إعدادد.جيهان عبد السلام

أستاذ الاقتصاد المساعد – كلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة.

قام البنك الوطني المركزي بتعويم لعملة الدولة ( البير الإثيوبي Ethiopian Birrs) يوم 29 يوليو 2024،  كإجراء رئيسي ضمن برامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو عبارة عن مجموعة من السياسات الاقتصادية التي تتضمن إجراءات اقتصادية تحررية تخفف من التدخل الحكومي في قطاعات معينة من الاقتصاد، وتعزز قوى السوق بدلاً من ذلك. ويُعد اعتماد نظام سعر صرف مرن جزءًا من خطة التحرير الاقتصادي، حيث تحدده قوى السوق (العرض والطلب)، وليس السلطات النقدية، قيمة العملة.

ويمثل هذا التحول خطوة مهمة في خطة إثيوبيا نحو الإصلاح الاقتصادي، ومن أجل استيفاء شرط رئيسي لتأمين الدعم المالي من صندوق النقد الدولي، فبعد ساعات من تعويم العملة، حصلت إثيوبيا على صفقة تمويل جديدة بقيمة 3.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، مع صرف فوري بقيمة مليار دولار أمريكي. وأعقبه البنك الدولي بتعهده بتقديم تمويل بقيمة 16.6 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بما في ذلك منحة بقيمة مليار دولار أمريكي من المؤسسة الدولية للتنمية وقرض ميسر بقيمة 500 مليون دولار أمريكي[1]. وهي خطوة أكد المسؤولون بوزارة المالية الإثيوبية أنها ستمهد الطريق لاستكمال إعادة الاستقرار الاقتصادي خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة. كما دافع رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد”عن التحول إلى سعر صرف تحدده السوق، قائلا إنه “يهدف إلى سد الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء، ولا يصل إلى حد تخفيض قيمة العملة، فضلا عن معالجة النقص المستمر في العملات الأجنبية”، ووفقًا لوزير المالية الإثيوبي ومحافظ البنك الوطني، فإن نظام سعر الصرف المعوَّم يهدف إلى تعزيز سوق صرف أجنبي أكثر مرونة وشفافية، والذي من المتوقع أن يجذب الاستثمار الأجنبي ويحفِّز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.[2]

ومن هذا المنطلق، تتعرض تلك الدراسة بالتحليل لما مر به البير الإثيوبي من مراحل نحو التخفيض والتحرير، مع تسليط الضوء على دوافع هذا التعويم الأخير، وما سينتج عنه من تداعيات على الجانب الاقتصادي سواء كانت إيجابية أو سلبية.

أولاً – التخفيضات التاريخية للبير الإثيوبي:

نفذت إثيوبيا عدة تخفيضات في قيمة البير استجابة للضغوط الاقتصادية والاختلالات الخارجية. وفيما يلي أهم تلك التخفيضات:-

  • تخفيض قيمة العملة عام 1992: بعد نهاية نظام الدرج، خفضت الحكومة الانتقالية قيمة البير بنحو 142%، وانتقلت من سعر صرف ثابت إلى تعويم مُدار. وكان ذلك جزءًا من إصلاحات اقتصادية أوسع نطاقًا لتحرير الاقتصاد وجذب المساعدات والاستثمارات الأجنبية.
  • تخفيض قيمة العملة عام 2010: استجابة لارتفاع التضخم واتساع العجز التجاري، قام البنك الوطني الإثيوبي بتخفيض قيمة البير بحوالي 17% مقابل الدولار الأمريكي. ويهدف هذا التخفيض إلى تعزيز القدرة التنافسية للصادرات ومعالجة نقص النقد الأجنبي.
  • تخفيض قيمة العملة في عام 2017: تم تخفيض قيمة البير بنسبة 15% للحد من السوق الموازية للعملة الأجنبية وتحسين وضع ميزان المدفوعات. ورافق هذه الخطوة تدابير لتعزيز كفاءة سوق الصرف الأجنبي وزيادة توافر العملات الأجنبية [3].

وكان لهذه التخفيضات آثار إيجابية وسلبية على الاقتصاد الإثيوبي. وشملت الآثار الإيجابية تعزيز القدرة التنافسية للصادرات من خلال البضائع الإثيوبية الأرخص في الأسواق الدولية، وزيادة عائدات التصدير، وتشجيع تنمية الصناعات الموجهة للتصدير وتنويع القاعدة الاقتصادية. مما يسهم فى تحسين الميزان التجاري. ومع ذلك، فقد أدت أيضًا إلى زيادة تكلفة خدمة الديون المقومة بالخارج، مما يشكل تحديات أمام الإدارة المالية للحكومة، فضلًا عن زيادة أسعار الواردات، مما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم وكان له تأثير مباشر على تكاليف المعيشة وتآكل القوة الشرائية للمستهلكين [4].

