كتب – حسام عيد
من المرجح بشكل متزايد أن يتم قبول الاتحاد الأفريقي باعتباره العضو الحادي والعشرين في مجموعة العشرين خلال القمة المقبلة التي ستستضيفها الهند، وبالتالي تصحيح الخلل التاريخي؛ حيث كانت المنطقة القارية الأخرى شديدة التكامل -الاتحاد الأوروبي- عضوًا مؤسسًا.
حتى الآن، أعلن أكثر من نصف أعضاء مجموعة العشرين على مستوى رؤساء الدول عن دعمهم لذلك؛ حيث بدأوا مع الصين في أغسطس 2020، ومؤخرًا روسيا خلال قمتها الأفريقية.
وقد بدأت دعوات انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين في عام 2020، لإحداث تحولًا مهمًا في الاقتصاد العالمي وأركانه متعددة الأطراف، وأكد الرئيس السنغالي ماكي سال خلال رئاسته لدورة 2022 للاتحاد الأفريقي، وأثناء مشاركته في قمة G20 في مدينة بالي الإندونيسية، على مطلب الانضمام إلى منتدى مجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات في العالم.
إن انضمام الاتحاد الأفريقي للمجموعة أمر مهم “بالنظر إلى الدور المتزايد للدول الأفريقية في المجتمع الدولي”، وربما تفضي القمة المقبلة للمجموعة في الهند خلال سبتمبر 2023 إلى اتفاق كامل.
ما هي مجموعة العشرين (G20)؟
تعتبر مجموعة العشرين (G20)؛ هي المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي، وتؤدي دورا هاما في تشكيل وتعزيز الهيكل العالمي والإدارة بشأن جميع القضايا الاقتصادية الدولية الرئيسية.
تأسست مجموعة العشرين في عام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية العالمية.
وفقًا للموقع الإلكتروني الرسمي لـ(G20)؛ تمت ترقية مجموعة العشرين إلى مستوى رؤساء الدول/الحكومات في أعقاب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية لعام 2007. وفي عام 2009، تم تعيينها “المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي”.
وتعقد قمة مجموعة العشرين سنويًا، تحت قيادة رئاسة دورية. وركزت مجموعة العشرين في البداية إلى حد كبير على قضايا الاقتصاد الكلي الواسعة، لكنها وسعت جدول أعمالها منذ ذلك الحين ليشمل التجارة وتغير المناخ والتنمية المستدامة والصحة والزراعة والطاقة والبيئة وتغير المناخ ومكافحة الفساد. وتتولى الهند رئاسة المجموعة في الفترة من 1 ديسمبر 2022 إلى 30 نوفمبر 2023.
ويتمثل أعضاء المجموعة في 19 دولة؛ (الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وجمهورية كوريا الجنوبية والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) بالإضافة إلى العضو الـ20 المتمثل في الاتحاد الأوروبي. ويمثل أعضاء G20 حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75% من التجارة العالمية، وحوالي ثلثي سكان العالم.
منتدى اقتصادي عالمي بارز
لم يتم بعد تحديد بعض الطرق والآليات الخاصة بكيفية ظهور الاتحاد الأفريقي واستعداده لأقوى مناقشات اقتصادية ومالية في العالم.
على الرغم من أن مجموعة العشرين تعقد الآن عددًا كبيرًا من الاجتماعات والموضوعات من التجارة إلى التنمية، إلا أن المجموعة تتفاعل على ثلاثة مستويات أساسية، وهي؛ مستوى القادة ومستوى وزراء المالية ومستوى محافظي البنوك المركزية.
وفقًا لما تم الاتفاق عليه في اجتماع رؤساء الدول لهذا العام، سيمثل رئيس الاتحاد الأفريقي -رئيس جزر القمر غزالي العثماني رئيس الدورة الحالية لعام 2023- ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، أفريقيا على مستوى القادة في مجموعة العشرين، كما أوردت مجلة “أفريكان بيزنس”.
ومع ذلك، فإن مستويات وزراء المالية والمحافظين المركزيين أقل وضوحًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن التنسيق الإقليمي الأفريقي على المستوى النقدي لا يزال قيد التنفيذ.
