كتب – حسام عيد

ربما قد يضطر الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى الاختيار بين صفقة بين الولايات المتحدة وكينيا، أو نهج متعدد الأطراف للتجارة الأفريقية، حيث تواجه الإدارة الأمريكية القادمة خيارًا بشأن ما إذا كانت ستختتم محادثات مع كينيا حول اتفاقية التجارة الحرة أو إعطاء الأولوية لاتفاق تجاري متعدد الأطراف مع القارة السمراء، وفقًا لخبراء السياسة الخارجية والتجارة الأمريكيين.

محادثات افتراضية بدأها ترامب

وقد فتحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محادثات افتراضية مع كينيا في يوليو 2020 بشأن ما أسماه الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر “اتفاقية شاملة عالية المستوى… يمكن أن تكون بمثابة نموذج لاتفاقيات إضافية عبر أفريقيا”.

ومع ذلك، فإن ازدراء ترامب للصفقات التجارية متعددة الأطراف، التي جعلته يخرج من الشراكة عبر المحيط الهادئ، واستبدال اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “نافتا” باتفاقية تجارة جديدة مع المكسيك وكندا، ودعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من المرجح أن يقف في تناقض صارخ مع أولويات إدارة بايدن، التي وعدت بالعودة إلى التعددية وبناء التحالفات.

وبلغت تجارة السلع ثنائية الاتجاه بين الولايات المتحدة وكينيا 1.1 مليار دولار في عام 2019.

وقال لايتهايزر سابقًا: إن اتفاقًا ثنائيًّا بين الولايات المتحدة وكينيا سيكمل التكامل الإقليمي مع مجموعة شرق أفريقيا واتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، وهي اتفاقية أولية بين 54 دولة أفريقية لإنشاء منطقة تجارة حرة على مستوى القارة.

لكن هاري برودمان -رئيس ممارسة الأسواق الناشئة في مجموعة بيركلي للأبحاث الأمريكية والمفاوض التجاري السابق في إدارتي جورش بوش وبيل كلينتون- يقول: “إن التركيز على المفاوضات الثنائية قد يضعف منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية AfCFTA”.

فيما قالت وزيرة مجلس الوزراء لشؤون التجارة والتصنيع وتنمية المشاريع والأعمال في كينيا، بيتي ماينا، إنه عند إطلاق المفاوضات في يوليو الماضي، كانت البلاد تسعى إلى ترتيب تجاري يمكن التنبؤ به ويضمن الوصول التفضيلي إلى الأسواق للمنتجات الكينية.

وركزت المفاوضات بصفة أساسية على النفاذ للسوق الكينية والدول المجاورة، وبالمثل نفاذ المنتجات الكينية إلى الأسواق الأمريكية، كما طالبت الولايات المتحدة بالتوافق التنظيمي للقواعد والقوانين وتقليل العوائق غير التعريفية مثل المعايير الصحية والمعوقات الفنية وتحرير التجارة في الخدمات، بما في ذلك الاتصالات والخدمات المصرفية، والتزام كينيا بعدم فرض ضرائب تمييزية بالداخل.

وتهدف الاتفاقية إلى تغطية مجالات تشمل الطاقة والصحة والاقتصاد الرقمي والبنية التحتية والتصنيع والزراعة، وتستند إلى عدد من المناقشات بين الدول على مدار سنوات إدارة ترامب.

وفي حين أن الهدف المعلن للولايات المتحدة هو تحسين الفرص الأمريكية وتنويع تجارة الولايات المتحدة مع أفريقيا ودعم الاستثمار في كينيا والنفاذ من خلالها إلى الدول غير الساحلية، يذهب الكثيرون إلى التأكيد على أن الدافع الأساسي لهذه المفاوضات هو عدم رغبة الإدارة الأمريكية الوقوف موقف المتفرج للزحف الصيني المتزايد في أفريقيا.

بايدن والتجارة متعددة الأطراف

سيركز مسؤولو بايدن أكثر على العلاقات التجارية متعددة الأطراف، وبدرجة أقل على محادثات التجارة الثنائية، لذلك ليس من الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستواصل مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الثنائية الجارية مع كينيا التي بدأها مسؤولو ترامب في وقت سابق من هذا العام.

وتقول ستايسي سوانسون -مستشارة السياسة العامة في شركة شركة المحاماة “سكواير باتون بوچز” الدولية (Squire Patton Boggs)- “يمكن لإدارة بايدن بدلًا من ذلك أن تسعى إلى توسيع نطاق هذه المحادثات لتشمل اتفاقية إقليمية أفريقية، أو حتى استهداف المفاوضات مع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية المنشأة حديثًا”.

فيما يرى برودمان، “أهم هدف استثماري للسياسة الاقتصادية ينبغي على الولايات المتحدة رؤيته لأفريقيا، أود أن أقترح أن نركز ونضع طاقتنا في مساعدة أفريقيا على إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية”.

اتفاق استثنائي

وقال تيد ألدن -زميل أقدم في المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية، في حدث لمؤسسة الصحافة الوطنية في الولايات المتحدة- “إن التقدم يجعل من المرجح أن تبرم إدارة بايدن اتفاقًا”.

وأضاف: “أعتقد أن إدارة بايدن ستحاول على الأرجح إنهاء المفاوضات الجارية حاليًا مع كينيا، وأعتقد أنه سيكون من الصعب إيقافها، لذا قد يكون هذا استثناءً واحدًا لعدم وجود اتفاقيات تجارية جديدةـ يمكنك القول بأن هذا يعني استمرار اتفاقية التجارة”.

وتابع: “لا أتوقع رؤية مبادرات تجارية جديدة مهمة في أفريقيا لفترة من الوقت، أعتقد أنه مثل كل شيء آخر على جدول الأعمال التجاري، فإن إدارة بايدن ستتحرك ببطء شديد”.

وختامًا، سيتعين على إدارة بايدن أن تقرر ما إذا كانت ستجدد قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA) الذي وقعه الرئيس الأسبق بيل كلينتون وأقره الكونجرس في مايو 2000، والذي يوفر وصولًا مُعْفًى من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة للمصنعين الأفارقة “نحو 6500 من أفريقيا” ومن المقرر أن ينتهي في عام 2025.