– التعويم الكامل للبير الإثيوبي 2024: كانت إثيوبيا تعمل وفقا لنظام التعويم المدار، وفي عام 2019، أعلن البنك الوطني الإثيوبي عن خطط للانتقال إلى نظام سعر صرف مرن بالكامل ويحدده السوق لتعزيز القدرة التنافسية للأسعار وجذب زيادة الصادرات وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. ومع ذلك، فقد تأخر تنفيذ هذه الخطة، وفي عام 2023، انخفض متوسط ​​سعر الصرف الرسمي إلى حوالي 55 بيرًا لكل دولار أمريكي، في حين تم تداول السوق الموازية بسعر 108 بير لكل دولار أمريكي[5].

وفي 29 يوليو 2024، تم التعويم الكامل للبير الإثيوبية، ويعني أن قيمة العملة ستحدد بالكامل بناءً على قوى العرض والطلب في السوق، دون تدخل من البنك المركزي الإثيوبي لتثبيت سعر الصرف.وسرعان ما فقد البير الإثيوبي منذ ذلك الحين 31.5% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، ليتم تداوله عند 83.94 بيرًا للدولار، مع توقع المزيد من الانخفاضات[6].

شكل رقم (1) سعر الصرف الرسمى للدولار الأمريكي مقابل البير الإثيوبي خلال الفترة (2022-2024)

Source: CredenDo , ” ETHIOPIA: THE FLOATING OF THE BIRR UNLOCKS BADLY NEEDED IMF SUPPORT”, AUgust.2024 , available at:
https://credendo.com/en/knowledge-hub/ethiopia-floating-birr-unlocks-badly-needed-imf-support

ثانيًا – دوافع التوجه نحو تعويم البير الإثيوبي:

برزت إثيوبيا كواحدة من أسرع الاقتصادات نموا في القارة، إذ بلغ متوسط  النمو السنوي حوالي 9%. مع تجاوز عدد السكان 120 مليون نسمة، وتظل الأنشطة الاقتصادية في إثيوبيا زراعية في الغالب، مما يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وفرص العمل. كما كان هذا النمو القوي مدفوعا في المقام الأول بالاستثمارات العامة الكبيرة في البنية التحتية، وتطوير المناطق الصناعية، وقطاع الخدمات.

وعلى الرغم من أرقام النمو المرتفعة نسبياً، يواجه الاقتصاد الإثيوبي العديد من التحديات المستمرة، بما في ذلك العجز التجاري المستمر حيث تجاوزت الواردات الصادرات باستمرار. وفي عام 2023، بلغ العجز التجاري لإثيوبيا حوالي 15 مليار دولار[7]، مما يعكس خللًا كبيرًا في التوازن بين قيمة السلع والخدمات المستوردة والمصدرة، إذ تعتمد قاعدة صادرات البلاد بشكل كبير على المنتجات الزراعية مثل القهوة وبذور السمسم والماشية. وتعتمد إثيوبيا بشكل كبير على واردات السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك الآلات والوقود والمدخلات الصناعية. ويؤدي هذا الاعتماد إلى تفاقم العجز التجاري، حيث لا تستطيع الدولة إنتاج هذه السلع محليا. وأدى سعر الصرف المبالغ في تقديره إلى انخفاض القدرة التنافسية للصادرات الإثيوبية، مما جعل من الصعب توسيع أسواق التصدير وزيادة الإيرادات، هذا فضلا عن النقص المزمن في احتياطيات النقد الأجنبي. يضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات التضخم لتصل إلى ما يتجاوز ال30% خلال عام 2023 كما هو موضح بالشكل رقم (2)، وهي نتيجة لعدة عوامل منها ارتفاع أسعار الغذاء، والتحديات الاقتصادية المحلية، وتداعيات النزاعات الإقليمية والصدمات الاقتصادية العالمية.[8] يضاف إلى التحديات السابق عرضها أن المرونة المحدودة لسعر الصرف أعاقت أيضًا قدرة البلاد على الاستجابة للتغيرات في ظروف السوق العالمية وقد فرض التقاء هذه العوامل ضغوطا كبيرة على استقرار الاقتصاد الكلي في إثيوبيا، مما يستلزم إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة لضمان النمو المستدام.

