كتب – حسام عيد

وسط غيمة تداعيات جائحة كورونا الوبائية ليس على كثير من الصناعات في أفريقيا فحسب، ولكن على مختلف الصناعات في عموم أنحاء العالم، كانت هناك صناعة في القارة السمراء لا تنفك عن إرسال إشارات مضيئة كالبريق، إنها صناعة الملاذات الآمنة، تعدين المعادن النفيسة.

وقد حققت مجموعة “سيباني ستيل ووتر”، مورد البلاتين الأول في العالم وأكبر منتج للذهب في جنوب أفريقيا، وواحدة من أكبر 10 منتجين للذهب على مستوى العالم، أداءً قويًا؛ حيث عوضت أسعار المعادن المرتفعة الاضطرابات الناجمة عن فيروس “كوفيد-19” في مناجمها بجنوب أفريقيا ومصنع إعادة التدوير بالولايات المتحدة.

الأسعار تعزز الربحية

سيباني ستيل ووتر؛ هي مجموعة أشبه بالمزيج الفريد من نوعه بالعالم، من الذهب والبلاتين، في جنوب أفريقيا وفي الخارج، استفادت من ارتفاع أسعار المعادن، وساهم ذلك في ارتفاع كبير في أرباحها الفصلية، ما يعني توقعات متصاعدة بشأن توزيعات أرباح جيدة للغاية.

وكانت المجموعة الأشهر في العالم وجنوب أفريقيا تضررت بعض الشيء، مع فرض تدابير وإجراءات وقائية صارمة لاحتواء فيروس كورونا في نهاية مارس، فالاقتصاد كان معطل، الأمر الذي أدى إلى خفض الإنتاج في مناجم الذهب والبلاتين إلى النصف في الربع الثاني من عام 2020، وبطبيعة الحال أدى ذلك إلى تعطل المناجم في جنوب أفريقيا، فـ”سيباني ستيل ووتر” تعتبر المورد الأكبر عالميًا للبلاتين، وتوقف أو تعطل الإنتاج بها، يعني تعطل مناجم بدول في قارات أخرى.

لكن الأسعار المرتفعة للذهب والبلاتين سواء بالدولار أو الراند؛ ساهمت في ارتفاع الأرباح الأساسية إلى 9.4 مليار راند (541.8 مليون دولار) من خسارة قدرها 255 مليون راند في نفس الفترة من العام السابق.

ومع زيادة الإيرادات إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 55 مليار راند؛ تقول “سيباني” إن أرباحها المعدلة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين والذي يعرف اختصارًا بـ”إبيتدا ebitda” -مؤشر على ربحية تشغيل الشركة (أي كمية الأرباح التي تتحصل عليها الشركة مع أصولها الحالية والعمليات التي تقوم بها على المنتجات التي تنتجها وتبيعها، بالإضافة إلى توفير مؤشر للتدفق النقدي)- كانت أعلى بثمانية أضعاف عند 16.5 مليار راند. ويعد معدل خصم الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء أو استهلاك الدين إلى معدل الدين الصافي؛ أحد المقاييس الرئيسية في تقييم تعهدات ديون”سيباني” ومقياسًا لوقت استئناف توزيعات الأرباح. من مركز مثقل بالديون عندما اشترت شركة ستيل ووتر للتعدين، وهي شركة تعدين البلاديوم والبلاتين في الولايات المتحدة، مقابل 2.2 مليار دولار نقدًا في عام 2017، أصبح لدى سيباني Sibanye الآن معدل الفائدة على الديون المستحقة إلى صافي الدين 0.55 مرة، أي أقل بكثير من 1.25 مرة في نهاية 2019.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة سيباني، نيل فرونمان، إنه بمجرد أن تحصل الشركة على نسبة الفائدة على الديون المستحقة إلى صافي الديون بمعدل أقل من مرة واحدة -كان لها حساب قبل خصم الفوائد والضرائب مقابل صافي الديون- فإنها ستستأنف مدفوعات الأرباح بعد آخر دفع لها “قسط” في عام 2016. وقد حدد النصف الثاني من عام 2020 باعتباره الوقت الذي يتوقع فيه المساهمون توزيعات الأرباح.

