كتب – حسام عيد
افتتحت شركة موانئ دبي العالمية الإماراتية -المزود الرائد للحلول اللوجستية المتكاملة- وحكومة جمهورية أرض الصومال “صومالي لاند” محطة حاويات جديدة في ميناء بربرة يوم الخميس الموافق 24 يونيو 2021، في إشارة إلى حقبة جديدة من التجارة في شرق أفريقيا.
ويمكن لمحطة الحاويات الجديدة ذات التصميم العميق البالغ 17 متراً والرصيف الذي يبلغ طوله 400 متراً وبثلاث رافعات جسرية من السفينة إلى الشاطئ “STS” أن تتعامل مع أكبر سفن الحاويات في العالم وترفع الطاقة الاستيعابية للحاويات في الميناء من 150 ألف حاوية نمطية قياس 20 قدمًا حالياً إلى 500 ألف حاوية نمطية قياس 20 قدمًا سنوياً، وهي المرحلة الأولى في توسع أكبر يهدف إلى وضع ميناء بربرة كممر رئيسي لتجارة النفط والغاز لإثيوبيا غير الساحلية.
وتتضمن محطة الحاويات أيضًا ساحة حاويات حديثة بها ثماني رافعات جسرية ذات عجلات مطاطية “RTG”. ويجري حاليًا أيضًا بناء مركز متكامل للخدمات سيكون جاهزًا للعمل في الربع الثالث من العام الجاري.
ويقع الميناء في موقع استراتيجي على خليج عدن، وهو مركز بحري مهم لمنطقة سريعة النمو تعالج ما يصل إلى 20% من التجارة العالمية سنويًا.
المرحلة الأولى هي جزء من اتفاقية توسعة موقعة مع موانئ دبي العالمية في عام 2016 بقيمة إجمالية قدرها 442 مليون دولار. تم تصميمها لتحويل ميناء شرق إفريقيا المترب إلى أحد المرافق الرئيسية في القارة، وقد بشر بفجر جديد لأرض الصومال، وهي واحدة من أفقر الولايات القضائية في العالم.
في حين أن أرض الصومال لم تحصل بعد على الاعتراف بها كدولة مستقلة، فإن تطوير الميناء يظهر أن المستثمرين الأجانب يثقون في منطقة الحكم الذاتي.
الاستثمار هو مفتاح الاعتراف الدولي
كانت توسعة ميناء من قبل موانئ دبي العالمية، التي أضافت رصيفًا جديدًا ومنطقة تجارة اقتصادية حرة وممر طريق لم يكتمل بعد بقيمة 100 مليون دولار يربط بربرة بإثيوبيا، اختبارًا قويًا لأرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991، بعد دخول الأخيرة في حرب أهلية.
في حين أن الدولة لديها العديد من السمات المميزة للأمة، بما في ذلك العملة والجيش والقادة المنتخبون ديمقراطيًا، فإن سعيها للحصول على الاعتراف الدولي قد توقف. ومع ذلك، يأمل القادة في العاصمة، هرجيسا، أن يكون للاستثمار الدولي مفتاح الاستقلال الرسمي.
وقال رئيس جمهورية أرض الصومال، موسى بيهي عبدي: “موانئ دبي العالمية هي شركة دولية كبيرة أخذت خطوة استثنائية جريئة بقدومها إلى أرض الصومال، وآمل أن تتبعها الكثير من الشركات الأخرى”.
وهذا ما بدأ يحدث على أرض الواقع، ففي أوائل عام 2020، وقع شركة تجارة السلع المتعددة الجنسيات “ترافيجورا” -أحد أكبر تجار النفط في العالم- عقدًا لتوريد الهيدروكربونات وتحديث ميناء بربرة. بحلول سبتمبر من العام ذاته، قامت الشركة بتسليم أول شحنة من زيت الوقود منخفض الكبريت.
سيشمل الاستثمار، غير المعروف قيمته، تحديث البنية التحتية لزيادة سعة التخزين والسماح بسفن أكبر في محطة بربرة للنفط. سيسمح لشركة ترافيجورا باستيراد غاز البترول المسال ووقود الطائرات لتلبية الطلب المحلي والإقليمي بالإضافة إلى دمج الخدمات اللوجستية ومواءمة مواصفات الوقود في القرن الأفريقي، وبالتالي تعزيز التجارة الإقليمية.
