كتب – حسام عيد
يسير قطاع صناعة السيارات في المغرب بثبات وخطوات مضنية وناجحة ضمن خطة للتطور الاقتصادي والصناعي، كما تتجه المملكة اليوم نحو الاعتماد تدريجيًا على السيارات الكهربائية بحلول نهاية العقد الحالي.
وتعد صناعة السيارات ثاني أكبر القطاعات المصدرة في المملكة، إذ بلغت مبيعاتها لعام 2022 حتى نهاية نوفمبر الماضي 9.6 مليار دولار.


إنتاج مليوني سيارة بحلول 2030
يطمح المغرب لمضاعفة قدرته الإنتاجية السنوية إلى مليوني سيارة بحلول عام 2030، من 700 ألف حاليًا، بحسب وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، في فيديو نشره على منصة “لينكد إن”، ردّ فيه على التساؤلات حول آفاق القطاع الصناعي بالبلاد.
وكشف “مزو” عن قُرب توقيع اتفاقية استثمارية بقيمة 50 مليون يورو لإنشاء مصنع مخصص لإنتاج علامة محلية للسيارات بطاقة إنتاجية تناهز 3000 سيارة في العام، على أن يصل الرقم إلى 20 ألفًا بعد 4 سنوات، ليُضاف إلى مصانع شركتي “رينو” و”ستيلانتيس” التي تبلغ طاقتها الإنتاجية الإجمالية الحالية 700 ألف سيارة في السنة، منها 50 ألف سيارة كهربائية، كما أورد موقع قناة “الشرق” للأخبار.
ويُرتقب أن ترتفع القدرة الإنتاجية للمغرب إلى مليون سيارة بغضون السنوات الثلاث المقبلة، مع ضخّ شركة “ستيلانتيس” مؤخرًا لاستثمار جديد بقيمة 300 مليون يورو، سيسهم بمضاعفة قدرة إنتاج مصنعها بمدينة القنيطرة إلى 400 ألف سيارة.
فيما أوضح وزير الصناعة المغربي أن حصة السيارات الكهربائية من إجمالي الإنتاج سيحدّدها حجم الطلب، لاسيما من السوق الأوروربية المستورد الرئيسي للسيارات المصنّعة في المملكة، والتي أعلنت أنها لن تستورد بعد عام 2035 إلا المركبات الكهربائية.
ويجري حاليًا بمصانع “ستيلانتيس” في المملكة إنتاج السيارتين الكهربائيتين “ستروين أمي” (Citroën Ami) و”أوبل روكس إي” (Opel Rocks-E)، ويُصدَّر الإنتاج بمعظمه إلى الأسواق الأوروبية. فيما تنتج شركة “رينو” سيارة كهربائية باسم “موبلايز ديو” (Mobilize DUO).
وكان الملياردير المصري نجيب ساويرس، الرئيس التنفيذي لشركة “أوراسكوم للاستثمار”، أبدى استعداده لضخّ حتى 100 مليون دولار في المغرب للاستثمار بشحن السيارات الكهربائية وصناعة البطاريات.
بينما أضاف وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، أيضًا، أن نسبة المكوّن المحلي بصناعة السيارات في المغرب تبلغ حاليًا 69%، والهدف هو الوصول إلى 80% في 2030. وشهد القطاع في الأشهر الماضية استقطاب استثمارات أجنبية مهمة، أبرزها “سوميتومو” اليابانية التي أعلنت عن إنشاء 9 مصانع جديدة حتى 2028، باستثمار إجمالي يبلغ 190 مليون دولار لإنتاج الأجهزة الإلكترونية للسيارات.


