كتبت – أسماء حمدي
التعليم هو المفتاح للباب الذهبي لحرية الجميع في أفريقيا، هو ليس فقط مجرد حق أساسي من حقوق الإنسان، لكنه يساعد على زيادة فرص العمل والدخل، وأمر أساسي لكسر دائرة الفقر، وحجر الأساس للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، واستثمار في رأس المال البشري.
كما يساعد “التعليم” في تحسين الاستقرار والسلام لأي مجتمع، حيث توفر هذه الأداة القوية للأفراد مجموعة من المهارات والثقة بالنفس لمساعدة العالم على الازدهار بطرق مختلفة، كما يمنح السكان المعرفة لتعزيز النمو الاقتصادي، والحد من الفقر، وزيادة معدلات الاستجابة للكوارث.
لكن لسوء الحظ، لا يمكن الوصول بسهولة إلى التعليم في جميع أنحاء أفريقيا، حيث يوجد بها أعلى معدلات الاستبعاد التعليمي في العالم، في حين أن من يحالفهم الحظ في التسجيل قد لا يتعلمون المهارات الأساسية اللازمة لدخول سوق العمل العالمي، وتعد بيئات التعلم السيئة والقصور التكنولوجي والمواد غير الكافية بعضًا من العقبات الرئيسية التي يواجهها الأفارقة، كما أنها تخلق بيئات تعليمية ضعيفة لا يمكنها إلهام الطلاب وهيئة التدريس.
بالرغم من أن أفريقيا ليست هي القارة الوحيدة التي تواجه هذا النوع من المشاكل، لكن لا تزال القوة البشرية عائقا أمام التنمية وعبئا على الاقتصاد، على عكس الكثافة السكانية في آسيا، حيث تحتل أفريقيا المركز الثاني عالميا بنحو مليار فرد ومعدل نمو سكاني 2.5%، من حيث عدد السكان، 60% منهم تقل أعمارهم عن 25 عامًا.
بحلول عام 2030، يتوقع المحللون أن يزداد عدد الشباب الأفريقي الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عامًا بنسبة 42 ٪، وهم يشكلون حاليًا 19 ٪ من سكان العالم من الشباب، وفقًا للأمم المتحدة.
تظل المشاكل والعقبات التي تواجه نظام التعليم في أفريقيا تخنق ملايين العقول المشرقة ورواد الأعمال المحتملين، ولمواجهة ذلك يجب على القائمين على الأنظمة التعليمية بذل المزيد من الجهود لضمان قدرة واستعداد شباب القارة على مواجهة العالم المهني بعد تخرجهم، بالإضافة إلى التركيز على التكنولوجيا والاتصال والقدرات التعاونية والتفكير النقدي، مع عدم إغفال المعرفة الأساسية ومحو الأمية ليصبح لدينا أعضاء منتجين في مجتمعاتنا، بحسب “فوربس”.
التكنولوجيا باب المستقبل
في عالم اليوم الذي يركز على التكنولوجيا، يعد فهم أحدث التطورات والمنصات أمرًا أساسيًا لأي شخص يرغب في دخول عالم الأعمال، وستسمح المعرفة التكنولوجية لأصحاب المشاريع الشباب في أفريقيا باستخدام الأدوات والبرامج التي يعتبرها الكثيرون في الغرب أمرا مفروغا منه، حتى المعرفة الأساسية ببرامج جداول البيانات يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في مهنة رجل الأعمال الشاب.
ولا نتحدث عن التكنولوجيا دون ذكر الإنترنت، حيث يؤدي الوصول إلى شبكة الويب العالمية وفهمها إلى الوصول لملايين العملاء المحتملين وخلق العديد من فرص العمل، مما يحول وبسرعة فائقة الأعمال التجارية المحلية إلى تكتل عالمي، حيث توفر منصات التواصل الاجتماعي أيضًا فرصًا مجانية للتسويق يفقدها الكثيرون في إفريقيا لمجرد أنهم لا يملكون المعرفة اللازمة لاستخدامها بكفاءة.
مع ازدياد التقنيات الرقمية والهواتف المحمولة في إفريقيا، سيتمكن رواد الأعمال الأفارقة من الاستفادة من هذه الثورة التكنولوجية القادمة، وسيكون للشباب الذين لديهم دراية جيدة بالتكنولوجيا القدرة على التواصل ومناقشة الأفكار الجديدة مما يسهل الوصول إلى المستثمرين .