شكل رقم (2) معدلات التضخم السنوية في إثيوبيا خلال الفترة (1970-2023)

Source: The World Bank ,Inflation, consumer prices (annual %) – Ethiopia , available at:

https://data.worldbank.org/indicator/FP.CPI.TOTL.ZG?locations=ET

 وجدير بالذكر هنا أن نظام سعر الصرف الثابت وفر العديد من الفوائد لإثيوبيا، بما في ذلك الاستقرار، والسيطرة على التضخم، وتسهيل التجارة. كما يوفر سعر الصرف المستقر اليقين للشركات والمستثمرين، مما يقلل من مخاطر تقلبات أسعار الصرف التي تؤثر في المعاملات الدولية. ومن خلال الحفاظ على سعر صرف مستقر، حافظ البنك الوطني الإثيوبي على مستويات الأسعار المحلية وسيطر نسبيًا على التضخم، وهو أمر بالغ الأهمية لاستقرار الاقتصاد الكلي. ومع ذلك، على الرغم من هذه الفوائد، كان النظام الثابت يعاني من قيود كبيرة، بما في ذلك انخفاض مرونة السياسة النقدية والتعرض للصدمات الخارجية. وقد حد سعر الصرف الثابت من قدرة البنك المركزي على الاستجابة للظروف الاقتصادية المتغيرة، حيث كانت الأولوية هي الحفاظ على ربط العملة، وغالبًا ما يكون ذلك بتكلفة اقتصادية عالية، بدلاً من التركيز على النمو الاقتصادي للبلاد. كما ساهم نظام سعر الصرف السابق في إثيوبيا قبل التعويم، والذي يعتمد على أسعار الصرف التي يحددها البنك المركزي والقيود على الحساب الجاري، في النقص الحاد في النقد الأجنبي، وضعف نمو الصادرات، والمبالغة في تقدير قيمة البير الإثيوبي، وإنشاء سوق موازية حيث تم تداول البير بأكثر من ضعف سعره الرسمي. وكانت السلطات الإثيوبية مترددة في تعويم البير، خوفًا من الانخفاض المتوقع في قيمته والتداعيات الاقتصادية والسياسية التي قد يجلبها ذلك.

 ويُعد تحرك إثيوبيا نحو سعر صرف معوم، وإزالة القيود على الحساب الجاري، واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي لمدة أربع سنوات، تطورات كبيرة وينبغي لها أن تساعد في تخفيف النقص المزمن في النقد الأجنبي، وزيادة الاحتياطيات منه، واستعادة استقرار الاقتصاد الكلي. كما يتعلق بالقدرة على تحمل الديون الخارجية. ففي عام 2021، طلبت السلطات إعادة هيكلة الديون بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين. وتأخر التقدم في البداية بسبب الحرب الأهلية، التي انتهت عندما وقعت الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب تيجراي (TPLF) اتفاقًا في أواخر عام 2022. وفي أغسطس 2023، حصلت إثيوبيا على تعليق سداد الديون من الصين للقروض المستحقة في 2023-2023 والسنة المالية 2024. وتم التوصل إلى اتفاق مماثل مع الدائنين الثنائيين الآخرين لإثيوبيا وأعلن نادي باريس تعليق سداد الديون حتى نهاية عام 2024، بشرط توصل إثيوبيا إلى اتفاق إنقاذ أولي مع صندوق النقد الدولي بحلول نهاية مارس 2024. ومع ذلك، بعد انتهاء زيارة صندوق النقد الدولي لإثيوبيا دون التوصل إلى اتفاق في أوائل أبريل 2024، انقضى الموعد النهائي، وكذلك الموعد النهائي الذي تم تمديده في 30 يونيو للعام ذاته.

 والآن بعد أن تم التوصل إلى اتفاق أخيرًا، من المرجح أن يظل تعليق خدمة الديون لدائني نادي باريس قائمًا لبقية عام 2024. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا تخلفت عن سداد فائدة بقيمة 33 مليون دولار أمريكي على سنداتها الدولية الوحيدة في عام 2024. وستكون نفس سندات اليورو بقيمة مليار دولار أمريكي مستحقة السداد في نهاية هذا العام2024. ولا يتم تضمين ذلك في حالات تعليق خدمة الديون الممنوحة من الدائنين الرسميين ولكنها قد تتأثر بمبدأ المعاملة القابلة للمقارنة في حالة اتفاقية إعادة هيكلة الديون.

