كتب – حسام عيد
هبوط عنيف شهدته بورصات العالم خلال جلستي الجمعة والإثنين الموافقين 2 و5 أغسطس 2024 على الترتيب، وسط موجة بيعية حادة محت أكثر من 3 تريليونات دولار من القيم السوقية لأسواق الأسهم.
نزيف الخسائر الضخم نتج في الأساس عن عدة عوامل اقتصادية، يأتي على رأسها تنامي المخاوف من ركود أمريكي محتمل بعد تقرير الوظائف الأسبوعي المخيب للآمال، وارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.3% في يوليو 2024 مقارنة بمعدل 4.1% في يونيو، في إشارة على ضعف سوق العمل.
بالإضافة إلى تأخر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “البنك المركزي” في خفض الفائدة والتي لا تزال عند معدلات مرتفعة في نطاق 5.25-5.5%، وهي الأعلى في عقدين.
في الوقت نفسه، شهد قطاع التكنولوجيا، الذي كان لفترة طويلة المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد الأمريكي، أداءً ضعيفًا، إذ أعلنت شركات عملاقة مثل “إنتل” عن نتائج مالية مخيبة للآمال، بينما شهدت أسهم شركة “أبل” موجة بيع كبيرة، ما أدى لتراجع حاد في أسهم شركات التكنولوجيا التي كانت تتداول بتقييمات مرتفعة تاريخيًا.
أما الضربة القاضية فقد جاءت من اليابان؛ إذ رفع البنك المركزي الياباني بشكل مفاجئ أسعار الفائدة من 0.1% إلى 0.25%، ورغم أن هذه الزيادة تبدو طفيفة، إلا أنها أحدثت زلزالًا في الأسواق العالمية، إذ اعتاد المستثمرون لسنوات على الاقتراض بأسعار فائدة شبه معدومة “فائدة سلبية” من اليابان واستثمار هذه الأموال في أصول أكثر ربحية في أماكن أخرى، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع قيمة الين، أصبحت هذه الاستراتيجية غير مجدية، ما دفع المستثمرين إلى بيع أصولهم في جميع أنحاء العالم لتغطية خسائرهم في الين، واللجوء إلى أصول الملاذات الآمنة كالسندات وأذون الخزانة والذهب.


الانهيارات نتج عنها تخارجات وتصفية كبيرة ومتسارعة للمراكز المالية في أسواق الأسهم، بداية من هبوط مؤشر “نيكاي” الياباني لأدنى مستوى منذ 1987 وتكبده نحو 620 مليار دولار، ومرورًا بارتفاع مؤشر “الخوف في وول ستريت” أو “فيكس” الذي يقيس التقلبات في سوق الأسهم الأمريكي بشكل حاد للغاية بلغ 180% خلال تعاملات الإثنين 5 أغسطس 2024، وسط موجة بيعية واسعة النطاق في الأسواق العالمية، ووصولًا إلى خسارة وول ستريت أكثر من 2 تريليون دولار.
تداعيات انهيار البورصات العالمية جاءت مفزعة وواسعة النطاق حيث امتدت إلى اقتصادات مختلفة حول العالم، وهنا في التقرير التالي سنستعرض كيف تأثرت وتفاعلت الأسواق الأفريقية مع الموجة البيعية الجامحة والخسائر الكبيرة للأسهم العالمية.


