كتب – حسام عيد
يعتقد الرئيس التنفيذي لواحدة من أكبر شركات شحن الحاويات في الشرق الأوسط، أن دور الصين في الاقتصاد العالمي يضعف نتيجة سياستها الصارمة الخاصة بـ”صفركوفيد“، ما يعني عزل الصين عن سلاسل التوريد العالمية، لكن هل يمكن للمصنعين الأفارقة سد الفجوة؟.
في حديثه في قمة “دي بي وورلد DP” العالمية للشحن في دبي، قال الرئيس التنفيذي لشركة الخط الملاحي “Emirates Shipping Line”، تيل أولي بارليت، إن محاولة الصين للقضاء على “كوفيد-19″، والتي تشمل الإغلاق الإقليمي والحجر الصحي الإلزامي للزوار الدوليين، هي واحدة من عدة تهديدات لصناعة الشحن العالمية.
في الصين، كما يقول، “إنه يمثل تحديًا كبيرًا الآن بالنسبة لجانب العرض والمصانع، لا تعرف ما إذا كان بإمكانك فعلاً توفير سلعك غدًا، أو ما إذا كنت في وضع مغلق، وما إذا كان لديك عدد كافٍ من العمال، إن عدم اليقين هذا هو حقًا مصدر قلق رئيسي للاقتصاد الصيني، ونأمل حقًا أن يكون هناك حلا قريبًا بحيث يكون هناك المزيد من القدرة على التنبؤ.. لا يمكن للمشترين الذهاب إلى الصين، ولا يمكنك زيارة المصانع الخاصة بك، ولا يمكنك زيارة سلاسل التوريد الخاصة بك، إنه أمر لا يمكن التنبؤ به في الصين في الوقت الحالي”.
تحديات وفرص لأفريقيا
يقدم ضعف الصين تحديات وفرصًا لأفريقيا، على الجانب السلبي، من غير المرجح أن تقدم الصين المشتتة بسبب المخاوف الاقتصادية المحلية والانسحاب من الاقتصاد العالمي نفس المستوى من الدعم المالي والاستثماري لأفريقيا الذي قدمته بشكل مذهل خلال العقدين الماضيين.
من جانبها، ترى الباحثة المساعدة في معهد الصين، بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، لورين جونستون، أن الإقراض الصيني في القارة كان مدعومًا في البداية بانخفاض أسعار الفائدة في أعقاب الأزمة المالية العالمية والبحث عن أسواق جديدة.
اليوم، مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، من الواضح أن تلك البيئة المواتية لم تعد موجودة، وبدلاً من ذلك، تجد الصين نفسها تحاول “إدارة محفظة قروض في ظل توترات عالمية وتحديات اقتصادية ما بعد الوباء”، على حد قول جونستون.
لا يمكن لأفريقيا أن تتوقع المزيد من الهدايا المجانية أو المنح المخفية كقروض -كما ذكرت مجلة “أفريكان بيزنس” في نوفمبر 2022- تتوقع البنوك الصينية الآن سدادها بالكامل عن القروض المقدمة إلى البلدان الأفريقية.
وبدورها، قالت مديرة مبادرة الأبحاث الصينية-الأفريقية، التابع لجامعة جونز هوبكنز في واشنطن، ديبورا براوتيجام، إن البنوك الصينية تحجم عن إلغاء أو تخفيض رأس المال على القروض المصرفية داخل الصين، كما أن القيام بذلك في الخارج لن يحظى بشعبية بين المواطنين الصينيين؛ وفق ما أوردت مجلة “أفريكان بيزنس”.
لذلك من غير المرجح أن تعود أيام المال السهل في أي وقت قريب، حيث بلغ الإقراض الصيني لأفريقيا ذروته في عام 2016 عند 29.5 مليار دولار، ولاحظ المحللون بالفعل انخفاض التمويل في المنتدى الرئيسي المنتظم حول التعاون الصيني الأفريقي.
فرصة سلسلة التوريد
لكن العزلة التي تفرضها الصين على نفسها عن سلاسل التوريد العالمية تمنح أفريقيا الفرصة لتكثيف وتعزيز قدرتها التصنيعية والإنتاجية.
وقد قال الرئيس التنفيذي لشركة الخط الملاحي “Emirates Shipping Line”، تيل بارليت، إن الإنتاج الصناعي العالمي قد تحول بالفعل إلى جنوب شرق آسيا؛ حيث تشهد الهند وفيتنام وتايلاند وإندونيسيا حجمًا تجاريًا موسعًا نتيجة التراجع الصيني.
علاوة على ذلك، أضاف بارليت أن أفريقيا لا تزال قادرة على الصمود في وجه الاضطرابات العالمية بسبب شهيتها القوية والمتنامية للسلع الأساسية، مثل أجهزة التلفزيون والثلاجات الأولى للعملاء، في حين أن إمدادات السلع إلى أفريقيا قد تنضب مؤقتًا، فإن الطلب ليس كذلك، فيما توفر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية الناشئة إمكانات لسوق داخلي ضخم.
وختامًا، يبقى التساؤل: مع تراجع الصين عن سلاسل التوريد العالمية، ما هي أفضل طريقة لإنشاء دائرة حميدة أفضل من قيام المصنعين الأفارقة بالتقدم وإنتاج المزيد من السلع الأساسية التي تحتاجها القارة؟.
والجواب حتى اللحظة؛ أنه من غير المرجح أن يحدث ذلك بسرعة، وستظل الصين لفترة طويلة عملاق إنتاج، ولكن من خلال خلق الأعمال والوظائف الأفريقية، وتقليل الاعتماد على الواردات وتحفيز الإنفاق المحلي، يمكن أن يفيد مثل هذا التحول أفريقيا.