كتبت – أماني ربيع
ذهل العالم عند عرض فيلم Black Panther، في فبراير عام 2018 والذي مثل أول انطلاقة لبطل خارق أفريقي في عالم مارفل، ونجح فيلم المخرج راين كوجلر وبطولة تشادويك بوسمان ومايكل بكاري جونسون ولوبيتا نيونجو، في حصد الملايين بشباك التذاكر الأمريكي، حيث وصلت إيراداته إلى 700 مليون دولار، بينما حقق 1.3 مليار دولار حول العالم، ليصبح ثاني أعلى أفلام مارفل أرباحًا على الإطلاق.
وتحولت مملكة “واكندا” التي تدور فيها أحداث الفيلم إلى أيقونة، تمامًا مثل مدينة “جوثام سيتي” الخاصة بعالم باتمان، واعتبر بعض النقاد أن الفيلم نقلة حقيقية في عالم سينما هوليود، ليس فقط من الناحية السينمائية، ولكن من ناحية اتجاه مدينة السينما الأشهر للتنوع والإيمان بأن العالم لم يخلق للرجال البيض فحسب، وأن الأبطال الخارقين يمكن أن يكونوا من ذوي البشرة السوداء أيضًا.
بطل يمثلنا
جيل جديد ظهر من الأمريكيين من أصول أفريقية، شباب يريدون أن يروا أنفسهم على الشاشات ممثلين، يريدون أن يكون لديهم بطلهم الخاص الذي يشبه ملامحهم، وألا يكون بطلهم “سوبر مان” أو “باتمان”، أو “سبايدرمان” النموذج الأبيض مفتول العضلات.
“احتجت لقناع يمثلنى بشكل شخصي، ومن هنا اخترت قناع بلاك بانثر”، كان ذلك تعليق النجم الجابوني ولاعب نادي أرسنال الإنجليزي بيير إيميريك أوباميانج، عقب تسجيله هدفًا في مرمى رين الفرنسي، وقيادته فريقه، للوصول إلى ربع نهائي بطولة الدوري الأوروبي.
كان معروفًا عن أوباميانج حبه للاحتفال بإحراز الأهداف عبر ارتداء أقنعة الأبطال الخارقين مثل سبايدر مان، وغيرها، لكن بعد طرح فيلم Black Panther، شعر أخيرا أنه وجد في قناع تشالا البطل الذي يعبر عن هويته وانتمائه لأفريقيا.
وكان من المدهش أن تظهر أفريقيا لأول مرة، في هوليود بشكل مغاير، فلا وجود للفقر أو المرض أو الصراعات والحروب الأهلية، بل ظهرت الأمة الأفريقية بصورة متطورة ومعاصرة، بل وضمن الدول العظمى التي تحدد مصير العالم.
واكندا (Wakanda) هي مسقط رأس تشالا المعروف بالفهد الأسود الذي عاد إلى مملكة أبيه المتقدمة تكنولوجيًّا ليجلس خلفًا لأبيه الملك على العرش، وكالعادة في الثقافة الأفريقية، لابد من اختبار للشجاعة قبل التنصيب يخسره الشاب، ويبدأ في خوض صراعات تضع مصير المملكة الأفريقية في خطر.
وواكندا، مملكة خيالية من إبداع فنان القصص المصورة “كوميكس” ستان لي وزميله جاك كيربي، ابتكراها عام 1966، وظهرت لأول مرة في القصة المصورة “fantastic four” العدد 52 يوليو 1966، وهي مملكة تضم شعوبًا أفريقية أصلية وموطن البطل الخارق الفهد الأسود.
ويُرجع البعض اسم واكندا إلى إله شعب السو الذي يطلق عليه:Wakonda أو Waconda أوWakandas ، ويُرجعها البعض الآخر إلى القبيلة الأفريقية الخيالية في رواية “آكل الآدمي” لإدجار رايس بوروس التي صدرت عام 1915، ونشرت بعد وفاته عام 1957.
وربما يكون الاسم مستوحى أيضًا من قبيلة كامبا الكينية المسماة أكامبا (Akamba) أو واكامبا (Wakamba)، أو من كلمة “كاندا” التي تعني الأسرة في لغة الكيكونجو.
واكندا هبة “الويبرنيوم”
قبل 2.5 مليون سنة، سقط نيزك عملاق مصنوع من معدن غريب في قلب أفريقيا، وأثّر بشكل كبير على الطبيعة الموجودة في ذلك المكان، وبعد قرون استوطنت خمس قبائل تلك المنطقة، وخاضت حربًا حول المعدن الثمين الذي أطلق عليه فيما بعد اسم “الويبرنيوم”، وفي أحد الأيام قادت خطا الشاب باشنجا إلى اكتشاف القوة الخارقة الكامنة بهذا المعدن والتي ساهمت في تحوره وتحوله إلى بطل خارق.
وبعد تناول العشب المحيط بالمعدن اكتشف باشنجا أنه أصبح مشبعًا بقدرات خارقة استخدمها لتوحيد القبائل المتصارعة، ليصبح أول ملك لوكاندا، وأول نمر أسود، وتعهدت باقي القبائل بالولاء لباشنجا، ما عدا قبيلة واحدة فضلت العزلة.