ينسى العديد من الشباب المهنيين في مجال الأعمال أنه لا يمكن الاكتفاء بفكرة رائعة؛ لكن الأهم هو أن تمتلك القدرة على بيع هذه الفكرة، مما يساعدك على إيصال أفكارك أو شركتك إلى المستثمرين بشكل أسرع.
وكشف تقرير صادر عن شركة “ماكينزي” الأمريكية للاستشارات والمحاسبة، أنه في الفترة بين عامي 2008 و 2010، كانت الشركات التي تعتمد على فريق عمل يضم مبدعين شباب، من المرجح أن تحقق أداءً جيدًا من الناحية المالية.
بيئة خصبة لريادة الأعمال
على الرغم من مستوى سكان أفريقيا المتواضع، إلا أنها بيئة خصبة لريادة الأعمال وظهور الأفكار المبتكرة التي لا تحظى باهتمام عالمي.
وفي ظل الاتساع المتوقع في فجوة التوظيف، فإنه بحلول 2022 سيدخل نحو 122 مليون شخص سوق العمل في أفريقيا مقارنة بـ54 مليون وظيفة جديدة متوقعة، مما يجعل ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة هي السبيل الوحيد لاستيعاب هذه الفجوة الكبيرة في التوظيف، حيث تدفع حاجة العاطلين إلى العمل لتأسيس مشروعات خاصة بهم.
وبحسب مؤشرات “بنك التنمية الأفريقي”، فأن 22% من الأفارقة الذين يدخلون قوة العمل يبدأون بتأسيس مشروعات جديدة، ويقدم نحو 20% من هذه المشروعات منتجات جديدة وخدمات مبتكرة، وتقدر متوسط أعمار رواد الأعمال الشباب الأفارقة بـ31 عاما مقارنة بـ36 في آسيا.
وتقول “فوربس”، إن ريادة الأعمال هي عمل محفوف بالمخاطر، حيث تفشل 20٪ من الشركات الجديدة في عامها الأول، و 50٪ فقط من الشركات تستمر حتى عامها الخامس.
ولتصبح رجل أعمال ناجح، يجب أن تكون قادرا على اجتياز هذه المخاطر بالإضافة إلى التحلي بالجرأة والتواضع، وهذا يتطلب تجاهل كل الضجيج حولك حتى تتمكن من التوصل إلى قرار مستنير يعتمد فقط على الحقائق والمعلومات الموجودة أمامك، بحسب “فوربس”.
الرقمنة
على الرغم من أن معظم دول القارة السمراء تفتقد إلى وجود بنية تكنولوجية متطورة، وهو ما يمثل العقبة الأكبر للتحول نحو الرقمنة، إلا أن هناك بعض التجارب المضيئة في أفريقيا والتي تُعد نواة للتحول الرقمي، حيث تمكنت غانا من الحصول على المرتبة 13 ضمن الوجهات الأكثر جذبا للاستثمار الأجنبي نتيجة التطورات التي حققتها التجارة الإلكترونية في غانا والتي مكنتها من تحقيق معدل نمو بـ8.5% وفقاً للبنك الدولي.
كما أن بلدان مثل كينيا وجنوب إفريقيا تعيد النظر في أنظمتها التعليمية لضمان عدم تعليم الطلاب فقط كيفية القراءة والكتابة، ولكن أيضًا كيفية التفاعل في العالم المهني، وتشير إلى إن الابتكارات التكنولوجية، مثل تلك التي تقودها مؤسسة دبل كليك و QuickDo’s BookBox و Kio Kit وغيرها، تتيح للطلاب الصغار الوصول إلى التكنولوجيا التي ستكون ضرورية لتنميتهم تعليميا ومهنيا.
في عالم اليوم سريع التغير وسريع الخطى، يعد نظام التعليم القائم على التكنولوجيا والذي يدرس التواصل والتعاون والتفكير النقدي حجر الزاوية الأساسي لرحلة رجل أعمال طموح، فيجب على المؤسسات التعليمية الإفريقية بذل المزيد من الجهد لضمان أن يتم تكريس هذه المهارات في أذهان سكانها الشباب لضمان نمو اقتصادي إيجابي في السنوات القادمة.
لكن لا يزال على صانعي السياسات في جميع أنحاء القارة المزيد من العمل الذي يتعين عليهم القيام به، فالتعاون بين القادة ضرورة ملحة للنهوض بأفريقيا.