كتبت – أسماء حمدي
بدءًا من كينيا ومرورًا بالصومال، ووصولًا إلى إثيوبيا، يواجه القرن الإفريقي جفافًا هو الأشد من نوعه منذ عام 1981، ما يدفع نحو 13 مليون شخص إلى الجوع الشديد، كما أدى فشل مواسم الأمطار إلى تدمير المحاصيل ونفوق أعداد كبيرة من الماشية، ما يجبر العائلات على ترك منازلها والفرار بعيدا بحثا عن الماء والغذاء.
التسرب من التعليم
يتسبب الجفاف في القرن الأفريقي، بتعريض أكثر من 3.5 مليون طفل لخطر التسرب من التعليم، وسط تحذيرات من أن الأزمة قد تؤدي إلى جيل ضائع يفقد التعليم، وفي علامة على مدى خطورة الوضع في العديد من المناطق، تضاعف هذا العدد أكثر من 3 أضعاف في الأشهر الستة الماضية، بحسب الأمم المتحدة.
ووفقًا للأرقام الجديدة، تقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، أن 3.6 مليون طفل في كينيا والصومال وإثيوبيا معرضون لخطر ترك التعليم، نتيجة الضغط المتراكم على الأسر بسبب الجفاف المستمر، وحذر الخبراء من أن تعليم الفتيات سيكون الأكثر تضررا.
ودفعت 4 مواسم مطيرة فاشلة متتالية ملايين الأسر إلى حافة الهاوية، مما أدى إلى زيادة عدد وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية وإجبار الناس على الفرار من منازلهم بحثًا عن المزيد من الموارد.
وقال مستشار اليونيسف التعليمي لشرق وجنوب إفريقيا، أبهيان جونج رانا، إن الجفاف يهدد أيضًا بإحداث تأثير مضاعف أكثر هدوءًا في البلدان الثلاثة الأكثر تضررًا، مضيفا: «هناك حوالي 15 مليون طفل خارج المدرسة، بما في ذلك هذه البلدان، لكن الخوف هو أنه بسبب الجفاف، سيتسرب 3.6 مليون طفل إضافي من المدرسة أثناء انتقالهم مع والديهم إلى مناطق مختلفة بعيدًا عن مدرستهم».
خيبة أمل
يقول المعلمون والنشطاء في أرض الصومال، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في الصومال، إنهم يرون بالفعل هذا التأثير في فصولهم الدراسية، إذ غادرت الفتيات المدرسة بشكل أساسي.
قالت المديرة القطرية للمنظمة الدولية لتنمية الأسرة والمجتمع (بلان إنترناشيونال)، سعدية ألين، التي تعمل مع السكان في أرض الصومال لمساعدتهم على تحمل الجفاف: «عندما تزيد الضغوطات، دائمًا ما تتحمل الفتيات العبء الأكبر من الوضع، إنه أمر مقلق للغاية، إذ يوفر التعليم حماية فورية جسدية ونفسية ومعرفية بالنسبة للفتيات، فإن ترك المدرسة أمر مخيب للآمال، كما أن ذلك يؤثر على أحلامهم، وعندما تشعر الفتيات بأنهن يفقدن ذلك التعليم، يبدو أيضًا أنهن يفقدن حقوقهن».
تصلي مديرة مدرسة قرية في منطقة تغدير في أرض الصومال، كيين فرح حسن، من أجل أن يكون هذا العام أفضل للفتيات في مدرستها، قائلة: «في نهاية العام الدراسي الماضي، وبعد فشل موسمين ممطرين، بقيت 31 فتاة فقط من أصل 56 فتاة».
تضيف كيين فرح حسن: «بعض الفتيات تزوجن، وبعضهن انتقل إلى أماكن أخرى لأن والديهن هاجرا من هنا بسبب الجفاف، وبعضهم، أسرهم فقيرة وليس لديهم شيء، حتى الحصول على سبل عيشهم أمر صعب عليهم»، بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية.
