كتبت – أسماء حمدي

لمكافحة مرض يقتل ما يقرب من نصف مليون طفل سنويًا، أعلنت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، تسليم 18 مليون جرعة أولية لأول لقاح للملاريا الذي طال انتظاره ليتم نشره في 12 دولة أفريقية خلال العامين المقبلين مما قد ينقذ عشرات الآلاف من الأرواح.

آمن وفعال

جرى تخصيص 18 مليون جرعة أولية من لقاح الملاريا الأول في العالم إلى البلدان التي يكون فيها خطر إصابة الأطفال بالمرض والموت بسبب الملاريا أعلى، وفقًا لبيان صادر عن تحالف اللقاحات العالمي Gavi ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف.

تعد عملية نشر اللقاح خطوة حاسمة إلى الأمام في مكافحة أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في القارة الأفريقية، يقول المدير الإداري لتسليم البرامج القُطري في Gavi، ثاباني مافوسا: “من المحتمل أن يكون هذا اللقاح مؤثرًا جدًا في مكافحة الملاريا، وعندما يجري نشره على نطاق واسع جنبًا إلى جنب مع التدخلات الأخرى، يمكن أن يمنع عشرات الآلاف من الوفيات كل عام”، حسب صحيفة الجارديان البريطانية.

وأردف مافوسا: “في الوقت الذي نعمل فيه مع المصنعين على زيادة الإمدادات، علينا أن نتأكد من أن الجرعات المتوفرة لدينا تُستخدم بأكبر قدر ممكن من الفعالية، مما يعني تطبيق جميع الدروس المستخلصة من برامجنا التجريبية بينما نوسع أنشطتنا لتشمل ما مجموعه 12 بلدا”.

وقد طلبت 16 دولة أفريقية أخرى الحصول على اللقاح وتأمل في الحصول على الإمدادات عندما يجري زيادة الإنتاج.

أُعلن عن اللقاح المسمى RTS,S/AS01، بأنه آمن وفعال في الحد من الوفيات والأمراض الشديدة بعد إعطائه 1.7 مليون طفل في غانا وكينيا وملاوي منذ عام 2019.

وسيجري تقديمه الآن إلى بنين وبوركينا فاسو وبوروندي والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيريا والنيجر وسيراليون وأوغندا، مع توقع وصول الجرعات في الربع الأخير من هذا العام، على أن تبدأ البلدان في إعطائها للسكان بحلول بداية عام 2024.

أكثر الأمراض فتكا

لا تزال الملاريا من أكثر الأمراض فتكا في أفريقيا، إذ تقتل ما يقرب من نصف مليون طفل دون سن الـ5 كل عام، ومثلت أفريقيا حوالي 95٪ من حالات الملاريا و96٪ من الوفيات المسجلة في العالم في عام 2021.

وتسببت الملاريا بوفاة 619 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم عام 2021، وفقا لأحدث الإحصاءات الصادرة عن المنظمة.

وظهر مرض الملاريا منذ العصور القديمة، ومصدره طفيل أحادي الخلية من جنس المتصورة، ينتقل إلى الإنسان من خلال لدغات البعوض، ويتسبب بأعراض عدة كالحمى والصداع والقشعريرة، ما يؤدي إلى حالة خطيرة قد تصبح مميتة في حال عدم معالجتها.

ويعيش نحو نصف سكان العالم في مناطق معرضة للملاريا ويمكن تاليا أن يصابوا بها، إلا أن الرضع والأطفال دون الخامسة والنساء الحوامل والمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية هم الأكثر عرضة للإصابة بشكل حاد.

ويتركز أكثر من نصف وفيات الملاريا المسجلة في العالم في 4 دول إفريقية هي نيجيريا (31.3%) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (12.6%) وتنزانيا (4.1%) والنيجر (3.9%).

ويحصل أكبر من عدد من الوفيات في صفوف الأطفال دون الـ5، إذ أن 80% من الضحايا في أفريقيا ينتمون إلى هذه الفئة العمرية.

فرص أفضل للبقاء على قيد الحياة

قال المدير المساعد لشؤون التحصين في اليونيسيف، إفريم تيكل ليمانجو: “في كل دقيقة تقريبا، يموت طفل دون سن الـ5 بسبب الملاريا، وقد كان تلافي هذه الوفيات وعلاج أسبابها أمرا ممكنا لفترة طويلة، بيد أن نشر هذا اللقاح سيزيد من فرص أفضل للبقاء على قيد الحياة للأطفال، ولا سيما في أفريقيا، ومع تزايد الإمدادات، نأمل أن يستفيد المزيد من الأطفال من هذا اللقاح المنقذ للأرواح”.

يجري إنتاج اللقاح من قبل شركة GlaxoSmithKline ولكن مع 60 مليون جرعة متوقعة مطلوبة كل عام بحلول عام 2026، ستشارك شركة Bharat Biotech الهندية قريبًا في الإمداد.

أوضحت مديرة التحصين واللقاحات والمستحضرات البيولوجية في منظمة الصحة العالمية، الدكتورة كيت أوبراين، أن اللقاح يمثل اختراقًا للمجتمعات المتضررة من الملاريا.

وأضافت أوبراين: “ارتفاع الطلب على اللقاح والمدى القوي لتحصين الأطفال سيزيدان المساواة في الوصول إلى الوقاية من الملاريا وإنقاذ العديد من أرواح الشباب، كما سنعمل بلا كلل لزيادة العرض حتى يتمكن جميع الأطفال المعرضين للخطر من الوصول إليه”.

لقاح آخر يسمى R21 ، جرى تطويره في جامعة أكسفورد، وسيتم تصنيعه أيضًا من قبل معهد السيروم الهندي، وينتظر التأهيل المسبق من منظمة الصحة العالمية.

حملات تطعيم

منذ أكتوبر 2021، أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدام لقاح الملاريا (آر تي إس، إس) (RTS,S) الذي توصلت إليه مجموعة (جي إس كاي) الدوائية البريطانية، للأطفال المقيمين في مناطق تتراوح فيها معدلات انتقال العدوى بالملاريا بين المتوسطة والمرتفعة.

وأوضحت المنظمة أن هذا اللقاح يحد بشكل كبير من ظهور المرض وخطر الوفاة لدى الأطفال الصغار، كما نظمت حملات تطعيم في 3 بلدان إفريقية هي غانا وكينيا وملاوي.

وكانت سلطات غانا رخصت أخيرا للقاح الجديد ضد الملاريا توصلت إليه جامعة أكسفورد، وهو أول بلد يعطي الضوء الأخضر لاستخدام هذا اللقاح الذي تعلق عليه آمال كبيرة.

وتأمل منظمة الصحة العالمية في خفض معدل الوفيات الناتجة عن الملاريا بنسبة 90% على الأقل بحلول عام 2030. وفي عام 2015 أُعلن رسميا عن خلو 10 بلدان من الملاريا، من بينها الأرجنتين (عام 2019) والجزائر (2019) والصين (2021).