كتبت – أسماء حمدي

أينما تجولت في شوارع العاصمة السنغالية، داكار، تطالعك صور الجرافيتي على جدران المدينة، فيها يعبر الفنانون عن رأيهم ويتبادلون المعرفة عبر رسومهم، ويومًا بعد يوم أصبحت تزدان شوارع العاصمة بالصور الملونة في مشهد فني بديع.

يعتبر فن الشارع “الجرافيتي” هواية وتفريغًا لطاقة كامنة قد تكون عشوائية أو فنًّا حقيقيًّا على الجدران العامة والمنازل، يعبر فيها الفنانون عن أصوات المجتمع والفئات المهمشة وصغار السن الذين يحاولون إيصال أصواتهم للآخرين من خلال الرسم.

ويعد فن الشارع من الفنون المثيرة للجدل؛ حيث يرى البعض أن تلك الرسومات على الجدران تشوه معالم المدينة بينما يراها آخرون مَعْلمًا من معالم الجمال.

ويُعتقد أن ممارسة الجرافيتي موجود منذ القدم في الحضارات الفرعونية والإغريقية والرومانية، إلا أنه تطور عبر الزمن حتى أصبح يسمى بالجرافيتي الحديث.

متحف السماء المفتوح

في وسط مدينة داكار تنتشر العشرات من اللوحات الجدارية، حيث تجلب الألوان البهجة إلى الجدران الأسمنتية، وتضيف إليها مشهدًا فنيًّا عالميًّا مزدهرًا، فالمدينة تستقبل فناني الشوارع من جميع أنحاء العالم لممارسة حرفتهم، فيما يسميه مؤسس المشروع “متحف السماء المفتوح”.

وشارك في المتحف المفتوح، فنانون ليس فقط من السنغال، ولكن من بوركينا فاسو والجزائر والمغرب والكونغو وفرنسا وإيطاليا، والذين قاموا بدورهم بإحضار عشاق الفن والسياح إلى حي قد لا يفكر أحد في الذهاب إليه.

قال ماورو بتروني -أحد الرسامين المشاركين في المتحف المفتوح، وهو يعيش في داكار- إن فن الرسم على الجدران في المدينة “يمكن أن يجمع بين الذين لا يرون بعضهم البعض في العادة”.

يبدو أن فن الشوارع ليس بجديد على السنغال، حيث تتزين العديد من المتاجر الصغيرة بصور لما يبيعونه، فهناك جدران رُسم عليها مقص وهي تدل على متجر للخياطة، وأيضًا رسومات لرؤوس مع قصات شعر فاخرة كإعلان لحلاقين، بالإضافة إلى صور أبقار وحليب على جدران محلات الألبان؛ ورسوم لخراف على جدران متجر يقدم اللحوم المشوية.

يقول ديالو 31 عامًا -وهو صاحب فكرة متحف السماء المفتوح، ونشأ في داكار وابن لأحد عمال المصاعد- لقد تركت المدرسة في الخامسة عشر من عمري لأصبح راقصًا، لكن أثناء عملي كمراسل لإحدى المعارض الفنية، تعرفت على فن الشوارع أو ما يعرف بالجرافيتي.

في عام 2010، أنشأ ديالو مجموعة فنية غير ربحية، ورسم الجدار الأول في المدينة مع أصدقائه، قائلا: “إن أجمل ما في ’فن الجرافيتي‘ هو أنه لا يتعين عليك ارتداء ملابسك المنمقة ووضع العطر للذهاب إلى المعارض الفنية لمشاهدة اللوحات الفنية التي تحبها”.

في البداية، لم يكن من السهل دائمًا إقناع أصحاب المنازل بالسماح للناس بالرسم على جدرانهم، لقد أرادوا المال، لكن مع استمرار المشروع، أرادوا مواكبة جيرانهم.

تقول ليجراند ديوب -وهي رسامة سنغالية تعيش في فرنسا، ولديها طفل سنغالي- لقد عشت في داكار لسنوات عديدة، وعدت الآن للمشاركة في المعرض المفتوح، رسمت أشخاصًا سودًا يرتدون ملابس أرستقراطيين، وهي إحدى لوحاتي على جدران المدينة.

ما يتوقعه السكان وما يقدمه الفنانون ليس متماثلًا أو متشابهًا دائمًا، حيث قام جياكومو بوفاريني، وهو فنان إيطالي يحمل اسم “رن”، برسم جدار منزل به صورة ظلية عملاقة للمرأة التي عاشت هناك، وقام بدمج النافذة برأسها، مثل نافذة في ذهنها، لكن صاحبة المنزل بدلاً من إعجابها بالمفهوم، بدت وكأنها منزعجة.

روح معرض السماء المفتوحة هي عملية ارتجالية، تمامًا مثل حياة العديد من الفنانين، وكان من أحدث اللوحات الجدارية وجود تعاون بين كوكا نتادي وهو فنان كونغولي فرنسي، وباركينادو بوكوم وهو فنان سنغالي، قاما برسم صور تجريدية بالأبيض والأسود، وقام السيد بوكوم بإضافة صور فولكسير بألوان زاهية.