كتب – حسام عيد

بعد سنوات من التأخير، يبدو أن تطوير النفط متعدد الجنسيات في أوغندا على وشك المُضي قُدمًا، ولكن هل سيتمكن الموردون المحليون من جني حصة عادلة من الأعمال؟.

مرحلة فارقة للاقتصاد الأوعندي

في التسعينيات، كان إدوارد كابوتشو وشقيقه يعملان بتعدين المعدن الفولاذي “التنجستن”، في غرب أوغندا، عندما اتصلت بهما شركة أجنبية تبحث عن النفط في المنطقة.

سرعان ما كانت أعمالهم الخاصة بشركة “الخدمات المعدنية المحدودة MSL Logistics”، توفر الأساس اللوجستي للتنقيب عن النفط في أوغندا، من خلال؛ جلب أساطيل من المركبات على طول الطرق المتعرجة، وتوظيف العمال المحليين، وتنظيم المعسكرات التي تتحرك حولها مع المنقبين.

ويقول كابوتشو في مكتبه الواسع في كمبالا: “لقد تطورنا مع الصناعة”.

كان كابوتشو متحمسًا بشكل مفهوم في 11 أبريل 2021، عندما وقع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ثلاث اتفاقيات نفطية مهمة مع نظيرته التنزانية سامية صلوحي حسن. بعد عدة سنوات من الركود، يبدو الآن أن مرحلة البناء الرئيسية للمشروع قريبة.

ويضيف كابوتشو الذي يبحث حاليًا العقود مع شركات النفط، “ستكون السنوات السبع إلى الثماني المقبلة جيدة”.

على مدى العقود القليلة المقبلة، تخطط شركة النفط الفرنسية “توتال” والمؤسسة الصينية الوطنية للنفط البحري (سينوك CNOOC) لاستخراج أكثر من مليار برميل من النفط القابل للاستخراج تجاريًا من منطقة بحيرة ألبرت في غرب أوغندا.

ووصف المدير التنفيذي لشركة توتال، باتريك بويان، توقيع الاتفاقيات بأنها مرحلة فارقة تاريخية للعمل الإنتاجي وأن خط أنابيب التصدير سيجتذب استثمارات بأكثر من عشرة مليارات دولار.

وقال إنه “مشروع تنموي كبير للغاية، واحد من أكبر المشروعات التي سيتم تطويرها في هذه القارة”، على الرغم من أنه مجرد بداية لعملية ستشهد تدفقا للنفط في مطلع عام 2025.

ومن المقرر أن يبدأ التطوير الذي طال انتظاره، بما في ذلك بناء خط أنابيب بطول 1443 كيلومترًا إلى الساحل التنزاني، هذا العام، ومن المتوقع أن يحدث الاستخراج النفطي الأول في عام 2025.

سيجلب المشروع استثمارات بقيمة 15 مليار دولار إلى أوغندا، وهي دولة بلغ إجمالي الناتج المحلي فيها 38 مليار دولار في عام 2020. وتقول الحكومة إن أكثر من 4 مليارات دولار من هذه الأموال ستتدفق إلى خزائن الشركات الأوغندية، وبالتالي التزود بكل شيء من مواد البناء والنقل إلى الشؤون القانونية الخدمات والطعام.

لكن صناعة النفط -التقنية والمتخصصة وكثيفة رأس المال- لديها سجل حافل بالعمل في الجيوب، واستخراج الموارد دون بناء روابط قوية مع الاقتصادات المحلية. هل يمكن لأوغندا أن تنجح فيما فشلت به دول أخرى؟.

الترويج للمحتوى المحلي

لقد كان طريقًا طويلًا وبطيئًا لتطوير النفط منذ اكتشاف الاحتياطيات التجارية لأول مرة في عام 2006. وقد اختلفت الحكومة الأوغندية وشركات النفط مرارًا وتكرارًا حول القضايا الضريبية وبناء مصفاة -وهو رمز لنهج “قومية الموارد” الذي تميز به موقف “موسيفيني” التفاوضي.

نفس الخطاب القومي يحفز عددًا كبيرًا من القوانين واللوائح التي تحاول الترويج للمحتوى المحلي في صناعة النفط. يجب على شركات النفط تقديم خطط تحدد كيفية توظيف الأوغنديين، وشراء السلع والخدمات المحلية ونقل التكنولوجيا.

يمكنهم فقط استخدام المقاولين المسجلين في قاعدة بيانات الموردين الوطنية. يجب عليهم إيلاء الاعتبار الأول للسلع والخدمات التي تنتجها الشركات الأوغندية في أوغندا، وقد تم تسييج 16 فئة للموردين الأوغنديين.

النتائج حتى الآن كانت مختلطة. أثناء التنقيب بين عامي 2010 و2013، حيث كانت اللوائح لا تزال قيد الإعداد، جاء حوالي 28% من مشتريات شركات النفط من مزودين أوغنديين.

قبل المرحلة التالية من التطوير، قدمت توتال وسينوك عقودًا بقيمة 1.4 مليار دولار تقريبًا للجهة التنظيمية، منها 167 مليون دولار تذهب مباشرة إلى الشركات الأوغندية (على الرغم من أن البعض الآخر قد يستفيد كمقاولين من الباطن).

