كتب – محمد الدابولي

تشهد الساحة السياسية الإثيوبية في هذه الآونة أحداثًا متسارعة على خطى التغييرات السياسية الكُبرى التي تشهدها البلاد منذ مارس 2018 وحتى الآن؛ ففي الأسابيع الأخيرة شهدت ضواحي أديس أبابا خاصة المناطق التي يقطنها الأوروميون احتجاجات عنيفة على سياسات الحكومة الفيدرالية بقيادة أبي أحمد، وتأتي الاحتجاجات في الوقت الذي يسعي فيه رئيس الوزراء لتوحيد الائتلاف الحاكم في البلاد في حزب واحد، في خطوة يعتبرها بداية لتوحيد البلاد والسمو فوق الاعتبارات الإثنية التي قسّمت البلاد خلال الفترات الأخيرة.

وتشهد إثيوبيا توترًا متصاعدًا منذ عام 2015 وحتى الآن على خلفية مشكلات إثنية وسياسية، إلا أنها مرت بفترة هدوء نسبي منذ مارس 2018 وحتى أكتوبر 2019 أي الفترة التي شهدت تولي أبي أحمد رئاسة الوزراء وتتويجه بجائزة نوبل للسلام، التي عُدت تتويجًا لجهوده في إحلال السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي عمومًا وإثيوبيا على وجه الخصوص.

فبعد أشهر قليلة من توليه منصبه نجح في وضع حد للصراع السياسي والعسكري مع إريتريا، وداخليًّا نجح في تهدئة الأجواء واحتواء الغضب الأورومي الذي ساد “أديس أبابا” منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في عام 2015، والتي كشفت عن سيطرة الائتلاف الحاكم “الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا” على كل المقاعد البرلمانية وعدم تمثيل المعارضة في مجلس النواب، فضلًا عن سياسات مصادرة الأراضي من الأوروميين لصالح توسيع العاصمة.

بيد أن حالة الهدوء الداخلي في إثيوبيا لم تستمر طويلًا، فبعد تتويج أبي أحمد بنوبل للسلام بأسبوعين اندلعت أعمال عنف واحتجاجات واسعة في مناطق الأورومو، احتجاجات أعادت اكتشاف عمق الأزمة السياسية الإثيوبية، وفشل كل المحاولات التي بُذلت على مدار عام تقريبًا في احتوائها، وستحاول النقاط التالية سبر أغوار الديناميات السياسية الإثيوبية؛ للوقوف على مستقبل السياسة الداخلية الإثيوبية

أولا: جذور الأزمة

تعود جذور الأزمة الحالية إلى الظروف التكوينية التي نشأت فيها الدولة الإثيوبية في نهاية القرن التاسع عشر في عهد الإمبراطور الإثيوبي “منليك الثاني”؛ إذ اعتمد منليك -في تكوين دولته- على سياسة الغزو والتوسع على حساب الغير من الممالك والقوميات المحيطة به؛ ففي عام 1887 نجح في السيطرة على مدينة “هرر” وإنهاء الحكم الإسلامي بها، بالإضافة إلى سياسة الغزو عمل “منليك الثاني” على تأمين دولته عبر سلسلة من التفاهمات مع القوى الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، فعلى سبيل المثال وقّع منليك الثاني اتفاقية مع بريطانيا عام 1902 “معاهدة أديس أبابا 1902”([i]) التي سيطر بموجبها على منطقة بني شنقول التي يجري فيها حاليًا بناء سد النهضة، وفيما يلي أبرز سمات الضعف في النظام السياسي الإثيوبي:

  • فسيفساء هشة

الظروف التكوينية لإثيوبيا ترسم لنا شكل الدولة في صورة فسيفساء تضم العديد من القوميات والأديان المختلفة لم يجمعهم سوى وجود قيادة مركزية قوية في العاصمة أديس أبابا، قادرة على إخضاع كافة الطموحات الانفصالية بالقوة، وتجلى ذلك في ممارسات الإمبراطور الإثيوبي الراحل هيلاسلاسي ورئيس نظام الدرج “منجستو هيلا ميريام”.

