كتب – حسام عيد
أثّر الازدحام الناجم عن بطء تفريغ البضائع ونقص البنية التحتية لنقل البضائع في جميع أنحاء البلاد على الاقتصاد النيجيري، فما هي احتمالات التحسن والخروج من حالة الركود؟.
اختناقات وركود
بعد سنوات من الاختناقات في أكثر موانئها ازدحامًا، والاختناقات على الطرق الرئيسية المؤدية إلى البحر، أصبحت صناعة الشحن والخدمات اللوجستية في نيجيريا في حاجة ماسة إلى استثمارات جديدة.
في ميناء لاجوس في منطقة أبابا وفي جزيرة تين كان، تشكل سفن الشحن خطًّا ثابتًا للرسو. يستغرق فحص كل حاوية في المتوسط خمس ساعات يدويًّا، وتقول رابطة مشغلي الموانئ البحرية في نيجيريا (STOAN): إن التأخير في موانئ البلاد يكلف الاقتصاد 55 مليون دولار في اليوم.
في منتصف عام 2020، وصلت فترات انتظار سفن الشحن في موانئ لاجوس إلى 50 يومًا، مع ازدحام آلاف الشاحنات على جانب الطريق وإجبار السائقين على الدفع لضمان أمن شاحناتهم. من نيويورك إلى لاجوس؛ أغلى طريق في العالم لشحن حاويات بأحجام 20 قدمًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى الازدحام الناجم عن بطء وتيرة عمليات التفتيش وتفريغ البضائع.
وتوقعت شركة برايس ووترهاوس كوبرز -ثاني أكبر شركة خدمات مهنية في العالم- في تقريرها لعام 2018؛ تحسنًا بنسبة 25٪ في أداء الموانئ، الأمر الذي قد يزيد معه الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا بنسبة 2٪.
وقد أدت جائحة كورونا الوبائية “كوفيد-19” إلى تفاقم الوضع السيئ، أثناء إغلاق نيجيريا بين مارس ومايو، أصدر الرئيس محمد بخاري مرسومًا يقضي بالسماح لسفن الشحن التي كانت في البحر لأكثر من أسبوعين فقط بالرسو في موانئها، بعد أن تم “عمل اختبار المسحة الطبية للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، وتأكيد خلو أطقم السفن من الأمراض من قبل سلطات الصحة بالميناء”. بينما لم تنطبق هذه القيود على السفن التي تحمل منتجات النفط والغاز، حيث كان هناك حد أدنى من الاتصال البشري.
وقد أنشأت هيئة الموانئ النيجيرية (NPA) مركز عزل لطاقم السفن الذين كانوا إما مرضى أو تظهر عليهم أعراض الفيروس المستجد، وكان الاختبار يعني أن بعض أوقات الانتظار للسفن قفزت إلى ما يصل إلى 90 يومًا خلال أسوأ أيام الأزمة قبل التخفيض بعد تخفيف من التدابير. وقالت جمعية الكاكاو النيجيرية إن ما يصل إلى 6 آلاف طن من حبوب الكاكاو كانت عالقة في ميناء لاجوس أثناء الإغلاق.
استثمار جديد
في ظل هذه الخلفية، افتتحت “هاباج لويد Hapag-Lloyd” -إحدى أكبر شركات نقل وشحن الحاويات في العالم- مكتبًا في لاجوس لمساعدة العملاء في جميع أنحاء المنطقة وزيادة قاعدة عملائها في أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان.
وكشفت الشركة الألمانية أنها شهدت متوسط نمو بنسبة 25٪ سنويًّا في أفريقيا بين عامي 2014 و2018، نتيجة توسعها في البلدان الأفريقية الساحلية وغير الساحلية، وتنقل الشركة كميات متزايدة من الشاي والقهوة والقطن والكاكاو من البلدان الداخلية إلى الموانئ.
ويقول صمد عثمان، العضو المنتدب لمنطقة أفريقيا: “هاباج لويد في أفريقيا منذ 14 عامًا فقط”.
ويضيف: “ينخفض السوق بنسبة تتراوح بين 5 إلى 10٪ هذا العام، ومن المتوقع أن ينمو مرة أخرى في العام المقبل بنسبة 5٪، لكن من غير المحتمل أن تصل إلى مستوى 2019 حتى عام 2022”.
ويتابع، “ومع ذلك، من منظور هاباج لويد، في سوق مثل جنوب أفريقيا على سبيل المثال، فقد حققنا نموًا بنسبة 20 إلى 25٪ على أساس سنوي، حتى خلال كوفيد-19. بفضل شبكتنا الواسعة، نحن قادرون على النمو بشكل أسرع من السوق ، لذلك حتى في حالة انخفاضه، يمكننا إظهار النمو”.
ورغم ذلك، لا تزال البنية التحتية الضعيفة تمثل مشكلة رئيسية لشركات النقل، كما يقول دارون وادي ، كبير محللي الشحن في شركة “دينامار” للاستشارات ومقرها هولندا. غالبًا ما تتكون البنية التحتية الداخلية من طرق رديئة تغطي مسافات شاسعة. وإلى أن يتم تدشين منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، ستبقى اللوائح الجمركية وحواجز اللغة والفساد عوائق رئيسية أمام نمو السوق عبر الحدود.
