كتبت – أسماء حمدي

في خطوة “تاريخية” على طريق المساواة، جلست رضوى حلمي على مقعد في مجلس الدولة، الذي أسس عام 1946، كجهة قضائية مستقلة تتولى الفصل في المنازعات الإدارية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المحاكم المصرية، بعد أن كان يقتصر على القضاة الرجال.

وعينت حلمي كقاضية في محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، مع 98 امرأة في العام الماضي للانضمام إلى المجلس، أحد الهيئات القضائية الرئيسية في مصر، تنفيذا لقرار أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر الماضي.

القادم أفضل

وفي حديثها لصحيفة “أخبار اليوم” المصرية، قالت المستشارة رضوى حلمي أحمد، إن “معظم القاضيات حصلن علي ماجستير في القانون والبعض دكتوراه، مما يعكس مدي وعيهن بالعمل القضائي”.

 ووجهت حلمي رسالة إلى جميع الطالبات اللواتي يدرسن حقوق بالجامعات، تنصحهن فيها بضرورة السعي نحو الأفضل لتحقيق التمييز، والوصول لتحقيق الطموح، وعدم الوقوف عند نفطة محددة، مضيفة: “طالما صدر قرار تاريخي بهذا الشكل كان من المستحيل تحقيقه علي أرض الواقع، إذن فالقادم أفضل”.

وشددت على أنها ستظل جاهدة ساعية للأفضل، لتحقيق أقصي أحلامها، معربة عن امتنانها للرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلة: “أوجه جزيل الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، لإتاحته لنا فرصة إثبات ذاتنا علي المنصة”.

يوم تاريخي

في بداية الجلسة، رحب رئيس مجلس الدولة المصري المستشار محمد حسام الدين، بالمستشارة رضوى حلمي، ووصف الحدث بـ”التاريخي”، قائلا: “إنه يوم تاريخي تعتلي فيه قاضية لأول مرة منصة محاكم المجلس شأنها في ذلك شأن زملائها من القضاة الرجال”، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام مصرية.

وأضاف المستشار حـسام الدين: “بعد التأكد من كفاءة القاضيات، تقرر اعتبارًا من يوم السبت 5 مارس جلوس جميع القاضيات على منصة القضاء مع زملائهن من القضاة، بحيث تحضر ضمن تشكيل المحكمـة كمـفـوض دولة على مستوى الجمهورية”.

وأشار إلى أن القاضيات سيبدأن برئاسة جلسات تحضير القضايا واستكمال المستندات اللازمة للفصل فيها، وتهيئتها للمرافعة، وبهذا تكون القاضيات قد تحقـق لهن جميع صلاحيات قضاة مجلس الدولة.

من جانبها، قالت رئيسة المجلس القومي للمرأة، مايا مرسي: “لقد أصبح الخامس من مارس يومًا تاريخيًا جديدًا للمرأة المصرية”.

معركة شاقة

جاءت هذه الخطوة قبل وقت قصير من اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، حيث خاضت النساء في مصر، الدولة العربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان، معركة شاقة لسنوات لتأمين حقوقهن، لاسيما وجود المئات من المحاميات في مصر لكن الأمر استغرق عقودًا حتى تصعد واحدة في السلم القضائي وتصبح قاضية.

وكانت تهاني الجبالي، التي عُينت عام 2003 في المحكمة الدستورية العليا في مصر، من أبرز القاضيات اللاتي استطعن الوصول لمنصة القضاء، وشغلت هذا المنصب لعقد من الزمان قبل أن تُقال في عام 2012.

وفي عام 2019 أصبحت المستشارة فاطمة قنديل أول قاضية في محكمة الجنايات، حيث عملت بدوائر المحكمة منذ 2015 حتى وصلت لمنصب عضو اليسار في قضية التلاعب بالبورصة، وفي أغسطس 2019 أصدرت المحكمة حكمًا بالإعدام، وهي جزء من هيئة المحكمة.

قاضيات على منصات المحاكم

رغم عدم وجود قانون يمنع المرأة من أن تكون قاضية في مصر، إلا أن القضاء كان حكرا على الرجال، حتى حصول المرأة المصرية على حقوقها السياسية كافة منذ 1956.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي، ناضلت أستاذة القانون المصرية الراحلة، عائشة راتب، لوصول المرأة المصرية لمنصة القضاء وتبعها العديد من النساء، لكن خطوات التغيير كانت بطيئة، وكانت حالات وصول المرأة لمنصة القضاء معدودة.

في 3 أكتوبر 2021، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقـم 446 لسنة 2021 بتعيين 98 قاضية في مجلس الدولة، وبعد ذلك، وزعت القاضيات للعمل في الدوائر المختلفة لهيئة مفوضي الدولة، حيث قمن بدراسة القضايا وإعداد تقارير بالرأي القانوني فيها.

كما اجتازت جميع القاضيات دورة تدريبية مكثفة لاكتساب التقاليد القضائية ومهارات العمل القضائي ودراسـة ملفـات القضايا وإدارة الجلسة، بالإضافة إلى الإلمام ببعض الأمور المتعلقة بالأمن القومي ومكافحة الفساد والمشروعات القومية وزيارة بعضها.

تأسس مجلس الدولة عام 1946 كهيئة مستقلة تختص بشكل أساسي بالفصل في المنازعات الإدارية والقضايا التأديبية.

وتشغل المرأة حاليًا حوالي ربع المناصب الوزارية و 168 مقعدًا في البرلمان المؤلف من 569 عضوًا.

في مايو 2021، شدد شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، على أنه لا توجد فتوى دينية تمنع المرأة من تولي مناصب رفيعة أو السفر بمفردها أو الحصول على نصيب عادل من حقوق الميراث.