كينيا وإثيوبيا وجيبوتى حتى العام المقبل. لا يوجد ما يدل على أن بكين ستلغى أيًا من قروضها التجارية أو الميسرة، ولكن من المحتمل أن تقدم تأجيلات لسداد الفائدة كجزء من مبادرة تعليق خدمة الديون لمجموعة العشرين، وتمديد شروط السداد وإعادة التفاوض بشأن أسعار الفائدة.

التجارة

سوف تنتعش شهية الصين تجاه الموارد الأفريقية والحصول عليها في عام 2021، ولكن ليس بالقدر الذى يريده الموردون.

من المرجح أن تنتعش التجارة الثنائية عام 2021 بعد انخفاضها بنسبة زادت عن 20% فى عام 2020، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انتعاش الاقتصاد الصينى. ولكن من المستبعد أن تنمو بمستويات أعلى مما كانت عليه فى عام 2019 (نحو 208 مليارات دولار أمريكى) بسبب سعى الصين المستمر لتنويع مصادر المواد الخام من أجل تجنب الاعتماد الإقليمى على موارد معينة. على سبيل المثال، سوف يستمر شراء النفط فى التحول إلى دول الخليج والأمريكتين وروسيا. سيكون هناك استثناء لمعادن مثل الكولتان والكوبالت والمعادن الاستراتيجية الأخرى الموجودة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن المحتمل أن يظل التواجد القوى للواردات الصينية فى أفريقيا، خاصة وأن العديد من الموردين المحليين للسلع المصنعة في جميع أنحاء القارة كافحوا من أجل بقاء أعمالهم التجارية وسط تداعيات كورونا.

الاستثمار

من المرجح أن يزداد حجم الاستثمار الأجنبى المباشر الصينى فى أفريقيا خلال عام 2021، ولكن هذا لا يعنى بالضرورة ارتفاع قيمته.

يتطلع المستثمرون الصينيون إلى الشركات المتعثرة في أفريقيا، ومن المرجح أن يستفيدوا من الانكماش الاقتصادي الحالي للحصول على الأصول بسعر مخفض. ويُتوقع حدوث المزيد من أنشطة الاندماج والاستحواذ الصينية في صناعة التعدين، واستكشاف النفط، والتوسع الإضافي لوجود الصين الهائل بالفعل في قطاع التكنولوجيا الأفريقي.

من المرجح أن تصبح الشركات الصينية وشركات الأسهم الخاصة انتقائية مثل نظيراتها الحكومية وأن تصبح أكثر انضباطًا بشأن الشركات والصناعات التى يستثمرون فيها فى عام 2021. وفى حين أنه قد يكون هناك المزيد من الصفقات فى عام 2021، قد لا تزداد القيمة الإجمالية للاستثمار الأجنبى المباشر.

الحزام والطريق

ستدفع الصين بقوة أكبر في عام 2021 لربط مبادرة الحزام والطريق بمناطق تجارة حرة جديدة واسعة في أفريقيا وآسيا.

سيصبح المزيد من التكامل الأفريقي في مبادرة الحزام والطريق (BRI) أولوية أكثر أهمية في عام 2021؛ حيث تسعى بكين إلى الاستفادة من استثماراتها الكبيرة السابقة في شبكتها التجارية الواسعة.

هناك حماس متزايد في بكين لربط مبادرة الحزام والطريق بشبكات التجارة الحرة الإقليمية في أفريقيا وآسيا.

تتمثل الفكرة هنا في أن تستفيد البلدان الأفريقية من البنية التحتية الممولة من مبادرة الحزام والطريق التي من شأنها نقل البضائع معفاة من الرسوم الجمركية عبر القارة (بدعم من منطقة التجارة الحرة الأفريقية) إلى العملاء في الدول الأعضاء في مبادرة الحزام والطريق، حيث تلعب الصين دورًا مركزيًا في توفير الخدمات اللوجستية والتكنولوجيا ووضع المعايير.

التكنولوجيا

ستزداد الهيمنة الصينية على مساحات شاسعة من قطاع التكنولوجيا في أفريقيا خلال عام 2021.

ستبني شركات التكنولوجيا الصينية على وجودها الهائل بالفعل في قطاع التكنولوجيا الأفريقي مع التوسع في خدمات شبكات الجيل الخامس 5G، التي تقدمها شركات مثل هواوي وزد تي إي.