يقدر عدد الجماعات الإثنية في إثيوبيا بحوالي 80 جماعة ويحاول البعض اختصار تلك الجماعات في عدد محدود لا يتجاوز الخمس جماعات؛ وهم جماعة التيجراي وبني شنقول في الشمال، والأورومو في الوسط، والأمهرا في أعلى الهضبة، فضلا عن الجماعات الجنوبية والعفر والصوماليين، وما يزيد الأمور تعقيدًا هو التقاطع الديني الحاد مع التقاطعات الإثنية؛ فمثلًا جماعة الأمهرا وأغلبية جماعة التيجراي يدينان بالمسيحية، أما بنو شنقول والأورومو والعفر والصوماليون فأغلبهم يدينون بالإسلام، الأمر الذي يضفي بعدًا دينيًّا على الصراعات بين تلك القوميات.

ترتب على الفسيفساء الإثيوبية سوء توزيع في المناصب السياسية والموارد الاقتصادية بين الجماعات الإثنية المتنوعة؛ فالتاريخ الإثيوبي قبل عام 1990 شهد سيطرة جماعة الأمهرا على الموارد الاقتصادية واحتكار المناصب السياسية، وتبدل الحال بعد عام 1991 حين نجحت جماعة التيجراي في إزاحة الأمهرا والسيطرة على الحكم والسلطة والموارد في إثيوبيا بقيادة التيجراي ميلس زيناوي، فإثيوبيا تعد مثالًا حيويًّا لاستبداد الأقليات بالحكم؛ فتاريخيًّا سيطرت جماعة الأمهرا (25% من إجمالي السكان) على إثيوبيا، ولحقتها جماعة التيجراي (6% من إجمالي السكان) في السيطرة على البلاد، في حين بقيت جماعة الأورومو (40% من إجمالي السكان) مهمشة سياسيًّا واقتصاديًّا.

  • الفيدرالية الإثنية

عانت إثيوبيا طوال فترة حكم هيلاسلاسي ومنجستو من استفحال السيطرة المركزية لجماعة الأمهرا على الحكم مما دفع إلى تشكيل الجماعات الإثنية حركات تحررية للمطالبة بالاستقلال من أبرزها حركة تحرير إريتريا وحركة تحرير التيجراي، ونجحت حركة تحرير إريتريا في تحقيق مبتغاها في تحقيق استقلال إريتريا.

أما حركة تحرير التيجراي بقيادة “ميلس زيناوي” فنجحت في توحيد باقي الحركات التحررية الأخرى، وشكلت ما يسمي “الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية”، ونجحت في ضمان بقاء الدولة الإثيوبية عام 1991 وعدم تفككها باستثناء إريتريا التي أعلنت استقلالها عام 1993، وتتشكل الجبهة الثورية من كلٍّ من حركة تحرير التيجراي وحركة الأمهرا الديمقراطية والمنظمة الديمقراطية لشعوب أورومو والجبهة الديمقراطية للشعب الجنوبي الإثيوبي.

وكنتيجة الحكم المركزي في إثيوبيا عمد واضعو دستور 1995 إلى تبني صيغة الفيدرالية الإثنية كشكل جديد للدولة الإثيوبية إذ تم تقسيم الدولة إلى 9 أقاليم إثنية حسب اللغة والدين، وهم أقاليم التيجراي، العفر، الأمهرا، الأورومو ، الأوجادين، بني شنقول، القوميات الجنوبية، غامبيلا، هراري، بالإضافة إلى ولايتي أديس أبابا وديرة داوا، وتتمتع تلك الأقاليم بدرجة عالية من الاستقلالية الذاتية فعلى سبيل المثال منحت المادة 39 من الدستور حق تقرير المصير لتلك الأقاليم([ii]).

  • سيطرة التيجراي

رغم نجاح الجبهة الثورية في إقرار الفيدرالية الإثنية تحت زعم إتاحة الحرية والاستقلالية للأقاليم الإثنية إلا أن الجبهة عانت وما زالت تعاني من سيطرة جبهة تحرير التيجراي على مراكز القوي داخلها، كما نجحت في تفريغ الفيدرالية الإثنية من مضمونها عبر السيطرة على الحكومات الإقليمية واستمالة بعض العناصر المنتمية إلى تلك القوميات([iii])، فعلى سبيل المثال لعبت المنظمة الديمقراطية لشعوب أورومو دورًا كبيرًا في ترسيخ هيمنة التيجراي على إقليم أوروميا طوال العقود الماضية ولعل الأحداث الأخيرة في أوروميا خير دليل على ذلك؛ فرغم أن أبي أحمد منتمٍ إلى أوروميا إلا أنه يعد -سياسيًّا وأيديولوجيًّا- محسوبًا على الجبهة الثورية المهيمن عليها من قبل حركة تحرير التيجراي([iv]).

