كتبت – أماني ربيع
تمتلك قارة أفريقيا إرثا لا يضاهى من اللغات، الأمر الذي يجعلها كنزا حقيقيا لعلماء اللغة والأنثروبولوجي، من الفودانية والهوسا إلى السواحيلية والزولو، تعد هذه اللغات لسانا للتنوع الثقافي الفريد الذي تنعم به القارة.
وتقدر الإحصاءات عدد اللغات في أفريقيا بما يتجاوز الألف ونصف لغة، وأحيانا ما تصل التقديرات إلى 3 آلاف، بعضها لغات تنطق ولا تكتب، ولا تستخدم أبجديات معروفة، وتعتمد على حركات الفم والنقرات وأصوات لسانية.
وتعد الإنجليزية أكثر اللغات استخداما في أفريقيا، حيث يتحدث بها ما يزيد عن 700 مليون نسمة، وهي لغة رسمية في بعض الدول مثل الكاميرون ونيجيريا وأوغندا وغيرها، بينما يتحدث الفرنسية في القارة أكثر من 90 مليون نسمة، وأغلبها في الدول التي كانت مستعمرة من قبل فرنسا، ومنها المغرب والسنغال والجزائر ورواندا، سواء كلغة رسمية، أو لغة تستخدم مصطلحاتها في الحياة اليومية بهذه البلاد.
وخلال السنوات الأخيرة، يحاول الأفارقة استعادة إرثهم التاريخي والاحتفاء بثقافاتهم المحلية عبر الأزياء والغناء والسينما، ليصنعون صوتهم الخاص في العالم، ومن خلال ذلك بدأ الاهتمام باللغات الأفريقية الأصلية لحمايتها من الاندثار، وفي خطوة كبيرة في سبيل ذلك، سيتم إدراج اثنين من اللغات الرسمية بجنوب أفريقيا وهما الزولو والهوسا على تطبيق «Duolingo»، أحد أشهر تطبيقات ومواقع تعلم اللغة، بحسب موقع «quartz africa».
إنقاذ التنوع اللغوي
وعن ذلك قالت الشركة مالكة التطبيق، إن إضافة تلك اللغات الجنوب أفريقية التي يتحدث بها ما يزيد عن 20 مليون شخص، جزء من جهودها لجلب المزيد من الوعي الثقافي فاللغة ليست مجرد وسيلة تواصل وإنما هي وعاء ثقافي واللغات الأقل شهرة بحاجة إلى الانتشار والعرض أمام جمهور أوسع.
إن التنوع الثقافي واللغوي أمر مهم تماما، كما التنوع الحيوي مهم للحفاظ على توازن البيئة، وأوضحت الشركة، أن هناك مسؤولية مهمة في الوقت الحالي، حيث يتعرض التنوع اللغوي على مستوى العالم إلى الخطر، وهو في حالة تناقصه تنذر بأزمة مستقبلا.
وخلال مهرجان « Duolingo» السنوي لتعلم اللغات، ستعلن الشركة أيضا عن إضافة لغة الماوري من نيوزيلاندا، والتاجالوج من الفلبين، والكريولية من هاييتي.
والزولو أو «إيسيزولو» هي ثاني أكثر لغات البانتو انتشارا بعد الشونا، وتستخدم في شرق جنوب أفريقيا، وهي شائعة في وسائل الإعلام بجنوب أفريقيا.
ويتحدث بلغة الهوسا سكان مناطق غرب وشمال ووسط أفريقيا وهي إحدى فروع اللغة الأفروآسيوية الموجودة في القارة السمراء.
ولن تكون لغتي الهوسا والزولو متاحتين هذا العام، لأن إنشاء محتوى خاص بهما سوف يستغرق وقتا أطول من المعتاد، ويرجع ذلك إلى تحدي كبير في معرفة كيفية تعليم أصوات النقرات الخاصة بهذه اللغات.
وتقول ميرا أوودي، إحدى الأخصائيات بشركة «Duolingo»: “سيتعين علينا تصميم طرق جديدة تمامًا للتدريس”، موضحة أنهم لن يكونوا قادرين على استخدام نموذج من لغة أخرى.
