عنوان الرسالة/ جيش الرب للمقاومة بأوغندا منذ عام 1986 – دراسة لإحدى حركات الأصولية المسيحية في أفريقيا
للباحثة / د. نرمين محمد توفيق
تدور هذه الدراسة التي تمت مناقشتها عام 2017 في كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة (معهد البحوث والدراسات الأفريقية سابقا) عن تنظيم جيش الرب للمقاومة الذي يعتبر من التنظيمات الأصولية التي تنتشر في القارة الأفريقية، وينطلق من خلفية مسيحية، وقد ظهر في أوغندا منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين عام 1986 لقتال قوات الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، ويعد من أكثر الحركات المتشددة عنفًا ليس في أفريقيا فحسب ولكن على مستوى العالم كله، فزعميه جوزيف كوني هو المصنف رقم واحد في قائمة مجرمي الحرب لدى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت عام 2005 قرارا باعتقاله هو وأربعة من قادته، وقد استطاع الانتشار في كل من أوغندا، وجنوب السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، ويمثل حتى الآن تهديدا لأمن واستقرار هذه الدول.
ويدعي زعيم التنظيم «جوزيف كوني»، أنه ينطلق من الوصايا العشر للكتاب المقدس ويسعى إلى إقامة دولة الرب المسيحية، ومواجهة تهميش النظام الحاكم لسكان منطقة شمال أوغندا وخاصة جماعة الأشولي التي ينتمي لها أتباع التنظيم، إلا أن ممارسات جيش الرب خالفت تماما هذه الأهداف، وباتت أفعاله قائمة بالأساس على القتل والسرقة والاغتصاب واختطاف الأطفال، ولجأ إلى استراتيجية التوحش في التنكيل بضحاياه وخاصة من الأطفال، وكان يعلن أنه يفعل ذلك باسم الرب لتطهير ضحاياه.
– إشكالية الدراسة:
لما كان تنظيم جيش الرب من أبرز التنظيمات المسيحية المسلحة التي نشأت في القارة الأفريقية، حيث يعد من أكثر الحركات المتشددة عنفا ليس فقط على مستوى أفريقيا ولكن في العالم كله بسبب ممارساته الوحشية في التنكيل بضحاياه من منطقة شرق ووسط أفريقيا وضخامة عدد الضحايا الذين تسبب في مقتلهم وتشريدهم، وقدرته على البقاء لمدة ثلاثين عاما منذ نشأته عام 1986، وعدم تمكن القوات الرسمية في أوغندا أو حتى الجهود الدولية في القضاء على التنظيم أو إلقاء القبض على زعيمه المصنف رقم واحد عالميا في قائمة مجرمي الحرب الدوليين، فقد تطلب ذلك معرفة الأسباب التي ساهمت في نشأة هذا التنظيم، والأيديولوجية التي انطلق منها، وكيفية توظيفه للمعتقدات الدينية لتحقيق أهداف سياسية، وكيف استطاع مواجهة الحكومة طوال هذه الفترة، وتحليل استراتيجيته القتالية، والأسباب التي ساعدته على التمدد إلى دول الجوار، وماهية السيناريوهات المستقبلية لوضع التنظيم في أوغندا ودول الجوار، وما إذا كان هناك تشابه أو اختلاف بين هذا التنظيم وغيره من التنظيمات المسلحة ذات الخلفية الدينية كتنظيم داعش.
– أهمية الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة إلى عدة أسباب منها:
- الأهمية الاستراتيجية لدولة أوغندا التي ظهر بها جيش الرب للمقاومة، فهي دولة إقليمية هامة من دول شرق أفريقيا، ودولة من دول حوض النيل، ويمكن للاضطرابات الموجودة بها أن تؤثر على دول الحوض ومنها مصر، خاصة مع انتشار التنظيم في دول أخرى من حوض النيل وهي جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
- قدرة تنظيم جيش الرب على الاستمرار ومواجهة الحكومة لأكثر من ثلاثين عاما، وتمدده في دول الجوار، يجعل من الأهمية بما كان دراسته ومعرفة الأسباب التي ساعدته على هذا الأمر، وتحليل استراتيجيته القتالية، في ظل معاناة الدول في أكثر من مكان حول العالم وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط من انتشار التنظيمات المتطرفة والإرهابية، حتى يمكن للمسئولين التعرف على كيفية مواجهة مثل هذه الحركات التي تهدد بقاء الدول.