استخدم أهل واكندا المعدن لتطوير تقنية أكثر تقدمًا من أي دولة أخرى، ولحماية أنفسهم من الفوضى التي تجتاح العالم، قاموا بإنشاء حقل إخفاء يسمح لمملكتهم بالاختفاء عن مرأى العالم.
لكن خلال فترة حكم تشاكا، أصبح نوجوبو مقتنعًا بأن سياسة واكندا الانعزالية كانت خاطئة، وأن بإمكان المملكة مساعدة كل المنحدرين من أصول أفريقية، ورأى أن المسار الوحيد لتحقيق ذلك هو بدء ثورة عالمية، وقام بالكشف عن وجود المملكة.
وتمكن كلاوي من تجنب أنظمة أمان المملكة والتسلسل إليها وسرقة ربع طن من معدن “الويبرنيوم”، ودخل في معركة مع الواكنديين انتهت بتفجيره قنبلة قتلت العديد من المواطنين، ما مكّنه من الهروب بالمعدن الذي سيستخدمه في صنع سلاح مدمر.
بعد ذلك قال تشاكا، ملك واكندا في خطابه لشعبه، إن من قتلوا كانوا رجالًا شجعانًا حسنو النية عاشوا في بلد اعتاد الحياة في الظل، وبعد انكشاف السر، سنقاتل من أجل تحسين العالم الذي نرغب في الانضمام إليه.
بعد هجوم إرهابي في لاجوس بنيجيريا أودى بحياة ستة وعشرين شخصًا، وأحد عشر ضحية من عمال الإغاثة من واكاندا، طالب الملك تشاكا الذي أصبح ضمن السياسيين الدوليين الذين طالبوا الأمم المتحدة بإنشاء نظام للمساءلة.
في وقت لاحق، أقرت الأمم المتحدة اتفاقات سوكوفيا، ورتبت حفلا رسميا للاحتفال بالمناسبة في مركز فيينا الدولي بالنمسا، وكان تشاكا ونجله تشالا بين الحاضرين، وخلال الحفل، عندما ألقى تكاكا الخطاب الرئيسي، انفجرت قنبلة دمرت المبنى، وأسفرت عن مقتل الملك واثني عشر شخصًا آخرين، ليصبح تشالا الملك، ويبدأ صراعه لإنقاذ بلاده والعالم.
واكندا تتحدى كورونا
اختار مخرج Black Panther ليسوتو لتكون “واكندا” الأفريقية على شاشة السينما، وهي بلد جبلي صغير داخل حدود جنوب أفريقيا ويبلغ عدد سكانها نحو 2 مليون نسمة.
وتحدثت تقارير عن قدرة مملكة ليسوتو الصغيرة على تحدي فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، وعدم تسجيل أي حالة إلى الآن في الوقت الذي تكافح فيه باقي القارة الفيروس التاجي.
ومع احتمالات تفاقم تفشي الفيروس في القارة الأفريقية قبل انحساره والاتجاه لاستمرار فرض الإغلاق والحظر، سارت ليسوتو عكس الاتجاه وبدأت في رفع إجراءات الإغلاق.
وأبلغت 53 دولة أفريقية عن حالات إصابة بالفيروس التاجي، بينما كانت ليسوتو هي الدولة الوحيدة في القارة التي ما يزال عدد الحالات لديها صفر، وهو أمر غريب، خاصة وأن جنوب أفريقيا -الدولة التي تحيط بـ ليسوتو- سجلت أكثر من 10000 إصابة وفاة و194 شخصًا ماتوا بسبب الفيروس التاجي.
في الأسبوع الماضي، أعلن رئيس وزراء ليسوتو توم تابان أنه من المقرر إعادة فتح المدارس والكنائس، مع تطبيق بعض القيود، والاستمرار في التباعد الاجتماعي وارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة لمنع أي انتشار للفيروس.
كما أعلن تاباني أن اختبارات الكشف عن الفيروس ستبدأ في ليسوتو ، والتي من المتوقع أن تكشف عن حالات مصابة بفيروس COVID-19 ومجموعات المخالطين الحاملين للعدوى المحتملة.
ويعتقد ج ستيفن موريسون نائب رئيس مركز الفكر العالمي للدراسات الاستراتيجية والدولية، أن إغلاق الحدود وتدابير الإغلاق التي اتخذتها جنوب أفريقيا ربما تكون ضمن أسباب عدم تسجيل ليسوتو لأي حالة إيجابية مصابة بالفيروس التاجي إلى الآن، لكنه يرى أنه لابد وأن يصل إليها في نهاية المطاف.
وصرح موريسون لموقع يو إس إيه توداي قائلًا: “قد ينجحون في تجنب الإصابة في الوقت الحالي، لكن سكانهم ليس لديهم حصانة من الإصابة الفيروس”.
ومن الملاحظ وجود أكثر من دولة من الدول ذات العدد السكني القليل الذي لا يتجاوز بضع ملايين، تدعي عدم وجود أي حالات غصابة بالفيروس مثل كوريا الشمالية وتركمانستان، وكذلك الدول الجذرية ذات التعداد السكاني الأصغر.