حسام عيد – محلل اقتصادي

في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي لعام 2019، تتطلع شعوب القارة السمراء لمزيد من التقدم والاستقرار، بما يضمن خلق مجتمعات تسودها الاستدامة والرفاهية.

وهذا ما يعكسه الإنجاز الجديد الذي دشنته القيادة الرشيدة برئاسة عبدالفتاح السيسي، ليس على مسار اقتصادها الداخلي الذي يشهد طفرة وانتعاشة غير مسبوقة بفضل سلسلة من الإصلاحات الجريئة الداخلية فحسب، ولكن على مستوى اقتصادات القارة السمراء.

جسور؛ المشروع المصري الذي يستهدف توفير سلسلة متكاملة من خدمات النقل واللوجستيات للمتعاملين في مجالات الصناعة والتجارة الخارجية مع دول شرق أفريقيا، والتي عبر موانئها ستتمدد لتعزيز التجارة الخارجية فيما بينها، بخلاف إمكانيات الوصول إلى الدول الحبيسة من خلال تأجير مستودعات للصادرات المصرية بها، وتوفير باقى خدمات الجسر فى إبريل 2020.

السخنة – مومباسا.. خط ملاحي جديد بين مصر ودول شرق ووسط أفريقيا

خلال منتدى رجال الأعمال الأفارقة الروتاريين، الذي نظمته جمعية رجال الأعمال المصريين بالتعاون مع الاتحاد النوعي لأندية روتاري مصر، مطلع أكتوبر الجاري، أطلقت الحكومة المصريَّة ممثلة في وزارة قطاع الأعمال العام، خطًا ملاحيًّا جديدًا يربط 10 دول أفريقيَّة داخل القارة السمراء برحلات أسبوعيَّة منتظمة، تبدأ من ميناء العين السخنة بالقرب من محافظة السويس (شرق القاهرة) ليصل إلى ميناء “مومباسا” بدولة كينيا التي تقع في شرق أفريقيا والمطلة على المحيط الهندي.

ويأتي إطلاق الخط الملاحي ضمن المرحلة الأولى من مشروع جسور، والتي تستهدف تسيير رحلات منتظمة أسبوعيًا بأسعار مخفضة.

وغادرت أولى الرحلات البحريَّة للخط الملاحي الجديد بالفعل ميناء العين السخنة بمحافظة السويس إلى ميناء مومباسا في دولة كينيا، يوم الإثنين الموافق 14 أكتوبر 2019، وضمت 52 حاويَّة، وهو ما يعادل أكثر من 50% من المستهدف في الأشهر الثلاثة الأولى من بدء خدمات مشروع “جسور”.

وصاحب إطلاق الخط تطبيقٌ إلكترونيٌّ عبر الهاتف المحمول يحمل اسم “Gosour” يشمل وسائل التواصل المختلفة، وتسجيل بيانات العملاء والشحنات الخاصة بهم، وتلقي الطلبات، كما يمكن التواصل من خلال الشركة المصريَّة لأعمال النقل البحري (مارترانس) المملوكة للدولة.

منصة تنافسية لتعزيز التجارة الخارجية

وزير قطاع الأعمال العام المصري هشام توفيق وصف مشروع جسور بالمنصة التنافسية المتكاملة، لما تحمله من أهداف طموحة لتعزيز التجارة الخارجية، فمن خلاله ستتوفر خدمات النقل واللوجستيات للمصدرين والمستوردين لأسواق شرق ووسط إفريقيا.

وفي مؤتمر حول “مؤشر الحوكمة في إفريقيا”.. مبادرة مؤسسة “مو إبراهيم”، والذي نظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، كشف الوزير المصري أن مشروع جسور ينفذ بواسطة الشركتين القابضتين المصريتين للنقل البحري والبري والتأمين لفتح أسواق جديدة للتجارة الخارجية، عبر نافذة واحدة للتعامل مع المصدرين والمستوردين.

وتطرق الوزير إلى تأسيس شركة جديدة للتسويق والوساطة بالتعاون مع البنوك الحكومية الثلاثة (الأهلي ومصر والقاهرة)، بالإضافة إلى القطاع الخاص، مع إعادة هيكلة شاملة لشركات التجارة الخارجية لتعود إلى نشاطها ودورها الأصلي بعمليات الوساطة في المستقبل، وذلك لفتح أسواق جديدة للتجارة الخارجية المصرية في الدول المستهدفة بشرق إفريقيا؛ نظرًا لأهمية نشاط التسويق والوساطة للتوفيق بين المصدرين والمستوردين من الجانبين، ولتشجيع الطلب على الصادرات المصرية وبالتالي على الخدمات التي يقوم المشروع على توفيرها.

حصة وزارة قطاع الأعمال العام في الشركة الجديدة ستقترب من حدود الـ24%، فيما لن تتجاوز حصة البنوك الثلاثة الـ20%، بينما ستكون أكثر من 50% من أسهم الشركة التي يبلغ رأسمالها نحو 10 ملايين دولار متاحة لمشاركة القطاع الخاص.

وستتولى الجهات الثلاث عمليات النقل البري والبحري والتسويق والوساطة بين المصدرين والمصنعين بين كل من مصر وأفريقيا.

وتعمل وزارة قطاع الأعمال العام في الوقت الراهن على دراسة احتياجات السوق المصريَّة من أفريقيا والعكس بهدف تحقيق التنميَّة في جميع البلاد الأفريقيَّة”.

وكانت الحكومة المصريَّة أعلنت في مايو الماضي نيتها تنفيذ مشروع ضخم من خلال الشركة القابضة للنقل البري والبحري المملوكة للدولة يربط التجارة الخارجيَّة إلى أفريقيا وأوروبا، وتسيير خطوط ملاحيَّة لنقل البضائع، وتوفير الخدمات اللوجيستيَّة للمصدرين والمستوردين لتعزيز التجارة البينيَّة بين مصر والدول الأفريقيَّة والأوروبيَّة، والوصول إلى أسواق جديدة لدعم الاقتصاد القومي.

الجسور الأفريقية تكتمل في 2020 بمحطة حاويات ضخمة

المرحلة الثانية من مشروع جسور من المقرر الانتهاء منها في الربع الثاني من 2020، وتشمل خدمات النقل البري للبضائع والتجميع (لتشجيع صادرات المشروعات الصغيرة و المتوسطة) والتخليص الجمركي والتخزين من خلال إقامة مستودعات ومعارض دائمة للسلع بالخارج.

وأعلنت الشركة القابضة المصرية للنقل البحري، أنها قاربت على الانتهاء من إنشاء محطة حاويات متعددة الأغراض بميناء شرق بورسعيد ستكون الثانية في مصر وبتكلفة 450 مليون دولار، علاوة على إنشاء مركز لوجيستي شرق محافظة بورسعيد شمال شرقي القاهرة بتكلفة استثماريَّة 100 مليون دولار.

وختامًا، تظل مصر محورًا رئيسيًا وفعالًا بقلب اقتصاد القارة السمراء، فهي بوابة استراتيجية للتجارة الأفريقية بشمال القارة، كما أنها تعمل اليوم على الذى أثبت نجاحا كبيرا فى عام 2010، وتوقف بسبب ظروف عدم الاستقرار السياسى فى 2011، وما زال عليه طلب كبير من جانب المصدرين. ولذلك يمكن وصف الزعامة المصرية للاتحاد الأفريقي في دورته الحالية لعام 2019 بعام الخير لشعوب القارة السمراء.