- يعكس انطلاق التنظيم من مرجعية مسيحية وادعائه أنه يعتمد على الوصايا العشر في الكتاب المقدس، أن التطرف لا يقتصر على الحركات الإسلامية فقط وإنما يظهر تلاقيا بين الحركات المتشددة، حتى وإن اختلفت في الدين الذي تنتمي إليه، وأنها تتخذ الدين وسيلة لتحقيق أهدافها وجذب أعضاء إليها وإضفاء القدسية على قراراتها حيث إن أفعالهم تبتعد كلية عما تدعو إليه تعاليم الله من قيم التسامح والرحمة.
- عدم اهتمام الإعلام الغربي بإبراز جرائم جيش الرب الذي قتل واختطف عشرات الآلاف على مدى ثلاثين عاما، بنفس الدرجة التي يفعلها مع مثيلاته من الحركات الإسلامية المتطرفة، مما يقتضي معرفة أسباب ذلك،
– تقسيم الدراسة:
تم تقسيمها إلى مبحث تمهيدي يتناول مفهوم الأصولية المسيحية ونشأته الأولى في أوروبا، وكيفية انتقاله إلى أفريقيا والعالم الجديد في إطار الحملات الاستعمارية والتبشيرية التي أدت في النهاية إلى ظهور حركات تحمل الفكر الأصولي المتشدد في القارة الأفريقية، ثم الحديث بالتفصيل عن تنظيم جيش الرب للمقاومة في خمسة فصول يتناول أولها أزمة الاندماج الوطني الأوغندي وأبرز الجماعات الموجودة بها والأسباب السياسية والاقتصادية والدينية التي أدت إلى حدوث الصراع الداخلي كمدخل لمعرفة الأسباب التي ساهمت في ظهور جيش الرب في منطقة شمال أوغندا بالتحديد، أما الفصل الثاني فيتناول الإطار التنظيمي لجيش الرب للمقاومة، من حيث النشأة والزعامة والهيكل ومصادر التمويل، كما يتحدث عن حركة الروح القدس التي انبثق منها جيش الرب، ثم الفصل الثالث ويتحدث عن الأيديولوجية الفكرية وأهداف التنظيم، وعقد مقارنة على المستوى الفكري بين جيش الرب وبين تنظيم داعش نظرا لتشابههما في استراتيجية التوحش للتنكيل بضحاياهم رغم اختلاف الخلفية الدينية التي ينطلقان منها، ويتحدث الفصل الرابع عن طبيعة موقفه من المدنيين والحكومة الأوغنديةومسار المواجهات والمفاوضات التي حدثت بين جيش الرب ونظام الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني وذلك للتعرف على مدى تطابق أهداف التنظيم مع ممارسته، ثم الفصل الخامس الذي يتناول موقف جيش الرب من دول الجوار، حيث لم يقتصر تواجده على منطقة شمال أوغندا فقط، وإنما امتد إلى عدد من دول وسط وشرق أفريقيا، ويناقش كذلك موقف القوى الدولية والمنظمات الإقليمية والعالمية من التنظيم مثل (الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة)، بالإضافة إلى عرض وتحليل أبعاد الحكم الصادر ضد كبار قادة جيش الرب من المحكمة الجنائية الدولية، لتنتهي الدراسة بمبحث ختامي يتناول تقييم عام لتجربة جيش الرب للمقاومة والسيناريوهات المتعلقة بمستقبله وما إذا كان في طور الانهيار أم لا يزال لديه فرص للبقاء.