ليس هناك ما يشير إلى أن قبضة شركة “ترانسشن القابضة” -شركة صينية مقرها شنتشن، وكانت أكبر شركة مصنعة للهواتف الذكية من حيث المبيعات في أفريقيا في عام 2017- المسيطرة على حصة تفوق الـ50% من سوق الهواتف المحمولة في أفريقيا، آخذة في التراخي.

وبعد التردد فى دخول السوق، يبدو أن “على بابا” الآن مستعدة لتوسيع وجودها فى أفريقيا، لا سيما عبر المتجر الإلكتروني “على إكسبريس”، مما سيعنى وجود منافسة جديدة للاعبين المحليين مثل منصات التجارة الإلكترونية “جوميا” و”كيليمال”. إلى جانب ذلك، من المرجح أن يصبح الاستخدام الموسع لتكنولوجيا المراقبة الصينية قضية أكثر إثارة للجدل فى عام 2021 بين أصحاب المصلحة والمنفعة في المجتمع المدنى الأفريقى والدولي.

القضايا الجيوسياسية

لن تكون أفريقيا بعد الآن بؤرة التوترات بين الولايات المتحدة والصين وستصبح بدلا من ذلك جنديا فى صراعات الصين الأخرى.

يبدو أن إدارة بايدن القادمة مهتمة بجعل سياستها الخارجية فى أفريقيا تركز على ما تحتاجه القارة السمراء بالفعل، وليس النظر إليها كمسرح آخر لمواجهة الصين.

من المرجح أن تعمل واشنطن على توسيع المشاركة الاقتصادية، وتعزيز الحكم الرشيد، مع تركيز أقل على التنافس المباشر مع الصين فى القارة.

ولكن مع تدهور العلاقات الدولية للصين فى أجزاء كثيرة من العالم، من المرجح أن تتم دعوة الدول الأفريقية لتعزيز المواقف الصينية بشأن القضايا الخلافية مثل تايوان، وبحر الصين الجنوبى. أيضًا، قد تلجأ بكين إلى موردى المواد الخام الأفارقة للضغط على الحكومات فى بعض العواصم، مثل؛ كانبرا وبرازيليا، التى يُنظر إليها على أنها تتحدى المصالح الصينية الأساسية.

الاستدامة

ستتحدث الصين بصراحة عن تنمية الطاقة المستدامة فى أفريقيا. الدبلوماسيون الصينيون ووسائل الإعلام الرسمية يتحدثون كثيرًا عن المزايا الخضراء “الصديقة للبيئة” لمبادرة الحزام والطريق وتنمية الطاقة المستدامة فى القارة، إلا أنهم مستمرون فى توليد الطاقة بالفحم والطاقة المائية باهظة الثمن، وسدود الطاقة الكهرومائية في الدول المنكوبة بالجفاف.

من المؤكد أن المقرضين الصينيين والشركات المملوكة للدولة تزيد بشكل مطرد دعمها لتوليد الطاقة الشمسية فى دول مثل زامبيا وكينيا، لكنها مجرد جزء صغير من طرق توليد الطاقة الضارة للبيئة التى يبنيها الصينيون فى أماكن أخرى من القارة.

منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك)

من المحتمل أن تُنظم قمة قادة الصين وأفريقيا التي تُعقد كل ثلاث سنوات على الإنترنت بسبب القيود الاحترازية المتبعة في دول العالم لاحتواء فيروس كورونا، وهذا أمر جيد بالنسبة للصين.

كان من المفترض أن تحتض العاصمة السنغالية، داكار، قمة منتدى التعاون الصينى الأفريقى فى وقت ما خلال 2021، لكن تتزايد التوقعات بنقل الحدث عبر الإنترنت فى ظل استمرار وجود “كوفيد-19” فى غرب أفريقيا. ولم يسافر الرئيس الصينى شى جين بينغ خارج الصين منذ بداية تفشى الجائحة وهناك شكوك كبيرة في إمكانية ذهابه إلى منطقة لم يتم احتواء الفيروس فيها بالكامل.

ستكون من ضمن الموضوعات الرئيسية على مائدة “فوكاك”؛ توصيل اللقاح، القدرة على تحمل الديون، زيادة مشاركة القطاع الخاص، تكامل مبادرة الحزام والطريق، إعادة تأكيد التضامن.