كتب – حسام عيد

لا بديل عن حلول جريئة لمعالجة إشكالية الحواجز غير الجمركية، وتمكين أعمال الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، للدفع باتفاقية التبادل التجاري الحر في القارة السمراء إلى الأمام، ودخولها حيز التنفيذ بحلول يناير 2021 المقبل.

ورأى الاتحاد الأفريقي أن زيادة الاعتماد على المنصات الإلكترونية، أحد تلك الحلول، حيث قام في الاجتماع الحادي عشر لوزراء التجارة عبر تقنية الفيديو يوم الثلاثاء 29 سبتمبر الماضي، بتدشين منصته الجديدة tradebarriers.africa.

ضرورة إلغاء الحواجز غير الجمركية

إن القارة الأفريقية على وشك أن تصبح أكبر منطقة تجارة حرة في العالم. لكن إذا لم يتم التصدي للحواجز غير الجمركية (non-tariff barriers – NTBs)، ستتباطأ جهود عملية تدشين اتفاقية التجارة الحرة القارية. وعلى الرغم من الاعتراف بالتأثير السلبي للحواجز غير الجمركية على التجارة البينية الإقليمية، إلا أنه لم يكن هناك نجاح محدود حتى الآن في معالجتها.

ويقول السفير ألبرت موشانجا، مفوض التجارة والصناعة بمفوضية الاتحاد الأفريقي، “يعتمد نجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية جزئيًا على مدى قدرة الحكومات على تتبع وإزالة الحواجز غير الجمركية”.

حملة “التجارة أسهل”

وفي الفترة الراهنة يسلط الاتحاد الأفريقي الضوء على الحواجز غير الجمركية وإزالتها في التجارة البينية القارية، عبر حملات رقمية جديدة.

حملة “التجارة أسهل the trade easier” تهدف إلى تعزيز استيعاب واستخدام المنصة الإلكترونية tradebarriers.africa، وهي أداة آلية للإبلاغ عن الحواجز غير الجمركية.

الأداة، طورها الاتحاد الأفريقي بالشراكة مع “الأونكتاد” المنظمة التابعة للأمم المتحدة، تدعم الجهود المبذولة لجعل التجارة القارية أسهل وأقل تكلفة من خلال مساعدة الشركات الأفريقية على الإبلاغ عن هذه الحواجز ودعم إزالتها بمساعدة الحكومات.

وتعمل الحواجز غير الجمركية على إبطاء حركة البضائع وتحميل المستوردين والمصدرين أعباء وتكاليف تقدر بمليارات الدولارات سنويًا.

كما أنها تقف في طريق نجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA).

ولكي تزدهر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، فعلى دول الاتحاد الأفريقي ضرورة القيام بجهود ملموسة تضمن من خلالها إزالة الحواجز التشغيلية على الشركات والتجار، ولا سيماء الصغار منهم، فهم يعانون من قيود لا داعي لها مفروضة عليهم وهم يحاولون فعل الشيء الأساسي الذي يجعل الاقتصادات تعمل، وهو التجارة.

حلول جريئة

وعادة يوميًا ما يواجه العديد من التجار والشركات الأفريقية، حواجز أمام تجارتهم. من الحصص إلى مستندات الاستيراد المفرطة أو متطلبات التعبئة غير المبررة، وتشكل هذه الحواجز عائقًا كبيرًا أمام التجارة بين البلدان الأفريقية وتجعل نقل البضائع عبر القارة أمرًا معقدًا ومكلفًا.

وتشمل الحواجز التنظيمية والإجرائية العمليات الجمركية ومتطلبات التوثيق الحدودي، وتوثيق قواعد المنشأ وعمليات التفتيش قبل الشحن. وتأتي الحواجز التجارية الأخرى في شكل لوائح النقل وتدابير الصحة والصحة النباتية والحواجز الفنية أمام التجارة.

إن تطبيق اللوائح المتعلقة بالتجارة لضمان صحة المستهلك وحماية البيئة وحماية الأمن القومي أمر مشروع، ولكن القيود غير المتناسبة أو الإنفاذ المرهق للوائح التجارية يمكن أن يخنق التجارة ويصل إلى حد الحواجز غير الجمركية، وبالتالي ينبغي معالجته، فاستخدام الحواجز غير الجمركية من أجل الحمائية يتعارض مع مبادئ التكامل الأفريقي.