وراء تلك الإحصائيات هناك نقاش حول ما يمكن اعتباره “شركة أوغندية”. تصنف اللوائح الشركة على أنها أوغندية إذا تم دمجها في أوغندا، وتضيف قيمة في البلاد، وتستخدم المواد الخام المحلية وتوظف الأوغنديين على الأقل بنسبة 70% من قوتها العاملة.

“ينظر التعريف إلى القيمة التي تخلقها شركة ما في البلد”، حسب قول جلوريا سيبيكاري، المتحدثة باسم هيئة البترول في أوغندا (PAU)، التي تنظم صناعة النفط في أوغندا من أجل خلق قيمة دائمة للأوغنديين والمساهمة في أن تصبح أوغندا وجهة استثمارية سليمة.

وتضيف جلوريا، “قد تكون الملكية مهمة، لكن لا ينبغي أن تكون العامل الوحيد الذي يحدد شركة أوغندية”.

لكن جوليوس بياروهانغا، الباحث في جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا والمحاضر في جامعة أوغندا المسيحية، يخشى أن يأتي هذا النهج بنتائج عكسية.

ويقول بياروهانغا، “يأتي عدد من الشركات متعددة الجنسيات إلى هنا، مسجلة كشركات أوغندية، وتوظف 70% من الأوغنديين -لكنهم سائقي شاحنات، عمال نظافة، العاملون بالوظائف منخفضة الأجر- وينتهي بهم الأمر بالتأهل ليكونوا محليين.

ويضيف أن تلك الشركات المملوكة لأوغندا التي فازت بعقود تميل إلى أن تكون جزءًا من “شبكة داخلية”، إما لها صلات سياسية أو علاقات طويلة الأمد مع شركات النفط.

تحديات الاندماج بالسوق الأوغندي

الوافدون الجدد يواجهون مجموعة من التحديات، من أسعار الفائدة المذهلة إلى المعايير الدولية الصارمة. خلال مرحلة الاستكشاف، على سبيل المثال، لم تتمكن أي شركة تموين محلية من تلبية متطلبات الصحة والسلامة والجودة للفوز بالعقود.

وجد مسح أساسي صناعي شمل 25 قطاعًا، بتكليف من شركات النفط في عام 2013، أن الشركات الأوغندية كانت قادرة على تلبية متطلبات الجودة والكمية في قطاعي الأمن والإسمنت فقط. في مجال النقل، على سبيل المثال، استوفت 200 شاحنة فقط في أسطول من 2500 شاحنة الشروط. لذلك؛ يجب على الحكومة أولًا أن تفعل المزيد لفهم قدرة الشركات المحلية.

ورغم تلك التحديات، فالشركات تطور قدراتها بمرور الوقت، فلا أحد يدخل سوق العمل ليظل صغيرًا.

بدايات خاطئة

منحت سنوات التأخير بين التنقيب والإنتاج الشركات المحلية وقتًا للتعرف على الصناعة وبناء القدرات، كما يقول إيمانويل موجارورا، الرئيس التنفيذي لرابطة مزودي خدمات النفط والغاز الأوغنديين (AUGOS)، وهي هيئة صناعية. لكن عدم اليقين كان مكلفًا.

ويقول موجارورا، “لقد فقد الكثير من الأوغنديين صبرهم واهتمامهم.. لقد استثمر الأفراد، ووضعوا أموالًا، وجندوا أشخاصًا، واشتروا معدات، وأعدوا أنفسهم -ثم كانت هناك بدايات خاطئة اثنين، وثلاثة، وأربع”.

إحدى الشركات التي تضررت بشدة من التأخير كانت “ثري وايز للشحن Threeways Shipping” الأوغندية، وهي شركة للنقل والشحن تعمل مع قطاع النفط.

وقد أوضح مديرها العام، جيف بيتوا، أنه من أجل تلبية متطلبات الصناعة -مستويات الخدمة، ومعايير المعدات، وشهادة الموظفين والمعدات، والمتطلبات الأخرى ذات الصلة في القطاع- كان على “ثري وايز للشحن” استثمار الكثير من الأموال في الأصول حتى تتمكن من الحصول على موطئ قدم في هذا النشاط.

لقد أنفقت شركة “ثري وايز للشحن” 20 مليون دولار للتحضير للنفط، بما في ذلك شراء أسطول من الشاحنات الجديدة بدلاً من الشاحنات المستعملة التي عادة ما تعمل على طرق أوغندا. عندما توقف تطوير النفط، واجهت الشركة مشاكل مالية واضطر “بيتوا” إلى تسريح نصف القوى العاملة.

وختامًا، يمكن القول؛ إن توقيع الاتفاقيات في أبريل 2021 قد أدى الآن إلى إعادة تطوير النفط لمساره الصحيح. بالنسبة للشركات الأوغندية، ستكون السنوات الخمس المقبلة حاسمة، فما يقارب من أربعة أخماس الوظائف التي يوفرها النفط ستكون وظائف قصيرة الأجل خلال ذروة البناء.

وهناك تفاؤل كبير في الأوساط الاقتصادية الأوغندية، فعندما يبدأ النفط في التدفق، من المتوقع أن يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي لأوغندا بحلول عام 2027.