 كما يعكس سعر الصرف العائم ظروف السوق والأساسيات الاقتصادية، مما يعزز كفاءة تخصيص الموارد واكتشاف الأسعار. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية وجذب الاستثمار الأجنبي من خلال توفير الشفافية والقدرة على التنبؤ. ويسمح سعر الصرف المعوم بسياسة نقدية مستقلة. وعلى المدى الطويل، فإن إعادة الهيكلة الناجحة للديون الخارجية، التي تمر بضائقة حاليا، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، من شأنها أن تعمل على تحسين قدرة البلاد على سداد ديونها. ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه رفع تصنيفات المخاطر السياسية على المدى القصير وتصنيفات المخاطر السياسية على المدى المتوسط ​​إلى الطويل، حيث يبقى أن نرى ما إذا كانت السلطات ستفعل ذلك أم لا. ومدى قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الصعبة في ظل وضع سياسي داخلي صعب وبيئة خارجية أقل دعما.[9]

ثالثا – التداعيات المختلفة لتعويم البير الإثيوبي:

فى حين أن هناك جدلًا كبيرًا بشأن ضرورة هذا الإصلاح وآثاره المحتملة على الاقتصاد الإثيوبي، إلا أنه لم يمكن إنكار أن هذا التعويم من شأنه تحقيق بعض المزايا للاقتصاد الإثيوبي، في الوقت الذي يحمل معه أيضا عدة انعكاسات سلبية كما سيلي عرضه:-