ووفقًا لتقرير صادر عن “الأونكتاد”، إذا أزيلت هذه الحواجز، يمكن للاقتصاد الأفريقي أن يجني 20 مليار دولار – أكثر بكثير من 3.6 مليار دولار التي يمكن أن يستردها من خلال إلغاء التعريفات (الرسوم) الجمركية.

وتقدر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا (UNECA) أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لديها القدرة على تعزيز التجارة بين البلدان الأفريقية بنسبة 52.3% من خلال إلغاء رسوم الاستيراد ويمكن أن تضاعف التجارة إذا تم تخفيض الحواجز غير الجمركية أيضًا.

الأداة الصحيحة لإصلاح المشكلة

وتركز منصة tradebarriers.africa على تحديد الحواجز غير الجمركية والقضاء عليها، حيث يمكن رصد الشكاوى المتعلقة بالتجارة التي يتم الإبلاغ عنها من قبل المسؤولين الحكوميين في كل بلد ومن خلال وحدة تنسيق الحواجز غير الجمركية المخصصة في أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

وبمجرد التحقق من الشكاوى، يتم تكليف المسؤولين في البلدان المعنية بمعالجة القضية في غضون الجداول الزمنية المحددة المنصوص عليها في اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

وتتيح أداة tradebarriers.africa للشركات الأفريقية أن تلعب دورًا نشطًا في إزالة العقبات التي تعترض التجارة القارية من خلال الإبلاغ عن الحواجز غير الجمركية عبر الإنترنت وحلها من خلال آلية تنسيق الحواجز غير الجمركية التي تضمنها بروتوكول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية في السلع والبضائع.

وقدتم حل أكثر من 600 حاجز تم الإبلاغ عنها من خلال البوابات الموجودة على مستوى المجموعة الاقتصادية الإقليمية (REC).

وتعتمد أداة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لإزالة الحواجز غير الجمركية عبر الإنترنت على هذه البوابات الإقليمية الناجحة، مما يساعد القارة بأكملها على تعزيز الجهود الرامية إلى تفكيك الحواجز غير الجمركية.

دعم الشركات والأعمال الأفريقية الصغيرة

وتلعب الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والتجار غير الرسميين ومشغلي الأعمال الشبابية والنساء دورًا حاسمًا في التجارة الأفريقية ولكنهم يتأثرون بشكل غير متناسب بالحواجز غير الجمركية بسبب مواردهم المحدودة والوصول إلى المعلومات.

ولزيادة الوعي بآلية إعداد التقارير بين الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتشجيعها على استخدام منصة الاتحاد الأفريقي tradebarriers.africa، تم تنظيم سلسلة ندوات عبر الإنترنت.

وبدأت في 29 سبتمبر الماضي الحملة الترويجية الافتراضية التي تستهدف تلك الشركات، وانطلق العرض الترويجي للمناقشات حول القارة في شرق أفريقيا، من خلال جنوب ووسط أفريقيا وينتهي في غرب أفريقيا، فهو يجمع الشركات الأفريقية معًا لتبادل الخبرات الواقعية والحسابات حول الحواجز غير الجمركية أمام التجارة.

وتسعى سلسلة الندوات عبر الإنترنت أيضًا إلى الحصول على اقتراحاتهم للتداول بشكل أسهل عبر القارة، مع التركيز على كيف يمكن لمنصة tradebarriers.africa أن تحدث فرقًا.

وتشجع حملة “التجارة أسهل” رجال الأعمال الأفارقة على زيارة منصة tradebarriers.africa وإطلاع السلطات على تحدياتهم التجارية حتى يمكن حل هذه التحديات.

ويقول الدكتور أوسوالد تشنيامكوبفو، عضو مفوضية الاتحاد الأفريقي، “يمكن للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الإبلاغ بسهولة عن الحواجز أمام التجارة إلى السلطات الوطنية والقارية وحلها، ونحن بالفعل أقرب إلى إطلاق العنان لإمكانات التجارة الحقيقية لأفريقيا وإمكانات منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية”.