تقول كيين إنها اعتادت تعليم الأطفال الفقراء، مضيفة: «عندما يشعرون بالجوع، نمنحهم أحيانًا استراحة لمدة 30 دقيقة ونطلب طعامًا من السوق ليأكلوه، وبالنسبة للبعض، أطهو الطعام في منزلي وأعطيه لهم».
ارتفاع معدلات الزواج المبكر
تعتبر برامج التغذية المدرسية المناسبة، إلى جانب توفير حافلة مدرسية لتغطية رحلة 3-6 أميال (5-10 كيلومترات) إلى المدرسة، هي الحلول المهمة التي ستمكن العديد من المعرضين للخطر من البقاء في التعليم، لكن غياب ذلك، بالإضافة إلى الضغط الإضافي على دخل الأسرة، زاد من احتمالات وصول الأطفال إلى المدرسة.
وتعتقد كيين، أن ثلاث أو أربع من الفتيات اللائي تسربن تزوجن منذ ترك المدرسة، وربما تزوج بعضهم بإرادتهم، وأشارت إلى أن زواج الأطفال، غالبًا ما يزداد في أوقات الجفاف أو الكوارث حيث يسعى الآباء إلى جمع أموال إضافية من خلال المهور.
تقول اليونيسف، إنها لا تتوقع أن ترى فرقا واضحا بين الجنسين من حيث عدد الأطفال المعرضين لخطر التسرب، لأن نزوح أسر بأكملها، بما في ذلك الفتيان والفتيات، كان عاملًا رئيسيًا في ضعفهم.
لكن جونج رانا قال: «أتوقع أن تقل احتمالية عودة الفتيات إلى المدرسة، تمامًا كما حدث في أعقاب عمليات إغلاق كوفيد، والتي تزامنت في بعض الأماكن مع ارتفاع معدلات الزواج المبكر وحمل المراهقات والعنف القائم على النوع الاجتماعي».
مضيفًا: «كنت أتوقع حدوث شيء مشابه لأن المدارس مغلقة في وجههم وهم موجودون هناك مع والديهم أو مع عائلاتهم، ومن المحتمل أن تحدث هذه الأنواع من الأشياء أكثر».
وأردف: «يتم الاهتمام بالفتيات على وجه الخصوص في المنزل ليتمكنوا من توفير جوانب تقديم الرعاية، أكثر من الأولاد، من حيث رعاية أشقائهم الصغار والاهتمام بالأعمال المنزلية في جميع أنحاء المنزل أو أينما كانوا، وأعتقد، مع هذه الظروف، من المرجح ألا يعودوا».
تداعيات خطيرة
من هرجيسا، عاصمة أرض الصومال، تقول المديرة القطرية لـ«بلان إنترناشيونال»، سعدية ألين، إنه من الضروري أن تدرك الدول المانحة مثل المملكة المتحدة، أن الجفاف والأزمات الأخرى يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة على تعليم الفتيات، وأن توفر التمويل وفقًا لذلك.
تشير ألين، إلى أن رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، ليز تروس، أعلنت في وقت سابق، أن النساء والفتيات يمثلن أولوية، مضيفة: «رسالتي إليها وإلى العالم هي أن التعليم هو مجرد شيء قوي، وإذا لم نوفر لهؤلاء الفتيات الموارد التي يحتجنها للبقاء في التعليم، فإن ذلك يعني خسارة جيل كامل، كما أن ذلك سيكون مكلفًا للغاية في المستقبل».
تقدر اليونيسف أن 1.57 مليون طفل، بأعداد متساوية تقريبًا من الفتيات والفتيان، معرضون لخطر التسرب من المدرسة في كينيا، و1.14 مليون في إثيوبيا و900 ألف في الصومال، بما في ذلك أرض الصومال.
وتشير المنظمة إلى أن نزوح الأسر إلى قرى أخرى ذات قدرة تعليمية محدودة، ونقص برامج التغذية المدرسية، وعدم قدرة الآباء على تحمل تكاليف الضروريات مثل الكتب والزي المدرسي، هي عوامل أساسية في زيادة فرص تسرب الطفل من المدرسة، داعية المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من المساعدات للحد من الأزمة.