كتب – حسام عيد
أفاد تحليل صدر في 27 أبريل 2023 عن شبكة وورلد ويذر أتريبيوشن (WWA)، بأن الجفاف الذي جعل حوالي 4.35 مليون شخص في منطقة القرن الأفريقي في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية لم يكن ليحدث لولا تغير المناخ.
وعانت إثيوبيا وكينيا والصومال من خمسة مواسم شحيحة المطر منذ أكتوبر 2020، ووصفتها منظمات الإغاثة بأنها “أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما”.
وتشير تقديرات إلى وفاة 43 ألف شخص في الصومال وحدها خلال 2022 نتيجة أسوأ موجة جفاف تشهدها المنطقة منذ أربعة عقود، ومن المتوقع أن يواجه نحو 6.5 مليون صومالي مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بحسب الأمم المتحدة.
وتسعى منظمة الأمم المتحدة للحصول على 2.6 مليار دولار كمساعدات للصومال، لم تجمع منها سوى 15%.


الاحتباس الحراري عامل رئيسي
والأسباب المؤدية للجفاف معقدة، لكن فريقا من علماء المناخ الدوليين من مجموعة وورلد ويذر أتريبيوشن (دبليو.دبليو.إيه) وجد أن زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تجعل حدوث الجفاف أكثر احتمالا بما لا يقل عن 100 مرة.
وقالت جويس كيموتاي، عالمة المناخ في هيئة الأرصاد الجوية الكينية والتي عملت مع مجموعة (دبليو.دبليو.إيه) لاستكشاف دور تغير المناخ في الجفاف، إن “تغير المناخ جعل هذا الجفاف استثنائيا”، حسبما أوردت “رويترز”.
ووجدت هي وفريقها أنه في عالم تقل فيه الحرارة 1.2 درجة مئوية، فإن اجتماع قلة هطول الأمطار والتبخر “لن يؤدي إلى الجفاف على الإطلاق”.
وأكدت الشبكة أن التغير المناخي يغير بشكل متناقض موسمي الأمطار. فالموسم الأكثر وفرة بين مارس ومايو “يصبح أكثر جفافًا والنقص في التساقطات أكثر ترجيحا بمرتين” مقارنة بالسابق في حين أن “موسم الجفاف الصغير يصبح أكثر رطوبة”.
لكن في السنوات الأخيرة “هذا الميل إلى الرطوبة في الموسم الصغير حجبته ظاهرة إل نينيا المناخية الدورية” التي تخفض الأمطار المدارية والتي لا تتوافر أدلة إلى الآن على أنها أثرت على التغير المناخي البشري المنشأ.
ويسهم ارتفاع درجات الحرارة العالمية في حدوث جفاف زراعي في منطقة “القرن الأفريقي”، إذ إن درجات الحرارة المرتفعة تجعل الرطوبة تتبخر من التربة، ما يؤدي إلى تدمير المحاصيل والمراعي في منطقة يعتمد فيها أكثر من نصف عدد سكانها بشكل مباشر أو غير مباشر على الزراعة والثروة الحيوانية لكسب لقمة عيشهم.
وفيما تسببت أزمة المناخ في جعل الجفاف أكثر تواتراً وأشد تطرفاً في تلك المنطقة من أفريقيا، فهو يضاف إلى سلسلة من نقاط الضعف الأخرى، كالصراعات في المنطقة وحال عدم الاستقرار السياسي فيها والفقر.
وخلص العلماء إلى ان “الاضطرابات المناخية شرط ضروري لحدوث جفاف بهذه الخطورة”.


صدمات متتابعة بأفق منطقة القرن الأفريقي
وقال عالم المناخ كريس فانك من جامعة كاليفورنيا – سانتا باربرا والذي لم يشارك في التحليل “إذا كانت هناك احتمالية مضاعفة لحدوث جفاف شديد، فإن ذلك يمهد الطريق لهذه الصدمات المتتابعة التي دمرت المنطقة”.
وبالإضافة إلى قلة هطول الأمطار على منطقة القرن الأفريقي، فإن ارتفاع درجة حرارة المناخ يعني أن المزيد من المياه تتبخر من التربة وتتسرب من النباتات إلى الغلاف الجوي.
وقالت كيموتاي “هذا الجفاف يرجع في الأساس إلى الزيادة الكبيرة في عملية التبخر الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة”.
وأضافت أنه على الرغم من التنبؤات الأولية بضعف موسم الأمطار السادس، فإن المنطقة تشهد الآن بعض الأمطار.


تهديد بمجاعات “أقسى”
وفي فبراير، حذّر برنامج تابع لمنظمة إقليمية في شرق أفريقيا من أنّ الجفاف الحادّ الذي يعانيه القرن الأفريقي مرشّح للتفاقم هذا العام ممّا يهدّد المنطقة بمجاعة أقسى من تلك التي تسبّبت بمئات آلاف الوفيات قبل عقد من الزمن.
وقال “مركز التوقّعات والتطبيقات المناخية” في “الهيئة الحكومية للتنمية” (إيجاد)، المنظمة التي تضم 8 دول في شرق أفريقيا، في تقرير إن التوقعات خلال موسم الأمطار المقبل (مارس – مايو) “تظهر انخفاضاً في كمية المتساقطات وارتفاعاً في درجات الحرارة”.
وتأتي هذه التوقعات لتؤكد مخاوف خبراء الأرصاد الجوية ووكالات الإغاثة الإنسانية من أنّ هذا الجفاف، غير المسبوق من حيث المدّة والشدة، يمكن أن يتسبّب بسرعة في كارثة إنسانية.
وفي تقريره قال المركز إنّه “في بعض أجزاء إثيوبيا وكينيا والصومال وأوغندا والتي تضررت مؤخرًا بشدة من الجفاف، يمكن أن يكون هذا موسم الأمطار الجهيض السادس على التوالي”.
فيما تفيد الأمم المتحدة أن 22 مليون شخص باتوا مهددين بالجوع في إثيوبيا وكينيا والصومال.
إن الوضع الحالي يصنف على أنه “جفاف استثنائي” وهو مستوى الانذار الرابع والأخير على سلم التصنيف الأمريكي. وكان هذا الوضع غير مرجح في السابق إلا أن ثمة احتمال بنسبة 5 % أن يتكرر سنويا الآن.