وأوضحت “سيباني” أن المجموعة حققت نتائج مالية قوية وأداء تشغيليًا قويًا للنصف الأول من عام 2020، مع تحسن الإنتاج في جميع قطاعات التشغيل وارتفاع أسعار المعادن الثمينة المستلمة لهذه الفترة، مما أدى إلى تعزيز ربحية المجموعة بشكل كبير.

آفاق إيجابية للصناعات النفيسة

أدى الإغلاق الاقتصادي في جنوب الصحراء، والذي تم تخفيفه بين أبريل ويونيو، مما سمح للمناجم الجوفية بالعودة تدريجيًا إلى طاقتها الكاملة، إلى انخفاض إنتاج الذهب في الربع الأول من يونيو وقلص إنتاج البلاتين  PGM إلى النصف.

وبحلول نهاية يوليو، عادت مناجم المورد الأول للبلاتين في العالم بجنوب أفريقيا إلى ثلاثة أرباع الإنتاج الطبيعي، وكانت مناجم الذهب لدى مجموعة “سيباني” 90% من الإنتاج. ومن المتوقع أن تعود مناجم جنوب أفريقيا إلى المستويات المعتادة في الربع الأخير من العام.

وتقول مجموعة سيباني: “التوقعات للنصف الثاني من العالم 2020 إيجابية؛ مدعومة بتوقعات تشغيلية أفضل من النصف الأول من عام 2020 ومع تعافي أسعار المعادن الثمينة بالقرب من المستويات التي سبقت الإغلاق الاقتصادي العالمي جراء جائحة كورونا”.

بالإضافة إلى أن هناك اتجاه هبوطي في حالات الإصابة بفيروس كورونا في مناجم جنوب أفريقيا “منذ الذروة التي حدثت في منتصف يوليو 2020”.

وتضيف مجموعة سيباني: ” في حين أنه سيكون من الضروري الحفاظ على التدابير الحالية لفترة طويلة لتجنب عودة ظهور حالات كوفيد-19، فإن احتمال إعادة فرض تدابير أكثر صرامة يبدو بعيدًا في الوقت الحالي”.

مساهمة كبيرة من عمليات مناجم ماريكانا ومونتانا

من بين المساهمين الكبار في أداء الإنتاج المؤقت كان إدراج العمليات السابقة للمنتج البريطاني في جنوب أفريقيا Lonmin -التي تسمى الآن ماريكانا Marikana- في نتائج Sibanye لمدة ستة أشهر كاملة.

وارتفع إنتاج الذهب المؤقت بنسبة 17% عند 403.621 أوقية مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق عندما تأثرت المناجم سلبًا بإضراب أجور لمدة خمسة أشهر من قبل اتحاد عمال المناجم واتحاد البناء في جنوب أفريقيا (Amcu).

كما ارتفع إنتاج مجموعة سيباني بنسبة 5% عند 657.828 أونصة من البلاتين والبلاديوم والروديوم والذهب.

فيما نمت عمليات تعدين مجموعة “سيباني ستيل ووتر” في ولاية مونتانا الأمريكية بنسبة 5% إلى 297.740 أونصة من البلاديوم والبلاتين، ولكن انخفض إنتاج المجموعة بنسبة 6% إلى 397.472 أوقية من المعدنين والروديوم بسبب تباطؤ عمليات تسليم أجهزة مكافحة التلوث من محركات الديزل والبنزين بسبب وباء كوفيد-19 العالمي.

وختامًا، حققت مبيعات المعادن في الولايات المتحدة زيادة بنسبة 43% في أسعار البلاديوم والبلاتين بالدولار، بينما في جنوب أفريقيا، حققت مبيعات صناعة إعادة تدوير التعدين والمعادن ضعف الأسعار تقريبًا بالراند، في حين قفز الذهب بنحو النصف ومقومًا بالراند.