ويضيف وادي: ” بالنسبة لنيجيريا، الحل النهائي هو توفير ميناء بديل في شرق البلاد، يخدم البضائع المتجهة إلى شرق وشمال نيجيريا”.
ويتابع: “ومع ذلك، يمكن تصنيف السعة الإضافية في ميناء “ليكي” الجديد كخطوة أولى. ثم إذا كان بإمكانك تحسين البنية التحتية للمناطق النائية من خلال تحسين سعة الطرق، فسوف يعالج ذلك إحدى المشكلات”.
ويتم بناء أول ميناء متعدد الأغراض في نيجيريا في أعماق البحار بقيمة 1.5 مليار دولار في “ليكي” بولاية لاجوس، في مشروع مشترك بين شركة هندسة بناء الموانئ الصينية (CHEC) ومجموعة تولارام Tolaram التي مقرها سنغافورة. من المتوقع أن تبدأ عملياتها بحلول عام 2022 وستشكل جزءًا من منطقة التجارة الحرة الطموحة في لاجوس.
تقدم المنافسين الإقليميين
وتحاول حكومة ولاية لاجوس جذب مستثمرين جدد لتطوير ثلاثة طرق رئيسية تربط الميناء البحري بالمناطق النائية. وتأمل الحكومة الفيدرالية النيجيرية أن يخفف ذلك العبء الواقع على الموانئ الحالية، ويساعد في درء المنافسة من الموانئ الجديدة التي تم بناؤها في مدينة تيما الساحلية في غانا، ولومي عاصمة توجو. وبدأت شركة CHEC الصينية أيضًا أعمال البناء لمحطة كوت ديفوار (CIT) في أبيدجان، والتي من المتوقع أن يتم تشغيلها في نهاية عام 2021.
ويقول صمد عثمان، عضو شركة هاباج لويد المنتدب بمنطقة أفريقيا، “اليوم نأخذ طعامًا من جنوب أفريقيا، وننقل إلى تيما، وفي غضون يوم واحد يتم فرز الوثائق قبل الشحن إلى أوروبا، وهو ما يمكنني أن أخبرك أنه كان من المستحيل القيام به قبل عام”.
ويضيف: “ما فعلته غانا رائع، لم يتطرقوا إلى قضية الموانئ فحسب، بل تناولوا أيضًا الخدمات اللوجستية والطرق، نيجيريا لديها هذه التحديات، ولكن “ليكي” وهذه المبادرات المضافة جيدة حقًا، وسوف تساعد، ومن الضروري أن تصبح الأمور لامركزية، ففي الوقت الحالي يستغرق الأمر وقتًا طويلاً”.
مع استمرار الازدحام والمشاريع الجارية في شرق وغرب نيجيريا، تحتاج موانئ لاجوس إلى رفع مستوى إمكانياتها، كما يقول وادي.
وقد خسرت نيجيريا أعمال إعادة الشحن لصالح العاصمة التوجولية، لومي، كما تفقد البضائع العابرة لأفريقيا لصالح مدينة تيما الغانية المركز المجهز بأجهزة مسح إلكترونية حديثة.
ويقول محلل الشحن في شركة دينامار الهولندية للاستشارات، دارون وادي: “توجو واجهت تلك المشاكل التي تعانيها نيجيريا بموانئها، لكن لديهم الآن محطة مياه عميقة حديثة، ومرافق مناولة حديثة، وقد حولت العاصمة لومي إلى ميناء إعادة الشحن الذي يعتبر أيضًا استثناءً للقاعدة من خلال ميزاته التنافسية اليوم في جذب البضائع”.
زيادة الطلب
ويقول وادي: “إن انتقال هاباج لويد إلى لاجوس هو علامة واضحة على وجود طلب متزايد على الخدمات والسفن”.
ويضيف: “هاباج لويد هي شركة نقل عالمية ولكن يتفوق عليها أربعة شركات أخرى، من بينها؛ ميرسك Maersk وشركة البحر المتوسط للنقل البحري (MSC)، من حيث القدرة، هذه طريقة واحدة لتأكيد أنفسهم والقول: (نحن لاعبين كبار هنا، يمكنك القدوم والشحن معنا من لاجوس). إنها وضعت علامة على عدد من المربعات، بما في ذلك التسويق”.
على الرغم من التحديات التي تفرضها موانئ نيجيريا، ستكون هاباج لويد في وضع مثالي لشحن كميات متزايدة من المنتجات الزراعية والمعادن من القارة إذا دشن قادة أفريقيا منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ، كما يقول صمد عثمان.
وتعتقد شركة هاباج لويد أيضًا أن معالجة السلع في أفريقيا وتدابير تحفيز التصنيع ستدعم أعمالها المستقبلية في القارة، فهي خامس أكبر خط شحن في العالم وتهدف إلى الحصول على 10% من حصة السوق”.