على سبيل المثال، صادقت دولة واحدة فقط، وهي تشاد، على أدوات إنشاء صندوق النقد الأفريقي، ومن المتوقع أن يبدأ إنشاء البنك المركزي الأفريقي بين عامي 2028 و 2035. وإلا فإن رئيس البنك المركزي الأفريقي سيحضر، تمامًا مثلما تفعل كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي مع الاتحاد الأوروبي. وبالمثل، مثّل المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جينتيلوني، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي، ووزيرة المالية السويدية إليزابيث سفانتيسون مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي في اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (FMCBG) في يوليو 2023.
خيارات يمتلكها الاتحاد الأفريقي
أحد الخيارات هو لمفوض مفوضية الاتحاد الأفريقي للتجارة والصناعة في الاتحاد الأفريقي -حاليًا المفوض ألبرت موشانجا- بالإضافة إلى وزير المالية من دولة رئيس الاتحاد الأفريقي، لتمثيل القارة معًا على مستوى وزراء المالية.
بالنسبة لاجتماعات البنك المركزي، يمكن لمفوض مفوضية الاتحاد الأفريقي أن يحضر بنفس القدر أو أن يحل محله رئيس مؤسسة مالية دولية أفريقية، مثل البنك الأفريقي للتنمية والبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد “أفريكسم بنك”.
هناك حجج قد تظهر بناءً على المساهمين والمديرين التنفيذيين لبعض المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الأفريقية للتنمية الذي يضم أكبر مساهميه المملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان. وقد يجادل البعض بأن البنك ليس مستقلاً.
من ناحية أخرى، يمكن أن يتولى البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد هذا الدور نظرًا لأن مجلس الإدارة أفريقي وأن مساهمي البنك مصنفون إلى فئات -وجميعهم من الكيانات الأفريقية. وهناك خيار آخر يتمثل في التناوب على هذا المنصب بين العديد من المؤسسات المالية الأفريقية كل سنتين أو ثلاث سنوات.
هناك بديل آخر يتمثل في وجود مبعوث معين خصيصًا لمرافقة وزير مالية رئيس الاتحاد الأفريقي. سيكون لهذا المبعوث خلفية مالية قوية ويمكن أن يوفر الاتساق و الخبرة المطلوبة.
أخيرًا وليس آخرًا، يعرف أي شخص مطلع على عمليات مجموعة العشرين أن كل دولة أو منطقة في المجموعة تحتاج إلى “شيربا”. وينحدر مصطلح “شيربا” من جنوب آسيا؛ حيث يصف جماعة عرقية نيبالية مهمتها حماية جبال الهمالايا، وقيادة المتسلقين للوصول إلى قمم الجبال، ومن هنا جاء استخدام المصطلح ليصف المبعوث الدبلوماسي الذي يمثل حكومته في التحضير للمفاوضات والاتفاقيات الرئيسية قبل انعقاد قمة قادة مجموعة العشرين، وليشير إلى الدور الذي يقوم به مبعوث الحكومات “شيربا” في تهيئة القمة النهائية والتحضير لها.
وغالباً فإنه لدى كل دولة مشاركة في قمة دولية فريق “شيربا” متخصص في الشؤون الخارجية والمالية، ويبدأ دور الفريق عندما يقوم قائد الدولة المستضيفة للقمة بدعوة ممثلين عن الدول الأعضاء في القمة، للمشاركة في وضع جدول أعمال القمة والاقتراحات والقضايا الواجب طرحها، إلى جانب حضور الاجتماعات والجلسات مع نظيره في الدول الأعضاء المشاركة، والتحضير للمفاوضات وإعداد بيانات القمة، وقبل انعقاد القمة يقوم “شيربا” برفع التقارير لرئيس الدولة التي توضح الوضع القائم للمفاوضات، والاتفاقيات والمواضيع المطروحة.