  1. الانعكاسات السلبية:
  • ارتفاع تكاليف الاستيراد ومعدلات التضخم: مع خسارة البير لجزء كبير من قيمته، من المتوقع أن ترتفع تكلفة السلع المستوردة، ويمكن أن يؤثر ذلك على ربحية شركات الاستيراد والحد من قدرتها التنافسية، لا سيما بالنسبة للشركات التي تعتمد بشكل كبير على المدخلات المستوردة. وقد يؤدي هذا التحول إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية حيث يتكيف المشاركون في السوق مع النظام الجديد. وقد يحتاج المستوردون إلى المساعدة في الحصول على العملات الأجنبية بأسعار تنافسية، مما قد يؤثر على قدرتهم على استيراد السلع والخدمات الأساسية. فضلا عن حاجتهم إلى اعتماد استراتيجيات التحوط لإدارة مخاطر أسعار الصرف والحماية من تقلبات العملة. ويشمل ذلك استخدام الأدوات المالية مثل العقود الآجلة والخيارات والمقايضات للتخفيف من التعرض لتقلبات أسعار الصرف. ويؤدى كل ذلك إلى زيادة أسعار المواد الأساسية والمواد الخام وتفاقم التضخم، مما ينتج عنه  تآكل القوة للمستهلكين الإثيوبيين وزيادة تكاليف المعيشة [10]. وهذا يمكن أن يشكل تحديات للاستقرار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي. ولذلك، يتطلب سعر الصرف المعوم تنسيقا فعالا للسياسات النقدية والمالية لإدارة المخاطر المرتبطة به وضمان استقرار الاقتصاد الكلي. وقد يمثل هذا تحديًا بالنسبة للبلدان التي تعاني من ضعف القدرات المؤسسية أو أطر السياسات كما في حالة إثيوبيا[11] وهو ما دفع إثيوبيا الى أن تعهد حكومتها بتقديم إعانات للسلع الأساسية مثل البنزين وتقديم دعم إضافي للعمال ذوي الدخل المنخفض.[12] وفعليا، ووفقًا لموقع Insider إثيوبيا، ارتفعت أسعار السلع المستوردة مثل زيت الطهي والمعكرونة والحليب المجفف بشكل ملحوظ  بعد يوم واحد فقط من التعويم (30 يوليو2024). ونتيجة لارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة، قام التجار بزيادة أسعار السلع والخدمات المحلية؛ وبالتالي رفع المستوى العام للتضخم في البلاد. وهناك أيضًا تأثير مدخلات قطاعي التصنيع والخدمات في إثيوبيا اللذين يعتمدان بشكل كبير على الاستيراد بنسبة 40٪ تقريبًا. وهذا يعني أنه مع ارتفاع أسعار المدخلات المستوردة، فإن أسعار السلع المصنعة المنتجة في إثيوبيا ترتفع أيضًا. فعلى سبيل المثال، في صناعة النسيج، تستورد إثيوبيا القطن والمنسوجات والآلات والأصباغ وغيرها من المدخلات لصناعة الملابس. ولذلك، عندما يرتفع سعر هذه المدخلات المستوردة، يرتفع أيضًا سعر الملابس المصنعة في إثيوبيا. ويعتمد قطاع الخدمات، وخاصة النقل، بشكل شبه كامل على الاستيراد بسبب اعتماده على المركبات والوقود وقطع الغيار المستوردة. وبالمثل، فإن قطاع الرعاية الصحية، بوارداته من الأدوية والأدوات والمعدات، يعتمد أيضًا بشكل كبير على الاستيراد. وحتى الزراعة، باستخدامها للأسمدة والمبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والبذور المستوردة، تعتمد بشكل كبير على الواردات. وبالتالي، من المرجح أن يرتفع المستوى العام للأسعار في إثيوبيا بسبب انخفاض قيمة البير، مما يؤثر في مختلف قطاعات الاقتصاد.[13] كما كانت أغلب الشركات العقارية في أديس أبابا، التي تستورد العديد من المواد الخام وتجري المعاملات على أساس سعر الصرف الذي تحدده السلطات، من بين أولى الشركات التي قامت بتعديل أسعارها، فزادتها بنحو 30%.[14]
  • خسائر للشركات الاستثمارية: يمكن أن يؤدي سعر الصرف المتغير إلى تقلبات كبيرة، مما يزيد من عدم اليقين والمخاطر بالنسبة للشركات والمستثمرين. وهذا يمكن أن يخلق تحديات للتجارة والاستثمار الدوليين، وخاصة في البلدان النامية ذات الأسواق المالية الأقل نموا.ومع انخفاض قيمة البير، تغيرت طبيعة العديد من العقود، مما أدى إلى تحديات محتملة أمام الشركات، إذ كانت العقود مقومة سابقًا بالبير عند قيمة مختلفة عن الوضع ما بعد التعويم، مما يحمل آثارًا مختلفة على الأداء والتخطيط المالي مقارنة بالعقود التي كانت مربوطة بالعملة الأجنبية. ويعد فهم هذه التأثيرات أمرًا بالغ الأهمية لإدارة الاتفاقيات الحالية وضمان استمرار الامتثال والربحية.
    فبالنسبة للعقود التي تكون قيمتها مقومة بالبير، أدى انخفاض قيمة العملة إلى انخفاض القيمة الحقيقية للمدفوعات، مما قد يزيد من تكلفة الوفاء بهذه الالتزامات وينعكس سلبًا على الربحية. مما يستلزم دراسة متأنية لكيفية إدارة هذه التكاليف المتزايدة. على العكس من ذلك، تحافظ العقود المرتبطة بالعملات الأجنبية على الاستقرار الاسمي ولكنها قد لا تزال تؤثر في تكاليف التشغيل والتدفق النقدي بسبب انخفاض قيمة البير. ويمكن أن تؤدي النفقات المتكبدة بالعملات الأجنبية إلى ضغوط مالية، مما يتطلب إجراء تعديلات على الميزانيات ومزيد من التخطيط المالى.[15]
  • تزايد عبء الديون الخارجية: ستصبح خدمة الديون الخارجية لإثيوبيا، والمقومة في المقام الأول بالعملات الأجنبية، أكثر تكلفة. وقد يؤدي ذلك إلى إجهاد الموارد المالية للبلاد ويستلزم استراتيجيات دقيقة لإدارة الديون[16]. وبلغت الديون الخارجية لإثيوبيا حوالي 28 مليار دولار أمريكي، وتشمل هذه الديون قروضًا من دول مانحة، مؤسسات مالية دولية، وبنوك تجارية. وبلغت نسبة الدين الخارجي لإثيوبيا من الناتج المحلي الإجمالي نحو 50% إلى 60% خلال الخمس سنوات الأخيرة.[17] كما تجدر الإشارة إلى أنه سبق وخفَّضت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “فيتش”، تصنيف ديون إثيوبيا بالعملة الدولية من فئة المضاربة، إلى “التخلف الجزئي”، لعدم سدادها سنداً بقيمة 33 مليون دولار في 11 ديسمبر2023.[18]
  • التأثير على المؤسسات المالية: يخلف هذا  التعويم آثاراً كبيرة على المؤسسات المالية، وخاصة فيما يتعلق بالتزاماتها التجارية، ومراكزها المفتوحة، وميزانياتها العمومية. يؤدي تعويم العملة إلى زيادة التقلبات وعدم اليقين في سوق الفوركس، مما قد يؤثر بشكل كبير في البنوك والكيانات المالية الأخرى المشاركة في معاملات الصرف الأجنبي. وبالنسبة للمؤسسات المالية التي لديها مراكز صرف أجنبي مفتوحة، يمكن أن يؤدي تقلب سعر البير إلى تقلبات سريعة في قيم العملات، مما يؤثر في قدرتها على إدارة مخاطر العملة والتحوط منها بشكل فعال. قد تحتاج المؤسسات التي لديها مراكز مفتوحة كبيرة بالعملة الأجنبية إلى إعادة تقييم استراتيجيات إدارة المخاطر لديها وتعديل آليات التحوط الخاصة بها للتخفيف من الخسائر المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لسعر الصرف المعوم تأثير كبير على الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية من خلال تغيير قيمة الأصول والالتزامات المقومة بالعملة الأجنبية، الأمر الذي قد يتطلب تعديلات في احتياطيات رأس المال والمخصصات.