ثانيًا: أبي أحمد سياسة الإيهام بالديمقراطية

آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي

منذ عام 2015 والاحتجاجات الأورومية مستمرة ومتصاعدة، على خلفية عدم تمثيل المعارضة الأورومية في البرلمان فضلًا عن سياسات توسيع العاصمة أديس أبابا على حساب الأراضي التي يمتلكها الأوروميون، الأمر الذي بات ينذر بدخول البلاد في معترك حرب أهلية.

ولتجاوز تلك الأزمة عمد الائتلاف الحاكم إلى تسكين وإسكات الأوضاع السياسية في البلاد عبر العديد من الإجراءات، من أهمها الدفع باستقالة “ديسالين” رئيس الوزراء في فبراير 2018، وتنحية رئيس إقليم أوروميا ” ليما ميجيرسا”، وتصعيد أبي أحمد ليكون رئيس المنظمة الديمقراطية لشعوب أورومو ثم رئيسًا لوزراء إثيوبيا، في خطوة اعتبرها الكثير بمثابة زلزال سياسي كبير في إثيوبيا؛ إذ تولى أورومي من أصول مسلمة رئاسة وزراء إثيوبيا.

ظنت الجبهة الثورية أن تغيير القيادة والإتيان بأورومي محسوب عليها من شأنه تسكين الأوضاع القائمة، ولعل السياسات التي اتخذها أبي أحمد فور توليه السلطة عززت من هذا الشعور داخل الجبهة؛ حيث أفرج عن المعتقلين السياسيين خلال التظاهرات، وأصدر عفوًا عامًّا عن المعارضين السياسيين ورفع القيود الإعلامية، فضلًا عن تنحية العديد من الموالين لقومية التيجراي عن المناصب الهامة في الجيش والاستخبارات، وتمكين العديد من أبناء القوميات الأخرى من المناصب الهامة؛ مثل “مفريات كامل” المنتمية للجماعات الجنوبية كرئيسة للبرلمان ثم وزيرة للسلام، كما تم تعيين أول امرأة مسلمة “عائشة موسى” في منصب وزير الدفاع وغيرها.

اعتمد أبي أحمد على سياسة توزيع المناصب بين الكوادر السياسية المحسوبة على الجماعات الإثنية من ناحية، وإبعاد الطغمة التيجرانية مؤقتا عن المشهد السياسي في البلاد في محاولة منه لامتصاص الغضب الشعبي خاصة الأورومي، وفي سياق آخر سعى أبي أحمد إلى تصفير مشكلات إثيوبيا الإقليمية خاصة مع الصومال وإريتريا، مستغلًّا النجاح الإقليمي في الترويج لفلسفته الداخلية.

رغم عملية تدوير المناصب بين الجماعات الإثنية التي اتبعها أبي أحمد، إلا أنه لم يقترب من فتح ملفات الفساد التي شابت فترات الحكم السابقة، كما لم يقدم على محاسبة المسئولين والمتورطين في سقوط ضحايا الاحتجاجات التي دارات خلال الفترة من 2015 وحتى 2018 ، وهو الأمر الذي دفع إلى تآكل شعبية “أبي أحمد” في الأوساط الأورومية، وفي هذا السياق يمكن تعديد الخطايا التي ارتكبها “أبي أحمد” خلال عامه الأول والتي أدت إلى عودة الاحتجاجات:

  • إعطاء الترتيبات الإقليمية اهتمامًا أكبر: بدا أبي أحمد متحمسًا للعب دور إقليمي كبير؛ حيث نجح في تهدئة الأجواء مع إريتريا وتصفير المشكلات معها، وزيادة التقارب مع الصومال، وأخيرا المساهمة في حل الأزمة السياسية السودانية، ولعل الدور الإقليمي لأبي أحمد هو ما أكسبه شعبية دولية وتوج لأجله بجائزة نوبل للسلام، ومن هنا وجد أبي أحمد نجاح تحركاته الإقليمية فرصة جيدة لتعويض إخفاقاته الداخلية وعدم قدرته على إتمام عملية التحول السياسي في البلاد.
  • معاداة القيادات التاريخية والكاريزمية: لم يكن أبي أحمد من الزعامات الشعبية في جماعة الأورومو؛ فهو طوال تاريخه المهني والسياسي ظل محسوبًا على الجبهة الثورية الديمقراطية، ومنذ اعتلائه السلطة في ربيع 2018 حرص أبي أحمد على خلق زعامة شعبية لنفسه في الأوساط الأورومية عبر مختلف الوسائل مثل الإفراج عن المعتقلين والعفو عن الزعامات التاريخية والسماح لهم بالعودة إلى إثيوبيا، وعلى رأسهم القيادي الأورومي “جوهر محمد”.
المعارض الإثيوبي جوهر محمد

بات جوهر محمد من أكثر الشخصيات حاليًّا في المجتمع الإثيوبي تأثيرا خاصة بعد أحداث 23 أكتوبر([v]) الماضية، ولعب جوهر محمد دورًا بارزًا في الاحتجاجات التي شهدتها إثيوبيا في الفترة التي سبقت تولي أبي أحمد، حيث يشغل جوهر المدير التنفيذي لشبكة أوروميا الإخبارية التي تأسست في مدينة مينابولس الأمريكية في 1 مارس 2013 وكان لها دور كبير في تغطية تلك التظاهرات كما أسس جوهر “حركة الشباب الوطنية من أجل الحرية والديمقراطية” “qeerroo” التي تطالب بتحقيق الحكم الذاتي في مناطق الأورومو والمشاركة الفعالة في الحكم الاتحادي.

ويعود الخلاف بين الجانبين «أبي أحمد – جوهر محمد» إلى زعم كل طرف أنه السبب في وصول الآخر إلى مكانته السياسية؛ فجوهر يعتبر أن جهوده في المعارضة والاحتجاجات هي من أوصلت أبي أحمد إلى السلطة، وفي المقابل يرى أبي أحمد أن سياسة (العفو) التي انتهجها هي من أتاحت الفرصة لجوهر.

بدأ التراشق بين الطرفين حينما انتقد جوهر سياسات أبي أحمد واصفًا إياها بالديكتاتورية، ويقصد هنا السياسات الخاصة بدمج الأحزاب في الائتلاف الحاكم، وفي المقابل وجّه أبي أحمد اتهامات لجوهر بالعبث باستقرار البلاد، فضلًا عن تسخير العديد من البرامج التليفزيونية والإذاعية الهادفة إلى اغتيال جوهر محمد معنويًّا، فعادة ما يتم وصم جوهر بأنه راديكالي إسلامي يهدف إلى إقامة دولة الخلافة في إثيوبيا، ومؤخرًا أعلن جوهر نيته للترشح في الانتخابات البرلمانية 2020 دون أن يسمي الحزب السياسي الذي سيخوض غمار الانتخابات من خلاله.

  • غموض مستقبل الحزب الواحد: مؤخرًا وافقت الأحزاب المكونة للجبهة الثورية على وثيقة من شأنها تحويل الائتلاف الحاكم إلى حزب سياسي موحد، يرتقي فوق الأسس الإثنية التي أنشئت عليها الجبهة الثورية، ورحبت الأحزاب المكونة للجبهة بتلك الخطوة ما عدا جبهة تحرير التيجراي التي ترفض فكرة الاندماج في حزب واحد، باعتباره أمرًا غير قانوني، ووسيلة من أجل هيمنة الأورومو والأمهرا على السلطة والإطاحة بالتيجراي تمامًا من مشهد السلطة السياسية في البلاد.

كما لم تلق فكرة إنشاء حزب واحد حاكم قبولًا لدى بعض الأوساط الشعبية الأورومية التي يمثلها جوهر محمد؛ نظرًا لتعاظم فكرة الاستقلالية في تلك الأوساط، والمطالبة بتحقيق الاستقلال الذاتي لأوروميا من ناحية، وتحويل نظام الحكم إلى اتحادي يعطي المزيد من الاستقلالية للمكونات الداخلية فيه.