وجاءت فكرة إضافة لغات من جنوب أفريقيا إلى الشراكة مع « Nal’ibali»، وهي منظمة جنوب أفريقية غير ربحية تروج للقراءة متعددة اللغات.
وتم التواصل بين منظمة «Nal’ibali» وتطبيق «Duolingo» عبر مؤسسة «Trevor Noah Foundation»، التي يملكها الممثل الكوميدي الجنوب أفريقي تريفور نوح، الذي حقق شهرة عالمية، عندما أصبح مضيفا لبرنامج «US Daily Show»، ووالدته من الهوسا وتتحدث لغة الزولو بطلاقة، بين عدة لغات أخرى.
صعوبات إنشاء المحتوى
وتعتبر الزولو والهوسا لغتان من اللغات الرسمية الـ11 في جنوب أفريقيا، ومن بين اللغات الأكثر انتشارًا في منازل جنوب أفريقيا بنسبة 23% و16% ، تليها الأفريكانية بنحو 14٪. ويتحدث نحو 10٪ من الناس اللغة الإنجليزية في المنزل.
وتقوم حكومة جنوب أفريقيا، بتجريب استخدام تعليم اللغة الأم في المزيد من المدارس، خاصة وأن معظمهم يستخدمون اللغة الإنجليزية أو الأفريكانية كلغة تعليم، بجانب اللغات الأفريقية كخيارات اختيارية.
ومعظم الكتب المنشورة في البلاد باللغتين الإنجليزية والأفريكانية، لذا يحتاج الجميع إلى تعلم اللغة الإنجليزية، لكن بدأ هناك تزايد في الاهتمام بتعلم لغة « isiZulu».
نظرًا لكونهما لغتي البانتو لشعب «نجوني»، فإن الزولو والهوسا مفهومتان بشكل متبادل، كما أن القواعد اللغوية والبنية والمفردات المشتركة بينهما هي أحد أسباب قرار« Duolingo» لإضافتهما إلى التطبيق، بحسب ما أوضحت كاتي هوستون مدير العمليات في منظمة « Nal’ibali».
وستؤدي إضافة لغتي الزولو والهوسا، المتوقع إدراجها في أوائل عام 2022، إلى زيادة عدد دورات اللغات الأفريقية التي يقدمها تطبيق « Duolingo» إلى ثلاثة، مع دورة اللغة السواحيلية التي تمت إضافتها عام 2017، ولديها أكثر من 363000 مستخدم نشط.
ولتنفيذ هذين المشروعين اللغويين، يطور تطبيق « Duolingo»، طرقا جذابة لبناء دورات تعلم لغة باستخدام أدوات سهلة، واعتمادا على خبرات خبراء التعلم وفريق تصميم المناهج.
وبالتعاون مع منظمة « Nal’ibali»، هناك محاولات للعثور الأشخاص الأكثر ملاءمة لأدوار إنشاء المحتوى والتخطيط الشامل ، بالإضافة إلى الحصول على تعليقات من المتعلمين والمتحدثين الأصليين لهذه اللغات خلال مرحلة الاختبار، والتي تعد جزءًا مهمًا من تقنية تطبيق « Duolingo» لتطوير المناهج.
وستحتاج عملية الإعداد والتطوير إلى قسم كامل متخصص في لغة الهوسا لتعليم الناس النقرات الصوتية المستخدمة في هذه اللغة.
من جانبه، قال تريفور نوح المؤسس المشارك، والرئيس التنفيذي لشركة « Duolingo» لويس فون آن في مناقشة حول اللغات والعروض الجديدة أنه “متحمس حقًا لإضافة الهوسا والزولو، لكي يتمكن أصحاب هذه اللغة خارج جنوب أفريقيا من الشعور بأنهم قريبون من بلادهم حتى وهم بعيدا عنها.
وأضاف: “من المثير رؤية المزيد من المحاولات لرفع مستوى لغاتنا وتقديمها لجمهور أوسع ومنحها فرصة للمساواة من اللغات الأخرى.