 ومن المرجح أن تعتمد ربحية المؤسسات المالية خلال فترة الانتقال إلى سعر صرف عائم على مراكزها في صرف العملات الأجنبية. ويتعرض أصحاب المراكز القصيرة لمخاطر انخفاض قيمة العملة وقد يتعرضون لآثار سلبية على ربحيتهم حيث يضعف البير بشكل كبير مقابل العملات الأخرى. وقد تحاول هذه المؤسسات التأثير على أسعار العملات للتخفيف من الخسائر، مما قد يؤدي إلى تحريف سوق الفوركس خلال الفترة الانتقالية. وعلى العكس من ذلك، فإن المؤسسات المالية التي لديها مراكز طويلة في سوق العملات الأجنبية ستستفيد من انخفاض قيمة البير. ونتيجة لذلك، ستحتاج المؤسسات المالية إلى إدارة مراكزها من العملات الأجنبية وميزانياتها العمومية بشكل فعال للتغلب على التقلبات المتزايدة وعدم اليقين[19].

  • احتمالات استمرار السوق السوداء: نظراً لارتفاع مستوى الفساد في البلاد، فإن إدخال نظام سعر الصرف المعوم لن يقضي على السوق السوداء للدولار الأمريكي. والواقع أن الجمع بين الفساد المتفشي والإصلاح، والذي يمنح البنوك سيطرة متساهلة ويسمح بدخول جهات فاعلة غير مصرفية إلى سوق العملات الأجنبية، من المرجح أن يؤدي إلى ازدهار السوق السوداء للدولار الأمريكي. في حين أن نظام سعر الصرف الثابت يساهم في التضخم المستورد، فإن إسناد معدل التضخم المرتفع الحالي في إثيوبيا إلى القيمة الثابتة للبر هو أمر غير صحيح، فالسبب الرئيسي للتضخم في إثيوبيا اليوم ليس القيمة الثابتة للبر، بل العجز في ميزانية الحكومة الذي حدث خلال الحرب في تيجراي، والذي تم تمويله عن طريق طباعة النقود. وعلى الرغم من أن الزيادة في أسعار المواد الغذائية المستوردة والوقود والسلع الأساسية الأخرى ساهمت في ارتفاع معدل التضخم في إثيوبيا، إلا أن السبب الرئيسي للتضخم هو زيادة المعروض النقدي.
  • اضطرابات اجتماعية في تيجراي: منذ أواخر عام 2020، شهدت تيجراي نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، مما أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة وتأثيرات سلبية على الاقتصاد والبنية التحتية. ويؤدي ارتفاع معدلات التضخم بعد التعويم إلى التأثير السلبي بشكل كبير على تكلفة المعيشة والاستقرار الاقتصادي في تيجراي، الذي يعاني من وضع اقتصادي محفوف بالمخاطر بالفعل بسبب استمرار عدم الاستقرار وحرب الإبادة الجماعية، وظهرت أسعار المواد اليومية مثل الغذاء والوقود ومواد البناء في ارتفاع مستمر. وقد شكلت هذه الزيادات في الأسعار ضغطاً هائلاً على القوة الشرائية للسكان، الذين يعانون بالفعل من موارد محدودة. وإحدى القضايا الأكثر إلحاحًا التي تم تسليط الضوء عليها هي محنة موظفي الخدمة المدنية في تيجراي. حيث حُرم العديد من هؤلاء العمال من أجورهم لمدة تصل إلى عامين. وقد أدى هذا التعويض غير المدفوع، إلى جانب الآثار التضخمية، حيث إن “مئات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية في تيغراي، على وجه الخصوص، يواجهون الآن وطأة التضخم الحاد الذي تفاقم بسبب تخفيض قيمة العملة.[20]

2 . الانعكاسات الايجابية:

ورغم أن التأثيرات المباشرة المترتبة على تعويم العملة تشكل تحدياً كبيراً، فإن الفوائد والمزايا التي يمكن أن يجنيها نظام سعر الصرف المعوم أحيانا كثيرة تأخذ المدى المتوسط والطويل في حالة إدارة اقتصادية جيدة، ولا يظهر آثارها بشكل سريع. ومن الممكن أن يؤدي سعر الصرف الذي تحدده السوق إلى تخصيص أكثر كفاءة للموارد، وتحسين مناخ الاستثمار، واقتصاد أكثر توازنًا. ومن المتوقع أن يوفر الوعد بتقديم تمويل خارجي بقيمة 10.7 مليار دولار سيولة تشتد الحاجة إليها في المساعدة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. وفيما يلي أهم تلك الانعكاسات:-

