كتب – حسام عيد

تؤدي الانتخابات المؤجلة، والقمع المتصاعد ضد المعارضة، والمعلومات المضللة، والهشاشة الاقتصادية؛ إلى تأجيج العنف الانتخابي في جميع أنحاء القارة.

عنف انتخابي متصاعد وسط كورونا

على مدار العام الماضي، طغت هيمنة جائحة «كوفيد-19» الوبائية على عناوين الأخبار على القضايا المهمة الأخرى التي ابتليت بها المجتمعات الأفريقية. أحد هذه الأحداث هو العنف الانتخابي الدراماتيكي الذي طارد العديد من الدول الأفريقية في أوائل عام 2021. يشكل العنف الانتخابي تهديدًا عاجلاً لأمن أفريقيا وازدهارها، وهو ما يجب أن يؤخذ على محمل الجد مثل الوباء؛ وفق ما أفادت مجلة “أفريكان بيزنس”.

في الشهرين الأولين من عام 2021 فقط، قُتل العشرات من المتظاهرين في أوغندا خلال (يناير)، وقتل مرشح معارض في بنين خلال (فبراير) وقتل اثنان في حادث منفصل في أبريل.

فيما قُتل سبعة من مسؤولي الانتخابات في انفجار لغم أرضي في معقل للجهاديين في النيجر في فبراير، بينما قُتل اثنان على الأقل في مناوشة في تشاد، حيث حاول الأمن اعتقال مرشح المعارضة يايا ديلو خلال (فبراير)، مما أدى إلى انسحاب مرشح آخر من السباق في اليوم التالي.

يجب ألا ينتقص الطوفان المستمر من أخبار “كوفيد-19” من التهديد الحالي والملح بالعنف الانتخابي للديمقراطيات في القارة.

4 طرق رئسية

ربما زادت أزمة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” من خطر العنف الانتخابي من خلال أربع طرق رئيسية، وهي؛ تسهيل عمليات القمع ضد المعارضة السياسية، تأجيج انتشار المعلومات المضللة، تفاقم الهشاشة الاقتصادية، وتأخير الانتخابات.

أولًا، في حين أن هناك حاجة واضحة لتدابير إنقاذ الأرواح مثل التباعد الاجتماعي، فقد قدّم “كوفيد-19” أيضًا للسلطات أعذارًا لتضييق الخناق على التجمعات العامة والمعارضة السياسية بحجة السيطرة على الوباء.

في كثير من الأحيان، تم استخدام نهج ثقيل وانتقائي، مع اعتقال المعارضين وقمع الاحتجاجات بعنف. هذا لا يفعل شيئا لمنع العنف الانتخابي. إن مثل هذه الإجراءات ببساطة تثير مشاعر الظلم وتبعث برسالة مفادها أن الطرق السلمية للمعارضة السياسية مغلقة.

ثانيًا، انتشار المعلومات المضللة من المصادر الرسمية يبدد الثقة في المؤسسات الأفريقية. من ادعاء مدغشقر أنها وجدت علاجًا معجزة للفيروس المستجد، على الرغم من عدم وجود دليل علمي على فعاليته، إلى أن الرئيس التنزاني الراحل جون ماجوفولي شكك بالخطأ في فعالية اللقاحات، فقد أدت شخصيات متواجدة في رأس السلطة في كثير من الأحيان إلى تآكل الثقة من خلال نشر معلومات خاطئة عن علاجات “كوفيد-19”. في وقت الانتخابات، قد يجد القادة الذين أبعدوا شعوبهم بادعاءات كاذبة أثناء الوباء أن جمهورهم أقل تقبلًا عندما يسعون إلى دحض المعلومات الخاطئة أو المناشدة بالهدوء بعد الانتخابات.

وبالفعل، تضخمت عدم الثقة هذه مع انتشار “الأخبار الكاذبة” التي تستخدم كذريعة لفرض الرقابة على حرية التعبير.

وقد سجّل “المعهد الدولي للصحافة” ما مجموعه 77 انتهاكًا لحرية الإعلام مرتبطة بتغطية “كوفيد-19” في أفريقيا. القبض على المدونين، ضرب الصحفيين، وتهديد الصحف بالإفلاس -كل هذا لا يبشر بالخير لاسترضاء الأسباب الجذرية للعنف الانتخابي.

ثالثًا، ضعفت الاقتصادات الأفريقية بسبب التداعيات الاقتصادية للوباء. تعني المصانع المغلقة وأسواق التصدير في حالة ركود وسلاسل التوريد المعطلة أن بعض الاقتصادات تواجه انكماشات كبيرة تصل إلى 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي. ويقدر البنك الدولي أنه يمكن دفع 40 مليون أفريقي إلى الفقر المدقع بسبب “كوفيد-19″، مع وجود أدلة تشير إلى وجود صلة بين الفقر والعنف الانتخابي.

ومما زاد وضع الأمور إلى الأسوأ، تراجعت تدفقات مساعدات التنمية الخارجية إلى أفريقيا بنسبة 1% العام الماضي وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقد تتضاءل أكثر إذا قامت الدول المانحة بإجراء مزيد من التخفيضات على المساعدات الدولية لدفع تكاليف استجاباتها المحلية للأوبئة.

أخيرًا، تسبب فيروس “كوفيد-19” في تأجيل عدد كبير من الانتخابات. وفقًا للمعهد الدولي للديمقراطية والانتخابات (IDEA)، تم تأجيل ما لا يقل عن 14 اقتراعًا خلال العام الماضي في أفريقيا. يتسبب هذا في تأخير وتعطيل التخطيط الأمني ​​للحكومات الأفريقية التي تجد نفسها بالفعل مرهقة من خلال تكريس موارد ثمينة للتصدي للوباء. وهذا يعني أيضًا أن التقويم الانتخابي الأفريقي كثيف بشكل خاص، حيث ستشهد الأشهر القليلة القادمة من عام 2021؛ ما يقارب 11 استحقاقًا رئاسيًا و5 انتخابات تشريعية. إن الكم الهائل من الانتخابات يخاطر بإرهاق آليات الدعم الدولي الضعيفة للعمليات الانتخابية السلمية.

وختامًا؛ مع الانتخابات المقبلة الحاسمة في إثيوبيا وزامبيا، فإن الحاجة إلى تركيز مزدوج على كل من “كوفيد-19” والمخاطر التي يمثلها العنف الانتخابي على الديمقراطية والاقتصادات الأفريقية، باتت أمرًا حيويًا وملحًا.