كتب – حسام عيد

على مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال تبوأت نيجيريا مراكز متقدمة في السنوات الأخيرة، حيث ارتقت 15 مرتبة في عام 2020 الجاري، مما يجعلها واحدة من أفضل البلدان أداء في العالم خلال تلك الفترة، وهو إنجاز أشادت به الحكومة وتشهد عليه الأعمال.

وهي الآن تحتل المرتبة 131 من بين 190 دولة، ارتفاعًا من 146 في عام 2019 وبزيادة 39 مكانًا منذ عام 2006.

ويقول رئيس الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، محمد بخاري: إن هدف الحكومة هو الوصول إلى المرتبة الـ70 بمؤشر سهولة ممارسة الأنشطة والأعمال بحلول عام 2023، وهو العام الأخير في ولايته.

وكانت كانو في الشمال ولاجوس مراكز البحث الرئيسية بالنسبة للمؤشر الذي يصدر سنويًّا عن مجموعة البنك الدولي.

ولكن رغم ذلك ما تزال هناك بعض التحديات التي تعوق الاقتصاد، وتكافح الحكومة النيجيرية من أجل التغلب عليها والتأسيس لبيئة عمل مرنة وأكثر تنافسية ليس فقط بالمقارنة مع جيرانها أو البلدان الأخرى في القارة السمراء، ولكن مع دول العالم الكبرى.

إزالة القيود البيروقراطية

في محاولة لتحسين مناخ الأعمال، أنشأ الرئيس النيجيري بخاري، المجلس الرئاسي لتمكين بيئة الأعمال (PEBEC) في عام 2016 لتسهيل الإصلاحات وإزالة القيود البيروقراطية لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية.

 وقد ركزت على تخفيف المتطلبات والوقت المستغرق لتسجيل شركة، وتحسين دخول وخروج السلع والأشخاص، وضمان الشفافية الحكومية في التعامل مع القطاع الخاص وتوفير المعلومات له.

وأعطى المجلس الأولوية للعديد من القضايا التي تم تحليلها في تقرير ممارسة الأعمال التجارية وخطا خطوات كبيرة في الوصول إلى الائتمان، وإنفاذ العقود، وحماية المستثمرين الأقلية، ومن ثَـم الوصول لأفضل ممارسات الأعمال في نيجيريا.

ومع ذلك، ما يزال أداء نيجيريا ضعيفًا بشأن التدابير الرئيسية مثل التجارة عبر الحدود، والحصول على الكهرباء ودفع الضرائب، وإبراز مقدار العمل الذي ما يزال يتعين القيام به.

يقول يواندي ساديكو، السكرتير التنفيذي للمجلس النيجيري لترويج الاستثمار (NIPC) أنه كان هناك بلا شك العديد من التحسينات، فالبلاد تتقدم في مجال الحكومة الإلكترونية من خلال تسجيل الشركات عبر الإنترنت وإيداع الضرائب، كما يجري العمل على تحسين الوصول إلى الكهرباء وتبسيط المتطلبات في الموانئ.

وعلى مدى العامين الماضيين، خفّضت الحكومة عدد الوكالات العاملة في الموانئ، بهدف جعل جميع هذه المؤسسات تتواصل مع المستوردين والمصدرين من خلال بوابة واحدة.

تفاعل وترحيب حكومي

يقول أحمد منصور، الرئيس الحالي لجمعية المصنعين في نيجيريا، إن الحكومة متقبلة لمدخلات ومقترحات هيئات الصناعة وهناك آليات تشاور واسعة النطاق.

ويضيف: “إذا لم يكن القطاع الخاص يشرك صناع السياسة العامة بشكل كامل، فهذا يعني أن السياسة يمكن أن تكون غير متوقعة وتجريبية”.

ويتابع: “الاقتصاد قد تحسن كثيرًا على مرّ السنين، مع التدخلات والإصلاحات الرئيسية بما في ذلك الدمج المصرفي، وتحسينات التنظيم، وبناء القدرات، وظهور الاتصالات والتكنولوجيا”.

واليوم، أصبحت الشركات النيجيرية في أعلى مستوى تنافسية دولية وتوسعت في بلدان أخرى. كما لعبت الهيئة الاقتصادية الإقليمية “إيكواس” Ecowas؛ دورًا داعمًا من خلال فتح التجارة وتسهيل حركة الأفراد.

تعد مجموعة القمة الاقتصادية النيجيرية (NESG) أحد أصحاب المصلحة الرئيسيين في القطاع الخاص الذي يعمل مع الحكومة منذ التسعينيات بشأن قضايا مناخ الأعمال.

ويقول الرئيس التنفيذي للمجموعة، ليو جايولا: “إن المجلس الرئاسي لتمكين بيئة الأعمال PEBEC هو مبادرة مهمة، ولكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لمعالجة بيئة الأعمال وتنسيق أنشطة العديد من أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص”.

