كتبت – أماني ربيع

لطالما تمتع القارة السمراء بوفرة الموارد الطبيعية التي تجعلها محط أنظار دول العالم المتقدم الذي يتنافس على هذه الثروات، ولدى أفريقيا أكبر معدلات من “النفط والنحاس والماس والبوكسيت والليثيوم والذهب وغابات الأخشاب الصلبة”، هذا بخلاف الأغذية الخارقة ” superfoods ” الغنية بالمغذيات.

وبالرغم من أن أفريقيا تحتوي على كل هذه الثروة المتأصلة، إلا أن الشعوب الأفريقية الأصلية بالكاد جنت أيًا من الفوائد حيث لا تزال القارة متأخرة كثيرا عن ركب التقدم العالمي بسبب الفساد والبيروقراطية، ونقص السياسات المتعلقة بإدارة الثروة ، وعدم كفاية توزيع الموارد، هذا بخلاف عدم الاستقرار السياسي والاستغلال.

وإذا كانت أفريقيا ساحة مليئة بالفرص للشركات العالمية التي تسعى وراء الموارد الطبيعية في إفريقيا، فقد عاش 433 مليون أفريقي في فقر مدقع عام 2018، لكن إلى حد ما، بدأت الأمور تتغير، وإن كان هذا التغيير بطيئا، وهذا بفضل الشركات الناشئة والمنظمات غير الحكومية التي بدأت في دعم المجتمع الأفريقي من خلال تسخير قوة الأغذية الخارقة ” superfoods ” في القارة، حيث تعمل هذه الأطعمة على تعزيز مشاركة المجتمع المحلي في الزراعة المستدامة بأفريقيا.

والدول الأفريقية ليست كما هو شائع، مجرد متلق للمساعدات فلديها الإمكانيات الطبيعية للتقدم، لكنها فقد بحاجة للموارد والفرص، التي إن أتيحت، تكون شعوب أفريقيا أكثر من قادرة على إعادة بناء مجتمعاتها.

 وبالرغم من أن استيراد المنتجات الغذائية من الدول الأخرى مفيد على المدى القصي، إلا أنه ليس حلاً مستدامًا وطويل الأمد ولا يمنح الأفارقة فرصة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لذا أصبح الوقت الآن مواتيا لكي يستفيد الأفارقة من مواردهم الطبيعية.

وتعتبر أسواق الأطعمة الخارقة مثل المورينجا والفونيو والسبيرولينا والصمغ العربي نقاط انطلاق ممتازة تشجع مشاركة المجتمع المحلي في الزراعة المستدامة بأفريقيا، وفقا لمجلة ” borgen”

المورينجا

توجد شجرة المورينجا في عدة دول أفريقية منها: كينيا وإثيوبيا وناميبيا وأنغولا ومدغشقر، وهي شجرة مقاومة للجفاف، وجميع أجزاءها تقريبا، صالحة للأكل، وكل منها لذيذ وغني بالعناصر الغذائية المفيدة، من “الأوراق ومسحوق الأوراق والقرون والبذور والزهور والجذور واللحاء”.

وتعد الأوراق، على وجه الخصوص، غنية جدًا بالبروتينات والفيتامينات A و C بالإضافة إلى العناصر الغذائية الأساسية الأخرى، واللافت المورينجا يمكنها مفيدة في علاج حالات سوء التغذية والسمنة في نفس الوقت.

وبخلال الفائدة الغذائية، تعمل أشجار المورينجا كحاجز للرياح، وتمنع التآكل، وتعزز الدورات الهيدرولوجية، كما هي شجرة ظليلة، وهو أمر ممتاز لطرق الزراعة البينية حيث يمكن أن تسبب الشمس الشديدة والمباشرة أضرارًا للمحاصيل.

جذبت شركة ناشئة مقرها كاليفورنيا تُدعى Kuli Kuli انتباه الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأطعمة الفائقة الغنية بالمغذيات من خلال منتجات المورينجا، وتتعاون هذه الشركة مع 18 مزرعة عائلية تقودها نساء في 13 دولة نامية مختلفة لتوليد النمو الاقتصادي وتعزيز تمكين المرأة وتشجيع الزراعة المستدامة.

ومنذ بدأت عملها، حققت شركة Kuli Kuli  دخلًا بقيمة 5.2 مليون دولار لمزارعي المورينجا المحليين وزرع أكثر من 24 مليون شجرة مورينجا.

فونيو

يعتبر الفونيو مصدر غذاء ثمين للأمهات في غرب أفريقيا، وغالبا ما يقدمن هذه الحبوب للأطفال كأول طعام صلب لهم، نظرا لاحتوائها على الأحماض الأمينية والعناصر الغذائية المهمة مثل الحديد والكالسيوم والزنك والمغنيسيوم، المفيدة والمهمة لنموهم.

ويعتبر الفونيو أيضًا مصدرا للكربوهيدرات المعقدة بطيئة الهضم التي تمد الجسم بالطاقة طوال اليوم، ومن سماته المميزة هو قدرته على النمو برسعة كبيرة، ولا يحتاج إلى تربة غنية أو مياه كثيرة، ما يسمح له بالنمو في المناخات الجافة، والأراضي الموجودة في المناطق المتاخمة للساحل.

لكن رغم سهولة وسرعة نمو الفونيو، لكن معظم المزراعين في السنغال يكافحون لتحقيق ربح معقول من زراعته لأن معالجته شاقة ومكلفة، لذا قامت شركة Yolele ، وهي شركة ناشئة شارك في تأسيسها الشيفان السنغاليان بيير ثيام وفيليب تيفيرو، بنيويورك ، بتطوير سوق تصدير يعمل على تحسين حياة مزارعي الفونيو في غرب أفريقيا.

 شاركت Yolele مع المنظمة غير الربحية SOS Sahel لتدريب المزارعين أصحاب الأراضي الصغيرة وتجهيزهم لزيادة الإنتاجية من خلال الزراعة المستدامة، وهو ما سيسمح  لهذه المجتمعات التي تعيش في فقر شديد بإعالة نفسها من خلال الزراعة.

سبيرولينا

في الثمانينيات، أعلنت الأمم المتحدة السبيرولينا والخضراء كواحدة من أكثر الحلول الواعدة لأزمة سوء التغذية في جميع أنحاء العالم.

والسبيرولينا هي نوع من أنواع الطحالب لونها أخضر مائل للزرقة، وتنمو في المحيطات والبحيرات المالحة في المناخات شبه الإستوائية.

تعد السبيرولينا من الأغذية الخارقة بسبب غناها بالأصباغ النباتية، وقدرتها العالية على تنظيم عملية التمثيل الضوئي، ما جعلها أحد المكونات المشهورة في المكملات الغذائية، وتحتوي على كميات عالية من الفيتامينات A و B12 والدهون والحديد والكربوهيدرات.

غالبًا ما تتصدى المنظمات الإنسانية مثل منظمة الصحة العالمية لسوء التغذية في مناطق النزاع الشديدة بتصدير منتجات من هذه الطحالب، لكن كثيرا ما تؤثر النزاعات والأزمات وعوامل أخرى في بعض الأحيان على هذا، وهو ما لاحظه أرييل كيدم، مؤسس  منظمة أفريقيا 2030 ، بشكل مباشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية)، حيث دافع عن سبيرولينا مع الشريك المحلي، مؤسسة Pole Pole ، كبديل أكثر استدامة وطويل الأجل.

ساهم الفريقان الأمريكي والمحلي معا، في تطوير إنتاج السبيرولينا بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وتكميل النظم الغذائية المحلية وتوفير مصدر دخل يمكن الاعتماد عليه بهذه المجتمعات الفقيرة.

الصمغ العربي

الصمغ العربي هو عصارة شجرة طبيعية يتم حصادها من شجرة الأكاسيا التي تنمو برية في أفريقيا، يتم استخدامه في إنتاج الأحبار والدهانات والسيراميك، كم وعادة ما يستخدم لتعديل بعض الخصائص الفيزيائية للأطعمة مثل الملمس، او إطالة عمر المنتج وله مجموعة واسعة من الفوائد الصحية فهو مصدر للألياف الغذائية ويحسن من كفاءة عمل الجهاز الهضمي.

تنتج كينيا حاليًا حوالي 400 طن متري من الصمغ العربي سنويًا ، لكن من المحتمل أن يصل الإنتاج إلى 12000 طن، وهو ما تسعى إلي تحويله إلى حقيقة واقعة، منظمة المساعدة الذاتية لأفريقيا وهي منظمة غير حكومية.

أنشأت المنظمة صندوق تحدي AgriFI Kenya لتقديم الدعم النقدي والفني، للشركة المملوكة للكينيين ، Acacia EPZ، سيسمح هذا التعاون بالمساهمة في انفتاح الشركة على الأسواق الأوروبية، وتوفير دخلاً لما يقدر بـ 6700 أسرة منخفضة الدخل وتشجيع مشاركة المجتمع المحلي في الزراعة المستدامة في أفريقيا.