كتب – محمود طلعت
شهدت العاصمة الصومالية مقديشو خلال الأيام القليلة الماضية، اشتباكات مسلحة دفعت السلطات لإغلاق الشوارع الرئيسية، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية خانقة بين المعارضة والرئيس محمد عبدالله فرماجو.
ويواجه، فرماجو، ضغوطا مع حلول موعد الانتخابات التي كانت مقررة في الثامن من فبراير، فيما لم يتم حل القضايا المتعلقة بكيفية إجراء التصويت في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي.
وأعلنت المعارضة عدم اعترافها بفرماجو رئيسًا شرعيا للبلاد، وتصر على تنظيم المظاهرات التي تطالب بإخراجه من القصر وتنظيم انتخابات عامة نزيهة وشفافة بأقرب وقت ممكن.
اشتباكات بالأسلحة الثقيلة
وتفصيلا اندلعت أمس الجمعة، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة وتبادل لإطلاق النار، في العاصمة مقديشو بين القوات الحكومية وأخرى تابعة لكتلة المرشحين في سباق الرئاسة الصومالية.
ووقعت الاشتباكات بعد منع القوات الحكومية، حرس المرشح الرئاسي عبدالرحمن عبدالشكور، من التوجه لساحة الجندي المجهول، مكان تجمع التظاهرات، وفقا لما صرح به أحد أعضاء كتلة المرشحين.
وتتألف الكتلة من 14 مرشحا رئاسيا، وتهدف إلى ما تصفه بـ«التصدي لممارسات الحكومة» فيما يتعلق بالانتخابات، بخصوص طريقة إجرائها واللجان الموكل إليها إدارة السباق، ومن أبرز أعضائها الرئيس السابق حسن شيخ محمود.
قتلى وجرحى جراء الاشتباكات
لقي شخصان، على الأقل، حتفهما، في تبادل لإطلاق النار بين مسلحين وقوات من الشرطة في العاصمة الصومالية مقديشو، ليلة الخميس الجمعة.
وقال ضابط شرطة، إن «اثنين من أفراد إحدى الميليشيات قُتِلا خلال معركة بالأسلحة النارية، وأصيب آخرون، وقامت العربات المدرعة بتطويق الموقع أمام القصر الرئاسي بعد القتال».
من جهته قال المرشح الرئاسي عبدالرحمن عبدالشكور، وهو رئيس حزب «ودجر»، إن القوت الأمنية الصومالية أطلقت النار على متظاهرين سلميين.
والخميس الماضي، شهدت مقديشو مواجهات مماثلة في محيط فندق كان يقيم فيه مرشحان رئاسيان، هما الرئيسان السابقان شريف شيخ أحمد، وحسن شيخ محمود، ما أسفر عن مقتل شخصين.
وتعليقا على تلك المواجهات قال وزير الأمن حسن حندوبي، إن «القوات الأمنية تصدت لمحاولة ميليشيات، لم يسمها، كانت تحاول السيطرة على نقاط أمنية ومقار حكومية».
المعارضـــة: «فرماجو مجرم»
واليوم أدانت المعارضة الصومالية بشدة، محاولات فرماجو، وقف المظاهرات بالقوة، واصفة إياه بـ«المجرم».
وقال مجلس اتحاد مرشحي الرئاسة المعارض في بيان إن «الرئيس المنتهية ولايته هو المسؤول عن أحداث العنف في مقديشو.. ما حدث جريمة شنيعة.. عناصر موالية لفرماجو تقمع المواطنين».
وأضاف البيان: «ستتم محاسبة فرماجو ومعاونيه على تلك الجرائم وانتهاك القانون والاعتداء على عرض وحرية المواطن الصومالي.. فرماجو لا يريد انتخابات نزيهة ويرى أن بإمكانه البقاء في السلطة دون شرعية دستورية».
وتعهد المجلس باستمرار تنظيم مظاهرات دستورية سلمية رافضة لنظام فرماجو «لمنع خلق ديكتاتورية في البلاد».
وفي سياق متصل، أصدرت ولايتا جوبالاند وبونتلاند، اليوم السبت، بيانا شديد اللهجة، طالبت فيه بعدم تصعيد الخلافات السياسية إلى حد استخدام العنف واستخدام الجيش في كسب نقاط سياسية، واتهمتا فرماجو بأنه «يكرس ديكتاتورية جديدة في البلاد».
وحذرت البعثات الدبلوماسية الأجنبية في الصومال، قادة البلاد من اتخاذ أي خطوات أحادية بشأن الانتخابات المقبلة.
مـــخاوف من «حرب أهليــــة»
دوامة العنف التي يشهدها الصومال حاليا دفعت المراقبين ودول عربية ودولية ومنظمات، إلى التخوف من أن تنجر الصومال نحو حرب أهلية، تضاعف حدة أزماتها السياسية المستفحلة.
من جهتها أعربت الأمم المتحدة عن بالغ قلقها إزاء الاشتباكات المسلحة في العاصمة الصومالية داعية إلى حوار بشأن الانتخابات.
ودعت البعثة الأممية لمساعدة الصومال، الأطراف المعنية إلى التهدئة وضبط النفس وحثت الجانبين للجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء التصعيد.
واعتبرت أن التصعيد المسلح الذي شهدته مقديشو يعكس مدى الحاجة إلى عقد مفاوضات عاجلة بين الحكومة ورؤساء الأقاليم الفيدرالية لإنهاء الخلافات السياسية، والوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية.
قلق عربي خليجي ودعوة للحوار
الدكتور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف الحجرف، عبّر عن القلق تجاه الأحداث المأساوية في الصومال، وحث الأطراف على التهدئة، وحل الخلافات بالطرق السلمية، من خلال المفاوضات والحوار البنّاء.
أعربت السعودية في بيان، اليوم السبت، عن قلقها إزاء تطورات الأحداث في الصومال، وعبرت عن التطلع بأن يتوصل الأشقاء في الصومال لحل بالطرق السلمية عبر الحوار، بما يحفظ أمن البلاد واستقرارها ووحدتها، ويجنب شعبها كل سوء ومكروه.
كما أعربت الإمارات عن قلقها البالغ من تدهور الأوضاع في مقديشو، ودعت الحكومة المؤقتة وكافة الأطراف للتحلي بأعلى درجات ضبط النفس لتحقيق تطلعات الصومال في بناء مستقبل آمن ومستقر يتسع للجميع.
من جهتها دعت مصر، اليوم السبت، جميع الأطراف الصومالية إلى ضبط النفس والالتزام بالطرق السلمية والحوار، والعمل على عقد انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في أقرب وقت يتوافق عليه الصوماليون أنفسهم.