الاستثمار الأجنبي يعد اليوم أمرًا حيويًا لأرض الصومال، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 3.5 مليون نسمة ويتمتعون بأمن نسبي لكنهم ما زالوا فقراء للغاية، ويعانون من ضعف الاقتصاد. وقد بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 2.5 مليار دولار فقط في عام 2021، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 475 دولارًا سنويًا، وهو أعلى من جنوب السودان وإريتريا وبوروندي فقط.
ويعتمد اقتصاد أرض الصومال بشكل كبير على الزراعة والثروة الحيوانية، مما يجعلها عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك الآفات والجفاف والفيضانات.
الوصول إلى السوق الإثيوبي
يتعلق استثمار ترافيجورا في ميناء بربرة بقدر ما يتعلق بإثيوبيا، الجارة الشاسعة المتعطشة للطاقة، لأرض الصومال، بقدر ما يتعلق بالدولة الانفصالية.
يقول الخبراء إن الطريق الجديد يقلل من الاعتماد على ميناء جيبوتي لجارة أرض الصومال الحبيسة، ويوفر دفعة مهمة للمنطقة من شأنها أن تفتح فرصة ملموسة للمنطقة.
إثيوبيا هي ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، حيث يبلغ عدد سكانها 112 مليون نسمة وكان الطلب على الوقود بها ينمو بسرعة قبل ظهور وباء “كوفيد-19”. وقد أفادت التقارير أن ترافيجورا تزود 60% من البنزين المباع في إثيوبيا، و50% من الديزل و25% من وقود الطائرات، بعد أن وقعت عقدًا مع المؤسسة الإثيوبية لتوريد البترول في وقت سابق من هذا العام.
خيار تنافسي للتجارة بمنطقة القرن الأفريقي
وقد التزمت مجموعة موانئ دبي العالمية باستثمار ما يصل إلى 442 مليون دولار لتطوير وتوسعة ميناء بربرة ومع الانتهاء من المرحلة الأولى كما أعلن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية أن العمل يجري على قدم وساق لإجراء توسعة إضافية على الميناء في المرحلة الثانية. وتتضمن هذه المرحلة رصيفاً جديداً يتراوح طوله بين 400 و1000 متر وتركيب سبع رافعات جسرية إضافية من السفينة إلى الشاطئ “STS” ليصبع عدد الرافعات الجسرية 10 رافعات بدلًا من ثلاث مما سيساعد الميناء على مناولة ما يصل إلى 2 مليون حاوية نمطية قياس 20 قدمًا في العام مع مضاعفة عدد سفن الحاويات الضخمة في الوقت ذاته.
وتمثل المنطقة الاقتصادية جزءاً من الخطة الشاملة لتطوير بربرة التي صُممت على غرار المنطقة الحرة لجبل علي في دبي التابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية وترتبط المنطقة بالميناء وتتمتع بموقع إستراتيجي على طول طريق بربرة – واجالا “ممر بربرة”. وستكون المنطقة الاقتصادية بمثابة مركز للتجارة يهدف إلى جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل وستستهدف العديد من القطاعات وستشمل مستودعات التخزين والأعمال اللوجستية والتجار والمصنعين والعديد من القطاعات الأخرى ذات الصلة. وستسمح المنطقة الاقتصادية للموردين والعملاء بالعمل في بيئة استثمارية وتجارية ذات ظروف مواتية وتنافسية.
ومن المتوقع الانتهاء من مشروع تطوير طريق ممر بربرة المُمول من قبل صندوق أبوظبي للتنمية ووزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة “DFID” في الربع الرابع من عام 2021 أما مشروع تحويلة طريق هرجيسا المُمول من “يو كي ايد” “UK Aid” فمن المتوقع الانتهاء منه في الربع الثالث من العام 2022. وسيرتبط هذا الطريق بالطريق السريع الحديث الحالي على الجانب الإثيوبي وسيُحوّل بربرة إلى ممر تجاري مباشر وسريع وفعَّال لنقل البضائع الإثيوبية العابرة.
من جانبه، قال سلطان أحمد بن سليّم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية إن التوسعة الإضافية للميناء التي تقوم بها موانئ دبي في المرحلة الثانية وتكامل هذه التوسعة مع المنطقة الاقتصادية الخاصة التي تطورها بالإضافة إلى ممر بربرة من العوامل التي تعكس ثقتهم في بربرة وخطتهم لتطويرها لتصبح مركزًا تجاريًا مهمًا عالمي المستوى.
وستكون خيارًا حيويًا وفعَّالًا وتنافسياً للتجارة في المنطقة وخاصة لنقل البضائع الإثيوبية العابرة.