بقلم – شاهيناز جلال

نساء ملهمات حظيت بهن قارة أفريقيا، استطعن خدمة شعوبهن، تاركات بصمات واضحة جلية في نهضة بلادهن.

ومن بين النماذج المضيئة للمرأة بالقارة السمراء، هي الناشطة السياسية إلين جونسون سيرليف أو كما يطلق عليها (سيدة أفريقيا الحديدية)؛ لما عُرفت به من الصلابة والصمود والنزاهة.

هي أول رئيسة منتخبة لدولة أفريقية، شغلت منصب رئيسة ليبيريا الرابعة والعشرين، اهتمت باحترام حقوق الإنسان والحريات فكان لها دور كبير في دعم حقوق المرأة والارتقاء بها بصفة خاصة، وحصلت على جائزة نوبل للسلام بسبب جهودها في تحقيق السلام ببلادها.

ولدت إلين سيرليف في 29 أكتوبر1938، في العاصمة مونروفيا، تعلمت في كلية غرب أفريقيا، وفي عام 1956 تزوجت جيمس سيرليف، وهي في السابعة عشرة من عمرها وأنجبت 4 أبناء، وسافرت مع زوجها عام 1961 إلى الولايات المتحدة، وهناك أكملت دراسة العلوم السياسية والاقتصاد، وحصلت على الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد.

عادت إلى بلادها بعد فترة، لتبدأ مسيرتها السياسية في ليبيريا، فعملت نائب وزير المالية في حكومة ويليام تولبيرت عام 1971، ثم تقلدت منصب وزير المالية، وبعد حدوث انقلاب على تولبيرت، سافرت للولايات المتحدة مرة أخرى، وعملت هناك لصالح البنك الدولي في الكاريبي وأمريكا اللاتينية.

عادت إلى  ليبيريا مرة أخرى، واستمرت في العمل بالسياسة وعُيّنت في عام 1979 في منصب وزيرة المالية، وبقيت فيه حتى عام 1980. ونافست على مقعد سيناتوري لمقاطعة مونتسيرادو عام 1985، في انتخابات كانت موضع خلاف.

وبسبب نزاهتها المالية، وموقفها الثابت من الفساد السياسي، كانت في نزاع مستمر مع القادة السياسيين في ليبيريا، فتم سجنها مرتين ونجت من الإعدام في عهد الرئيس صمويل دو، ليتم في النهاية نفيها خارج البلاد، واستمرت مدة نفيها 12 عاما عاشت خلال تلك الفترة في كينيا والولايات المتحدة الأمريكية.

عملت خلال فترة نفيها خارج البلاد في عدة بنوك، بعد ذلك انتقلت للعمل في عام 1992 كمديرة للمكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لأفريقيا، ثم استقالت من منصبها عام 1997 عائدة إلى بلادها لخوض الانتخابات الرئاسية.

ترشحت للانتخابات الرئاسية في ليبيريا عام 1997، ولم يحالفها الحظ فقد حصلت على المركز الثاني، وفاز بها تشارلز تايلور.

وفي عام 2005، خاضت الانتخابات الرئاسية مرة أخرى ضد منافسها لاعب كرة القدم السابق جورج ويا، وتعهدت بوضع حد للفساد والحرب الأهلية في البلاد، وفازت بالفعل هذه المرة لتصبح أول سيدة تتولى منصب رئيس الجمهورية، ليس في ليبيريا فقط، بل في أفريقيا بأكملها من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة، متولية المنصب رسميًّا في 16 يناير 2006.

12 عامًا هي طيلة حكمها الرئاسي، فقد أعيد انتخابها للمرة الثانية عام 2011، وكانت فيهم نموذجًا للمرأة القوية المناضلة، قادت فيهم البلاد نحو الحياة الديمقراطية، وحرصت على تحقيق العدالة، كما وضعت حدًّا للحرب الأهلية المستمرة طيلة عقود طويلة.

حازت سيدة ليبيريا الحديدية على جائزة نوبل للسلام عام 2011 ؛ اعترافا بجهودها في العدالة، وإشراك النساء في عملية حفظ السلام، وسلامة حقوقهن، وقالت الرئيسة الليبيرية حينها إنها “جائزة لكل الشعب الليبيري”، موضحة أن الجائزة اعتراف بنضال بلادها المستمر منذ سنوات طويلة من أجل العدالة والسلام وتعزيز التنمية بعد حرب أهلية وحشية والتي استمرت14 عامًا.

حظيت إلين بشهرة دولية فقد تم تكريمها من قبل العديد من الدول، فقد كانت مسيرتها السياسية حافلة بالإنجازات من أجل خدمة بلادها، فحصلت في عام 2007 على وسام الحرية الرئاسي، أعلى جائزة مدنية في الولايات المتحدة، وفي عام 2012 حصلت على جائزة أنديرا غاندي للسلام ونزع السلاح والتنمية، كما مُنحت في العام ذاته وسام الشرف الفرنسي والذي يعتبر أعلى تكريم في فرنسا.

وأدرجتها مجلة فوربس الأمريكية في المرتبة الـ 83 في قائمة أكثر النساء تأثيرًا في العالم، كما اختارتها مجلة “نيوزوويك” كواحدة من أفضل 10 قادة في العالم، بالإضافة إلى حصولها على العديد من الأوسمة الأخرى ودرجة الدكتوراة الفخرية من عدد من الجامعات الشهيرة، لكونها نموذجًا فريدًا لامرأة سياسية مناضلة، قضت مسيرتها في توفير مستقبل أفضل لبلادها وللشعوب الأفريقية التي أنهكتها الحروب والاستعمار.

عاشت امرأة أفريقيا الحديدية حياة سياسية ثرية، حيث شكلت المرحلة الأبرز في تاريخ بلدها ليبيريا، بعد أن استطاعت إنهاء الحرب الأهلية التي استمرت 14 عامًا، وأسهمت في إعادة إعمار بلادها ومحاربة رموز الفساد، والعمل على تقليل حجم الديون التي كانت تعانيها البلاد، والسعي للمساواة بين الجنسين، وكان كتاب “هذه الطفلة ستكون عظيمة الشأن: مذكرات حياة حافلة لأول رئيسة أفريقية”، “This Child Will Be Great” ، توثيق لهذه الرحلة من الطفولة المبكرة إلى نجاحها في الصعود أن تصبح أول امرأة تُنتخب لرئاسة دولة أفريقية بطريقة ديمقراطية.

ولاهتمامها الدائم بتمكين المرأة الأفريقية، قامت إيلين بتأسيس “مركز ايلين سيرليف الرئاسي للمرأة والتنمية” عام 2008، والذي ما زالت تتولى رئاسته حتى الآن؛ بهدف دعم المرأة سياسيًّا، وزيادة تمثيل النساء في الأدوار القيادية للخدمة العامة بأفريقيا، وتوفير فرص التدريب على القيادة السياسية للنساء من مختلف البلاد الأفريقية.

أشهر أقوالها

  • المرأة تعمل بجد، والنساء أكثر أمانة، ولديهن أسباب أقل ليكن فاسدات
  • لدينا جميعًا مصلحة في المعركة ضد الإيبولا
  • يجب أن يتجاوز حجم أحلامك دائمًا قدرتك الحالية على تحقيقها. إذا كانت أحلامك لا تخيفك، فهي ليست كبيرة بما يكفي.
  • لا يتم إعطاء القيادة على طبق من الفضة، على المرء أن يكسبها.
  • يجب أن يثرينا العرق، ويجب أن يجعلنا شعبًا فريدًا في تنوعنا ولا نستخدمه لتفريقنا.