بناء الثقة في بيئة الأعمال

ويؤكد جايولا أنه من الأهمية بمكان بناء ثقة الأعمال من خلال بناء ومدّ جسور الثقة في بيئة صنع السياسات وضمان الاتساق والتوافق والانسجام.

ويستشهد بالتزامات الأعمال المختلفة -وغالبًا ما تكون مرهقة- تجاه المستويات الحكومية الثلاثة؛ كتكاليف رئيسية وقيود للشركات، وكل منها يفرض الضرائب واللوائح والتكاليف الخاصة به، مع وجود قواعد ومتطلبات مختلفة للولايات المختلفة، مؤكدًا أن تبسيط هذه الإجراءات يجب أن يكون أولوية للحكومة الفيدرالية.

ويتفق أحمد منصور، الرئيس الحالي لجمعية المصنعين في نيجيريا، مع ذلك، قائلًا: “هناك الكثير من التداخل وعدم التنسيق في المسائل الضريبية، فكل منظم فرض رسومًا، لذلك البيئة الحالية مرهقة ماليًّا”.

وفيما يتعلق بمسألة عدم اليقين التنظيمي، الذي غالبًا ما يستشهد به رجال الأعمال كإشكالية مؤرقة، يقول منصور إنه تم إحراز تقدم. ومع ذلك فإن التحدي المستمر هو أن الوكالات تميل إلى رؤية نفسها على أنها محرك عائدات وليس عوامل تمكين.

كما يمثل تحصيل الضرائب أيضًا مشكلة للأعمال التجارية، مع المضايقة المستمرة للشركات من قبل مسؤولي الضرائب، حتى مع أولئك الذين يمتثلون. وهذا، كما ترى الشركات، يزداد سوءًا عندما تكون الحكومة في حاجة ماسة إلى الإيرادات، كما هو الحال في بيئة أسعار النفط المنخفضة.

جذب الشركات الصغيرة والمتوسطة لسلاسل القيمة

الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد لبنة النمو للاقتصاد النيجيري، ومختلف الاقتصادات، هي الأكثر شعورًا بالقيود والتكاليف في بيئة الأعمال.

وتشير بيانات مجموعة القمة الاقتصادية النيجيرية NESG لعام 2017 إلى أن 85% من 77 مليون موظف يعملون في الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ويقول الرئيس التنفيذي للمجموعة ليو جايولا: إن الدولة تدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، لكنها تحتاج إلى أكثر من رأس المال من أجل البقاء؛ حيث إن الموظفين يحتاجون إلى التدريب المناسب على إدارة أعمالهم وتوسيع تلك الشركات.

ربما قد تكون الدولة أغفلت هذا الأمر الهام، وجذبت الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى سلسلة القيمة كمحرك هام للنمو.

ويثير منصور مخاوف الشركات المصنعة بشأن النقص المستمر في الطاقة، على الرغم من خصخصة عمليات الشبكة الرئيسية.

ويقول: إن هذا يقوض بشكل خطير القدرة التنافسية لنيجيريا، مشيرًا إلى أن العجز في الطاقة والحاجة إلى مولدات باهظة الثمن ربما يصل إلى 40% من تكلفة الإنتاج، الشبكة الوطنية الآن أصبحت وسيلة احتياطية للطاقة وليست أساسية.

ويتفاقم هذا الوضع بسبب سوء حالة الموانئ حيث يدفع المنتجون رسومًا باهظة مقابل الشحنات المتأخرة.

كما كان التهريب يُسبّب مشكلة خطيرة للشركات المنتجة في نيجيريا، المحلية والأجنبية منها؛ حيث قَوَّضَت التجارة غير القانونية الطلب على السلع محلية الصنع الأكثر تكلفة وسعرًا.

وختامًا، يمكن القول: إن العديد من رجال الأعمال يستطيعون التخطيط لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها الشركات في نيجيريا؛ حيث سيضعون تكلفة المخاطر في عملياتهم التقييمية، لكنَّ تحدياتهم الحقيقية غالبًا ما تكون على مستوى أقل، مثل تلك التي تتعلق بكفاءة البيروقراطية على سبيل المثال، وفعالية الوكالات الحكومية والوصول إليها.

فيما يمثل نقص المهارات أيضًا مشكلة، حيث كثيرًا ما يعود تباطؤ توسُّع الشركات إلى الاحتياجات التدريبية.

وعلى صعيد حركة الأشخاص؛ أشاد رجال الأعمال بإضافة ميزة الحصول على التأشيرات عند الوصول إلى البلاد، على الرغم من أن المستثمرين الأجانب قلقون من تشديد تصاريح العمل.

بالإضافة إلى ذلك، يعد تحسين المرافق في مطارات البلاد، ونظام الانتظار في مطار لاجوس على وجه الخصوص، من القضايا التي أثارها المستثمرون، فالدخول والخروج من نيجيريا بأقل قدر من الضغط والمشكلات عنصر مهم في تصنيف بيئة الأعمال التجارية وقدرتها للدولة.