خسائر تطال البورصة المصرية والجنيه.. والاقتصاد المصري يبدي مرونة في تجاوزها
ما بين تراجع الجنيه لأدنى مستوياته منذ شهر مارس الماضي وانخفاض المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، أصبحت السوق المصرية هي الأخرى ضحية موجة بيع الأسهم العالمية.
وقد تراجع الجنيه أمام الدولار إلى مستوى 49.2 -وهو أدنى مستوى له منذ مارس- بينما انخفض المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 بنسبة 2.3% ليغلق عند 27.8 ألف نقطة أمس، وفقا لبيانات السوق، بختام تعاملات جلسة الإثنين 5 أغسطس 2024.
السبب الرئيسي لتراجع قيمة الجنيه يتمثل في تزايد مخاوف المستثمرين بشأن دخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة الركود، بعد قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير على خلفية المؤشرات السلبية للاقتصاد، بما في ذلك ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ معدلات نمو القطاع الصناعي والسلع المعمرة.
كما أن انكماش الطلب واضطراب البورصات دفع المستثمرين الأجانب في الأسواق المتقدمة والناشئة إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة. وتأثر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار جزئيا بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة والتي هوت بأسعار النفط بنحو 10 دولارات للبرميل.
لكن خفض سعر الفائدة على الدولار سيحفز تدفقات الاستثمار الأجنبى فى أوراق الدين العام وبالتالي يزيد المعروض من الدولار، وبالتالي عودة الجنيه إلى مدى متوسطه السابق قبل تلك الأحداث بين 47-48 جنيها لكل دولار، فالأسواق الناشئة مثل مصر تظهر مرونة نسبية، على الرغم من تأثرها إلى حد ما.


انخفاض طفيف للبورصة النيجيرية
أما في نيجيريا، فقد انضمت سوق الأسهم، خلال جلسة تعاملات الإثنين 5 أغسطس الجاري، إلى خسائر البورصات العالمية؛ حيث انخفض المؤشر الرئيسي (NGX ASI)، بنسبة 0.17% ليغلق عند 97582.41 نقطة.
وقد أدى هبوط بنسبة 5.95% أو ما يعادل 11.30 نايرا للسهم الواحد في شركة “إم تي إن نيجيريا للاتصالات” إلى انخفاض القيمة السوقية للبورصة النيجيرية بمقدار 92 مليار نايرا (57.040 مليون دولار).
وعلى الرغم من الانخفاض الطفيف في سوق الأسهم المحلية بنيجيريا، يعتقد المحللون أن الأمر لا علاقة له بانهيار الأسهم العالمية، حيث يبدو أن المضاربين على الهبوط في شركة الاتصالات “إم تي إن”، لم يكونوا مرتبطين بالتدفقات الأجنبية ولكن تفاقمت الأمور بسبب التحديات التي واجهت تقديم الخدمات خلال الأسبوع الماضي، كما أورد الموقع النيجيري “تريبيون أونلاين”.


تعثر أسهم جنوب أفريقيا.. لكن الانكشاف على الانهيار العالمي محدود
فيما تعثرت أسهم وعملة جنوب أفريقيا “الراند”، مع تدهور معنويات المستثمرين العالميين تجاه الأصول ذات المخاطر العالية بسبب المخاوف المتزايدة بشأن الركود المحتمل في الولايات المتحدة.
وفي بورصة جوهانسبرج، انخفض مؤشر أفضل 40 شركة، وهو المقياس الأوسع لأداء سوق الأسهم في جنوب أفريقيا، بنحو 2.3%، مما يعكس عمليات البيع في أسواق الأسهم العالمية، بحسب ما أورد الموقع الأمريكي “سي إن بي سي”.
أما مؤشر بورصة جوهانسبرغ لجميع الأسهم، بأكثر من 2% في التعاملات اللحظية، لكنه نجا من أسوأ عمليات البيع لأنه ليس منكشفًا بشكل كبير على شركات التكنولوجيا الكبرى، كما أفاد الموقع الجنوب أفريقي “بيزنس لايف”. وأغلق المؤشر على تراجع بنسبة 1.19% عند 79577 نقطة، متأثرا بتراجع المعادن، مع تراجع الموارد والمعادن الثمينة والصناعية بنحو 2%.
وتراجع الراند إلى أضعف مستوى له منذ شهرين تقريبًا، مما أدى إلى محو بعض المكاسب التي حققها بعد الانتخابات العامة في مايو؛ حيث انخفض بنسبة 1.36% ليصل إلى 18.54 راند للدولار الواحد.