كتب – حسام عيد

أثار تقرير كُشف النقاب عنه في الأسبوع الثاني من أغسطس 2021، من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مخاوف بشأن ما إذا كان يتم عمل ما يكفي لحماية قارة أفريقيا من أسوأ تداعيات لحالة الطوارئ المناخية المتزايدة.

وقد جاء متوسط ​​درجات الحرارة والظواهر الحارة في جميع مناطق اليابسة في أفريقيا فوق التباين الطبيعي مقارنةً بالفترة من 1850 إلى 1900، وفقًا لتقرير تاريخي صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تقدم تقديرات شاملة لحالة الفهم العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي لتغير المناخ وأسبابه وتأثيراته المحتملة واستراتيجيات التصدي لهذا التغير.

وكان معدل ارتفاع درجة حرارة السطح أسرع في أفريقيا بشكل عام من المتوسط ​​العالمي، حيث أعرب العلماء عن ثقتهم العالية في أن تغير المناخ بفعل الإنسان هو المحرك المهيمن.

وبالفعل، أثار تقرير فريق العامل الأول التابع للهيئة (IPCC) -الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس بأنه “الرمز الأحمر للبشرية”- القلق بشأن ما إذا كان يتم القيام بما يكفي لحماية أفريقيا من تداعيات تغير المناخ.

ووجد التقرير أنه “من المرجح أكثر” أن تصل درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة في وقت ما خلال العشرين عامًا القادمة، وهو ما قد يكسر الهدف الرئيسي المتفق عليه بموجب اتفاقية باريس للمناخ. سيجتمع صانعو السياسة العالميون مرة أخرى في نوفمبر في قمة “Cop26” الحاسمة في جلاسكو باسكتلندا لوضع المزيد من الخطط لخفض درجات الحرارة العالمية.

استنتاجات تمثل مصدر قلق لأفريقيا

وتأتي الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير فريق العامل الأول (أول جزء من تقرير التقييم السادس “AR6” للهيئة “IPCC” الذي سيستكمل في عام 2022) في شكل مستوى عالي من الثقة المفصلية، أو ثقة منخفضة، وهي كما يلي:

– أصبحت موجات الحر البحرية أكثر تواترًا منذ القرن العشرين ومن المتوقع أن تزداد حول أفريقيا (ثقة عالية).

– ارتفع مستوى سطح البحر النسبي بمعدل أعلى من المتوسط ​​العالمي لمستوى سطح البحر حول أفريقيا خلال العقود الثلاثة الماضية. من المرجح أن يستمر الارتفاع النسبي في مستوى سطح البحر في جميع أنحاء أفريقيا، مما يساهم في زيادة وتيرة وشدة الفيضانات الساحلية في المناطق المنخفضة إلى تآكل السواحل وعلى طول معظم السواحل الرملية (ثقة عالية).

– من المتوقع أن يزداد تواتر وشدة أحداث هطول الأمطار الغزيرة في كل مكان تقريبًا في أفريقيا مع زيادة الاحترار العالمي (ثقة عالية).

وقد لوحظ بالفعل انخفاض في متوسط ​​هطول الأمطار في شمال أفريقيا وشمال شرق أفريقيا ووسط أفريقيا وشرق جنوب أفريقيا وغرب جنوب أفريقيا.

كما لوحظت زيادة في فيضان الأنهار في غرب أفريقيا مع زيادة الفيضانات الغزيرة التي سُجلت في شرق الجنوب الأفريقي، وغرب الجنوب الأفريقي والصحراء، ومن المتوقع حدوثها في وسط أفريقيا. لوحظت أيضًا حالات جفاف في وسط أفريقيا، وشرق الجنوب الأفريقي، وغرب الجنوب الأفريقي، ومن المتوقع حدوثها في غرب أفريقيا ومدغشقر.

التغييرات المذكورة أعلاه مقدمة لمنتصف القرن الحادي والعشرين لارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين على الأقل.

ويتوقع التقرير أن التغيرات المناخية في العقود القادمة ستزداد في جميع المناطق، فسيؤدي الاحترار العالمي البالغ 1.5 درجة مئوية إلى موجات حرارة متزايدة ومواسم دافئة أطول ومواسم باردة أقصر. وجاء في التقرير أنه عند بلوغ الاحترار العالمي درجتين مئويتين، ستصل درجات الحراري القصوى غالبًا إلى مستويات حرجة بالنسبة للزراعة والصحة.

وبدورها، أكدت كل من تنزانيا وجنوب أفريقيا وزامبيا على ضمان التوازن الإقليمي في المعلومات المقدمة، وخاصة فيما يتعلق بالجفاف.

مستقبل قاتم؟

لقد سرد التقرير الصادر عن الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ الحقيقة الصارخة للتقاعس عن العمل، فإذا لم تكن هناك تخفيضات سريعة ومستمرة وواسعة النطاق في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرهما، فإن الهدف المتمثل في الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة، على النحو المنصوص عليه في اتفاق باريس، سيكون بعيد المنال.

هذا التقييم المعنون “تغير المناخ 2021: أساس العلوم الفيزيائية” هو تحذير شديد فيما يتعلق برفاهية المجتمع البشري وجميع أشكال الحياة على الأرض. إنها شهادة على حقيقة أن الجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مدى العقود الماضية كانت غير كافية على الإطلاق.

وقد أشار التقرير إلى انخفاض كارثي في الحصاد جنوب القارة الأفريقية بحلول عام 2050، وذلك نتيجة الجفاف وحرائق الغابات.

وشدد على أنه إذا ما لم يكن هناك انخفاض فوري وسريع وواسع النطاق في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإن التأثير على الكوكب سيكون حتميا.

وأضاف التقرير: “سيتطلب استقرار المناخ انخفاضًا سريعًا ومستدامًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي يمكن أن تكون لها فوائد لكل من الصحة العامة والبيئة العالمية”.