مبيعات قوية وسط تحديات عالمية متشعبة
أما مبيعات قطاع السيارات فقد واصلت أداءها الجيد على الرغم من الظروف والتحديات الاقتصادية الدولية، وذلك بتحقيق صادرات بنحو 100.3 مليار درهم (9.6 مليار دولار) في نهاية شهر نوفمبر الماضي، بنمو ناهز 35% على أساس سنوي.
وأوضح مكتب الصرف المغربي في مؤشراته الشهرية الأخيرة للمبادلات الخارجية، أن هذه الصادرات تتجاوز لأول مرة عتبة 100 مليار درهم.
بينما کشف تقرير صادر عن وكالة “فولكس 2 موف” الأمريكية لأبحاث سوق السيارات، أن ثلاث دول عربية، من بينها المغرب، استحوذت على أكثر من نصف إجمالي مبيعات السيارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال الأشهر التسعة الأولى من 2022.
ووفقا للتقرير الذي صدر في 30 ديسمبر الماضي، فإن حصة المغرب من إجمالي مبيعات السيارات في الدول العربية بلغت 10%، خلال الفترة ما بين يناير وسبتمبر من السنة الماضية، وذلك مقابل 10.7% خلال نفس الفترة من 2021.
وأظهر التقرير ذاته، أن المغرب احتل المرتبة الأولى على مستوى شمال أفريقيا، والمرتبة الثالثة في قائمة الدول العربية الأكثر بيعًا للسيارات، خلال الأشهر التسعة الأولى من 2022؛ حيث تمكن من بيع حوالي 120.9 ألف سيارة.
نموذج ملهم.. وقيمة مضافة “تنافسية”
وتظهر التجربة المغربية كنموذج مشجع، مكّن المغرب من استقطاب كبرى شركات تصنيع السيارات الأجنبية، ورفع نسبة المكونات المحلية في هذه الصناعات، عبر تطوير صناعات قطع السيارات نفسها.
وعلى مدى السنوات الماضية، كانت قيمة صادرات المغرب من السيارات وقطع السيارات ترتفع تدريجيا، بالاستفادة من المزايا التنافسية التي يمتلكها المغرب في هذا المجال، وبحسب خطة الدولة لتطوير هذا القطاع والاستفادة منه.
فعلى مدى السنوات الثمانية الماضية، مثّلت السيّارات المنتج الأوّل في المغرب، من ناحية حجم الصادرات إلى الخارج. خلال النصف الأوّل من 2022، بلغ حجم هذه الصادرات حدود 5.4 مليار دولار، مقارنة بـ4.18 مليار دولار خلال الفترة نفسها من 2021، و3.05 مليار دولار من العام 2020.
بمعنى آخر، لم تعد السيّارات رافعة لحجم الصادرات المغربيّة فقط، بوصفها المنتج الأكثر تصديرًا للخارج، بل باتت قطاعًا واعدًا يحظى بمعدلات نمو مرتفعة وسريعة في كل سنة. مع الإشارة إلى أنّ حجم صادرات السيّارات في النصف الأوّل من العام الحالي كان يوازي 20% من إجمالي صادرات البلاد، ما يشير إلى مساهمة هذه الصناعة في الميزان التجاري للبلاد.
وبما أن المغرب طور بالفعل سلاسل التوريد التي تخدم هذا القطاع، وتزيد من المكوّنات المحلية التي تدخل في صناعة السيارات، تمكّنت البلاد من زيادة مساهمة هذه الصناعة من الناتج المحلي، فبحلول 2023، من المتوقع أن ترتفع مساهمة قطاع السيارات في الناتج المحلي المغربي إلى حدود 24%، ما سيعني أنّ هذا القطاع سيكون مسؤولًا عن نحو ربع النشاط الاقتصادي في البلاد وقيمة الدخل فيها.

وختامًا، لقد أصبح الرهان اليوم في المغرب على السيارات الكهربائية، خاصةً أن البرلمان الأوروبي قرر عزل السيارات التي تعمل بالوقود، والتي تتسبب في تلوث الجو.
وعلى أرض الواقع، أصبح تصدير السيارات هو الأهم للمغرب، وفي 2023 سيكون هناك قيمة مضافة لبيع السيارات؛ إذ سيتشكل ربع اقتصاد المغرب من صناعة السيارات.