  • تعزيز القدرة التنافسية للصادرات: على الجانب الإيجابي، فإن ضعف البير يجعل الصادرات الإثيوبية أرخص وأكثر قدرة على المنافسة في السوق الدولية. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز عائدات التصدير في البلاد والمساعدة في تقليل العجز التجاري[21]. وتعتبر واحدة من الدول التي تعتمد على الصادرات بشكل كبير لاقتصادها. وتصدر القهوة والمنسوجات والأسمدة والماشية وفي عام 2023، بلغت قيمة صادرات إثيوبيا حوالي 6.1 مليار دولار أمريكي. هذا الرقم يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة، ويعكس الجهود التي تبذلها البلاد لتعزيز صادراتها وتحسين التنوع في الأسواق الدولية[22].
  • التكامل الاقتصادي مع الأسواق العالمية: على المدى المتوسط والطويل يؤدي التعويم إلى مزيد من التكامل الاقتصادي، فمن خلال تعويم البير، تهدف إثيوبيا إلى الاندماج بشكل أفضل مع الأسواق العالمية، مما يمكن أن يسهل التجارة ويجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
  • مرونة السياسة النقدية: توفر العملة المعوَّمة للبنك المركزي الإثيوبي مرونة أكبر في السياسة النقدية، مما يتيح إدارة أكثر فعالية، ففي حين أن التحول الأولي قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية، فإن سعر الصرف المعوم يمكن أن يساهم في السيطرة بشكل أكثر فعالية على التضخم على المدى الطويل من خلال السماح بسياسة نقدية مستقلة وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي.
  • تعزيز النمو الاقتصادي: من خلال تحسين القدرة التنافسية للصادرات، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز كفاءة السوق. ويمكن أن يساهم ذلك في بناء اقتصاد أكثر تنوعًا ومرونة، مما يقلل الاعتماد على عدد قليل من القطاعات الرئيسية ويعزز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات الخارجية[23].
  • خاتمة:

تتعدد الحجج العلمية والعملية بشأن مدى جدوى تعويم العملات الوطنية من عدمه، وأيًّا كانت تلك الحجج وأسبابها، لابد وأن تقوم الحكومة الإثيوبية بتنفيذ العديد من الاستراتيجيات للتخفيف من الآثار السلبية المحتملة لتعويم البير الإثيوبي، إذ تُظهر التجارب الأخيرة للعديد من الدول الأفريقية التي قامت بتعويم كامل لعملتها مثل مصر، ونيجيريا، أن الانتقال إلى سعر صرف معوم غالبًا ما يكون مصحوبًا بفترة تعديل أولية تتميز بانخفاض قيمة العملة، والضغوط التضخمية، وتقلبات السوق. ويتعين على صناع السياسات أن يستعدوا لهذه التحديات القصيرة الأمد وأن ينفذوا التدابير اللازمة للتخفيف من تأثيرها الاقتصادي. ويتطلب التنفيذ الناجح لنظام سعر الصرف المعوم إجراء إصلاحات هيكلية تكميلية لتعزيز القدرة التنافسية، وتحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمار الأجنبي. ويشمل ذلك تحسين الإدارة، والحد من أوجه القصور البيروقراطية، وتعزيز التنويع الاقتصادي.

 ويُعد التنسيق الفعال للسياسات النقدية والمالية أمرًا بالغ الأهمية لإدارة المخاطر المرتبطة بسعر الصرف المتغير وضمان استقرار الاقتصاد الكلي. ويشمل ذلك الحفاظ على الانضباط المالي الحكيم، وتعزيز أطر السياسة النقدية، وتعزيز القدرات المؤسسية. ويجب على صناع السياسات تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية للتخفيف من تأثير انخفاض قيمة العملة والتضخم على الفئات السكانية الضعيفة. ويشمل ذلك تدخلات موجهة لدعم الأسر ذات الدخل المنخفض، وحماية القوة الشرائية، وتعزيز الرعاية الاجتماعية.وأخيرا، ينبغي لصناع السياسات أن ينخرطوا مع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الشركات والمستثمرين والجمهور، لبناء الثقة في نظام سعر الصرف الجديد وضمان الانتقال السلس.