وأخيرًا.. يتضح من السابق أن سياسات أبي أحمد الداخلية خلال السنة الماضية لم تكن ناجعة بما يكفي لاستئصال أزمة الفيدرالية الإثنية في البلاد؛ فالأوساط الشعبية الأورومية ما زالت تنظر بعين الحذر والارتياب لأبي أحمد، ولم تنس ماضيه السياسي كونه أحد أعضاء الجبهة الثورية التي كان يتزعمها ميليس زيناوي، كما أن حركة تحرير التيجراي تتزايد لديها التخوفات من تحركات أبي أحمد، وتتوجس من أن تكون تلك السياسات هدفها إقصاء التيجراي تمامًا عن المشهد السياسي، ومؤخرًا تصاعدت العديد من النبرات الانفصالية داخل التيجراي مطالبة ببدء تكوين الدولة التيجرانية الكبرى.


[i]. تعود قصة تلك المعاهدة إلى نهاية القرن التاسع العاشر، وتحديدًا في عام 1898 حين نجحت الحملة الإنجليزية المصرية في دخول السودان واستعادة أم درمان وإسقاط الدولة المهدية، ما دفع الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني إلى استغلال حالة الفوضى في ذلك الوقت والتوغل في منطقة شرق السودان خاصة في بني شنقول والقضارف، بحجة تأمين الطرق التجارية، الأمر الذي دفع بريطانيا إلى عقد معاهدة 1902 مع أديس أبابا، وتم بموجبها الاعتراف بسيادة إثيوبيا على بني شنقول في المقابل الانسحاب من القضارف وعودتها للمملكة المصرية.

[ii]. من الأمور المثيرة في أزمة الفيدرالية الإثنية هو حالة الانفصال الإقليمي بين الأقاليم الإثيوبية؛ فمثلا يعد الأوروميون المقيمون في شمال مدينة غندار الأمهرين أجانب، وكذلك الأمهريون المقيمون في المناطق الأورومية، وفي الانتخابات لا يعد بالتصويت خارج الإقليم الذي ينتمي إليه الفرد، ولعل التقسيم المبالغ فيه للمناطق الإثنية يعزز من قيم الانفصال لدى الجماعات الإثنية المختلفة، وأبلغ تعبير عن تنامي الشعور الانفصالية لدى الجماعات الإثنية هو تعبير الزعيم الأورومي المعارض “جوهر محمد”: إن “إثيوبيا خارج الأورومو”.

[iii]. كما تهيمن جماعة التيجراي على الاقتصاد الإثيوبي من خلال شبكة معقدة من الشركات الاستثمارية التي تعمل في مجالات الإنشاءات والاتصالات والكهرباء والصناعات المعدنية، والأهم من ذلك نجحت هذه الشركات في إنشاء تكتل اقتصادي فيما بينها تحت مسمى ” الصندوق الوقفي لإعادة تأهيل إقليم تيجرايEFFORT”، حيث يسيطر هذا الصندوق (12 شركة) بشكل كامل على الاقتصاد الإثيوبي وفرص الاستثمار فيه.

[iv]. رغم حالة العداء الظاهري بين أبي أحمد وحركة تحرير التيجراي إلا أنه يظل منتميًا سياسيًّا وثقافيًّا إلى النظام السياسي الذي أسسته جبهة تحرير التيجراي؛ فأبي أحمد تدرج في صفوفه وظيفيًّا في مؤسسات الدولة حتي أصبح مسئولًا عن الأمن والمعلومات في وزارة الدفاع الإثيوبية.

[v]. تعود بداية تلك الأحداث إلى تغريدة نشرها جوهر محمد على صفحته الخاصة تفيد بإقدام الشرطة الفيدرالية بسحب الحراسة الخاصة به ليلًا، الأمر الذي قد يعرض حياته للخطر والاغتيال، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات عنيفة في محيط أديس أبابا، متهمين الحكومة الفيدرالية بمحاولة اغتيال جوهر محمد، وقُتل خلال تلك الأحداث أكثر من 80 شخصًا من الأورومو، وفي تلك الاحتجاجات تم حرق كتاب أبي أحمد “فلسفة مدمر” في إشارة إلى تدني شعبية أبي أحمد في الأوساط الأورومية.