كتبت – أسماء حمدي

عندما ضرب الوباء العالم لأول مرة، لم يستسلم المحامي ونحات زيمبابوي ديفيد نجويرومي بالجلوس في منزله، بل أخذ المطرقة والإزميل وبدأ العمل على أول مجموعة من منحوتاته المستوحاة من كورونا.

أصبحت الجائحة بمثابة مصدر إلهام لإبداع نجويرومي، وأخذ على عاتقه بأن يكون فنه رسالة لزيادة الوعي بين الناس، وتشجيعا لهم بالالتزام بالقيود والإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي كورونا.

الجائحة مصدر إلهام

ولدت فكرة نحت مجموعة كوفيد لـ”نجويرومي”، أثناء المراحل الأولى من الوباء، عندما وجد نفسه يفكر فيما يعانيه الناس وكيف يعكس ذلك من خلال فنه، يقول: “واجه الناس في جميع أنحاء العالم، جائحة كورونا، إنها كارثة إنسانية وغير انتقائية بين الأغنياء والفقراء، والأسود والأبيض، والمسلمين والمسيحيين، كانت تخترق كل ما يقسم البشرية”.

وفي حديثه لصحيفة “الجارديان” البريطانية، قال نجويرومي: “شعرت بالإلهام وفكرت في الدور الذي يجب أن أقوم به لزيادة الوعي وإلهام العالم، كيف يمكننا محاربة هذا الوباء معًا وكيف يمكننا أن نرى أنفسنا من خلال ذلك؟”.

كانت أول منحوتة لنجويرومي من مجموعته الممولة ذاتيًا هي صورة لامرأة ترتدي قناعًا، وبعد صنع اللقاحات، قام بعمل منحوتة تسمى الأذرع، تتمثل في نصف جذع بزوج من الذراعين المعلقين يحملان محقنًا، قائلا: “السبب في كونه نصفًا هو أنني لم أرغب في أن يُنظر إليه على أنه جنس، أردت أن يكون لها صدى لدى الجميع “.

نشر الوعي

منذ أن فرضت حكومة زيمبابوي، إغلاقًا في 30 مارس 2020، بدأ نجويرومي في نحت مجموعته التي جذبت انتباه العالم، قائلا: “كان هناك تحول أكثر في جانبي الفني، ومنحني الإغلاق مزيدًا من الوقت في استوديو الفن الخاص بي وأثار شرارتي الإبداعية”.

صنع الرجل البالغ من العمر 40 عامًا، أكثر من 100 منحوتة منذ ذلك الحين، تضم مجموعته قطعا لأناس يجلسون ويقفون منتشرين حول منزله وساحته.

بعد ما يقرب من عامين، شق نجويرومي طريقه إلى الصين بعد أن تم اختياره للمشاركة في بينالي بكين الدولي التاسع للفنون، وهو معرض، يقدم أعمالًا لآلاف الفنانين من أكثر من 100 دولة.

في يونيو من العام الماضي، وقبل أن تضرب الموجة الثالثة من الوباء البلاد، عمل نجويرومي على منحوتة، تصور امرأة تتلقى لقاح كورونا، يقول: “عندما سمعت أن الموجة الثالثة قادمة، كنت أشجع الناس لتلقي اللقاح، فلنستعد لكل ما هو قادم وللمتغيرات”.

وبسبب القيود التي فرضت بسبب الجائحة، منع “نجويرومي” من مرافقة منحوتاته إلى الصين، لكنه استمر في مواصلة عمله في منزله في هراري، والقيام بنحت مجموعة أخرى، وصمم على الاستمرار في زيادة القطع المستوحاة من كوفيد، ويطمح إلى إنتاج وعرض 25 إلى 30 منحوتة أخرى.

القانون والفن

بدأت رحلة نجويرومي في النحت، بينما كان لا يزال في المدرسة في موسانا، شمال شرق هراري، عام 1995 بتعليمات من زميله النحات كوزموس موشنجي، حيث أحب فكرة أن تكون المنحوتات مرئية على نطاق واسع ويعتقد أنها يمكن أن تبعث رسالة بشكل أفضل من اللوحة التي يجب أن تبقى معلقة في الداخل.

وللنحت على الحجر تقليد طويل في زيمبابوي، ويجمع نجويرومي مواده المختلفة من المحاجر والمناجم في جميع أنحاء البلاد.

كان والده مصدر إلهامه، وشجعه على ممارسة المحاماة والفن في نفس الوقت، بالإضافة إلى كونه موهوبًا أكاديميًا، يقول: “كان والدي يشجعني على القيام بالأمرين، وقال لي لا يمكنك أن تكون فنانًا جيدًا بدون مؤهلات أكاديمية، سينتهي بك الأمر بالفشل في فهم كيف يتحرك العالم”.

يمثل تحقيق التوازن في شغفه تحديًا لنجويرومي، الذي يدير عمله الخاص كمحامي، وهوايته كنحات، قائلا: “القانون والفن ليسا مختلفين تمامًا”، مضيفا: “الفن نظام بينما القانون ممارسة، لكن كلاهما يتطلب التركيز، وأشعر بالقوة من خلال الروح الإبداعية في كل ما أفعله، أعتقد أيضًا أنه جعلني أحد أفضل المحامين في زيمبابوي”.

من جانبه، قال القائم بأعمال مدير المجلس الوطني للفنون في زيمبابوي، جوزيا كوسينا، لموقع “فويس أوف أمريكا”: “هذا الإبداع ليس مفاجأة على الإطلاق، إنه تقدير من قبل الفنان أن كورونا قد يدمر سبل العيش، وأيضًا تقدير أن هناك تقدم في البحث فيما يتعلق بكيفية احتواء COVID-19”.

اهتمام عالمي

اجتذبت أعماله اهتمامًا دوليًا، إلى جانب بينالي بكين، وظهرت في مختلف وسائل الإعلام، يقول نجويرومي: “لم يكن هناك فنان يفعل شيئًا كهذا وكان فنه يتحدث إلى العالم”.

يشير نحات زيمبابوي، إلى أن الحالة الأولى التي استلهم منها منحوتته الأولى كانت قضية عنف منزلي، قائلا: “لقد حفزني ذلك على رسم لوحة بعنوان “معاناة النساء”، في إشارة إلى مدى الضرر الذي ألحقته قضية العنف المنزلي عليهن.

حقق نجويرومي شهرة وطنية عندما وضعت منحوتته “موازين العدالة” أمام المحاكم العليا في هراري وبولاوايو في عام 2019.

وأشار إلى أنه كلف مؤخرًا من قبل الاتحاد الأفريقي لإنشاء قطعة تحت عنوان COVID لعرضها في مقره في أديس أبابا، بإثيوبيا، كما عُرضت أعماله في دار الولاية في زيمبابوي، ومحكمة العمل في هراري، وكلية حقوق المرأة في جامعة زيمبابوي.

يقول: “ألهمني العديد من النحاتين مثل مايكل أنجيلو وجوستاف فيجلاند ودومينيك بنهور على سبيل المثال لا الحصر، وبصفتي مبدعًا، يمكنني أيضًا أن أخبرك أن الإلهام موجود في كل مكان، فالحياة اليومية مليئة بمصادر التأثير اللانهائية”.

يحلم نجويرومي بأن يرى أعماله معروضة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف، قائلا: “أنا قادمًا من بلد صغير في إفريقيا، فأنا غير ملاحظ وغير معترف به وأتساءل عما إذا كان ذلك سيحدث، ربما ستكون مجرد أمنية، لن أتوقف عما أفعله حتى لو انتهى بي الأمر بالعرض في منزلي وحتى لو لم تنظر صالات العرض إلي “، مؤكدا: “سأستمر في عملي وروحي تستمر في التحليق.”