ومن الممكن أن يعمل ألبرت موشانجا، مفوض التجارة والصناعة في الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى وزير الخارجية أو المستشار الدبلوماسي الخاص من دولة رئيس الاتحاد الأفريقي معًا كـ”شيربا” للاتحاد الأفريقي في قمة G20.
البديل الآخر هو أن يقوم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بتعيين مبعوث خاص ليكون “شيربا” أو ممثل وزير المالية بدلاً من المفوض موشانجا لإحدى تلك المجموعات من الاجتماعات، وذلك لتجنب العبء الزائد مع ضمان الاستمرارية والاستقرار في التمثيل والتفاوض والتطبيق والإنجاز.
هناك خيار آخر قد يتمثل في الاستفادة من المجموعات الاقتصادية الإقليمية لهذا المنصب مع تناوب الممثلين الفعليين بين الممثلين الإقليميين الثمانية كل سنتين أو ثلاث سنوات. قد يكون هذا منطقيًا أيضًا لأن رؤساء المجموعات الاقتصادية الإقليمية يحضرون اجتماعات الاتحاد الأفريقي بصفتهم الرسمية، مما يعني أنهم على دراية بالقضايا التي تتطلب حلًا في الاتحاد الأفريقي وفي مناطقهم.
الاتحاد الأفريقي، مثل الاتحاد الأوروبي، لديه الجاهزية والبراعة الدبلوماسية والمالية الموثوقة للغاية للمشاركة بشكل استراتيجي مع مجموعة العشرين.
يمكن لمفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس الاتحاد الأفريقي البدء في اتخاذ هذه القرارات الآن. إذا تم الإعلان عنهم في نفس وقت قرار القمة بقبول الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين، فسيوفرون الثقة في أن الاتحاد الأفريقي سيكون عضوًا منظمًا ومؤثرًا في مجموعة العشرين. في هذا الوقت الجيوسياسي الغامض، ستكون هذه الثقة مفيدة لـG20 والعالم بأسره.
آمال ومستهدفات استراتيجية
في الوقت الذي تكبر فيه الصراعات الجيوستراتيجية والسياسية والعسكرية بين القوى الكبرى، هناك إجماع من الأطراف والقوى كافة على أهمية قارة أفريقيا لمستقبل العالم، لا سيما في الجانب الاقتصادي.
ويأتي الاتفاق على منح الاتحاد الأفريقي مقعداً دائماً في مجموعة العشرين، وهو ما عده خبراء “ممهدا لأن تصبح للقارة أدوار في القرار الاقتصادي العالمي”.
وفي الوقت الراهن، ربما تصبح مجموعة العشرين، نافذة رئيسة، لإيصال صوت القارة الإفريقية والمساهمة في تعزيز العمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية.
وقبول انضمام الاتحاد الأفريقي، يُعد أولوية استراتيجية، لما في ذلك من أهمية في التصدي للتحديات التي يواجهها العالم اليوم كتغير المناخ، والتباطؤ الاقتصادي، وضائقة الديون، والتعافي غير المتكافئ من جائحة كورونا، والتي تتطلب عملًا جماعيًا لمعالجتها في إطار التعاون مع دول الاتحاد الأفريقي. والاتحاد الأفريقي هو تكتل يبلغ إجمالي الناتج المحلي به أكثر من تريليوني دولار، مما يضعه ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم. وجنوب أفريقيا هي العضو الوحيد في مجموعة العشرين من القارة. ومن خلال إضافة الاتحاد الأفريقي ستمثل مجموعة العشرين “وجهات نظر 55 عضوًا إضافيًا، والجزء الأكبر من البلدان منخفضة الدخل، ونحو 80% من سكان العالم”.

وختامًا، الفوز بمقعد في مجموعة العشرين هو خطوة جيدة وإيجابية لقارة أفريقيا، لكن من الضروري الحرص على تبني سياسات غير منحازة لأي من القوى على حساب الأخرى، أو على حساب مصالح القارة، واستغلال فرصة الانضمام في خلق قرار اقتصادي ومنظومة اقتصادية متوحدة لتحقيق فوائد تنافسية شاملة وجذب الاستثمارات من جميع القوى الدولية.