  • قائمة المراجع:

[1])CredenDo , ” ETHIOPIA: THE FLOATING OF THE BIRR UNLOCKS BADLY NEEDED IMF SUPPORT”, AUgust.2024 , available at:
https://credendo.com/en/knowledge-hub/ethiopia-floating-birr-unlocks-badly-needed-imf-support
–  Dawit Endeshaw , “Ethiopia’s birr drops 30% as central bank floats currency”, July 29, 2024 , available at:
https://www.reuters.com/markets/currencies/ethiopia-shifts-market-based-foreign-exchange-system-2024-07-29
[2]) Dawit Endeshaw ,:”Ethiopia’s PM defends currency float amid inflation concerns”, 02 AUG 2024 available at:
https://www.cnbcafrica.com/2024/ethiopias-pm-defends-currency-float-amid-inflation-concerns

[3]) World Bank.  , “Ethiopia: Macroeconomic and financial management”,2023 , available at:

https://www.worldbank.org/en/country/ethiopia/overview

[4]). International Monetary Fund. (IMF), country report for Ethiopia, 2024 , available at:-

https://www.imf.org/en/Publications/CR/Issues/2024/06/14/Ethiopia-Country-Report-2024

[5])African Export-Import Bank , Ethiopia Country Brief ,(  Cairo: Afreximbank  , 2024) , P.3.

[6])Dawit Endeshaw , Op.cit.

[7])African Development Bank. , Ethiopia economic outlook.2023 , available at: https://www.afdb.org/en/countries/east-africa/ethiopia/ethiopia-economic-outlook

[8]) The World Bank ,Inflation, consumer prices (annual %) – Ethiopia , available at:

https://data.worldbank.org/indicator/FP.CPI.TOTL.ZG?locations=ET
[9]) CredenDo ,Op.cit.
– And:-
Anteneh.B,”Floating Ethiopian Birr: Implications, Challenges, and Opportunities “,August 4, 2024 , available at:
https://www.linkedin.com/pulse/floating-ethiopian-birr-implications-challenges-opportunities-b–ieaze

[10])Addis Insight ,Op.cit.  

[11]) Dawit Endeshaw ,:“Ethiopia’s PM defends currency float amid inflation concerns”,Op.cit.

And:-
Geoff Riley , Economic Jigsaw: Ethiopia Floats the Birr”,  29th July 2024, available at:
https://www.tutor2u.net/economics/blog/economic-jigsaw-ethiopia-floats-the-birr

[12])Abdusemed Abdule , “Ethiopia’s Birr Devaluation Sparks Economic Concerns “, 8.August.2024, available at:

https://www.binance.com/en/square/profile/square-creator-b2fb2890209b
[13]) Worku Aberra , “Devaluing the Birr: Inflicting pain on Ethiopians (Part I) “, August 1, 2024 , available at:
[14]) Ahram Online.  , “Ethiopia’s currency dives by 30% as IMF economic reforms take effect”,  30 Jul 2024, , available at: https://english.ahram.org.eg/NewsContent/2/10/528147/World/Africa/Ethiopia;s-currency-dives-by–as-IMF-economic-refo.aspx
[15])Tsegamlak Solomon , “How will Ethiopia’s Currency Float Affect Your Business Contracts”, 6 August 2024, available at:
https://tsegasolomon.com/insights/f/how-will-ethiopia%E2%80%99s-currency-float-affect-your-business-contracts

[16])Addis Insight ,Op.cit.  

[17] ) Focus Economics , “External Debt in Ethiopia”, 2024, available at:
https://www.focus-economics.com/country-indicator/ethiopia/external-debt
[18] ) سكاي نيوز عربية، “فيتش”تخفض تصنيف ديون إثيوبيا إلى “تخلف جزئي”عن السداد، 27 ديسمبر 2023، متاح على الرابط التالي:-
https://www.skynewsarabia.com/business/1680904-%D9%81%D9%8A%D8%AA%D8%B4-%D8%AA%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D8%AA%D8%B5%D9%86%D9%8A%D9%81-%D8%AF%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%95%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AE%D9%84%D9%81-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D9%94%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AF%D8%A7%D8%AF

[19]) Anteneh.B , Op.cit.   

[20]) BATSEBA SEIFU, “Impact of Ethiopia’s Currency Devaluation on Tigray”, moderndiplomacy., AUGUST 10, 2024, available at:

[21])Addis Insight ,Op.cit.  

[22]) African Export-Import Bank , Op.cit , P.4

[23]) Knowledge Empowers Management, Marketing, and Communications (KEMMCOM)  , “Ethiopia’s Transition to a Floating Currency – Lessons from Uzbekistan, Argentina, and Venezuela”, 2024 , available at: