كتب – حسام عيد

لمواكبة التطورات التكنولوجية في العالم، يحتاج نظام التعليم في أفريقيا إلى تعزيز دراسات العلوم والتكنولوجيا، وعلى وجه التحديد، التدريب العملي لتحفيز الابتكار. في العقود الماضية، شهدت أفريقيا بثبات تطورًا في مختلف القطاعات بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) التي حددتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015.

وفي السعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كانت التكنولوجيا حليفًا رئيسيًا لتمكين الابتكارات وإحداث ثورة في التجارة والنشاط الاجتماعي والاقتصادي والتعليم والصحة والصناعة والعديد من القطاعات الأخرى.

وقد كانت التكنولوجيا -تطبيق المعرفة العلمية على الأهداف العملية لحياة الإنسان- قوة تمكينية في التنمية البشرية، مما ساعد على حل العديد من المشكلات الوجودية. التكنولوجيا والثورة التجارية في أفريقيا واحدة من أحدث العجائب هي القوة التي أطلقتها التكنولوجيا الرقمية، حيث أحدثت ثورة في الحياة اليومية الخاصة والتجارية على حد سواء. نظرًا للحاجة إلى التباعد الاجتماعي وعمليات الإغلاق لاحتواء انتشار جائحة “كوفيد-19” الوبائية، فقد سهلت التكنولوجيا الرقمية استمرار العمل والتعليم والتجارة المحلية والعابرة للحدود وخدمات الرعاية الصحية والاتصالات. لكنها كشفت أيضًا عن “الفجوة الرقمية” المتزايدة في أفريقيا. نظرًا لأن الملايين في جميع أنحاء القارة غير قادرين على الاتصال بالإنترنت، فقد تُرك العالم غير المتصل اقتصاديًا واجتماعيًا في عزلة.

وهي تشمل الأشخاص غير القادرين على تحمل تكلفة التكنولوجيا المناسبة (ويفضل أن يكون ذلك جهاز كمبيوتر محمول وهاتف ذكي) أو الوصول إلى الإنترنت (إنترنت عالي السرعة). وفقًا للجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول GSMA، فإن ما يقرب من 75% من السكان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لديهم “جوال” ولكن 25% فقط يستخدمون هاتفًا ذكيًا. في عام 2019، أصبح بإمكان لمن هم في 10 من أصل 45 دولة أفريقية التي تم تتبعها بواسطة “التحالف من أجل الإنترنت بأسعار معقولة” أن يدفعوا مقابل الاتصال بالإنترنت بسعر تنافسي -مع توفر 1 جيجابايت من بيانات الهاتف المحمول المدفوعة مسبقًا بتكلفة 2% أو أقل من متوسط الدخل الشهري. وقد كشفت إحصائيات الإنترنت العالمية أنه في نهاية عام 2019، بلغ معدل انتشار الإنترنت في أفريقيا 39.3% -وهو أقل معدل مقارنة بالقارات الأخرى.

كما أن قطع الإنترنت عامل آخر يفاقم الفجوة الرقمية، حيث كلف ذلك الاقتصادات الأفريقية في عام 2019 نحو ملياري دولار. الإنترنت وازدهار اقتصاد المعرفة في عام 2020، اعتمد الاتحاد الأفريقي استراتيجية التحول الرقمي -التي تهدف إلى محو الفجوة الرقمية وضمان الوصول إلى الإنترنت لكل شخص في القارة بحلول عام 2030. وفي جنوب أفريقيا، خفضت شركات الاتصالات “إم تي إن MTN” و”فوداكوم Vodacom” أسعار بيانات الهاتف المحمول بنسبة 20-50%.

وقدم مقدمو الخدمة أيضًا مواقع تعلم بدون تكلفة يستخدمها الجمهور. وقام العديد من مزودي خدمة الإنترنت عبر الألياف أيضًا بترقية سرعة خطوط العملاء وتوفير محتوى تعليمي شامل. ويعد اقتصاد المعرفة؛ اقتصاد يعتمد فيه الازدهار إلى حد كبير على إمكانية الوصول إلى المعلومات وجودتها وكميتها المتاحة للجمهور. في هذا الصدد، يسلط مؤشر اقتصاد المعرفة المعتمد من قبل البنك الدولي، الضوء على أربع ركائز، وهي؛ بنية أساسية ديناميكية للمعلومات، إتاحة التعليم لجميع الأفراد (لتحقيق أفضل استخدام للمعرفة)، بيئة تنظيمية واقتصادية داعمة (على سبيل المثال، لتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات)، وأنظمة الابتكار الإبداعي. وتتبنى العديد من الاقتصادات الأفريقية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم الخدمات، وفي تعزيز التعليم الجيد وتعزيز الأنشطة الاقتصادية، وتهيئتها لاحتضان الثورة الصناعية الرابعة.

ومن المتوقع أن تحدث الثورة الصناعية الرابعة تغييرًا في تكلفة المعاملات، وإمكانيات وفورات الحجم والمنافسة في السوق، وسرعة الابتكار. لمواكبة التطورات التكنولوجية في العالم، يحتاج نظام التعليم في أفريقيا إلى تعزيز دراسات العلوم والتكنولوجيا، وخاصة التدريب العملي لتحفيز الابتكارات واستخدام المهارات التكنولوجية على جميع المستويات. التجربة الرواندية إن تبني التنمية المدفوعة بالتكنولوجيا هو ما شرعت رواندا في تحقيقه في المستقبل القريب.

ويمكن أن يكون حافزًا لتسريع التغيير التحويلي. ووفقًا للمعهد الوطني للإحصاء في رواندا (NISR)، في 2010/2011 ، كان لدى 79.6% من الأسر هاتف محمول واحد على الأقل، ارتفاعًا من 33.2% في 2005/2006؛ بمعدل نمو 46.4% في خمس سنوات فقط. في أواخر عام 2019، أطلقت رواندا مبادرة ربط رواندا للمساعدة المتبادلة، والتي تهدف إلى ربط كل أسرة بهاتف ذكي. وأيضًا، “IremboGov”؛ وهي منصة خدمات حكومية أتاحت وصول أكثر من 8 ملايين رواندي وأجنبي إلى نحو 120 خدمة عامة عبر الإنترنت، من خلال شبكة وكلاء تضم أكثر من 4 آلاف وكيل في جميع أنحاء رواندا. ومنذ عام 2016، تستخدم رواندا الطائرات بدون طيار لتوزيع الدم في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في المناطق الريفية. إنه مشروع أصبح ممكناً من خلال التعاون مع شركة “زيب لاين Zipline” الأمريكية.

واستخدمت الحكومة الرواندية التكنولوجيا لتعزيز جودة التعليم لعدة سنوات. وبدعم قوي من الرئيس بول كاجامي، بدأت الحملة بمبادرة “كمبيوتر محمول لكل طفل”، والتي التزمت بتزويد كل من 2 مليون طفل من أطفال المدارس الابتدائية في رواندا بجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بهم. المبادرة، التي لا تزال قيد التنفيذ، تشمل أيضًا تدريب المعلمين والطلاب على استخدام الأجهزة.

وكانت الخطوة التالية هي مبادرة “فصل رواندا الذكي Smart Class Rwanda”، التي تُشغل وتدير منصة تعليمية عبر الإنترنت وتهدف إلى ربط جميع طلاب المدارس الثانوية الروانديين الذين يتعلمون مواضيع أكاديمية مماثلة. وتوفر لهم الوصول إلى مواد التعلم الأساسية والمعلمين ذوي الجودة العالية. ووفقًا لمجلس التعليم في رواندا، ستستهدف خطة النشر جميع المعلمين من جميع المدارس في جميع أنحاء البلاد. تطبيقات في الزراعة والصناعة الزراعة والصناعة والتجارة هي أيضًا قطاعات مهمة تتمتع باستخدام التكنولوجيا في رواندا.

وتقترن ممارسات الزراعة الآلية بالممارسات الزراعية الحديثة التي تعمل في ظل ظروف خاضعة للرقابة في الصوب الزراعية، على سبيل المثال. وعلى قدم المساواة بالنسبة للصناعة والتجارة، يتم تجديد التصنيع التقليدي للمنتجات من خلال استخدام العمليات الآلية أو شبه الآلية، وقد تم بالفعل تحديث التجارة عبر الحدود باستخدام النافذة الإلكترونية الوحيدة في رواندا (ReSW).

إنه نظام مركزي ينشئ واجهة لجميع الخدمات المتعلقة بالتجارة عبر الحدود، ومصمم لإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية. من خلال هذا النظام، يمكن للمستوردين والمصدرين مراقبة تقدم شحن بضائعهم.

وختامًا، يمكن القول إنه نظرًا لتغلغل التكنولوجيا واستخدامها في جميع أنحاء أفريقيا لتحقيق التنمية المستدامة، بات من الضروري لجميع البلدان تبني التكنولوجيا في جميع السياقات الاجتماعية والاقتصادية وبناء اقتصادات المعرفة؛ وهذا يستدعي تصحيح أوجه القصور الحالية واستحداث تقنيات جديدة لتحقيق رؤيـة أفريقيا 2030 وكذلك رؤية أفريقيا 2060.